ليست القطط وحدها
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ليست القطط وحدها
قام الشقيق بقتل أخته الصغرى ، ثم قامت الأم بقتل الشقيق بعد أن إكتشفت الجريمة الأولى …
أظن أن الجريمة الثانية جريمة بدعوى الحب ؛ فالأم مهما قسا قلبها وإسود لا يمكنها أن ترتكب جريمة في حق الأبناء إلا ما تظنه حبا لهم ، بل حتى في حالات مرضها وجنونها لا يمكنها أن ترتكب إلا جريمة بدعوى حب يتحول من حب عادي إلى حب مرضي.. فسجينة آسفي التي قتلت إبنيها الصغيرين وحاولت الإنتحار بعد أن إنتابتها حالة هستيرية بسبب عدم تناولها لحبات دواء لمرض نفسي تعاني منه كانت تعتقد أنها تنقذ إبنيها .. الأمر كذلك في الجريمة المشهورة التي إرتكبتها زوجة مهاجر مغربي قتلت أبناءها الخمس ذبحا .
تبقى الجريمة جريمة وإن كان لها دوافع جد إنسانية . القانون لا يمكنه أن يحكم بالبراءة بسبب الدوافع الإنسانية لإرتكاب بعض الجرائم ، ستصبح حينها كل الجرائم بدوافع إنسانية . كل ما يستطيعه القانون هو أنه يقدم بعض المخارج قبل إقتراف الجريمة ؛
فقد كان بإمكان الأم أن تقدم إبنها للقضاء ، وأنه -القضاء- يسمح ببعض ظروف التخفيف … لكن لا يمكنه أن لا يدين .
جريمة قتل الأم لإبنها الذي قتل أخته -ربما- كان العامل النفسي هوالمحرك لفعل الأم ، لقد كان من الممكن بعد إكتشاف جريمة الإبن أن تبلغ الأم عنه ، لكن الأمر ليس بهذه البساطة كما أعتقد . إن الإبن - ما أفعله الآن هو مجرد إحتمالات ليس أكثر- مهما فعل يبقى إبن أمه حتى وإن قتل إبنتها الصغرى ، وحب الأم سيبقى على كميته لكن شروط الحب هي التي ستتغير . هذا الحب لا يريد أن يرى الإبن يعاقب من طرف جهة آخرى كي لا تبقى الأم خاضعة لإحساس بالذنب بسبب أنها هي من قدمت إبنها للعدالة . هذا الحب الذي أصبحت شروط وجوده المتعارف عليها في الغالب آخرى لدى الأم بسبب صدمة قتل الإبنة لم يتقبل ذهاب الإبنة دون أن يأخذ القاتل جزاءه ؛ تصير المعادلة هكذا :
المقدمة الأولى ..حب الأم = البنت + الإبن
المقدمة الثانية … قتل البنت = حب الأم - البنت
النتيجة … قتل البنت = الإبن … أي قتل الإبن
إنه القياس المنطقي فكما أن :
أ=ب+ت
ج = أ-ب
ج= ب+ت- ب… أي ج= ت
ما أفعله هنا هو أني أخذت الجريمة دون ربطها بظروفها الخاصة والمحدثة لها ، والقاعدة التي إنطلقت منها هي أن الأم التي عشنا في كنفها وعرفنا حنانها مهما كانت سيئة لا يمكنها إلا أن ترتكب حبا في حق الأبناء وإن كانت صور هذا الحب مناقضة لصوره في الواقع( حب مرضي ) ؛ بمعنى أننا نحاول الإقتراب من الحالة النفسية ومن التبريرات التي تلجأ إليها الأم لتسوغ جريمتها أمام نفسها .
إن قتل الأم لأبنائها هو كقتل القطة لأبنائها الصغار حبا فيهم وخوفا عليهم وليس كقتل ضبي الصحراء لأبنائه كرها فيهم وخوفا منهم ؛ هذه حقائق علمية تؤكد أن القطة لا تأكل أبناءها إلا خوفا عليهم ، عكس ما يفعله ضبي الصحاري .
إذا كان هذا هو حب القطة لأبنائها حالة الخوف عليهم ، فإن من الأمهات من لم تتعدى مظاهر الحب لديهن الحب الغريزي للقطة عندما ترى ما يهدد حياة أبنائها ، فيكون رد فعلها لإبعاد الأذى عن الأبناء أكثر ضررا من الأذى نفسه ، فتحافظ غريزيا على حبها بمظهر مناقض للحب … لكن الأمر لا يهمها ما دامت قد حققت رغبتها في إبعاد الأذى عن الأبناء.
لقد أخذنا جريمة مكناس كنوع من جرائم الحب ، لكن هناك مظاهر لجرائم حب أكثر تعايشا مع معيشنا اليومي وتحدث بإستمرار لكنها ليست على مستوى قتل الإبن في جريمة مكناس ؛ لقد تناقلت الأنباء إحتفاظ بعد الأمهات بأبناء لهن منذ الولادة في قباء وغرف ضيقة دون السماح لهم بالخروج أبدا ، إن هذا الأمر لا يحدث كثيرا في عالم بات قرية صغيرة لكن إبدالاته شائعة وهي تعبير عن حب الأم المرضي لأبنائها حد إحتكارها لهم ، لذا تجد بدواعي الخوف أمهات يرغمن الأبناء على مصاحبتهن أينما حللن وإرتحلن مادام الأبناء مازالوا خاضعين لسيطرة .
من المعروف أن هناك جرائم بإسم الحب بين الطرفين الذكر والأنثى ، ودائما ما يعترف مقترف الجريمة بأن السبب هو حبه للفتاة التي لم تقبله أو … وغيرها … لكني أعتقد أن هذه الجرائم ليست معقدة ؛ أي أن الجاني لا تكون له حالات نفسية متعددة ومتداخلة عندما يقترف الجريمة بل يكون السبب واضحا وهو الإنتقام لحبه المجروح .. وهي بهذا تكون بدافع غير الحب لكن مظهرها يبدو بدافع الحب . عكس الحالات الآخرى التي لا تكون ذهنية مرتكب الجريمة واضحة ؛ فكيف نفهم أن من قتلت أبناءها قتلتهم بدافع الحب ؟؟؟… عموما لن نفهم هذا الأمر إذا ظل الحب له مفهوم سطحي كما هو شائع .
في الكتابات القديمة وحتى بعض الأعمال المتأخرة كان هناك تصوير لجرائم الإبن في حق الوالدين ؛ أسطورة أوديب مثلا .. وفي أعمال كبار الكتاب كان هناك تصريح بكره الوالدين ؛ كافكا مثلا .. لكن ما يقترفه الوالدان في حق الأبناء لم يجسد في كتابات أدبية ، وبعض الأساطير التي تتكلم عن قسوة الآلهة على أبنائها أخذت على أنها أمر يخص الآلهة وليس البشر … فالوالدان هما نواة أي مجتمع وهما ركيزتا الأسرة . إن أي أمر يمكنه أن يكون مشينا من طرفهم يقوض أخلاق المجتمع … لذا أظن أن في جرائم القتل يعطي الشاهد لها أسبابا إنسانية أو مرضية … على العموم الإدانة لا تكون قاسية من المجتمع كي لا تتشوه صورة الوالدين الرمزية وخصوصا الأم التي تحتل رقما مهما في كل العقائد والشرائع والملل … هكذا سيقول الجميع أن سبب قتل الأم لإبنها في مكناس هو لأنه قتل إبنتها وليس لأي سبب آخر .
كل ما في الأمر أن الجريمة جريمة على من إرتكبها أخذ جزائه ، لكن تبقى للكتابة والتأمل وعلم النفس فسحة لمعرفة هذا الجزء من جبل الجليد الذي يسمى اللاشعور .
منقول
أظن أن الجريمة الثانية جريمة بدعوى الحب ؛ فالأم مهما قسا قلبها وإسود لا يمكنها أن ترتكب جريمة في حق الأبناء إلا ما تظنه حبا لهم ، بل حتى في حالات مرضها وجنونها لا يمكنها أن ترتكب إلا جريمة بدعوى حب يتحول من حب عادي إلى حب مرضي.. فسجينة آسفي التي قتلت إبنيها الصغيرين وحاولت الإنتحار بعد أن إنتابتها حالة هستيرية بسبب عدم تناولها لحبات دواء لمرض نفسي تعاني منه كانت تعتقد أنها تنقذ إبنيها .. الأمر كذلك في الجريمة المشهورة التي إرتكبتها زوجة مهاجر مغربي قتلت أبناءها الخمس ذبحا .
تبقى الجريمة جريمة وإن كان لها دوافع جد إنسانية . القانون لا يمكنه أن يحكم بالبراءة بسبب الدوافع الإنسانية لإرتكاب بعض الجرائم ، ستصبح حينها كل الجرائم بدوافع إنسانية . كل ما يستطيعه القانون هو أنه يقدم بعض المخارج قبل إقتراف الجريمة ؛
فقد كان بإمكان الأم أن تقدم إبنها للقضاء ، وأنه -القضاء- يسمح ببعض ظروف التخفيف … لكن لا يمكنه أن لا يدين .
جريمة قتل الأم لإبنها الذي قتل أخته -ربما- كان العامل النفسي هوالمحرك لفعل الأم ، لقد كان من الممكن بعد إكتشاف جريمة الإبن أن تبلغ الأم عنه ، لكن الأمر ليس بهذه البساطة كما أعتقد . إن الإبن - ما أفعله الآن هو مجرد إحتمالات ليس أكثر- مهما فعل يبقى إبن أمه حتى وإن قتل إبنتها الصغرى ، وحب الأم سيبقى على كميته لكن شروط الحب هي التي ستتغير . هذا الحب لا يريد أن يرى الإبن يعاقب من طرف جهة آخرى كي لا تبقى الأم خاضعة لإحساس بالذنب بسبب أنها هي من قدمت إبنها للعدالة . هذا الحب الذي أصبحت شروط وجوده المتعارف عليها في الغالب آخرى لدى الأم بسبب صدمة قتل الإبنة لم يتقبل ذهاب الإبنة دون أن يأخذ القاتل جزاءه ؛ تصير المعادلة هكذا :
المقدمة الأولى ..حب الأم = البنت + الإبن
المقدمة الثانية … قتل البنت = حب الأم - البنت
النتيجة … قتل البنت = الإبن … أي قتل الإبن
إنه القياس المنطقي فكما أن :
أ=ب+ت
ج = أ-ب
ج= ب+ت- ب… أي ج= ت
ما أفعله هنا هو أني أخذت الجريمة دون ربطها بظروفها الخاصة والمحدثة لها ، والقاعدة التي إنطلقت منها هي أن الأم التي عشنا في كنفها وعرفنا حنانها مهما كانت سيئة لا يمكنها إلا أن ترتكب حبا في حق الأبناء وإن كانت صور هذا الحب مناقضة لصوره في الواقع( حب مرضي ) ؛ بمعنى أننا نحاول الإقتراب من الحالة النفسية ومن التبريرات التي تلجأ إليها الأم لتسوغ جريمتها أمام نفسها .
إن قتل الأم لأبنائها هو كقتل القطة لأبنائها الصغار حبا فيهم وخوفا عليهم وليس كقتل ضبي الصحراء لأبنائه كرها فيهم وخوفا منهم ؛ هذه حقائق علمية تؤكد أن القطة لا تأكل أبناءها إلا خوفا عليهم ، عكس ما يفعله ضبي الصحاري .
إذا كان هذا هو حب القطة لأبنائها حالة الخوف عليهم ، فإن من الأمهات من لم تتعدى مظاهر الحب لديهن الحب الغريزي للقطة عندما ترى ما يهدد حياة أبنائها ، فيكون رد فعلها لإبعاد الأذى عن الأبناء أكثر ضررا من الأذى نفسه ، فتحافظ غريزيا على حبها بمظهر مناقض للحب … لكن الأمر لا يهمها ما دامت قد حققت رغبتها في إبعاد الأذى عن الأبناء.
لقد أخذنا جريمة مكناس كنوع من جرائم الحب ، لكن هناك مظاهر لجرائم حب أكثر تعايشا مع معيشنا اليومي وتحدث بإستمرار لكنها ليست على مستوى قتل الإبن في جريمة مكناس ؛ لقد تناقلت الأنباء إحتفاظ بعد الأمهات بأبناء لهن منذ الولادة في قباء وغرف ضيقة دون السماح لهم بالخروج أبدا ، إن هذا الأمر لا يحدث كثيرا في عالم بات قرية صغيرة لكن إبدالاته شائعة وهي تعبير عن حب الأم المرضي لأبنائها حد إحتكارها لهم ، لذا تجد بدواعي الخوف أمهات يرغمن الأبناء على مصاحبتهن أينما حللن وإرتحلن مادام الأبناء مازالوا خاضعين لسيطرة .
من المعروف أن هناك جرائم بإسم الحب بين الطرفين الذكر والأنثى ، ودائما ما يعترف مقترف الجريمة بأن السبب هو حبه للفتاة التي لم تقبله أو … وغيرها … لكني أعتقد أن هذه الجرائم ليست معقدة ؛ أي أن الجاني لا تكون له حالات نفسية متعددة ومتداخلة عندما يقترف الجريمة بل يكون السبب واضحا وهو الإنتقام لحبه المجروح .. وهي بهذا تكون بدافع غير الحب لكن مظهرها يبدو بدافع الحب . عكس الحالات الآخرى التي لا تكون ذهنية مرتكب الجريمة واضحة ؛ فكيف نفهم أن من قتلت أبناءها قتلتهم بدافع الحب ؟؟؟… عموما لن نفهم هذا الأمر إذا ظل الحب له مفهوم سطحي كما هو شائع .
في الكتابات القديمة وحتى بعض الأعمال المتأخرة كان هناك تصوير لجرائم الإبن في حق الوالدين ؛ أسطورة أوديب مثلا .. وفي أعمال كبار الكتاب كان هناك تصريح بكره الوالدين ؛ كافكا مثلا .. لكن ما يقترفه الوالدان في حق الأبناء لم يجسد في كتابات أدبية ، وبعض الأساطير التي تتكلم عن قسوة الآلهة على أبنائها أخذت على أنها أمر يخص الآلهة وليس البشر … فالوالدان هما نواة أي مجتمع وهما ركيزتا الأسرة . إن أي أمر يمكنه أن يكون مشينا من طرفهم يقوض أخلاق المجتمع … لذا أظن أن في جرائم القتل يعطي الشاهد لها أسبابا إنسانية أو مرضية … على العموم الإدانة لا تكون قاسية من المجتمع كي لا تتشوه صورة الوالدين الرمزية وخصوصا الأم التي تحتل رقما مهما في كل العقائد والشرائع والملل … هكذا سيقول الجميع أن سبب قتل الأم لإبنها في مكناس هو لأنه قتل إبنتها وليس لأي سبب آخر .
كل ما في الأمر أن الجريمة جريمة على من إرتكبها أخذ جزائه ، لكن تبقى للكتابة والتأمل وعلم النفس فسحة لمعرفة هذا الجزء من جبل الجليد الذي يسمى اللاشعور .
منقول
رد: ليست القطط وحدها
بسم الله أبدأ
بصراحة أنا شايفة الموضوع صعب شوية
بس جديد
وبقول لك يا كارمن
[center]
د.منال- عضو فضي
- عدد المساهمات : : 481
العمر : 43
الهواية :
مزاجك اليوم :
نقاط التميز : 10
8
تاريخ التسجيل : 02/03/2010
رد: ليست القطط وحدها
شكرا على كلامك الجميل ز يك
الموضوع صعب لكن اصبحنا بنسمع احداث مشابهة كثيرة بتدور حول هذا النوع من الحب المرضى
ربنا يستر
الموضوع صعب لكن اصبحنا بنسمع احداث مشابهة كثيرة بتدور حول هذا النوع من الحب المرضى
ربنا يستر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى