ارواح فى السماء
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ارواح فى السماء
أرواح في السماء
كان الغلام الصغير يطل كل ليلة من نافذة منزلهم بعد صلاة العشاء ، يقلب بصره هنا وهناك
تارة إلى منزل جيرانهم ، وتارة ينظر إلى السماء وقد ازدان فضاؤها بالنجوم اللامعة من كل لون ..
ولكن شيئاً غريباً لطالما حيّر عقل الغلام ..
ألا وهو ذلك ( الجذع ) الذي كان يراه منصوباً فوق سطح منزل جارهم أبي منصور !
حيث أن الصغير لم يستطع أن يجد تفسيراً لكيفية نمو ذلك ( الجذع ) فوق السطح أثناء الليل ،،
ثم هو لا يرى له أثراً أثناء النهار !!
ومضت أيام عديدة على الغلام الصغير .. ورأسه يدور بمختلف الأفكار والخيالات ..
حتى كانت ليلة لم ير فيها ( الجذع ) فوق منزل جارهم كالعادة ..
فما كان من الغلام إلا أن مشى إلى أمه حتى جلس إلى جانبها ..
ولف يده حول عنقها ،، ثم سألها : أمي ! هل تعرفين أين ذهب ذلك ( الجذع )
الذي كان فوق منزل جارنا أبي منصور ؟
نظرت الأم إليه بدهشة وقالت : جذع ؟!
منذ متى يا صغيري كانت الأشجار تطلع فوق المنازل ؟
رد الغلام بإصرار :
لقد كان هناك ! كنت أراه كل ليلة ، وكان لا يظهر أثناء النهار ..
أخذت الأم تفكر لمّا رأت إصرار ولدها ، ثم تذكرت شيئاً كان فيه حل ذلك اللغز ..
فتبسمت وهي تمسح بيدها رأس الصغير وتقول :
يا حبيبي ! ذلك لم يكن جذعاً ، بل هو جارنا منصور بن المعتمر كان يقوم الليل ، ثم مات يرحمه الله !
ونحن نقول .. يرحمك الله يا منصور !
لقد كان لشدة سكونه وخشوعه في صلاته ، يحسبه الناظر إليه جذع شجرة ..
فكيف لو نظر منصور إلى حال كثير من إخواننا اليوم الذين إذا دخلوا في الصلاة
فكأنما قد أصيبوا بحساسية في الجلد !
فتراهم يحكون أنوفهم وذقونهم ، وبطونهم ، والبعض يحك ظهره !
بل ورأينا من ينحني بظهره على هيئة الراكع - بينما الإمام لا يزال في القيام ! - ليحك رجله !
وبعضهم قد يرفع رجله بدلاً من ذلك ليحكها كهيئة الدابة !
وآخر بينظر إلى ساعته بين الركعة والتي تاليها ليحسب المدة التي مضت من الصلاة ..
فتراه يتنحنح بصوت ونبرة مقصودة ..
وبعضهم يرفع صوته بـ ( آمين ) في الصلاة السرية ، لينبه الإمام أنه لم يبق
أمامه سوى القليل من الوقت ليركع !
وهكذا صار الواحد يرى عجائب وغرائب من بعض المسلمين - هداهم الله
مما لا يمكن تفسيره إلا أنه نابع من ذهاب الخشوع وقلة الخوف من الله ..
وبسبب ذهاب الخشوع صارت الصلاة وقتاً للحسابات والشرود في أودية الدنيا ..
وبسبب ذهاب الخشوع صارت الصلاة لا تنهى كثيراً من المصلين عن المنكر وفعل الحرام ..
إنه الخشوع ..
ذلك الأمر العظيم ، والواجب الذي فرط فيه كثير من المصلين ..
وبالتالي لم يعد لصلاتهم أثر في حياتهم وسلوكهم ومعاملاتهم ..
والخشوع كما ذكر العارفون بالله .. هو قيام القلب بين يديّ الرب بالخضوع والذل ..
ومتى ما خشع القلب ، خضعت الجوارح وسكنت إجلالاً وتعظيماً لربها عز وجل ..
قال عمر بن الخطاب :
إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام وما أكمل لله تعالى صلاة !
قيل له :
وكيف ذلك ؟
قال :
لا يُتم خشوعها وتواضعها وإقباله على الله فيها ..
ولأن الخشوع أمر لا بد من وجوده في الصلاة حتى يقبلها الله عز وجل ، ويحصل للمصلي أجرها كما جاء في الحديث :
( إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها ، تسعها ، ثمنها ، سبعها
سدسها ، خمسها ، ربعها ، ثلثها ، نصفها )
لذلك ،، كان لازماً علينا أن نعيد النظر في صلاتنا ، وننظر في الأمور التي تعيننا
على تحقيق الخشوع فنسعى في تحصيلها ..
منقول للافائدة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى