منتدى البرامج المجانية
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة
اقسام منتدى البرامج المجانية
للاطلاع والاستفادة
وذلك بالضغط على كلمة الدخول
اما اذا كنت غير مسجل بالمنتدى
فيتوجب عليك التسجيل اولا
اخي الزائر تفضل بالتسجيل بالمنتدى
بالضغط على كلمة التسجيل

تقبل فائق تحيتي وتقديري
artman

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى البرامج المجانية
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة
اقسام منتدى البرامج المجانية
للاطلاع والاستفادة
وذلك بالضغط على كلمة الدخول
اما اذا كنت غير مسجل بالمنتدى
فيتوجب عليك التسجيل اولا
اخي الزائر تفضل بالتسجيل بالمنتدى
بالضغط على كلمة التسجيل

تقبل فائق تحيتي وتقديري
artman
منتدى البرامج المجانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موسوعة المشاهير

4 مشترك

صفحة 2 من اصل 3 الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:32 am


جمال عبد الناصر


لم تحظَ شخصية وطنية أو قيادة شعبية في تاريخ مصر الحديثة بقدر
من الجدل والاهتمام مثلما حظيت شخصية جمال عبد الناصر.
فالبرغم مما أُشيع حول
ديكتاتورية عبد الناصر وبطشه بمعارضيه، فإنه ظل يحظى بجماهيرية غير مسبوقة وشعبية
جارفة حتى بين الجيل الذي لم يعاصره، ونُسبت إليه بطولات وأمجاد، ونُسجت حوله
روايات تصل إلى حد الأساطير؛ حتى صار وكأنه أحد أبطال التراث الشعبي، لا في وجدان
المصريين فحسب؛ وإنما في وعي ووجدان الأمة العربية على امتداد أقطارها من الخليج
إلى المحيط.
وبالرغم من مُضي نحو نصف قرن على قيام الثورة، وأكثر من ثلاثين
عاما على رحيله، فإنه يظل دائما الغائب الحاضر بكل إيجابياته وسلبياته.


ميلاد "ناصر" ونشأته
وُلد "جمال عبد الناصر" بالإسكندرية قبيل أحداث
ثورة 1335هـ = 1919م، التي هزّت مصر، وحركت وجدان المصريين، وألهبت مشاعر الثورة
والوطنية في قلوبهم، وبعثت روح المقاومة ضد المستعمرين.
وكان أبوه "عبد الناصر
حسين خليل سلطان" قد انتقل من قريته "بني مر" بمحافظة أسيوط؛ ليعمل وكيلا لمكتب
بريد باكوس بالإسكندرية، وقد تزوج من السيدة "فهيمة" ابنة "محمد حماد" تاجر الفحم
المعروف في الإسكندرية.
وفي منزل والده- رقم 12 شاعر الدكتور قنواتي- بحي باكوس
وُلد في (2 من ربيع الآخر 1336هـ = 16 من يناير 1918م).
وكان والده دائم
الترحال والانتقال من بلدة إلى أخرى؛ نظرًا لطبيعة وظيفته التي كانت تجعله لا يستقر
كثيرا في مكان.

"جمال" في بيت عمه
ولم يكد يبلغ الثامنة من عمره حتى
تُوفيت أمه في (18 من رمضان 1344هـ = 2 من إبريل 1926م) وهي تضع مولودها الرابع
"شوقي"، وكان عمه "خليل"، الذي يعمل موظفا بالأوقاف في القاهرة متزوجًا منذ فترة،
ولكنه لم يُرزق بأبناء، فوجد في أبناء أخيه أبوته المفتقدة وحنينه الدائم إلى
الأبناء؛ فأخذهم معه إلى القاهرة؛ ليقيموا معه حيث يوفر لهم الرعاية والاستقرار بعد
وفاة أمهم.
وبعد أكثر من سبع سنوات على وفاة السيدة "فهيمة" تزوج عبد الناصر من
السيدة "عنايات مصطفى" في مدينة السويس سنة (1352 هـ =1933م)، ثم ما لبث أن تم نقله
إلى القاهرة ليصبح مأمورا للبريد في حي "الخرنفش" بين الأزبكية والعباسية؛ حيث
استأجر بيتا يملكه أحد اليهود المصريين، فانتقل "جمال" وإخوته للعيش مع أبيهم، بعد
أن تم نقل عمه "خليل" إلى إحدى القرى بالمحلة الكبرى، وكان في ذلك الوقت طالبًا في
الصف الأول الثانوي.

جمال في حياته العسكرية
وعندما حصل جمال على شهادة
البكالوريا من مدرسة النهضة المصرية بالقاهرة في عام (1356هـ = 1937م)، كان يتوق
إلى دراسة الحقوق، ولكنه ما لبث أن قرر دخول الكلية الحربية، بعد أن قضى بضعة أشهر
في دراسة الحقوق.
دخل الكلية الحربية، ولم يكن طلاب الكلية يتجاوزن 90 طالبا،
وعُرف بين زملائه وأساتذته باستقامته واعتزازه بنفسه وميله إلى حياة الجد.
وبعد
تخرجه في الكلية الحربية عام (1357هـ = 1938م) التحق بالكتيبة الثالثة بنادق، وتم
نقله إلى "منقباد" بأسيوط؛ حيث التقى بأنور السادات وزكريا محيي الدين.
وفي سنة
(1358 هـ = 1939م) تم نقله إلى الإسكندرية، وهناك تعرف بعبد الحكيم عامر، الذي كان
قد تخرج في الدفعة التالية له من الكلية الحربية، وفي عام (1361هـ = 1942م) تم نقله
إلى معسكر العلمين، وما لبث أن نُقل إلى السودان ومعه عامر.
وعندما عاد من
السودان تم تعيينه مدرسا بالكلية الحربية، والتحق بكلية أركان الحرب؛ فالتقى خلال
دراسته بزملائه الذين أسس معهم تنظيم "الضباط الأحرار".
الثوار والإخوان في حرب
فلسطين
كانت الفترة ما بين (1364هـ = 1945م) و(1366هـ= 1947م) هي البداية
الحقيقية لتكوين نواة تنظيم الضباط الأحرار؛ فقد كان معظم الضباط، الذين أصبحوا-
فيما بعد- اللجنة التنفيذية للضباط الأحرار، يعملون في العديد من الوحدات القريبة
من القاهرة، وكانت تربطهم علاقات قوية بزملائهم؛ فكسبوا من بينهم مؤيدين لهم.

وكانت حرب (1367هـ = 1948م) هي الشرارة التي فجّرت عزم هؤلاء الضباط على الثورة
ضد الفساد، بعد النكبة التي مُنِيَ بها العالم العربي في فلسطين.
وفي تلك
الأثناء كان كثير من هؤلاء الضباط منخرطين بالفعل في صفوف "الإخوان المسلمين"،
الذين كان لهم دور بارز في حرب فلسطين، ومن هنا توطدت العلاقة بين "الإخوان
المسلمين" وضباط الجيش، وبخاصة الضباط الأحرار.

نشأة تنظيم الضباط الأحرار

وفي صيف 1368هـ= 1949م نضجت فكرة إنشاء تنظيم ثوري سري في الجيش، وتشكلت لجنة
تأسيسية ضمت في بدايتها خمسة أعضاء فقط، هم: جمال عبد الناصر، وكمال الدين حسين،
وحسن إبراهيم، وخالد محيي الدين، وعبد المنعم عبد الرءوف، ثم زيدت بعد ذلك إلى
عشرة، بعد أن انضم إليها كل من: أنور السادات، وعبد الحكيم عامر، وعبد اللطيف
بغدادي، وزكريا محيي الدين، وجمال سالم. وظل خارج اللجنة كل من: ثروت عكاشة، وعلي
صبري، ويوسف منصور صديق.

وفي ذلك الوقت تم تعيين جمال عبد الناصر مدرسا في
كلية أركان الحرب، ومَنحُهُ رتبة البكباشي (مقدم)، بعد حصوله على دبلوم أركان الحرب
عام (1370هـ = 1951م) في أعقاب عودته من حرب فلسطين، وكان قد حوصر هو ومجموعة من
رفاقه في "الفالوجا" أكثر من أربعة أشهر، وبلغ عدد الغارات الجوية عليها أثناء
الحصار 220 غارة.
عاد بعد أن رأى بعينه الموت يحصد أرواح جنوده وزملائه، الذين
رفضوا الاستسلام لليهود، وقاوموا برغم الحصار العنيف والإمكانات المحدودة، وقاتلوا
بفدائية نادرة وبطولة فريدة؛ حتى تم رفع الحصار في (جمادى الآخرة 1368هـ = مارس
1949م).

الوصول إلى السلطة
وفي (أول ليلة من ذي القعدة 1371هـ = 23 من
يوليو 1952م)، قامت الثورة؛ فلم تلقَ مقاومة تُذكر، ولم يسقط في تلك الليلة سوى
ضحيتين فقط، هما الجنديان اللذان قُتلا عند اقتحام مبنى القيادة العامة.
وكان
الضباط الأحرار قد اختاروا "محمد نجيب" رئيسا لحركتهم، وذلك لِمَا يتمتع به من
احترام وتقدير ضباط الجيش؛ لسمعته الطيبة وحسه الوطني، فضلا عن كونه يمثل رتبة
عالية في الجيش، وهو ما يدعم الثورة ويكسبها تأييدا كبيرا؛ سواء من جانب الضباط، أو
من جانب جماهير الشعب.
وكان عبد الناصر هو الرئيس الفعلي للجنة التأسيسية
للضباط الأحرار؛ ومن ثم فقد نشأ صراع شديد على السلطة بينه وبين محمد نجيب، ما لبث
أن أنهاه عبد الناصر لصالحه في (17 من ربيع الأول 1374هـ = 14 من نوفمبر 1954م)،
بعد أن اعتقل محمد نجيب، وحدد إقامته في منزله على نحو مهين، وانفرد وحده بالسلطة.


عبد الناصر والإخوان.. تصفية المعارضين
واستطاع أن يعقد اتفاقية مع
بريطانيا لجلاء قواتها عن مصر في (21 من صفر 1374هـ = 19 من أكتوبر 1954م).
وما
لبث أن اصطدم بجماعة "الإخوان المسلمين" (حلفاء الأمس)، الذين ساهموا بقدر كبير في
إنجاح الثورة وتوطيد دعائمها، لما كانوا يتمتعون به من قاعدة شعبية كبيرة وتأثير
جماهيري قوي.
واعتقل عبد الناصر الآلاف من أعضاء تلك الجماعة؛ فلاقوا صنوف
التنكيل والتعذيب، وعقدت لهم محاكمات صورية، انتهت بإعدام عدد من رموز التيار
الإسلامي، مثل: عبد القادر عودة، ومحمد فرغلي، وسيد قطب…
وبدأت حملة تصفية أخرى
للمعارضين شملت الشيوعيين، وامتدت إلى النقابات المختلفة؛ فقد تم حلّ مجلس نقابة
المحامين في (أول جمادى الأولى 1374هـ = 26 من ديسمبر 1954م)، ثم تلتها نقابة
الصحفيين في عام (1375هـ = 1955م).

مساندة حركات التحرر في الوطن العربي

واتجه عبد الناصر، بعد أن استقرت له الأمور، إلى تحقيق المزيد من المكاسب
السياسية على الصعيدين العربي والعالمي؛ فساهم بدور كبير في مساندة وتأييد حركات
التحرر الوطني، ودعا إلى وحدة الصف العربي في مواجهة التحالفات والتكتلات الغربية،
وكان مؤتمر "باندونج" سنة (1375هـ= 1955م) نقطة انطلاقه إلى العالم الخارجي
وانتهاجه سياسة عدم الانحياز، ورفع شعار الحياد الإيجابي، ورفض التبعية السياسية
للدول الكبرى، كما دعا إلى مقاومة التحالفات التي تهدف إلى السيطرة على البلاد
العربية.
وكان لعبد الناصر دور بارز في مساندة ثورة الجزائر وتبني قضية تحرير
الشعب الجزائري في المحافل الدولية، وسعى كذلك إلى تحقيق الوحدة العربية؛ فكانت
تجربة الوحدة بين مصر وسوريا في (شعبان 1377هـ = فبراير 1958م) تحت اسم "الجمهورية
العربية المتحدة"، وقد تولى هو رئاستها بعد أن تنازل الرئيس السوري "شكرى القوتلي"
له عن الحكم، إلا أنها لم تستمر أكثر من ثلاث سنوات.
كما ساند عبد الناصر
الانقلاب الذي قام به "عبد الله السلاك" في اليمن سنة (1382هـ = 1962م)، وأرسل نحو
70 ألف جندي إلى اليمن، وهو ما أدى إلى توتر العلاقات المصرية السعودية، وكان له
أثره السيئ في استنزاف موارد مصر وإضعاف قوتها العسكرية، وكانت أبرز عواقبه الوخيمة
تلك الهزيمة العسكرية الفادحة التي مُنِيَت بها القوات المسلحة في حرب (1387هـ =
1967م).
الاتجاه نحو التصنيع
شهدت مصر في الفترة من مطلع الستينيات إلى ما
قبل النكسة نهضة اقتصادية وصناعية كبيرة، بعد أن بدأت الدولة اتجاها جديدا نحو
السيطرة على مصادر الإنتاج ووسائله، من خلال التوسع في تأميم البنوك والشركات
والمصانع الكبرى، وإنشاء عدد من المشروعات الصناعية الضخمة، وقد اهتم عبد الناصر
بإنشاء المدارس والمستشفيات، وتوفير فرص العمل لأبناء الشعب، وتوَّج ذلك كله ببناء
السد العالي الذي يُعد أهم وأعظم إنجازاته على الإطلاق؛ حيث حمى مصر من أخطار
الفيضانات، كما أدى إلى زيادة الرقعة الزراعية بنحو مليون فدان، بالإضافة إلى ما
تميز به باعتباره المصدر الأول لتوليد الكهرباء في مصر، وهو ما يوفر الطاقة اللازمة
للمصانع والمشروعات الصناعية الكبرى.
الحرية والحياة السياسية في عهد عبد
الناصر
وبالرغم من حالة الاستقرار التي مرت بها البلاد، وتعاظم النفوذ السياسي
والدور القيادي والشعبي لعبد الناصر، فإنه توسّع في البطش بمعارضيه، وتمادى في
التنكيل بهم، وبالغ من قمعه وعدائه لصفوة المجتمع من المفكرين والسياسيين حتى
الأدباء والمبدعين، الذين وجد في أفكارهم خروجا عن المنظومة التي اختارها ليسير
عليها الجميع والنهج الذي رسمه ليلتزمه الكافة؛ فلم يكن يؤمن بالتعددية، أو الرأي
الآخر، ولم يكن ليسمح أن يرتفع صوت آخر سواه.
اختزل كل الرموز والمسميات في
ذاته وشخصه، وطغت ديكتاتوريته على الجميع؛ فأصبحت مصر هي عبد الناصر، كما صار عبد
الناصر هو الثورة وهو رمز الحرية والنضال.
تعاظم دوره بقدر ما تقلصت مساحة
الحرية المتاحة، ولم تعد الثورة وليدة تحتاج الحماية والرعاية حتى لا ينقض عليها
المتآمرون والمتربصون، ولم يعد كبت الحريات من أجل المحافظة على الثورة ومكاسبها
الاشتراكية، وإنما صار ذلك سمت العصر وسمة الحكم.
وبالرغم من اتساع قاعدة
الانتخاب والتشدق بمقولات الاشتراكية وحكم الشعب والممارسات السياسية، فإن المجالس
النيابية شهدت قصورا شديدا وواضحا في أدائها؛ فقد سيطر الحزب السياسي الحاكم وهو
"الاتحاد الاشتراكي" على مقاليد الأمور، وأصبح الانتماء إليه هو المَعْبَر الوحيد
لدخول البرلمان، كما فقد القضاء استقلاله في تلك الفترة، بعد تشكيل عدد من المحاكم
الخاصة للنظر في قضايا معينة؛ فتم تشكيل محكمة الثورة، ومحكمة الغدر، ومحكمة الشعب
وغيرها، وقد خضعت السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية تماما.
وحاول عبد الناصر
إدخال القضاء في التنظيم السياسي، وإعادة صياغة الهيكلة القضائية من خلال إدخال
عناصر من غير أعضائه، وعندما تصدى له رجال القضاء؛ رافضين ذلك الاتجاه، قام بمذبحة
القضاء الشهيرة؛ فحل رجالها، وفي الوقت نفسه أنشأ المحكمة الدستورية العليا لمراقبة
دستورية القوانين، وإلغاء ما يصدر غير متفق مع مبادئ الدستور.
عبد الناصر في
حياته الخاصة
كان بشهادة معارضيه متصفًا بالنزاهة وعلو الهمة والبعد عن
المحاباة أو استغلال النفوذ، وكان حريصًا على ألا يميز أحدا من أفراد أسرته عن بقية
أبناء الشعب.
كما كان متمسكا بالقيم والمبادئ، محافظا على التقاليد؛ فحينما زار
اليونان سنة (13809هـ 1960م) رفض أن يضع يديه في يد ملكة اليونان؛ حتى لا تضطر
زوجته إلى أن تلتزم هي الأخرى بالبروتوكول، وتفعل مثل ذلك مع ملك اليونان.
ولم
تظهر زوجته السيدة "تحية كاظم" في الحياة العامة إلا في وقت متأخر؛ فحتى عام
(1379هـ = 1959م) لم تظهر إلا في حفلين رسميين.
وكان يفزع من حياة القصور،
ويبرر ذلك دائما بقوله: "في القصر سوف يعيش كل منا في جناحه الخاص، وبالتالي سوف
نصبح أسرة مفككة، أما هنا في منزلنا فإننا جميعا نعيش معا ونأكل معا ويطمئن كل منا
على الآخر".
ويظل يعمل في مكتبه حتى الساعات الأولى من الفجر، بينما تجلس
السيدة قرينته في ركن حجرة مكتبه تشغل نفسها بالتطريز أو شغل الإبرة؛ حتى لا تفارقه
وهي معه في البيت نفسه.
من الهزيمة إلى التنحي
كانت هزيمة (1387هـ = 1967م)
بمثابة الزلزال الذي هز مصر كلها، فقد كانت تلك الهزيمة أكبر هزيمة عسكرية تلحق
بمصر في تاريخها الحديث.
ولم تكن تلك الحرب هي أولى حلقات الصراع المصري
الإسرائيلي؛ فقد سبقتها عدة جولات، كانت أولها حرب فلسطين التي حسم الغدر والعمالة
والخيانة نتائجها لصالح العدو الصهيوني الطامع في أرض فلسطين العربية المسلمة، ثم
كان حادث غزة في (5 من رجب 1374 هـ = 28 من فبراير 1955م) حينما قتلت إسرائيل 42
جنديا مصريا، ثم أسفرت إسرائيل عن وجهها القبيح وعداوتها السافرة في العدوان
الثلاثي على مصر سنة (1386هـ = 1956م). وفي حرب (1387هـ = 1967م) فقدت مصر 10 آلاف
مقاتل و1500 ضابط، ونحو 80% من قواتها العسكرية، وتم تدمير سلاح الطيران المصري
واحتلال سيناء.
ودفعت تلك الهزيمة القاسية عبد الناصر إلى إعلان تنحّيهِ عن
الحكم، واستعداده لتحمل التبعات؛ لأنه يعتبر نفسه المسؤول الأول عما حل بالبلاد؛
فخرجت الجماهير تطالبه بالبقاء وتدعوه إلى التراجع عن قراره بالتنحي.
وسرعان ما
عدل عن فكرة تنحيه، واتخذ خطوات سريعة نحو تصفية مراكز القوى وإعادة بناء الجيش
الذي دمرته الهزيمة، وبدأ مرحلة جدية من حرب الاستنزاف ضد إسرائيل، كان يسعى من
ورائها إلى توجيه ضربات موجعة لإسرائيل؛ بهدف استنزاف قوتها، ومحاولة إعادة بناء
الثقة في نفوس المصريين، واستمرت تلك الحرب حتى (جمادى الآخرة 1390هـ = أغسطس
1970م) بعد مبادرة "روجرز".
شقاق الأشقاء
وما لبثت الأمة العربية أن عصفت
بها رياح الحرب من جديد، ولكنها هذه المرة كانت حربًا بين الأشقاء؛ فقد اندلعت
الحرب بين الأردن والفلسطينيين في (صفر 1390هـ = إبريل 1970م).
وبذل عبد الناصر
جهودا كبيرة لاحتواء الموقف، وتدارك تلك الكارثة؛ فدعا إلى عقد مؤتمر قمة عربي؛
لوقف نزيف الدم بين الأشقاء، ووضْع حد للحرب والصراع، وتنقية الأجواء بين العرب.


وفي اليوم الذي انتهى فيه المؤتمر تُوفّي عبد الناصر فجأة، بعد أن ودّع آخر
ضيوف مصر المشاركين في هذا المؤتمر في (27 من رجب 1390هـ = 28 من سبتمبر 1970م).

موسوعة المشاهير - صفحة 2 Signline2010
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:33 am


جمال الدين الأفغاني

ترجع نهضة الأمم والدول إلى جهود المصلحين المخلصين من أبنائها
الذين يسعون دائمًا إلى توحيد أبناء الأمة، وإيقاظ وعيهم بقضايا ومشكلات أمتهم،
وتحريك همتهم نحو الإصلاح والتجديد، والوقوف صفًا واحدًا في وجه أطماع المستعمرين
والطامعين.
وفي أواسط القرن التاسع عشر قام رجال مصلحون من أبناء الشرق
الإسلامي، دقّوا ناقوس الخطر لأمتهم، وحذّروا ملوكهم وحكامهم من الخطر الوشيك الذي
يتربص بالأمة الإسلامية، وتعالت أصواتهم بالدعوة إلى التعجيل بالإصلاح قبل وقوع
الخطر، وكان من هؤلاء الرواد: مصطفى رشيد باشا في تركيا، وميلكم خان في إيران،
وأمير علي في الهند، وخير الدين باشا في تونس، وكان جمال الدين الأفغاني أحد هؤلاء
الرواد المصلحين الذين وقفوا حياتهم كلها على الدعوة إلى توحيد العالم الإسلامي،
وتحرير شعوبه من الاستعمار والاستغلال.
ولكن كانت دعوة كل واحد من هؤلاء وتأثيره
محدودين بحدود بلاده، ولم يكن صوته الإصلاحي يتجاوز أبناء وطنه، أما جمال الدين
الأفغاني فقد تجاوز صدى دعوته حدود الأوطان والقوميات، واتسع ليشمل العالم الإسلامي
كله.

الميلاد والنشأة
ولد السيد جمال الدين الأفغاني في ( شعبان 1254هـ=
أكتوبر 1838م)، لأسرة أفغانية عريقة ينتهي نسبها إلى الحسين بن علي (رضي الله عنه)،
ونشأ في كابول عاصمة الأفغان. وتعلم في بداية تلقيه العلم اللغتين العربية
والفارسية، ودرس القرآن وشيئًا من العلوم الإسلامية، وعندما بلغ الثامنة عشرة أتم
دراسته للعلوم، ثم سافر إلى الهند لدراسة بعض العلوم العصرية، وقصد الحجاز وهو في
التاسعة عشرة لأداء فريضة الحج سنة (1273هـ= 1857م)، ثم رجع إلى أفغانستان حيث تقلد
إحدى الوظائف الحكومية، وظل طوال حياته حريصًا على العلم والتعلم، فقد شرع في تعلم
الفرنسية وهو كبير، وبذل كثيرًا من الجهد والتصميم حتى خطا خطوات جيدة في
تعلمها.
وحينما وقع خلاف بين الأمراء الأفغان انحاز جمال الدين إلى محمد أعظم
خان الذي كان بمثابة وزير دولة، وحدث صدام بينه وبين الإنجليز، فرحل جمال الدين عن
أفغانستان سنة (1285هـ= 1868م)، ومر بالهند في طريقه إلى مصر حيث أقام بها مدة
قصيرة تردد في أثنائها على الأزهر، وكان بيته مزارًا لكثير من الطلاب والدارسين
خاصة السوريين. ثم سافر إلى "الأستانة" في عهد الصدر عال باشا، فعظم أمره بها،
وذاعت شهرته وارتفعت منزلته، ولقيت دعوته بضرورة التعجيل بالإصلاح صدى طيبًا لدى
العثمانيين، حتى قال المستر بلنت الإنجليزي: "إن سعي العثمانيين في تحويل دولتهم
إلى دستورية في بادئ الأمر قد ينسب إلى شيء من تأثير جمال الدين، فقد أقام في
عاصمتهم يحاورهم ويخطب فيهم".

في مصر
وعُيِّن جمال الدين وهو في الأستانة
عضوًا في مجلس المعارف الأعلى، وهناك لقي معارضة وهجومًا من بعض علماء الأستانة
وخطباء المساجد الذين لم يرقهم كثير من آرائه وأقواله؛ فخرج من الأستانة إلى مصر،
فلقي في مصر من الحفاوة والتكريم من أهلها ما حمله على البقاء بها، وكان لجرأته
وصراحته أكبر الأثر في التفاف الناس حوله، فأصبح له مريدون كثيرون، فحسده الشيوخ
لحظوته عند الناس.
وخاض الأفغاني غمار السياسة المصرية، ودعا المصريين إلى ضرورة
تنظيم أمور الحكم، وقد أدى ذلك إلى تنكر ولاة الأمور له، ونفورهم منه، وتوجسهم به،
خاصة أنه كان يعلن عن بغضه للإنجليز، ولا يخفي عداءه لهم في أية مناسبة.
مع محمد
عبده في باريس
وكانت مقالاته مثار غضب شديد من الإنجليز ومن الحكام في مصر على
حد سواء. فلما تولى الخديوي توفيق باشا حكم البلاد أخرجه من مصر، فانتقل الأفغاني
إلى الهند سنة (1296هـ= 1879م)، بعد أن أقام في مصر نحو ثماني سنوات.
ثم غادر
الهند إلى لندن، ومنها انتقل إلى باريس حيث اتصل بالشيخ محمد عبده، وأصدرا معًا
جريدة "العروة الوثقى"، ولكنها ما لبثت أن توقفت عن الصدور بعد أن أوصدت أمامها
أبواب كل من مصر والسودان والهند. ولكن الأفغاني لم يتوقف عن الكتابة في السياسة،
فكانت صحف باريس منبرًا لمقالاته السياسية النقدية الساخنة.

في
إيران
ودعاه شاه إيران "ناصر الدين" للحضور إلى طهران واحتفى به وقربه، وهناك
نال الأفغاني تقدير الإيرانيين وحظي بحبهم، ومالوا إلى تعاليمه وأفكاره، ولكن الشاه
أحس بخطر أفكار الأفغاني على العرش الإيراني، وتغيرت معاملته له، وشعر الأفغاني
بذلك، فاستأذنه في السفر، وذهب إلى موسكو ثم بطرسبرج، وكان يلقى التقدير والاحترام
في كل مكان ينزله، ويجذب الكثيرين من المؤيدين والمريدين.
وحينما زار الأفغاني
معرض باريس سنة (1307هـ= 1889م) التقى هناك بالشاه ناصر الدين، وأظهر له الشاه من
الود والتقدير ما دعاه إلى العودة مرة أخرى إلى طهران، ولكن ما لبث الشاه أن تغير
عليه ثانية، خاصة بعدما راح يصرح برأيه في إصلاح الحكومة، ويجاهر بنقده للأوضاع
السياسية في الدولة. ولم يطق الشاه صبرًا، ورأى في بقاء الأفغاني خطرًا محققًا على
أركان عرشه، فأرسل إليه قوة عسكرية، فساقوه من فراش مرضه إلى حدود تركيا.
اتجه
الأفغاني إلى البصرة، ومنها إلى لندن حيث اتخذ من جريدة "ضياء الخافقين" منبرًا
للهجوم على الشاه، وكشف ما آلت إليه أحوال إيران في عهده، وكان تأثير الأفغاني
قويًا على الإيرانيين، حتى بلغ من تأثيره أنه استطاع أن يحمل بعض علماء إيران على
إصدار فتوى بتحريم "شرب" الدخان، فأصدر الميرزا "محمد حسن الشيرازي" فتوى حرّم فيها
على الإيرانيين شرب الدخان، فامتنعوا عن شربه امتناعًا شديدًا، حتى إن العامة ثاروا
على الشاه، وأحاطوا بقصره، وطلبوا منه إلغاء الاتفاق مع إحدى الشركات العربية
لتأسيس شركة "ريجي" في إيران؛ فاضطر الشاه إلى فسخ الاتفاق، وتعويض الشركة بمبلغ
نصف مليون ليرة إنجليزية.
دسائس الوشاة ومكائد الحاقدين
وكان ذلك أحد الأسباب
التي جعلت الشاه يلجأ إلى السلطان عبد الحميد ليوقف الأفغاني عن الهجوم عليه،
واستطاع السلطان أن يجذب الأفغاني إلى نزول الأستانة سنة (1310هـ=1892م)، وأراد
السلطان أن يُنعم على الأفغاني برتبة قاضي عسكر، ولكن الأفغاني أبى، وقال لرسول
السلطان: "قل لمولاي السلطان إن جمال الدين يرى أن رتبة العلم أعلى
المراتب".
وفي أثناء وجود الأفغاني بالأستانة زارها الخديوي عباس حلمي، والتقى
بالأفغاني لقاءً عابرًا، ولكن الوشاة والحاسدين من أعداء الأفغاني المقربين إلى
السلطان وجدوا في ذلك اللقاء العابر فرصة سانحة للوقيعة بينه وبين السلطان، فبالغوا
في وصف ذلك اللقاء، وأضفوا عليه ظلالاً من الريبة والغموض، وأوعزوا إلى السلطان
أنهما تحادثا طويلاً في شئون الخلافة، وحذّروه من الخطر الذي يكمن وراء تلك
المقابلة؛ فاستدعى السلطان العثماني جمال الدين الأفغاني وأطلعه على تلك الأقوال،
فأوضح له الأفغاني حقيقة الموقف بجرأة، وانتقد هؤلاء الوشاة بشجاعة لم تعهد
لغيره.

منهج الأفغاني في الإصلاح الديني
كانت الدعوة إلى القرآن الكريم
والتبشير به من أكبر ما يطمح إليه "الأفغاني" في حياته، وكان يرى أن القاعدة
الأساسية للإصلاح وتيسير الدين للدعوة هي الاعتماد على القرآن الكريم، ويقول:
"القرآن من أكبر الوسائل في لفت نظر الإفرنج إلى حسن الإسلام، فهو يدعوهم بلسان
حاله إليه. لكنهم يرون حالة المسلمين السوأى من خلال القرآن فيقعدون عن اتباعه
والإيمان به". فالقرآن وحده سبب الهداية وأساس الإصلاح، والسبيل إلى نهضة الأمة:
"ومن مزايا القرآن أن العرب قبل إنزال القرآن عليهم كانوا في حالة همجية لا توصف؛
فلم يمض عليهم قرن ونصف قرن حتى ملكوا عالم زمانهم، وفاقوا أمم الأرض سياسة وعلمًا
وفلسفة وصناعة وتجارة".. فالإصلاح الديني لا يقوم إلا على القرآن وحده أولاً، ثم
فهمه فهمًا صحيحًا حرًا، وذلك يكون بتهذيب علومنا الموصلة إليه، وتمهيد الطريق
إليها، وتقريبها إلى أذهان متناوليها.
جمال الدين بين السنية والتشيع
يرى بعض
الباحثين أن جمال الدين كان إيرانيًا من "أسد آباد" بالقرب من همدان، وأنه كان
شيعيًا جعفري المذهب، وذلك بالرغم من اشتهار أمر جمال الدين بانتسابه إلى بلاد
الأفغان وأنه سني المذهب، وبالرغم من حرصه على تلقيب نفسه بالأفغاني، وانخراطه في
علماء أهل السنة في جميع البلدان الإسلامية التي زارها أو أقام فيها.

ويحاول
هؤلاء إيجاد الأدلة، وتدبيج البراهين التي تعضد موقفهم، وتؤيد ما ذهبوا إليه، ومن
ذلك:
- وجود عائلة جمال الدين في إيران، وعدم وجود أي أثر لها في
أفغانستان.
- إن اسم والد جمال الدين "صفدر"، وهو اسم إيراني شيعي يعني: البطل
ممزق الصفوف.
- اهتمام جمال الدين بإيران ومشكلاتها أكثر من اهتمامه بأي قطر
إسلامي آخر.
- إجادة جمال الدين اللغة الفارسية باللهجة الإيرانية.
- تمجيد
جمال الدين للإيرانيين وإشادته بذكائهم.
وهي في مجملها قرائن لا ترقى إلى الأدلة
الجازمة، أو البراهين القاطعة تنقضها كتابات جمال الدين وسيرة حياته، التي توضح أنه
كان أفغانيًا سنيًا لا إيرانيًا شيعيًا.
فهو في كتابه "تتمة البيان في تاريخ
الأفغان" ينتقد الشيعة في انصرافهم عن بعض أركان الدين إلى ظواهر غريبة عنه وعادات
محدثة، فيقول: "وجميع الأفغانيين متمذهبون بمذهب أبي حنيفة، لا يتساهلون رجالاً
ونساءً وحضريين وبدويين في الصلاة والصوم، سوى طائفة (نوري)، فإنهم متوغلون في
التشيع، يهتمون بأمر مأتم الحسين (رضي الله عنه) في العشر الأول من محرم، ويضربون
ظهورهم وأكتافهم بالسلاسل مكشوفة".
وقد تصدى لهذا الزعم عدد من الباحثين
والمفكرين، في مقدمتهم د. "محمد عمارة" الذي رأى أن الرجل لن يعيبه أن يكون
إيرانيًا أو أفغانيًا، ولن ينقص من قدره أن يكون شيعيًا أو سنيًا؛ لأنه مسلم تشرف
به كل أقاليم الإسلام وجميع مذاهبه.
وأن الذي جعل قضية الخلاف حول موطن جمال
الدين وحول المذهب الديني الذي تمذهب به تأخذ بعدًا آخر، أخرجها من هذا الإطار
المألوف، هو أن الذين ادعوا إيرانيته وشيعته قد أرادوا –من وراء هذه الدعوى- إثبات
كذب الرجل، فقد قال عن نفسه بأنه أفغاني، ونطقت أفكاره وكتاباته بأنه سني، فالمقصد
من وراء تلك الدعوة هو هدم الرجل (الرمز) الذي يعتز به الجميع.

الأفغاني
والماسونية
انتظم جمال الدين في سلك الماسونية؛ لينفسح له المجال أمام الأعمال
السياسية، وقد انتخب رئيسًا لمحفل "كوكب الشرق" سنة (1395هـ=1878م)، ولكنه حينما
اكتشف جبن هذا المحفل عن التصدي للاستعمار والاستبداد، ومسايرته لمخطط الإنجليز في
مصر استقال منه، وقد سجل الأفغاني تجربته تلك في كلمته التي أدان فيها ماسونية ذلك
المحفل الذي يتستر تحت شعارات براقة وأهداف عريضة، لكنه في الحقيقة لا يخرج في ذلك
كله عن حيز القول إلى الفعل، بل ربما كان أدنى إلى تحقيق أهداف المستعمر وترسيخ
أطماعه بعيدا عن تأكيد مبادئ الحق والحرية والمساواة التي يرفعها مجرد
شعار.

هل مات مسمومًا؟
وتوفي الأفغاني في الأستانة –بعد حياة شاقة مليئة
بالمتاعب والصعاب- عن عمر بلغ نحو ستين عامًا، وكما حفلت حياته بالجدل والإثارة،
فقد ثار الجدل أيضًا حول وفاته، وشكك البعض في أسبابها، وأشار آخرون إلى أنه اغتيل
بالسم.
فبالرغم من أن الشيخ عبد الرشيد إبراهيم –الرحالة الروسي الشهير- يؤكد
أنه كان مريضًا، وأنه توفي متأثرًا بمرضه، وكان قد زاره قبيل ساعتين من وفاته، فإن
ابن أخته "ميرزا لطف الله خان" يزعم أنه مات مسمومًا، ويتهم الحكومة الإيرانية
بقتله، ويذكر أن الحكومة الإيرانية أوفدت "ناصر الملك" لقتل "جمال الدين" بعدما
رفضت الدولة العثمانية تسليمه لها.. وكانت وفاته في (5 من شوال 1314هـ= 10 من مارس
1897م).

موسوعة المشاهير - صفحة 2 Signline2010
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:33 am


أبي الفرج الأصفهاني


لم ينل كتاب في الأدب العربي شهرة كتاب
"الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني، وهو منذ أن ظهر من ألف عام قل
من لم يسمع به، أو يقرأ طرفا منه، أو يعتمد عليه في شيء مما يتصل بالتاريخ
والحضارة. أنفق فيه مؤلفه نصف قرن من الزمان، حتى خرج على الصورة التي هو عليها
الآن، وهو كتاب -كما وصفه الفقيه ابن العربي-: جليل القدر، كثير العلم، لم يؤلف
مثله قط. وقد يختلف الناس حول ما حواه من أخبار وروايات، لكنهم لا يختلفون حول
قيمته باعتباره المصدر الأول لمن يكتبون عن الأدب العربي في عصوره
المتقدمة.
النشأة والتعليم
ينتهي نسب أبي الفرج الأصفهاني إلى مروان بن محمد
آخر خلفاء بني أمية. ولد سنة (284هـ = 897م) ولا يعرف على وجه اليقين موضع ولادته،
فقالوا إنه أصفهاني المولد استنادا إلى لقبه الذي عُرف به واشتهر، وقالوا إنه
بغدادي المنشأ والمسكن، ولعل أجداده كانوا يعيشون في أصفهان بعد سقوط دولتهم، ثم
نزح أحفادهم إلى بغداد وأقاموا بها.
وكان جده محمد بن أحمد الأصفهاني من كبار
رجالات سامراء وعلى صلة متينة بوزرائها وأدبائها وكتابها، وكان أبوه الحسين بن محمد
يقطن بغداد، ويحرص على طلب العلم والثقافة الشائعة في عصره، وكذلك كان عمه الحسن بن
محمد من كبار الكتاب في عصر المتوكل. وروى عنه أبو الفرج كثيرا في كتابه الأغاني،
وهو الذي تولى تربيته وتثقيفه.
أما نسب أبي الفرج من ناحية أمه فهو ينتسب إلى
آل ثوابة المعروفين في عصرهم بالكتابة والأدب والشعر. وذكر ابن النديم عددا منهم في
كتابه الفهرست.
وفي هذا الجو المُعبَّق بعطر العلم وأريج الثقافة نشأ أبو الفرج
الأصفهاني وتعلم، ثم تطلعت همته إلى مصادر أخرى للمعرفة، فولّى وجهه شطر الكوفة في
فترة مبكرة من حياته، وأخذ الحديث والتاريخ واللغة عن شيوخها الكبار من أمثال: مطين
بن أيوب، والحسين بن الطيب الشجاعي، ومحمد بن الحسين الكندي مؤدبه في الكوفة…
وغيرهم، ثم رجع إلى بغداد وبدأ حياة علمية جادة، وأظهر جلدا وشغفا بالعلم، واتصل
بأعداد هائلة من شيوخ بغداد وعلمائها الذين كانت تمتلئ بهم مساجدها، وحسبك أن يكون
من شيوخه: يحيى بن علي المنجّم، المتوفى سنة (300هـ = 912م) وكان أديبا ناقدا عالما
بالغناء والموسيقى، وأبو عبد الله اليزيدي المتوفى سنة (310هـ = 922م) وكان إماما
في النحو والأدب، ومحمد بن جرير الطبري الإمام المؤرخ المفسر الفقيه المتوفى سنة
(310هـ = 922م) وعنه روى أبو فرج الأصفهاني معظم أخبار العرب القديمة ومغازي الرسول
–صلى الله عليه وسلم- وأشعارا لشعراء الدعوة الإسلامية.
ولازم أيضا عددا من
كبار أئمة اللغة مثل: علي بن سليمان الأخفش، المتوفى سنة (315هـ = 927م) وأبي بكر
الأنباري، المتوفى سنة (328هـ = 939م) وابن دريد العالم اللغوي الفذ، المتوفى سنة
(321هـ = 933م) وأبي بكر الصولي، المتوفى سنة (335هـ = 946م) وصاحب كتابيْ:
"الأوراق"، و"أدب الكاتب".
في موكب العلم
والتدريس
وبعد هذا التحصيل العلمي الجاد والإصرار على الدرس جلس للتدريس في نحو
سنة (313هـ = 925م)، وكان قد انتهى من كتابة أول مؤلفاته "مقاتل
الطالبيين" فجلس لإملائه على تلاميذه الذين اتصلوا به ولازموه، بعد أن
ذاعت شهرته، وقصد حلقاته عدد كبير من المحدثين والأدباء والشعراء. ومن تلاميذه
المعروفين الإمام الدارقطني، وأبو زكريا يحيى بن مالك الأندلسي، وعلي بن دينار،
ومحمد بن أحمد المغربي راوية المتنبي، وأبو علي الحسن بن علي بن محمد التنوخي.

واتصل أبو الفرج بالحسن بن محمد المهلبي وزير معز الدولة البويهي، وكانت له به
صلة قبل أن يتولى الوزارة، فلازمه 13 سنة حتى توفي المهلبي في سنة (352هـ = 963م)،
وكان الوزير يوالي أبا الفرج بصلاته، ويقربه إليه، ويجعله من ندمائه المقربين، وكان
للوزير مجلس مشهور يؤمه كبار الشعراء والكتاب من أمثال أبي القاسم التنوخي، وأبي
إسحاق الصابئ، وأبي العلاء صاعد خليفة، والشاعر الكبير أبي الطيب المتنبي. وكان أبو
الفرج رأس هذا المجلس، ونديم صاحبه، كثير المدح له، وكان من ثمرات هذه العلاقة آثار
كثيرة في مؤلفات أبي الفرج وأشعاره.
وتذكر المصادر التاريخية أن لأبي فرج صلات
بملوك الأندلس من بني أمية، يؤلف لهم الكتب ويرسلها لهم فيصلونه بجوائز كبيرة. وأما
صلته بسيف الدولة فليس في أخباره ما يوضح حقيقتها، ويلقي الضوء عليها سوى أنه أهداه
كتاب الأغاني فأعطاه عليه ألف دينار.
شخصيته
رسمت كتب المعاصرين له صورة ذات
ألوان قاتمة وظلال شاحبة فهو لا يعتني بمظهره، يبدو دائما متسخ الثياب، قذرا في
شكله وفعله، بعيدا عن مظاهر السلوك الحميد والتصرف الأنيق الذي يتصف به دائما من
ينادم الملوك والأمراء.
وأيا ما كان الرأي حول هذه الصفات ومدى مبالغتها في رسم
هذه الصورة السيئة، فإن هناك إجماعا من المؤرخين على سعة علمه، وكثرة محفوظه، وجودة
شعره، وكثرة تأليفه، وأضافوا إلى ذلك أنه كانت له رحمة وألفة بصنوف الحيوان، يأنس
بصحبتها، ويعالجها إذا أصابتها العلة، ويأسى لموتها، وقد أُثرت عنه أبيات رقيقة في
رثاء ديك له مات، جاء فيها:
بتحنن وتأسف وشهـــيق أبكي إذا أبصرت ربعك موحشـا

في منزل دان إليَّ لصـيق ويزيدني جزعا لفقدك صــادح
بسواد ليل أو بياض شروق
فتأسفي أبدا عليك مواصـــل
ألف أبو الفرج الأصفهاني أكثر من 30 كتابا، لم تسلم
كلها من عوادي الزمن، ووصل إلينا منها: "الإماء الشواعر"،
و"مقاتل الطالبيين" وتناول فيه سيرة أكثر من 200 من قتلى
الطالبيين وشهدائهم منذ زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الوقت الذي انتهى فيه
من تأليفه سنة (313هـ = 925م)، وكانت شخصية علي بن أبي طالب هي أهم شخصية تناولها
بالترجمة، فأفرد لها صفحات كثيرة، ثم تتابعت شخصيات العلويين لتشمل الحسن والحسين
ابني علي بن أبي طالب وغيرهما من آل البيت.
كتاب الأغاني
غير أن أهم كتبه هو
"الأغاني" الذي نال شهرة واسعة وصِيتا ذائعا لم ينله كتاب في
الأدب العربي منذ أن ظهر للناس في القرن الرابع الهجري حتى يومنا هذا، ووصفه ابن
خلدون بأنه "ديوان العرب، وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل
فن…".
ويذكر لنا أبو الفرج الباعث على تأليف كتابه في مقدمته، فيقول:
"والذي بعثني على تأليفه أن رئيسا من رؤسائنا كلفني جمعه له، وعرفني أنه
بلغه أن الكتاب المنسوب إلى إسحاق الموصلي في الغناء مدفوع أن يكون من تأليفه، وهو
مع ذلك قليل الفائدة، وأنه شاك في صحته…" وموضوع الكتاب هو الغناء، ألفه
ليكون بديلا عن الكتاب المنسوب إلى إسحاق الموصلي، ولذلك صدَّر كتابه بذكر
"المائة صوت المختارة للرشيد الذي أمر إبراهيم الموصلي، وإسماعيل بن جامع
وفليح بن العوراء باختيارها له من الغناء، ثم رفعت إلى الواثق بالله ، فأمر إسحاق
بن إبراهيم أن يختار له منها ما رأى أنه أفضل مما كان اختير متقدما…".

وكان أبو الفرج يبدأ بذكر الصوت الذي اختاره والشعر المتعلق به، ثم يستطرد إلى
ذكر أشعار أخرى قيلت في المعنى نفسه، وتغني بها، ثم يتناول المناسبة التي قيلت فيها
هذه الأشعار، وقد تكون المناسبة اجتماعية أو سياسية فيبين ذلك، وهو في أثناء ذلك
يتعرض لذكر الإنسان وأخبار القبائل، وقصص وأشعار وملح، فيقف القارئ على ألوان
مختلفة من الحياة، وعادات متفرقة في بيئات مختلفة، وطرائق الحياة في البادية
والقصور من لهو وتسلية فراغ.
ولم يلتزم أبو الفرج في اختيار الأصوات التي ذكرها
بالترتيب الزمني للشعراء والمغنين، وإنما رتبها حسب الأصوات المائة التي اختارها
المغنون الثلاثة للرشيد، وقد حوى كتاب الأغاني تراجم لزهاء 300 شاعر وقرابة 60 من
المغنيين والمغنيات.
ومعظم من ترجم لهم كانوا من شعراء الجاهلية والإسلام، ولم
يلتزم في أخبارهم ترتيبا تاريخيا، وإنما ينثر ما انتهى إليه من أخبار الشاعر حينما
اتفق. واتبع طريقة المحدّثين في إسناد كل خبر إلى رواته.
وقد أنفق أبو الفرج في
تأليف كتابه 50 سنة، واعتمد في كتابته على مصادر متعددة بعضها شفوية استمدها من
أفواه الرواة والأدباء والمجالس الأدبية التي كان يحرص على حضورها، وبعضها أخذها من
الكتب التي تعنى بالشعر والغناء، وهو إن أغفل ذكر اسم الكتاب لا يهمل اسم المؤلف
لأهمية ذلك في الثقة بالخبر وتقويمه.
وعلى الرغم من أهمية الكتاب التي لا يختلف
عليها الباحثون في التاريخ والحضارة، فقد وجه للكتاب عدد من المآخذ، وإن كانت لا
تقلل من شأن الكتاب، لكنها تبصر القارئ بأن الكتاب ليس مصدرا للتاريخ يُعتمد عليه
وحده، وأنه يصور جانبا من حياة بعض الناس لا حياة الأمة كلها، ومن تلك المآخذ أنه
ركز على تصوير الحياة اللاهية في المجتمع البغدادي، وأبرز الجوانب الضعيفة في حياة
بعض أفراده من خلفاء وقادة وشعراء، واختزل حياتهم في جانب المجون والخلاعة، وأغفل
ما كان منها جادًّا ورزينا، حتى يكاد القارئ يتصور أن بغداد -مدينة العلم وكعبة
الثقافة- كانت مركزا للمجَّان والخلعاء لا مركزا للثقافة الجادة وحلقات العلم التي
كانت تمتلئ بها مساجدها.
مختصرات الأغاني
نظرا لضخامة كتاب الأغاني وأهميته
في الوقت نفسه فقد عمد كثير من العلماء لاختصاره بمناهج مختلفة ليسهل تداوله ويعم
الانتفاع به، ومن أشهر تلك المختصرات:
- "تجريد الأغاني من المثالث
والمثاني" لـ"جمال الدين محمد بن سالم" المعروف بابن
واصل الحموي المتوفى سنة (697هـ = 1297م) جرَّد الكتاب من الأسانيد والأصوات، وكل
ما يتصل بفن الغناء، واقتصر على الأخبار والتراجم الأدبية. وقد نُشر الكتاب
بالقاهرة سنة (1374هـ = 1955م) بتحقيق طه حسين وإبراهيم الإبياري.
-
"مختار الأغاني في الأخبار والتهاني" لـ"ابن منظور
المصري" صاحب لسان العرب، والمتوفى سنة (711هـ = 1311م) ورتبه على حروف
الهجاء، وأضاف إليه ترجمة واسعة لأبي نواس، التي أغفلها أبو الفرج في كتابه، ونشر
الكتاب محققا في القاهرة في 8 أجزاء سنة (1385هـ = 1966م).
وفي العصر الحديث
صنع المؤرخ المعروف "محمد الخضري" المتوفى سنة 1345هـ = 1927م)
مختصرا للأغاني، سماه تهذيب الأغاني،حذف منه الأسانيد وما فيه فحش من الأشعار
والأخبار، وجعله في قسمين: الأول للشعراء، والثاني للمغنين، ورتب الشعراء حسب
العصور ونشره في 7 أجزاء سنة (1343هـ = 1925م). كما قام الدكتور إحسان النص بعمل
"اختيارات من كتاب الأغاني" ونشر كتابه في 6 أجزاء، وفصل فيه بين
الشعراء والمغنين، ورتبهم حسب العصور.
وقد طبع كتاب الأغاني طبعات متعددة، فطبع
كاملا لأول مرة بمطبعة بولاق بالقاهرة سنة (1305هـ = 1868م)، ثم توالت طبعاته بعد
ذلك، حتى قامت دار الكتب المصرية بطبعة محققا على أسس علمية، فصدر الجزء الأول سنة
(1343هـ = 1925م)، وكان ذلك استجابة لرغبة أحد الوجهاء المثقفين المصريين، فقد
رغَّب الدار أن تطبع الكتاب على نفقته، ثم توالت أجزاء الكتاب حتى بلغت 24 مجلدا،
وهي تعد أوفى الطبعات وأكملها تحقيقا.
وفاته
وبعد حياة عريضة من العمل
والتأليف، وذيوع الشهرة والصيت بسبب كتابه الأغاني، توفي أبو الفرج الأصفهاني في
بغداد (14 من ذي الحجة 356هـ = 20 من نوفمبر 967م).

موسوعة المشاهير - صفحة 2 Signline2010
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:34 am

بديع الزمان الهمذاني


يعد "بديع الزمان الهمذاني" المبتكر الأول لفن المقامة الذي
انتشر على نحو واسع كأحد فنون النثر في الأدب العربي، كما يعد الرائد الحقيقي
للصحافة، ليس في الأدب العربي فحسب، وإنما كان الصحفي الأول على الإطلاق؛ فقد كانت
رسائله ومقاماته النقدية الاجتماعية هي البدايات الحقيقية الأولى لذلك الفن الذي
عُرف فيما بعد بالصحافة.
الميلاد والنشأة
ولد "بديع الزمان أبو الفضل أحمد بن
الحسين الهمذاني" في همذان ( همدان ) وسط ايران بالقرب من طهران سنة [358 هـ=
969م]، لأسرة عربية ذات علم وفضل ومكانة مرموقة، فقد كان أخوه "الحسين بن يحيى"
مفتي همذان.
ونشأ "بديع الزمان" في بيئة علمية خصبة، حيث كانت همذان موطن عدد
كبير من العلماء الأعلام الذين تتلمذ عليهم "بديع الزمان"، ومنهم " أحمد بن فارس"
اللغوي المعروف، و"أبو بكر محمد بن الحسين الفراء" اللغوي الشهير.
وعندما بلغ
"بديع الزمان" الثانية والعشرين من عمره غادر همذان متوجهًا إلى أصبهان حيث اتصل
بالصاحب بن عباد وزير "بني بويه".
كانت " أصبهان" -عاصمة "بني بوية"- مدينة
جميلة حافلة بالمناظر الساحرة والبساتين البديعة، والقصور الفخمة والطبيعة الفاتنة،
ولذلك فقد كانت تجذب إليها الأدباء والشعراء، وكان للصاحب بن عباد دور كبير في
تشجيع الأدباء والعلماء وإثراء الحركة الأدبية والعلمية في أصفهان، حتى غدت تلك
المدينة، إحدى منارات العلم في ذلك العصر، ومحط أنظار العلماء والأدباء، وكعبة طلاب
العلم من كل مكان.
في أصفهان
وأقبل بديع الزمان على مجالس الأدباء والشعراء
في أصفهان، وسرعان ما جذب إليه الأنظار ببراعته وقوة حافظته، حتى إنه كان يحفظ
و"ينشد الشعر لم يسمعه قط -وهو أكثر من خمسين بيتًا- إلا مرة واحدة، فيحفظها كلها
ويؤديها من أولها إلى آخرها ولا يخرم حرفًا، وينظر في الأربعة أو الخمسة الأوراق من
كتاب لم يعرفه ولم يره نظرة واحدة خفيفة ثم يهذّها عن ظهر قلب هذا ويسردها
سردًا".
وكان الهمذاني يميل إلى الإسجاع والإغراب والأحاجي، وكان بارعًا متفردًا
في هذا الباب، يروى أنه "كان يُقترح عليه عمل قصيدة وإنشاء رسالة في معنى بديع وباب
غريب فيفرغ منها في الوقت والساعة، وكان ربما كتب الكتاب المقترح عليه فيبتدئ
بآخره، ثم هلم جرًّا إلى أوله، ويخرجه كأحسن شيء وأملحه".
وعُرف بسرعة بديهته
وحضور ذهنه وقدرته الفائقة على النظم والارتجال، لا يكاد يباديه أحد أو يجاريه
إنسان، فكان "يُقترح عليه كل عويص وعسير من النظم والنثر فيرجله أسرع من الطرف على
ريق لم يبلغه، ونفس لا يقطعه، وكلامه كله عفو الساعة وفيض اليد ومسارقة القلم،
ومسابقة اليد للفم، وكان يترجم ما يُقترح عليه من الأبيات الفارسية المشتملة على
المعاني الغربية بالأبيات العربية".

الرحيل إلى نيسابور
إلا أن بديع
الزمان السُّنّي المتعصب للعرب لم يستطع الاندماج في مجتمع بني بويه وبلاط الصاحب
بن عباد الشيعي الخالص، ولم يطل مقام بديع الزمان بأصبهان، فتركها إلى جرحان، حيث
أقام في كنف "أبي سعيد محمد بن منصور"، واتصل بأميرها "شمس المعالي قابوس بن
وشمكير" أمير الدولة الزبادية، وكان أديبًا بليغًا، وله معه مراسلات بديعية.
غير
أن بديع الزمان لم يلبث أن غادر جرحان لخلاف بينه وبين أبي سعيد، فاتجه إلى نيسابور
سنة [382هـ= 992م].
وكانت نيسابور أعظم مدن خراسان في ذلك الوقت، وكانت ملتقى
العلماء وأعلام الفكر والأدب، وكان العلماء والأدباء كثيرًا ما يعرّجون عليها في
رحلاتهم بين المشرق والعراق، فيقيمون فيها بعض الوقت.
وذاعت شهرة بديع الزمان في
نيسابور بعد مناظرته الشهيرة مع العالم الأديب "أبي بكر محمد بن العباس الخوارزمي"
وانتصاره عليه بشكل لفت الأنظار إلى قدراته الأدبية الفذة، فطار بذلك صيته وعلت
شهرته.
واستطاع بديع الزمان خلال فترة إقامته بنيسابور إملاء عدد كبير من
المقامات بلغت أربعمائة مقامة، وقد اتصل خلالها بعدد كبير من أدباء نيسابور
وأعلامها مثل: الأديب أبي نصر سهل بن المرزبان، وأبي جعفر الميكالي أحد وجهاء آل
ميكال المقدّمين، وقد مدحه بديع الزمان ونال عطاءه، كما كانت له صلة طيبة بواحد من
أكبر وجهاء نيسابور وهو أبو الطيب سهل بن محمد الصعلوكي، وكانت له حظوة ومكانة
كبيرة عنده.
وطاب المقام لبديع الزمان بنيسابور بعدما نال من الشهرة والحظوة،
ورغب في الاستقرار بها، ولكن حساده ومنافسيه سعوا بالوشاية ضده والدسائس عليه حتى
أوغروا عليه أبا جعفر الميكالي، والصعلوكي، فحُرِم مما كان ينعم به من الشهرة
والجاه والعطاء.

في ربوع خراسان
ولم يمضي عام على قدومه إلى نيسابور حتى
كان قد خرج منها في أوائل سنة [383هـ = 993م] إلى سرخس حيث اتصل بالسلطان محمود
الغزنوي الذي قربه وأحسن إليه، وأغدق عليه من عطاياه، وهناك تعرف إلى عدد كبير من
أعيان سرخس وعلمائها.
ولكنه لم يلبث أن شد عصا الترحال إلى بجستان، فلقي ترحيبًا
كبيرًا من أميرها "خلف بن أحمد"، ووجد في كنفه عيشًا رغدًا وحياة ناعمة هانئة،
ومكانة كريمة، ولكن دسائس الحساد ومكائد المنافسين سرعان ما أفسدت ما بينه وبين
الأمير، فتغير عليه، وعندئذ رحل إلى بوشينج، وهناك توثقت صلته بالوزير أبي نصر
الميكالي، وبعد أن استقر بها زمنًا، رحل إلى هراة.

الاستقرار في هراة
كان
سرور الهمذاني كبيرًا بهذه البلدة، وبالرغم مما شهدته تلك المدينة من الاضطرابات ـ
نتيجة الحروب الكثيرة التي تعرضت لها، وتغير الولاة عليها، والمحن المختلفة التي
أصابتها من غلاء وفقر ومصادرات وأمراض ـ فإن الهمذاني فضل الاستقرار بها، وعاش فيها
حتى توفي.
وكان بديع الزمان يرصد كل ما يحدث بها من ظواهر اجتماعية، وأحداث
سياسية، ونكبات اقتصادية، ومعارك حربية، ويسجل كل ما يراه من الجوانب السلبية التي
سادت نواحي الحياة المختلفة في عصره، حتى غدت رسائله مصدرًا مهمًّا من مصادر
التاريخ الاجتماعي لهراة في العقد الأخير من القرن الرابع الهجري.
وفي هراة
استطاع الهمذاني أن يصيب قدرًا كبيرًا من الثراء، وأن يحقق نجاحًا ملحوظًا في نشاطه
التجاري، فتوسعت علاقاته التجارية حتى بلغت مدينة بلخ، وقد ساعده على ذلك على زواجه
من ابنة أبي علي الحسين الخشنامي ـ أحد أعيان هراة ـ بالإضافة إلى رعاية الوزير أبي
نصر الميكالي له، وتوطد علاقته بحاكم هراة "أبي عامر عدنان بن محمد الضبي" و"أبي
العباس الفضل بن أحمد الإسفراييني" وزير السلطان "محمود الغزنوني".

من أقوال
العلماء فيه
قال عنه الثعالبي: "هو بديع الزمان ومعجزة همذان، ونادرة الفلك،
وبكر عطارد، وفرد الدهر، وغرة العصور، ومن لم يُدرك قرينه في النثر وملحه، وغرر
النظم ونكته، ولم يُر أن أحدًا بلغ مبلغة من الأدب وسرّه، وجاء بمثل إعجازه وسمره،
فإنه كان صاحب عجائب وبدائع وغرائب".

ويصف الحاكم أبو سعيد عبد الرحمن بن
دست ـ جامع رسائل الهمذاني ـ بقوله: "وكان أبو الفضل طلق البديهة، سمح القريحة،
شديد العارضة، زلال الكلام عذبه، فصيح اللسان غضبه، إن دعا الكتابة أجابته عفوًا،
وأعطته قيادتها صفوًا، أو القوافي أتته ملء الصدور على القوافي، ثم كانت له طرق في
الفروع هو افترعها، وسننٌ في المعاني هو اخترعها".

رسائل بديع الزمان
على
الرغم من الشهرة الواسعة التي حققها بديع الزمان كأديب ورائد من رواد فن المقامة في
الأدب العربي، وشاعر متميز، فإنه لم يترك نتاجًا أدبيًا وشعريًا كبيرًا، حيث لم
يقدم ـ طوال عمره ـ سوى ثلاثة مصنفات هي: الرسائل، والمقامات، والديوان، ولكنه
بالرغم من قلة إنتاجه فقد ترك بصمات واضحة على الأدب العربي، وكان واحدًا من أبرز
رواده، ومن المبدعين القلائل الذين ابتكروا ألوانًا من الأدب لم يسبقهم إليها
غيرهم.
وقد برع الهمذاني في فن الرسائل، كغيره من كبار أدباء عصره في القرن
الرابع الهجري، الذي كان من أزهى عصور النثر الفني والكتابة الأدبية في تاريخ الأدب
العربي؛ فقد كان القرن الرابع هو العصر الذهبي لكتابة الرسائل، واتسمت الكتابة فيه
بالإغراق في ألوان البديع، والولع بالزخارف اللفظية، حتى غدت الرسائل وكأنها نسيج
رائع موشّى بالأسجاع، محلّى بالمحسنات البديعية ولآلئ البيان.
وقد انقسمت
الرسائل تبعًا لأغراضها وأساليبها إلى نوعين:
الرسائل الديوانية: وهي التي تكتب
في شئون الدولة، وتسجل الأحداث التاريخية أو الأوامر والتوجيهات الرسمية إلى الولاة
والأمراء والقواد وكبار الموظفين في الدولة.

وكان من أشهر كتاب هذه الرسائل:
أبو الفضل بن العميد، والصاحب بن عباد، والوزير المهلبي، والأمير قابوس بن
وشمكير.
الرسائل الإخوانية: وهي التي يكتبها الأدباء عامة من غير العاملين في
دواوين الدولة، وهي غير محددة بموضوعات معينة، وإنما يكتبها الأدباء في مناسبات
خاصة أو مطارحات أدبية ومساجلات بلاغية فيما بينهم.
وكان من أشهر كتاب تلك
الرسائل ـ بالإضافة إلى من سبق ـ: أبو حيان التوحيدي، وأبو بكر الخوارزمي، وبديع
الزمان الهمذاني.
وقد ترك بديع الزمان تراثًا وافرًا من الرسائل التي عكست بوضوح
انطباعاته النفسية العميقة، وحسه الفني المرهف، ومزاجه الأدبي الرفيع، وكشفت بجلاء
عن خلجاته وأحاسيسه وكثير من جوانبه النفسية وحالاته الوجدانية من فرح وسرور، أو
تشاؤم وحزن، أو شكوى ونقمة، وتظهر شجاعته واعتداده بنفسه، فهو لا يبالي في هجومه
على من يتعرض لنقدهم، وإظهار الجوانب السلبية التي يراها في أعمالهم وسلوكهم
.
وتناول الهمذاني في رسائله العديد من الأغراض: كالمدح والهجاء، والشكوى
والعتاب، والتهنئة والاعتذار، والاستعطاف والاستجداء، والنصح والإرشاد، والصداقة
والإخاء، والفخر والاعتزاز بالنفس.
كما حظيت الحياة العامة والجوانب الاجتماعية
- وخاصة العيوب والسلبيات التي كانت منتشرة في زمانه- بنصيب وافر من رسائله، ولعله
في ذلك يكون أول رائد لفن المقالة الصحفية في الأدب العربي، بل ربما كان أول صحفي
على الإطلاق عند العرب وغير العرب، فليست رسائله التي تناول فيها المشاكل العامة
نقدًا وبناءً إلا مقالات صحفية مبّكرة، وإذا كانت ميزات الصحافة الحديثة سرعة
انتشار الصحيفة، فإن رسائل بديع الزمان شأنها في ذلك شأن غيرها من رسائل معاصريه،
فلقد كانت سرعان ما تصل إلى كل مكان من الأرض الإسلامية، يتلقفها الناس
ويقرءونها.
ويعنى الهمذاني في رسائله بانتقاء الألفاظ الموسيقية العذبة، كما
يحرص على توليد الصور المختلفة في غير تكلف ولا عنت، فهو يردد المعنى الواحد بصور
شتى، وصيغ متعددة، كما يحرص على الاقتباس من القرآن الكريم، والشعر العربي، ويهتم
بألوان البيان كالاستعارة والتشبيه، كما يولع بالمحسنات البديعية كالسجع والجناس
والطباق المقابلة.

مقامات بديع الزمان
ترجع شهرة بديع الزمان الهمذاني
إلى مقاماته الشهيرة التي كان له فضل السبق إليها، فهو أول من ابتكر فكرتها، وأطلق
عليها هذا الاسم حتى اشتهر بها وقد أعجب كثير من الأدباء بهذا اللون الجديد من فنون
الأدب، فاقتفوا أثره ونسجوا على منواله.
وأصل المقامة في اللغة: المجلس والجماعة
من الناس، وقد أُطلقت على المحاضرة، كما أطلقت على المجالس التي كان يستقبل فيها
الخلفاء الأدباء والعلماء.
ويذكر الثعالبي في ترجمته لبديع الزمان أنه أملى
أربعمائة مقامة بنيسابور، ولكن الذي وصلنا منها لا يتجاوز اثنتين وخمسين مقامة فقط.
وقد اخترع الهمذاني بطلين لمقاماته، سمى أحدهما عيسى بن هشام، والآخر أبا الفتح
الإسكندري، وجعل الأول رواية، والثاني بطلا مغامرًا.
ولم يحرص بديع الزمان على
أن يظهر أبا الفتح في جميع المقامات، بل كان يقلل من شأن مغامراته أحيانًا ويغفل
ذكره أحيانًا، وشخصية أبي الفتح الإسكندري شخصية مثيرة متعددة الجوانب، تثير العجب
وتدعو إلى الإعجاب، فهو يحترف الكُدية (التسول)، ويتميز بالفصاحة في اللسان،
والبراعة في الشعر، كما أنه شخصية فكاهية مرحة، يتسم بالذكاء وخفة الظل، محب
للمغامرة وارتياد المجهول.
وموضوعات المقامات -في معظمها- ذات صلة بالناس،
وتتعلق بالحياة اليومية والمشكلات العامة، وتصور أخلاق المعاصرين وأحوال العصر أحسن
تصوير.
وتتميز المقامات بكثرة الشواهد الشعرية، وحسن المواءمة بين الشعر والنثر،
كما تظهر فيها قدرات الهمذاني البيانية العالية، وبراعته الفائقة في استخدام
المحسنات البديعية.

بديع الزمان شاعرًا
لم يكن الهمذاني وحده من بين
أدباء عصره الذي اقتحم ميدان الشعر، فإن كثيرًا من معاصريه مارسوا نظم الشعر حتى
أصبح ذلك تقليدًا متبعًا عند قدامى الكتاب الذين حافظوا على تلك الظاهرة،
وتوارثوها، حتى إننا لنجد أثرًا منها لدى كثير من الكتاب في العصر الحديث، مثل عباس
محمود العقاد، وإبراهيم عبد القادر المازني، ومصطفى صادق الرافعي، وطه
حسين.
ويحتل المديح الجانب الأكبر من ديوان الهمذاني، وتتوزع بقية الأغراض في
الجزء المتبقي من الديوان. ويتفاوت شعره من حيث الجودة، وأجود شعره في أغراض المدح،
فإذا كتب في غيره من الأغراض قل نصيبه من الجودة، وصارت طبيعة الكاتب هي الغالبة
عليه.
ومن شعره الجيد في الحكمة:
يا من يطيل بناءه متوقيًا *** ريب المنون
وصرفه لا تُحْرَجِ
فالموت يفرغ كل قصر شامخٍ *** والموت يفتح كل باب
مرْتَجِ
ومن شعره في الوصف، ويتجلى فيه كلفه بالمحسنات البديعية:
خلع الربيع
على الربى *** وربوعها خزًا وبزّا
أَوَما ترى الأقطار قد *** أخذت من الأمطار
عِزّا

ومن شعره في مدح السلطان محمود بن سبكتكين:

أطلت شمس محمود ***
على أنجم ساحان
وأمسـى آل بهـرام *** عبيدًا لابن خاقان
إذا ما ركـب الفيـل
*** لحرب أو لميدان
رأت عيناك سلطانا *** على منكب شيطان

وتوفي بديع
الزمان الهمذاني في [11 من جمادى الآخرة 398هـ= 23 من فبراير 1008م] عن عمر بلغ
أربعين عامًا، وتذكر الروايات أنه مات بالسكتة، وعُجّل بدفنه فأفاق في قبره، وسمع
صوته بالليل، فنُبش عنه، فوجدوه قابضًا على لحيته، ولكن ابن خلكان يذكر أنه مات
مسمومًا دون أن يشير إلى من دس له السم، أو أن له أعداء .



موسوعة المشاهير - صفحة 2 Signline2010
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:35 am

أحمد القادياني

أخمد
الإنجليز الثورة التي اشتعلت ضدهم في الهند (سنة 1274هـ = 1857م)، وكانت ثورة عارمة
كادت تعصف بالوجود البريطاني كله هناك، وكان المسلمون في الهند وراء إشعال لهيب
الثورة، التي يغذيها روح الجهاد وحب الاستشهاد وفتاوى العلماء بأن الهند دار حرب
وبعد أن أحكم الإنجليز سيطرتهم، وقضوا على الحكم الإسلامي في الهند، عكفت حكومة
الاحتلال على دراسة الأوضاع في شبه القارة الهندية، وإرسال البعثات لجمع المعلومات
وتقصّي الحقائق؛ بحثا عن الأسباب التي أدت إلى اشتعال الثورة بهذه القوة والضراوة،
ووضع الوسائل والآليات التي تمنع حدوثها.
أرسلت الحكومة البريطانية وفدا يضم
مفكرين وزعماء مسيحيين في سنة (1286هـ = 1869م)، فمكث في الهند فترة يدرس الأوضاع،
ويحلل الأسباب وقدم تقريرا إلى الحكومة خلص فيه إلى أن أكثر المسلمين في الهند
يتبعون زعماءهم الدينيين اتباع الأعمى، وقالوا: لو وجدنا شخصا يدّعي أنه نبي لاجتمع
حوله كثير من الناس، ولكن ترغيب شخص كهذا أمر في غاية الصعوبة، فإن حلت هذه
المسألة، فمن الممكن أن ترعى نبوة هذا الشخص بأحسن وجه تحت إشراف الحكومة، والآن-
ونحن مسيطرون على سائر الهند- نحتاج إلى مثل هذا العمل لإثارة الفتن بين الشعب
الهندي وجمهور المسلمين.
وقد درست السلطات البريطانية ما جاء في التقرير وحددت
المواصفات لمن يقوم بهذا الدور، وفضلت أن يكون من بين الأسر التي توالي الإنجليز،
وأن يكون مسلما تتوافر فيه مقومات الزعامة، خطيبا لبقا، يجيد الجدل والمناظرة، ووجد
الإنجليز ضالتهم في "أحمد القادياني".
المولد والنشأة
ولد "أحمد مرتضى بن
عطاء" سنة (1225هـ = 1839م) في قرية قاديان، إحدى قرى منطقة البنجاب التابعة الآن
لباكستان، وإلى هذه القرية نُسب أحمد واشتهر باسم "أحمد القادياني".
نشأ في أسرة
تدين بالولاء للإنجليز وترتبط بصداقات مع طائفة السِّيخ، ألدّ أعداء الإسلام
والمسلمين في الهند، وتعلم تعليما دينيا، فحفظ شيئا من القرآن، وتعلم اللغتين
الفارسية والعربية، ودرس المنطق والحكمة، والأدب، والطب القديم، ولما بلغ أشده عمل
موظفا في محكمة ابتدائية إنجليزية في مدينة "سيالكوت" القريبة من لاهور، ثم استقال
منها بعد أربعة أعوام لمعاونة أبيه في إدارة شؤونه الخاصة، وطوال هذه الفترة لم
يتوقف عن القراءة والمطالعة.
ثم خاض أحمد القادياني غمار الجدل والمناظرات
الدينية التي تحتدم في إقليم البنجاب، الذي كان يموج بالإرساليات التبشيرية التي
تعمل على تنصير المسلمين وتهاجم الإسلام ونبيه، فضلا عن المناظرات بين أصحاب
الأديان المختلفة، وكان المسلمون ينظرون إلى من ينهض للدفاع عن دينهم، ويجيد آليات
الجدل ومقارعة الخصوم- نظرة إجلال وتقدير، وكان هذا هو المدخل الذي نفذ من خلاله
أحمد القادياني، ويبدو أن هذا كان بتدبير الإنجليز الذين كانوا يبحثون عن الشخص
الذي يجعل ما جاء في تقرير لجنتهم موضع التنفيذ.
دعوة القادياني
نجح أحمد
القادياني في جذب الأتباع والأنصار إليه باعتباره واحدا من المدافعين عن الإسلام،
فالتفوا حوله، وأنزلوه في نفوسهم منزلة رفيعة، ولما رأى شهرته تتسع وأتباعه
يتزايدون، أضفى على عمله صفة القداسة، وزعم أنه مأمور من الله تعالى بالدفاع عن
الإسلام، وحماية عقيدته، مستغلا ضعف الثقافة الدينية لدى أتباعه، وبراعته في الجدل
والإقناع، ثم أتبع ذلك بالدعاية لنفسه بأنه قادر على كشف الغيب، والتنبؤ بأحداث
المستقبل، وأنه مستجاب الدعوة.
غير أن هذه الدعاوى لم تصادف قبولا تاما، وأغضبت
علماء المسلمين وأثارتهم ضده، وهو الذي يزعم أنه يعمل لصالح الإسلام، فخشي غضبة
العلماء وثورة الجماهير فعدل عن ذلك، وتراجع عن ادعاءاته، حتى تحين الفرصة
المناسبة، ونسب لنفسه صفة المجدد، مستغلا الحديث المعروف بأن الله يبعث لهذه الأمة
على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها.
وفي هذه الفترة ألّف كتابين يخدم بهما
فكرته، ويهيئ الأذهان للخطوة التالية التي سيقدم عليها؛ حيث جمع في أحدهما آراءه
ومناظراته مع خصوم الإسلام، وحشد في الآخر الأدلة الدامغة على ثبوت المعجزات،
وإمكانية وقوعها، وليس للعقل البشري المحدود أن ينكر وجودها.
أنا عيسى ابن مريم
!!
كان حديثه عن إمكانية حدوث المعجزة التي هي من خصائص الأنبياء التمهيد للخطوة
الأخرى، والتوطئة للدعوة إلى نفسه بأنه المسيح الموعود لهذه الأمة الذي بشرت به
الأحاديث النبوية، فزعم أن له شبهًا بالسيد المسيح، وأضفى على نفسه صفات المسيح
التي جاءت في المرويات، فأعلن في سنة (1309هـ=1891م) في بلدة "لودهيانة" أنه المسيح
الموعود الذي بعثه الله من جديد لتخليص العالم من آلامه وشروره، وأنه الأمل الذي
طال انتظاره، وقد واجه علماء المسلمين في لودهيانة ادعاءات القادياني بالرفض
والتفنيد، وقاد هذه الحملة الصادقة "مولوي محمد حسين" صاحب جريدة "إشاعة السنة"،
ودعا إلى مناظرة القادياني حتى يتبين للناس كذب ما ادعاه، لكن والي المدينة حال دون
وقوعها، فقد كان من أتباع القادياني، وأجبر العلماء على مغادرة لودهيانة.
ثم
انتقل القادياني إلى "دلهي" العاصمة الهندية يدعو لنفسه، ويبشر بمذهبه، فأنكر عليه
العلماء دعواه، وطلبوه للمناظرة، فلم يستجب لهم، واستمر في دعوته، محميا بالإنجليز
الذين أحاطوه برعايتهم، وأسس في سنة (1316هـ = 1898م) مدرسة بقاديان لتعليم أبناء
شيعته مبادئ نحلته، ووضع قانونا لأتباعه يدعوهم فيه ألا يزوجوا بناتهم إلا من كان
على شاكلتهم ويدين بمذهبهم.
ادعاؤه النبوة
انتقل القادياني إلى المرحلة
الثالثة بعد ادعائه الولاية والصلاح، وأنه المسيح الموعود، فأعلن في سنة (1318 هـ =
1900م) النبوة المستقلة، قاطعا شوطا كبيرا، إلى الهدف الذي رسمه الإنجليز في صنع
رجل يخدم مصالحهم في الهند، وكان لهذه الدعوى دويّ كبير، لم يخفف منه ادعاؤه بأنه
نبي يدور في فلك النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وتابِع له، فانصرف عنه كثير من
المخدوعين به، وبقي معه أصحاب المنافع والأهواء.
ولم يمض عام على هذه الدعوى حتى
أعلن أنه نبي مستقل، مثله مثل سائر الأنبياء والمرسلين، قائلا: إنني صادق كموسى
وعيسى وداود ومحمد (صلى الله عليه وسلم)، وقد أنزل الله لتصديقي آيات سماوية تربو
على عشرة آلاف، وقد شهد لي القرآن، وشهد لي الرسول، وقد عيّن الأنبياء زمن بعثتي،
وذلك هو عصرنا هذا.
إلغاؤه فريضة الجهاد
استهدف القادياني من إعلانه النبوة
تحقيق أمل الإنجليز في حياة مستقرة بالهند، دون ثورات وقلاقل، كان يقف وراءها
المسلمون، ولم يكن هناك ما يحقق هذا الغرض سوى الإعلان بأن الجهاد قد أُلغي ونُسخ،
ولما كان القادياني قد أعلن نفسه نبيا، فإنه أصبح في المنزلة التي تسمح له أن يكون
صاحب تشريع يُلزِم به أتباعه.
أعلن القادياني إلغاء الجهاد للحفاظ على الإنجليز
في الهند، فيقول لأتباعه: "اليوم نُسخ الجهاد بالسيف بإذن الله، فمن حمل السيف على
كافر بعد اليوم وسمى نفسه غازيا فقد عصى رسول الله، الذي قال قبل ألف وثلاثمائة
سنة: إن الجهاد بالسيف ينتهي بعد مجيء المسيح الموعود.. فلا جهاد الآن بعد
ظهوري".
ويكتب إلى الحكومة الإنجليزية سنة (1320هـ = 1902م) هذه هي الفرقة
القاديانية التي تسعى ليل نهار لإزالة عادة الجهاد المعربدة من أفكار
المسلمين.
ويؤلف الكتب والرسائل التي تحارب الجهاد، وخاصة إذا كان ضد الإنجليز،
ويقول هو عن ذلك: "لقد ألّفت عشرات من الكتب، فيها أنه لا يحل الجهاد أصلا ضد
الحكومة الإنجليزية التي أحسنت إلينا".
ومن العجيب أن القادياني الذي نسخ الجهاد
وحرمه أوجبه بالاشتراك مع الإنجليز ضد المسلمين، وكأن جهوده كلها كانت مصروفة لصدّ
المسلمين عن محاربة الإنجليز؛ ولذا كان القادياني يجعل طاعة الإنجليز وموالاتهم
شرطا لمن يدخل في دعوته، بل وجعل طاعتهم من طاعة الله، فيقول: إن خروجنا ضد الحكم
الإنجليزي خروج على طاعة الله ورسوله.

نهاية القادياني
ومنذ عام (1320هـ
= 1902م) بدأ القادياني يميز أتباعه بإحصاء عددهم، وتقييد أسمائهم في سجلات خاصة
بهم، والتمييز بينهم وبين المسلمين، وأنشأ في قاديان مسجدا، جعله قبلة للحج لأتباعه
بدلا من الحج إلى مكة، وأقام مدرسة لتخريج الدعاة إلى مذهبه، وأصدر مجلة لنشر
أفكاره، أطلق عليها "الأديان"، وطاف بمدن الهند للدعوة إلى مذهبه ونحلته، وكان
علماء المسلمين يتصدون له في كل مكان ينزل به، ويفندون أفكاره، ويحذرون الناس من
دعوته، إلى أن استقر في لاهور سنة (1326هـ = 1908م)، وهناك كان علماء المسلمين
يجتمعون بعد صلاة العصر في مكان قريب من بيته، يلقون الخطب والمحاضرات يحذرون الناس
من الاغترار بمزاعمه، وبقي القادياني في لاهور إلى أن تُوفي في (23 من ربيع الآخر
1326هـ = 26 من مايو 1908م)، وتم نقل جثته إلى قاديان، حيث دُفن بها.
وبعد موته
تولّى ابنه "بشير الدين محمود أحمد" أمور فرقة القاديانية وتنظيم شؤونها، ويجدر
بالذكر أن مجلس الأمة الباكستاني أصدر قرارا باعتبار القاديانية أقلية غير
مسلم
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:35 am

عمر بن عبد العزيز


تبوَّأ الخليفة عمر بن عبد العزيز مكانة سامقة في تاريخنا
الإسلامي لم ينلها إلا الأفذاذ من القادة والفاتحين، والجهابذة من أئمة العلم،
والعباقرة من الكتاب والشعراء. ويزداد عجبك حين تعلم أنه احتلّ هذه المكانة بسنتين
وبضعة أشهر قضاها خليفة للمسلمين، في حين قضى غيره من الخلفاء والزعماء عشرات
السنين دون أن يلتفت إليهم التاريخ؛ لأن سنوات حكمهم كانت فراغًا في تاريخ أمتهم،
فلم يستشعر الناس تحولا في حياتهم، ولا نهوضًا في دولتهم، ولا تحسنا في معيشتهم،
ولا إحساسًا بالأمن يعمّ بلادهم.
وهذا يجعلك تؤمن بأن القادة والزعماء يدخلون
التاريخ بأعمالهم التي تغير تاريخ أمتهم لا بالسنوات التي عاشوها يحكمون؛ فالخليفة
العباسي الناصر لدين الله قضى ستًا وأربعين سنة في منصب الخلافة (575هـ- 622هـ=
1179-1225م)، ومضى دون أن يحفر لنفسه مكانًا في تاريخ أمته، في الوقت الذي قضى فيه
"سيف الدين قطز" سلطانًا في مصر نحو عام، نجح أثناءه في إلحاق أكبر هزيمة بالمغول
في "عين جالوت"، وإعادة الثقة في نفوس المسلمين، ثم قضى نحبه على أيدي شركائه في
النصر، بعد أن جذب الانتباه إليه، ونظر إليه الجميع بكل إعجاب وتقدير، وكان دوره
التاريخي -على قِصَر فترته الزمنية- كبيرًا وباقيًا.
وكان عمر بن عبد العزيز
واحدًا ممن دخلوا التاريخ بأعماله العظيمة وإدارته العادلة للدولة، حتى تجدد الأمل
في النفوس أنه بالإمكان عودة حكم الخلفاء الراشدين واقعًا ملموسًا لا قصصًا تُروى
ولا أماني تُطلب ولا خيالاً يُتصوَّر، بل حقيقة يشهدها الناس، وينعمون
بخيرها.
واحتاج عمر بن عبد العزيز لإحداث هذا التغيير في حياة الأمة إلى ثلاثين
شهرًا، لا إلى سنوات طويلة، ولهذا دلالته ؛ حيث إن الأمة كانت حية نابضة بالإيمان،
مليئة بالرجال الذين يجمعون -إلى جانب الصلاح- القدرة والكفاءة، ولو كانت الأمة
مُجدبة من أمثال هؤلاء لما استطاع عمر أن يقوم بهذا الإصلاح العظيم في هذه الفترة
القصيرة، وسنحاول في هذا العدد رصد التغيير الذي أحدثه عمر بن عبد العزيز في حياة
أمته.

المولد والنشأة
في المدينة المنورة وُلد لعبد العزيز بن مروان بن
الحكم ولد سمّاه "عمر"، على اسم جدِّه "عمر بن الخطاب"، فأُمُّ عمر بن عبد العزيز
هي "أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب". ولا يُعرف على وجه اليقين سنة مولده؛
فالمؤرخون يتأرجحون بين أعوام 59 هـ، 61هـ، 62هـ، وإن كان يميل بعضهم إلى سنة 62هـ،
وأيًا كان الأمر، فقد وُلد عمر بن عبد العزيز في المدينة، وبها نشأ على رغبة من
أبيه الذي تولى إمارة مصر بعد فترة قليلة من مولد ابنه، وظلّ واليًا على مصر عشرين
سنة حتى توفي بها (65هـ- 85هـ= 685-704م).

وفي المدينة شبّ الفتى النابهُ
بين أخواله من أبناء وأحفاد الفاروق "عمر"، واختلف إلى حلقات علماء المدينة، ونهل
من علمهم، وتأدَّب بأدبهم، وكانت المدينة حاضرة العلم ومأوى أئمته من التابعين،
ومَن طال عمره من الصحابة؛ فروى عن أنس بن مالك، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب،
وسهل بن سعد، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، والقاسم
بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسالم بن عبد الله بن عمر.
ثم انتقل عمر بن عبد
العزيز من مرحلة التلقي والسماع إلى التحديث والرواية بعد أن رسخت قدمه في العلم،
وتتلمذ على أئمة الحديث والفقه. وكان ممن روى عن عمر بن عبد العزيز من التابعين:
أبو بكر بن حزم، ورجاء بن حيوة، والزهري، وأيوب السختياني وغيرهم.
وبعد مرحلة
طلب العلم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى دمشق حاضرة دولته، وزوّجه
ابنته فاطمة، ثم عيّنه واليًا على إمارة صغيرة من أعمال حلب، وظل واليًا عليها حتى
تُوفي عبد الملك بن مروان سنة (86هـ=705م).

والي المدينة
ولما تولى
الوليد بن عبد الملك الخلافة بعد أبيه سنة (86هـ=705م) عيّن ابن عمه عمر بن عبد
العزيز واليًا على المدينة خلفًا لواليها السابق هشام بن إسماعيل المخزومي، وكان
هشام قد أساء السيرة في أهلها؛ فرغبوا عنه، ولم يرضوه حاكمًا عليهم، وقد استقبل أهل
المدينة الوالي الجديد استقبالا حسنًا؛ فهم يعرفون خلقه وفضله منذ أن نشأ بينهم،
وأحسنوا الظن فيه؛ فلم يخيب آمالهم، وبادر إلى العمل الجاد، واختيار معاونيه من
خيرة الرجال، وأفضلهم قدرة وكفاءة، وكان من بينهم شيوخه: عروة بن الزبير، والقاسم
بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، فجمعهم، وأخبرهم بسياسته وطريقته في الحكم،
وقال لهم: "إني دعوتكم لأمر تؤجرون فيه، ونكون فيه أعوانًا على الحق. ما أريد أن
أقطع أمرًا إلا برأيكم أو برأي مَن حضر منكم؛ فإن رأيتم أحدًا يتعدَّى، أو بلغكم عن
عامل ظُلامة، فأُحِّرج بالله على من بلغه ذلك إلا أبلغني".
وفي فترة ولايته
نعمتْ المدينة بالهدوء والاستقرار، وشعر الناس بالأمن والعدل، وقام بتجديد المسجد
النبوي وتحسين عمارته، ثم عزله الخليفة الوليد عن ولايته سنة (93هـ= 711م) بعد أن
ظلّ على المدينة ست سنوات، ولم يكن عزله عن تقصير وإهمال أو تقاعس عن مباشرة أحوال
الناس المدينة، ولكن عُزل بسبب وشاية استجاب لها الوليد، فأخرجه من منصبه، فعاد عمر
إلى الشام، ولم يتولَّ منصبًا.
وظل عمر بن عبد العزيز حتى وفاة الوليد بن عبد
الملك سنة (96هـ= 714م) في الشام، فلما تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة من بعده
أبقى على عمر، ولم يُولِّهِ منصبًا، وجعله في بلاطه مستشارًا وناصحًا، ومعاونًا له
وظهيرًا؛ فلما حضرته الوفاة أُوصى له بالخلافة من بعده؛ لما رأى فيه من القدرة
والكفاءة، والتقوى والصلاح، والميل إلى الحق والعدل؛ فتولاها في سنة (101هـ=
719م)
في منصب الخلافة
اجتمع لعمر بن عبد العزيز من الصفات والمواهب ما جعله
خليفة قديرًا نادر المثال، ينهض بمسئوليته على خير وجه، وشاء الله أن يعتليَ منصب
الخلافة والدولة في أوج قدرتها وعظمتها، بعد أن مرّت بفترات عاصفة، وأوقات حَرِجة،
وفتن مظلمة، وثورات مدمرة، لكن الدولة تجاوزت تلك المخاطر، وفرضت هيبتها وسلطانها؛
فعاد الأمن والاستقرار، واستؤنف الفتح الإسلامي، وضمت الدولة إلى أراضيها بقاعا
شاسعة في الشرق والغرب، وحسبك أن تعلم أن عمر بن عبد العزيز ولي منصبه وجيوش مسلمة
بن عبد الملك تحاصر القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية؛ فكان استقرار الدولة من
أسباب ظهور أثر إصلاحات عمر، وسياسته الحكيمة، وإدارته العادلة.
وكان عمر
إداريًا عظيمًا، إلى جانب صلاحه وتقواه، وزهده وورعه، وهو ما امتلأت به كتب
السِّيَر والتراجم حتى كادت تطغى هذه الأخبار على ملامح شخصيته الثرية بجوانبها
الأخرى.
سياسته الداخلية
وقبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخلافة تمرّس
بالإدارة واليًا وحاكمًا، واقترب من صانعي القرار، ورأى عن كثب كيف تُدار الدولة،
وخبر الأعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخلافة كان لديه من عناصر الخبرة والتجربة ما
يعينه على تحمل المسؤولية ومباشرة مهام الدولة، وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة
الحكم ومباهج السلطة، وحرص على المال العام، وحافظ على الجهد والوقت، ودقَّق في
اختيار الولاة، وكانت لديه رغبة صادقة في تطبيق العدل.
وخلاصة القول أن عمر بن
عبد العزيز لم يكن رجل زهد وولاية وجد نفسه فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة استشعر
الأمانة، وراقب الله فيما أُوكل إليه، وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بجدٍّ واجتهاد؛
فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
وكان يختار ولاته بعد تدقيق
شديد، ومعرفة كاملة بأخلاقهم وقدراتهم؛ فلا يلي عنده منصبًا إلا من رجحت كفته كفاءة
وعلمًا وإيمانًا، وحسبك أن تستعرض أسماء من اختارهم لولاياته؛ فتجد فيهم العالم
الفقيه، والسياسي البارع، والقائد الفاتح، من أمثال أبي بكر بن محمد بن عمرو بن
حزم، أمير المدينة وقاضيها، والجراح بن عبد الله الحكيمي، أمير البصرة، وكان قائدًا
فاتحًا، وإداريًا عظيمًا، وعابدًا قائدًا، والسمح بن مالك أمير الأندلس، وكان
قائدًا فذًا، استُشهد على أرض الأندلس، وكان باقي ولاته على هذه الدرجة من القدرة
والكفاءة.
وكان عمر لا يكتفي بحسن الاختيار بعد دراسة وتجربة، بل كان يتابع
ويراقب، لكن مراقبته لم تكن مراقبة المتهم، بل كان يراقب تطبيق السياسة العامة التي
وضعها للدولة.
وإذا كان قد أخذ نفسه بالشدة والحياة الخشنة، فإنه لم يلزم بها
ولاته، بل وسّع عليهم في العطاء، وفرض لهم رواتب جيدة تحميهم من الانشغال بطلب
الرزق، وتصرفهم عن الانشغال بأحوال المسلمين، كما منعهم من الاشتغال بالتجارة،
وأعطى لهم الحرية في إدارة شئون ولاتهم؛ فلا يشاورونه إلا في الأمور العظيمة، وكان
يظهر ضيقه من الولاة إذا استوضحوه في الأمور الصغيرة.. كتب إليه أحد ولاته يستوضح
منه أمرًا لا يحتاج إلى قرار من الخليفة، فضاق منه عمر، وكتب إليه: "أما بعد، فأراك
لو أرسلتُ إليك أن اذبح شاة، ووزِّع لحمها على الفقراء، لأرسلت إلي تسألني: كبيرة
أم صغيرة؟ فإن أجبتك أرسلت تسأل: بيضاء أم سوداء؟ إذا أرسلت إليك بأمر، فتبيَّن وجه
الحق منه، ثم أمْضِه".
سياسته المالية
عرف عمر بن عبد العزيز قيمة مال
الدولة؛ فلم ينفقه إلا فيما فيه نفع الأمة، وكان يكره التصرف في المال العام بلا
ضابط أو رقيب، وكأنه مال خاص للخليفة أو الوالي ينفقه كيفما شاء، ويعطيه لمن شاء؛
ولذا كان يحترز في إنفاق مال الدولة؛ لأنه أمانة يجب صيانتها، ولكل فرد في الأمة حق
فيها يجب حفظه، وأعطى عمر من نفسه القدوة والمثال في حفظ مال الدولة، فتبعه ولاته،
وانتهجوا طريقته.
وكان من نتائج هذه السياسة أن تدفقت الأموال إلى خزينة بيت
المال من موارد الدولة المتنوعة التي حافظ الولاة عليها، ورَعَوْهَا حقَّ رعايتها،
وكانت كفيلة بأن تقوم بكل مسؤوليات الدولة تجاه أفرادها، وتحسين حياتهم إلى الحد
الذي جعله يكتب إلى أحد ولاته: "أن اقضوا عن الغارمين"؛ أي أدوا عنهم دَيْنَهم،
فكتب إليه: "إنا نجد الرجل له المسكن والخادم والفرس والأثاث"، فكتب إليه عمر: "إنه
لا بد للمرء المسلم من سكن يسكنه، وخادم يعينه، وفرس يجاهد عليه.. اقضوا عنه فإنه
غارم".
وبلغ من حرصه على الرفق برعيته، واحترامه لحقوق الإنسان أن جعل لكل أعمى
قائدا يقوده ويخدمه، ولكل مريضين مرضًا شديدًا خادما لهما، ولكل خمسة أيتام أو من
لا عائل لهم خادما يخدمهم، ويقوم على شؤونهم.
وفاضَ المال في بيت المال بفضل
سياسته الحكيمة وعدله الناصع؛ فمكنه من فرض الرواتب للعلماء وطلاب العلم والمؤذنين،
وفكّ رقاب الأسرى، وعالَ أسرَهُم في أثناء غيابهم، وقدم الأعطيات للسجناء مع الطعام
والشراب، وحمّل بيت المال تكاليف زواج مَن لا يملك نفقاته.
لقد قام بيت المال
بكل ما يحتاجه المسلمون حتى إن المنادي لينادي في كل يوم: أين الغارمون؟ أين
الناكحون؟ أين المساكين؟ أين اليتامى؟… لقد اغتنى كل هؤلاء فلم تعد لهم حاجة إلى
المال.
ويُذكر لعمر بن عبد العزيز أنه أسقط الجزية عن أبناء البلاد المفتوحة
الذين دخلوا في الإسلام، وكان بعض عمال بني أمية لما أعوزهم المال بسبب الحروب
واشتعال الثورات، أبقوا الجزية على هؤلاء، وأطلق عمر صيحته المشهورة رفضًا لهذا
الإجراء: "إن الله بعث محمدًا هاديًا، ولم يبعثه جابيًا".
تدوين السنة
وكان
لعمر بن عبد العزيز جانب مشرق في حياته المضيئة كلها، يكاد يخفي أهمية أعماله
الأخرى، وإصلاحاته الكبرى، وعدله، ومناقبه التي امتلأت بها كتب التراجم والسير؛
فالمعروف أن الدولة الإسلامية تبنَّت تدوين السنة رسميًا في عهد عمر بن عبد العزيز
بأمر منه، وكانت هذه خطوة بالغة الأهمية في عملية التدوين وظهور المصنفات الكبرى في
الحديث وتنوع مناهجها، حتى بلغ بها الإمام البخاري قمة النضج في التصنيف والتبويب،
وإذا كانت أعمال عمر الأخرى قد احتفظت بها كتب التاريخ آثارًا تروى، فإن قراره
بتدوين السنة لا يزال أثره باقيًا حتى اليوم ينتفع به المسلمون ممثلا في كتب السنة
النبوية.
وبدأ عمر الخطوة الأولى في تدوين السنة بكتابته إلى الأمصار يأمر
العلماء بجمع الأحاديث وتدوينها، وكان فيما كتبه لأهل المدينة: "انظروا حديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم فاكتبوه؛ فإني خفت دُرُوس العلم، وذهاب أهله"، وكتب إلى
أمير المدينة المنورة أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: "اكتب إليَّ بما ثبت عندك من
الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبحديث عمرة، فإني خشيت دُرُوس العلم
وذهاب أهله".
كما أمر ابن شهاب الزهري وغيره بجمع السنن فكتبوها له، وكان ابن
شهاب أحد الحفاظ الذين شاركوا في جمع الحديث، ويقول في ذلك: "أمرنا عمر بن عبد
العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفترًا دفترًا، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان
دفترًا".
السياسة الخارجية
حين تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة كانت الدولة
الأموية قد بلغت أقصى اتساع لها في الشرق والغرب، وجيوشها على الحدود تقوم بالفتح،
وتضيف للدولة بقاعًا جديدة، وليس ثَم شك في أن تبليغ كلمة الإسلام إلى أنحاء الأرض
كلها أمر محمود، وهذه الفتوحات كانت من مآثر الدولة الأموية التي لا تنكر، غير أن
الخليفة كان له رأي آخر يقوم على تقديم الأولويات وإعادة تنظيم الدولة من الداخل،
والاهتمام بالإنسان ومراعاة حقوقه، والحرص على دمائه؛ لذا أولى الشئون الداخلية
عنايته؛ لأنها كانت في حاجة لإصلاح ومزيد من التحسين، واهتم بنشر الإسلام في البلاد
التي فُتحت أكثر من الاهتمام بالفتح نفسه، وعُني بإرسال الدعاة والعلماء أكثر من
عنايته بإرسال الجيوش والحملات، غير أن هذا لا يعني أنه أوقف حركة الفتوحات بل يعني
أنه رشدها، وبدلا من إنفاق الأموال الطائلة على تجهيزها وإعدادها وجّه هذه الأموال
إلى العناية بالإنسان، وهذا يفسر أمره برجوع جيش مسلمة بن عبد الملك الذي كان يحاصر
القسطنطينية، ولم يوفَّق في فتحها، واشتد بالمسلمين الحال، وضاق بهم العيش؛ فأشفق
على الجيش المنهك، وأمره بالعودة حتى يستعيد قواه وعافيته، هذا في الوقت الذي كان
واليه على الأندلس "السمح بن مالك" يقوم بفتوحات في الأندلس، وأنهى حياته شهيدًا في
إحدى غزواته، فضلاً عن أن حياة عمر القصيرة في الخلافة، وانشغاله بالإصلاح الداخلي
لم تتح له أن يقوم بحركة واسعة للفتوحات.
وفاته
كانت خلافة عمر كالنسيم
العاطر، تنسم المسلمون هواءه الطيب ورائحته الزكية، وسرعان ما انقطع الهواء العليل،
وعادت الحياة إلى ما كانت عليه قبل ولايته، غير أن أهم ما قدمه عمر هو أنه جدّد
الأمل في النفوس أن بالإمكان عودة حكم الراشدين، وأن تمتلئ الأرض عدلاً وأمنًا
وسماحة، وأنه يمكن أن يُقوم المعوَّج، وينصلح الفاسد، ويرد المنحرف إلى جادة
الصواب، وأن تهب نسائم العدل واحترام الإنسان، إذا استشعر الحاكم مسئوليته أمام
الله، وأنه مؤتمن فيما يعول ويحكم، واستعان بأهل الصلاح من ذوي الكفاءة
والمقدرة.
ولم تطل حياة هذا الخليفة العظيم الذي أُطلق عليه "خامس الخلفاء
الراشدين"، فتوفي وهو دون الأربعين من عمره، قضى منها سنتين وبضعة أشهر في منصب
الخلافة، ولقي ربه في (24 رجب 101هـ=6 من فبراير720م).



موسوعة المشاهير - صفحة 2 Signline2010
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:39 am


عبد الله المأمون


ولد عبد الله المأمون في [15 من ربيع الأول 170 هـ= 6 من
سبتمبر 786م]، في اليوم الذي استُخلف فيه الرشيد، وقد سماه المأمون تيمنًا بذلك،
وكانت أمه "مراجل" جارية فارسية، وما لبث أن توفيت بعد أيام من
ولادته متأثرة بحمى النفاس.
وبالرغم من أن المأمون كان هو الابن الأكبر للخليفة
هارون الرشيد، ومع كل ما كان يتميز به المأمون من نجابة وذكاء وعلو همة، وما حظي به
من ثقة أبيه فيه.. فإن الرشيد آثر أن يجعل البيعة بولاية العهد للأمين، وقد كان
لزبيدة أم الأمين الدور الأكبر في ذلك؛ فقد كان لها من المكانة لدى الرشيد ما لم
يكن لأم المأمون، فاستغلت حظوتها لديه ومنزلة أخوال ولدها الأمين ومكانتهم لدى
زوجها الرشيد في حثه على إعلان ولاية العهد لابنها الأمين وهو لم يتجاوز الخامسة من
عمره سنة [175 هـ = 791هـ]، ولكن الرشيد عاد فأشرك المأمون مع أخيه في ولاية العهد
سنة [183 هـ = 799م].
أراد الرشيد بذلك أن تستقر الأمور بين الأخوين من بعده،
فلا يثور الخلاف بينهما ولا يحدث ما كان يحدث عادة من صراع حول الحكم بعد كل خليفة،
فاستوثق لكل منهما من أخيه سنة (186 هـ = 802م) وأشهد على ذلك كبار رجال
دولته.

الطريق إلى العرش
توفي الخليفة هارون الرشيد وتولّى الأمين
الخلافة من بعده، وبدأ الخلاف يدب بين الأخوين، خاصة بعد تراجع الأمين عما قطعه
لأبيه من عهود ومواثيق، حيث جعل ابنه موسى وليًا للعهد بدلاً من أخويه المأمون
و"المؤتمن"، كما رفض أن يردَّ إلى أخيه المأمون مائة ألف دينار
كان والده قد أوصى بها إليه، وسرعان ما تطور الخلاف بين الأخوين إلى صراع وقتال،
ودارت حرب عنيفة بين الجانبين، وقامت جيوش المأمون بمحاصرة بغداد وانتهى الأمر
بمقتل الأمين عام (198هـ = 813م)، وتولى المأمون على إثر ذلك الخلافة من بعده في
[25 من المحرم 198هـ= 25من سبتمبر 813م].
القضاء على الفتن والثورات
سعى
المأمون منذ الوهلة الأولى للعمل على استقرار البلاد، والقضاء على الفتن والثورات،
فتصدى بحزم وقوة لثورات الشيعة، وواجه بحسم وعنف حركات التمرد ومحاولات الخروج على
سلطة الخلافة، فقد قضى على حركة "ابن طباطبا العلوي" سنة [199هـ
= 814م]، وثورة "الحسن بن الحسين" في الحجاز، و"عبد
الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب" في اليمن
سنة [207هـ = 822م].
وفي مقابل ذلك فإنه أقدم على خطوة جريئة، وأمر لم يسبقه
إليه أحد من الخلفاء، فقد اختار أحد أبناء البيت العلوي وهو "علي بن موسى
الرضا" ليكون وليًا للعهد من بعده، وقد أثار هذا الأمر غضب واستياء
العباسيين؛ مما دفعهم إلى مبايعة "إبراهيم بن المهدي" –عم
المأمون– بالخلافة سنة [202هـ =817م].
لما علم المأمون بذلك جهز جيشًا كبيرًا،
وسار على رأسه من خراسان قاصدًا بغداد، فهرب إبراهيم بن المهدي من بغداد. وفي ذلك
الوقت توفي علي بن موسى، فكان لذلك أكبر الأثر في تهدئة الموقف، فلما دخل المأمون
بغداد عفا عن عمه.

نهضة علمية
شهد عصر المأمون نهضة حضارية كبيرة، فقد
كان المأمون محبًا للعلم والأدب وكان شاعرًا وعالمًا وأديبًا، يحب الشعر ويجالس
الشعراء ويشجعهم، وكان يعجب بالبلاغة والأدب، كما كان للفقه نصيب كبير من اهتمامه،
وكان العلماء والأدباء والفقهاء لا يفارقونه في حضر أو سفر، وقد أدى تشجيعه للشعراء
في أيامه إلى إعطاء الشعر دفعة قوية، وكان تشجيعه للعلوم والفنون والآداب والفلسفة
ذا أثر عظيم في رقيها وتقدمها، وانبعاث حركة أدبية وعلمية زاهرة، ونهضة فكرية عظيمة
امتدت أصداؤها من بغداد حاضرة العالم الإسلامي ومركز الخلافة العباسية إلى جميع
أرجاء المعمورة، فقد استطاع المأمون أن يشيد صرحًا حضاريًا عظيمًا، وأن يعطي للعلم
دفعة قوية ظلت آثارها واضحة لقرون عديدة.
لقد أرسل المأمون البعوث إلى
"القسطنطينية" و"الإسكندرية"
و"إنطاكية" وغيرها من المدن للبحث عن مؤلفات علماء اليونان،
وأجرى الأرزاق على طائفة من المترجمين لنقل هذه الكتب إلى اللغة العربية، وأنشأ
مجمعًا علميًا في بغداد، ومرصدين أحدهما في بغداد والآخر في
"تدمر"، وأمر الفلكيين برصد حركات الكواكب، كما أمر برسم خريطة
جغرافية كبيرة للعالم.
حركة الترجمة
وكان لتشجيعه حركة الترجمة أكبر الأثر في
ازدهارها في عهده، فظهر عدد كبير من العلماء ممن قاموا بدور مهم في نقل العلوم
والفنون والآداب والفلسفة إلى العربية، والإفادة منها وتطويرها، ومن
هؤلاء:
"حنين بن إسحاق" الطبيب البارع الذي ألف العديد من
المؤلفات الطبية، كما ترجم عددًا من كتب أرسطو وأفلاطون إلى
العربية.
و"يحيى بن ماسويه" الذي كان يشرف على "بيت
الحكمة" في بغداد وكان يؤلف بالسريانية والعربية، كما كان متمكنًا من
اليونانية، وله كتاب طبي عن الحميات اشتهر زمنًا طويلاً، ثم ترجم بعد ذلك إلى
العبرية واللاتينية.
و"ميخائيل بن ماسويه" وكان طبيب المأمون
الخاص، وكان يثق بعلمه فلا يشرب دواءً إلا من تركيبه.

المأمون
والروم
ولعل من أبرز الأسباب التي أدت إلى ظهور تلك النهضة الحضارية والعلمية في
عصر المأمون ذلك الهدوء الذي ساد الأجواء بين الخلافة العباسية والروم، والذي استمر
لأكثر من عشرة أعوام.
ولكن ما لبث أن تبدد ذلك الهدوء حينما بدأ المأمون حملاته
ضد الروم عام [215هـ = 830م] ففتح عددًا من الحصون القريبة من حدود دولته، مثل حصن
"قرة" و حصن "ماجدة" و حصن
"سندس" وحصن "سنان" ثم عاد إلى الشام، ولكن
الروم أغاروا على "طرسوس" وقتلوا نحو ألف وستمائة من أهلها، فعاد
إليهم المأمون مرة أخرى، واستطاع أخوه "المعتصم" أن يفتح نحو
ثلاثين حصنًا من حصون الروم.
وفي العام التالي أغار عليهم المأمون مرة أخرى، حتى
طلب منه "تيوفيل" – ملك الروم- الصلح، وعرض دفع الفدية مقابل
السلام.
ولم يمر وقت طويل حتى توفي المأمون في "البندون"
قريبًا من طرسوس في [18 من رجب 218هـ= 10من أغسطس 833م] عن عمر بلغ ثمانية وأربعين
عامًا، قضى منها في الخلافة عشرين عامًا.

موسوعة المشاهير - صفحة 2 Signline2010
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:41 am


الشــــــــــــــــــافعــــــــــــــــي


شهد القرن الثاني الهجري ظهور مدرستين
أساسيتين في الفقه الإسلامي، هما: مدرسة الرأي، ومدرسة الحديث، نشأت المدرسة الأولى
في العراق، وهي امتداد لفقه عبد الله بن مسعود الذي أقام هناك، وحمل أصحابه علمه
وقاموا بنشره، وكان ابن مسعود متأثرًا بمنهج عمر بن الخطاب في الأخذ بالرأي، والبحث
في علل الأحكام حين لا يوجد نص من كتاب الله أو سنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)،
ومن أشهر تلامذة ابن مسعود الذين أخذوا عنه: علقمة بن قيس النخعي، والأسود بن يزيد
النخعي، ومسروق بن الأجدع الهمذاني، وشريح القاضي، وهؤلاء كانوا من أبرز فقهاء
القرن الأول الهجري.
ثم تزعم مدرسة الرأي بعدهم إبراهيم بن يزيد النخعي فقيه
العراق بلا منازع، وعلى يديه تتلمذ حماد بن سليمان، وخلفه في درسه، وكان إمامًا
مجتهدًا، كانت له بالكوفة حلقة عظيمة يؤمها طلاب العلم، وكان من بينهم أبو حنيفة
النعمان الذي فاق أقرانه، وانتهت إليه رئاسة الفقه، وتقلد زعامة مدرسة الرأي من بعد
شيخه، والتف حوله الراغبون في تعلم الفقه، وبرز منهم تلاميذ بررة، على رأسهم أبو
يوسف القاضي، ومحمد بن الحسن، وزفر، والحسن بن زياد وغيرهم، وعلى يد هؤلاء تبلورت
طريقة مدرسة الرأي واستقر أمرها ووضح منهجها.
وأما مدرسة الحديث، فقد نشأت
بالحجاز، وهي امتداد لمدرسة عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعائشة وغيرهم من
فقهاء الصحابة الذين أقاموا بمكة والمدينة، وكان يمثلها عدد كبير من كبار الأئمة،
منهم سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وابن شهاب الزهري، والليث
بن سعد، ومالك بن أنس. وتمتاز تلك المدرسة بالوقوف عند نصوص الكتاب والسنة، فإن لم
تجد التمست آثار الصحابة، ولم تلجئهم مستجدات الحوادث التي كانت قليلة في الحجاز
إلى التوسع في الاستنباط بخلاف ما كان عليه الحال في العراق.
وجاء الشافعي
والجدل مشتعل بين المدرسين فأخذ موقفًا وسطا، وحسم الجدل الفقهي القائم بينهما بما
تيسر له من الجمع بين المدرستين، بعد أن تلقى العلم وتتلمذ على كبار أعلامهما مثل
مالك بن أنس من مدرسة الحديث، ومحمد بن الحسن الشيباني من مدرسة الرأي.
المولد
والنشأة
في مدينة غزة كان مولد أبي عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان
بن شافع في سنة (150 هـ=767م)، وتشاء الأقدار أن تكون هي السنة التي توفي فيها
الإمام أبو حنيفة النعمان. ويلتقي الشافعي في النسب مع رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) في عبد مناف.
نشأ الشافعي يتيما، وانتقلت به أمه إلى مكة وهو ابن سنتين
حتى ينشأ على ما ينشأ عليه أقرانه من قبيلته قريش، وكانت مكة تموج بالفقهاء
والمحدثين، وبعد أن حفظ القرآن -ولم يكن قد تجاوز سبع سنين- بدأ في التردد على
حلقات العلم، ورزقه الله شغفًا بالعلم وحبًا في طلبه، فكان يلزم حلقات العلم ويحفظ
الحديث، ويتردد على البادية حتى يفصح لسانه ويستقيم نطقه، ولزم في سبيل ذلك قبيلة
"هذيل" وكانت أفصح العرب، ولقد كان لهذه الملازمة أثر في فصاحته وبلاغة ما يكتب،
وقد لفتت هذه البراعة أنظار معاصريه من العلماء بعد أن شب وكبر، حتى إن الأصمعي وهو
من أئمة اللغة المعدودين يقول: "صححت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن
إدريس". وبلغ من اجتهاده في طلب العلم أن أجازه شيخه مسلم بن خالد الزنجي بالفتيا
وهو لا يزال صغير الإهاب.
الرحلة في طلب العلم
كان الإمام مالك قد طبقت شهرته
الآفاق، وتناقل الناس كتابه الموطأ، وسمت همة الفتى الصغير إلى الذهاب إليه في
المدينة حيث يقيم، لكنه لم يرد أن يذهب دون أن يحفظ كتاب الموطأ، فلما جلس الشافعي
بين يدي مالك، وقرأ عليه الموطأ أعجب الإمام مالك بقراءته وفصاحته، وكان عمر
الشافعي ثلاث عشرة سنة تقريبًا، ومنذ ذلك الوقت لازم الإمام الشافعي الإمام مالكا
حتى توفي سنة (179هـ=795م)، أي أنه لازمه ست عشرة سنة، وفي الوقت نفسه أخذ عن
إبراهيم بن سعد الأنصاري، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، ومحمد بن سعيد بن أبي
فديك وغيرهم.
ولما توفي مالك عمل الشافعي واليا على "نجران"، وسار فيهم بالعدل،
غير أن ذلك لم يجد هوى عند بعض الناس، فوشوا به إلى الخليفة هارون الرشيد، فأرسل في
استدعائه سنة (184هـ= 800م)، لكنه لما حضر بين يدي الخليفة أحسن الدفاع عن نفسه
بلسان عربي مبين، وبحجة ناصعة قوية؛ فأعجب به الخليفة، وأطلق سراحه، ووصله بعطية
قدرها خمسون ألفًا، أنفقها الشافعي وفرّقها على حجّاب أمير المؤمنين وخدّامه قبل أن
يخرج من باب القصر.
وظل الشافعي في بغداد عاصمة دار الخلافة، واتصل بمحمد بن
الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة ولازمه ملازمة لصيقة، وقرأ كتبه وتلقاها عليه،
وبذلك اجتمع له فقه الحجاز وفقه العراق، وعلم أهل الحديث وعلم أهل الرأي، ثم عاد
إلى مكة ليعقد فيها أول مجالسه العلمية في الحرم المكي، والتقى به كبار العلماء في
موسم الحج، واستمعوا إليه، وفي أثناء هذه الفترة التقى به الإمام أحمد بن حنبل
وتتلمذ عليه، وبدأت تظهر شخصية الشافعي ومنهجه الجديد في الفقه الذي هو مزيج من فقه
أهل العراق وأهل المدينة، أنضجه عقل متوهج، عالم بالقرآن والسنة، بصير بالعربية
وآدابها، خبير بأحوال الناس وقضاياهم، قوي الرأي والقياس.
الرحلة إلى
بغداد
بعد أن أقام الشافعي في مكة نحوا من تسع سنوات استقام خلالها منهجه،
واستوت طريقته، ورسخت قدمه، وزادت نفسه ثقة فيما ذهب إليه -رحل إلى بغداد سنة
(195هـ= 810م) ومكث الشافعي هناك سنتين، نشر بها مذهبه القديم، وألف كتابه
"الرسالة" الذي وضع به الأساس لعلم أصول الفقه، والتف حوله العلماء ينهلون من علمه،
ويتأثرون بطريقته الجديدة التي استنها، ولازمه أربعة من كبار أصحابه، هم: أحمد بن
حنبل، وأبو ثور، والزعفراني، والكرابيسي.
ثم رجع الإمام الشافعي إلى مكة وأقام
بها فترة قصيرة، غادرها بعدها إلى بغداد للمرة الثالثة والأخيرة سنة (198هـ=813م)،
لكنه لم يقم بها طويلا بعد أن صار له أتباع ومريدون ينشرون طريقته، فغادر بغداد إلى
مصر، وكانت منقسمة قسمين: فرقة مالت إلى مالك وناضلت عنه، وفرقة أخرى مالت إلى قول
أبي حنيفة وانتصرت له، بالإضافة إلى تلاميذ الإمام المجتهد الليث بن سعد الذي وصفه
الشافعي بأنه أفقه من مالك، لكنه لم يلتق به ويتتلمذ على يديه، لضيق حاله إبّان
الطلب، فعجز عن إعداد ما يلزمه في الرحلة إليه في مصر، وكان كثيرًا ما يبدي أسفه
على فوات فرصة لقاء الليث.
الإقامة بمصر
قدم الشافعي مصر سنة (119هـ=814م)
تسبقه شهرته وتقدير العلماء له وإجلالهم لمنزلته، وكان في صحبته من تلاميذه الربيع
بن سليمان المرادي، وعبد الله بن الزبير الحميدي، ثم بدأ في إلقاء دروسه بجامع عمرو
بن العاص، فمال إليه الناس، وجذبت فصاحته وعلمه كثيرًا من أتباع الإمامين أبي حنيفة
ومالك.
وفي مصر وضع الشافعي مذهبه الجديد، وهو الأحكام والفتاوى التي استنبطها
بمصر وخالف في بعضها فقهه الذي وضعه ببلاد العراق، وصنف كتبه الخالدة التي رواها
عنه تلاميذه.
أصول مذهبه
دوّن الشافعي الأصول التي اعتمد عليها في فقهه،
والقواعد التي التزمها في اجتهاده في رسالته الأصولية الشهيرة "الرسالة"، وطبق هذه
الأصول في فقهه، فكانت أصولا عملية لا نظرية، ويظهر هذا واضحًا في كتابه "الأم"
الذي يذكر فيه الشافعي الحكم مع دليله، ثم يبين وجه الاستدلال بالدليل وقواعد
الاجتهاد وأصول الاستنباط التي اتبعت في استنباطه؛ فهو يرجع أولاً إلى القرآن وما
ظهر له منه، إلا إذا قام دليل على وجوب صرفه عن ظاهره، ثم إلى سنة رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) حتى خبر الواحد، الذي ينفرد راو واحد بروايته، وهو ثقة في دينه،
معروف بالصدق، مشهور بالضبط.
وهو يعد السنة مع القرآن في منزلة واحدة، فلا يمكن
النظر في القرآن دون النظر في السنة التي تشرحه وتبينه، فالقرآن يأتي بالأحكام
العامة والقواعد الكلية، والسنة هي التي تفسر ذلك؛ فهي التي تخصص عموم القرآن أو
تقيد مطلقه، أو تبين مجمله.
ولم يشترط الشافعي في الاحتجاج بالسنة غير اتصال سند
الحديث وصحته، فإذا كان كذلك وصح عنده؛ كان حجة عنده، ولم يشترط في قبول الحديث عدم
مخالفته لعمل أهل المدينة مثلما اشترط الإمام المالك، أو أن يكون الحديث مشهورًا
ولم يعمل راويه بخلافه. ووقف الشافعي حياته على الدفاع عن السنة، وإقامة الدليل على
صحة الاحتجاج بخبر الواحد، وكان هذا الدفاع سببًا في علو قدر الشافعي عند أهل
الحديث حتى سموه "ناصر السنة".
ولعل الذي جعل الشافعي يأخذ بالحديث أكثر من أبي
حنيفة حتى إنه يقبل خبر الواحد متى توافرت فيه الشروط، أنه كان حافظًا للحديث
بصيرًا بعلله، لا يقبل منه إلا ما ثبت عنده، وربما صح عنده من الأحاديث ما لم يصح
عند أبي حنيفة وأصحابه.
وبعد الرجوع إلى القرآن والسنة يأتي الإجماع إن لم يعلم
له مخالف، ثم القياس شريطة أن يكون له أصل من الكتاب والسنة، ولم يتوسع فيه مثلما
توسع الإمام أبو حنيفة.
تدوين المذهب
أتيح للشافعي ما لم يتح لغيره من الأئمة
الكبار، من تدوين مذهبه ونشره في كتب كتبها بنفسه، وأهم هذه الكتب:
الرسالة في
أصول الفقه، وقد طبع مع الجزء الأول من كتاب الأم في المطبعة الأميرية بالقاهرة سنة
(1321هـ=1903م)، ثم نشره محققا العلامة المحدث أحمد محمد شاكر سنة (1358هـ=1939م).

كتاب الأم، وهو يشمل أبواب الفقه كلها، ويمتاز بجمال الأسلوب ودقة التعبير،
وبعرض آراء العلماء المخالفين ومناظرتها، وقد نُشر الكتاب كاملا بعد أن سعى الفقيه
المصري أحمد الحسيني إلى جمع مخطوطاته وطبعه على نفقته، ثم قام بشرح قسم العبادات
منه في (24) مجلدًا، لا تزال مخطوطة حتى الآن، وتحتفظ بها دار الكتب المصرية، وقد
سماها: "مرشد الأنام لبرء أم الإمام" وصدرها بمقدمة كبيرة في تراجم الشافعية، وقد
توفي أحمد الحسيني سنة (1332هـ=1914م).
وقد أُلحق بكتاب الأم كثير من كتب
الشافعي التي كتبها بنفسه، وهي لا تعدو أن تكو رسائل لطيفة، مثل كتاب "جماع العلم"،
وقد نشره مستقلا أحمد شاكر سنة (1359هـ=1940م) ، وكتاب "إبطال الاستحسان" الذي رد
به على فقهاء الأحناف، وكتاب "اختلاف مالك والشافعي".
قام تلاميذ الشافعي بنشر
مذهبه في البلاد التي ارتحلوا إليها أو التي اتخذوها وطنًا، وهناك ثلاثة من
التلاميذ المصريين كان لهم أثر بالغ في نشر المذهب، فقد جالسوا الإمام وأخذوا عنه
مذهبه بعد أن نضج وبلغ كماله، ورووا كتبه، وهؤلاء الثلاثة هم:
* يوسف بن يحيي
البويطي المتوفى سنة (231هـ=854م).
* إسماعيل بن يحيي المزني المتوفى سنة
(264هـ= 877م) وكان زاهدا عالمًا مجتهدًا مناظرًا، وصفه الشافعي بقوله: "المزني
ناصر مذهبي"، وقد أخذ عنه عدد كبير من علماء خراسان والعراق والشام.
* الربيع
بين سليمان المرادي، كان مؤذنًا بجامع عمرو بن العاص، واتصل بالشافعي حتى صار راوية
كتبه والثقة الثبت فيما يرويه عنه، وعن طريقه وصلت إلينا كتب الشافعي، وتوفي سنة
(270هـ=883م).
عن طريق هؤلاء وتلاميذهم ومن تلاهم من طبقات الشافعية شُيّد
المذهب الشافعي، حتى صار ذلك التراث الضخم الذي بين أيدينا الآن.
وفاة
الشافعي
اتفق العلماء من أهل الفقه والأصول والحديث واللغة على أمانة الشافعي
وعدالته وزهده وورعه وتقواه وعلو قدره، وكان مع جلالته في العلم مناظرًا حسن
المناظرة، أمينًا فيها، طالبًا للحق لا يبغي صيتًا وشهرة، حتى أثرت عنه هذه الكلمة:
"ما ناظرت أحدًا قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان.. وما ناظرت أحدًا إلا ولم أبال
يبين الله الحق على لساني أو لسانه".
وبلغ من إكبار أحمد بن حنبل -وهو إمام كبير
جليل- لشيخه الشافعي أنه قال حين سأله ابنه عبد الله: أي رجل كان الشافعي، فإني
رأيتك تكثر الدعاء له؟-: "كان الشافعي كالشمس للنهار وكالعافية للناس، فانظر هل
لهذين من خلف أو عنهما من عوض؟!!".
وظل الإمام الشافعي في مصر لم يغادرها، يلقي
دروسه في حلقته المباركة، ويلتف تلاميذه حوله، حتى لقي ربه في (30 رجب 204= 20 من
يناير 820م).

موسوعة المشاهير - صفحة 2 Signline2010
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:42 am


الامـــام البخــــــاري


نهض بالحديث النبوي دراية ورواية رجال نابهون من العرب أو من
أصول غير عربية، لكن الإسلام رفع أصلهم، وأعلى العلم ذكرهم، وبوأهم ما يستحقون من
منزلة وتقدير؛ فهم شيوخ الحديث وأئمة الهدى، ومراجع الناس فيما يستفتون.
وكان
الإمام البخاري واحدًا من هؤلاء، انتهت إليه رئاسة الحديث في عصره، وبلغ تصنيف
الحديث القمة على يديه، ورُزِق كتابه الجامع الصحيح إجماع الأمة بأنه أصح كتاب بعد
كتاب الله تعالى، واحتل مكانته في القلوب؛ فكان العلماء يقرءونه في المساجد كما
تتلى المصاحف، وأوتي مؤلفه من نباهة الصيت مثلما أوتي أصحاب المذاهب الأربعة، وكبار
القادة والفاتحين.
المولد والنشأة
في مدينة "بخارى" وُلد "محمد بن إسماعيل
البخاري" بعد صلاة الجمعة في (13 من شوال 194هـ = 4 من أغسطس 810م)، وكانت بخارى
آنذاك مركزًا من مراكز العلم تمتلئ بحلقات المحدِّثين والفقهاء، واستقبل حياته في
وسط أسرة كريمة ذات دين ومال؛ فكان أبوه عالمًا محدِّثًا، عُرِف بين الناس بحسن
الخلق وسعة العلم، وكانت أمه امرأة صالحة، لا تقل ورعًا وصلاحًا عن
أبيه.
والبخاري ليس من أرومة عربية، بل كان فارسيَّ الأصل، وأول من أسلم من
أجداده هو "المغيرة بن برد زبة"، وكان إسلامه على يد "اليمان الجعفي" والي بخارى؛
فنُسب إلى قبيلته، وانتمى إليها بالولاء، وأصبح "الجعفي" نسبًا له ولأسرته من
بعده.
نشأ البخاري يتيمًا؛ فقد تُوفِّيَ أبوه مبكرًا، فلم يهنأ بمولوده الصغير،
لكن زوجته تعهدت وليدها بالرعاية والتعليم، تدفعه إلى العلم وتحببه فيه، وتزين له
الطاعات؛ فشب مستقيم النفس، عفَّ اللسان، كريم الخلق، مقبلا على الطاعة، وما كاد
يتم حفظ القرآن حتى بدأ يتردد على حلقات المحدثين.
وفي هذه السنِّ المبكرة مالت
نفسه إلى الحديث، ووجد حلاوته في قلبه؛ فأقبل عليه محبًا، حتى إنه ليقول عن هذه
الفترة: "ألهمت حفظ الحديث وأنا في المكتب (الكُتّاب)، ولي عشر سنوات أو أقل". كانت
حافظته قوية، وذاكرته لاقطة لا تُضيّع شيئًا مما يُسمع أو يُقرأ، وما كاد يبلغ
السادسة عشرة من عمره حتى حفظ كتب ابن المبارك، ووكيع، وغيرها من كتب الأئمة
المحدثين.
الرحلة في طلب الحديث
ثم بدأت مرحلة جديدة في حياة البخاري؛ فشدَّ
الرحال إلى طلب العلم، وخرج إلى الحج وفي صحبته أمه وأخوه حتى إذا أدوا جميعًا
مناسك الحج؛ تخلف البخاري لطلب الحديث والأخذ عن الشيوخ، ورجعت أمه وأخوه إلى
بخارى، وكان البخاري آنذاك شابًّا صغيرًا في السادسة عشرة من عمره.
وآثر البخاري
أن يجعل من الحرمين الشريفين طليعة لرحلاته؛ فظل بهما ستة أعوام ينهل من شيوخهما،
ثم انطلق بعدها ينتقل بين حواضر العالم الإسلامي؛ يجالس العلماء ويحاور المحدِّثين،
ويجمع الحديث، ويعقد مجالس للتحديث، ويتكبد مشاق السفر والانتقال، ولم يترك حاضرة
من حواضر العلم إلا نزل بها وروى عن شيوخها، وربما حل بها مرات عديدة، يغادرها ثم
يعود إليها مرة أخرى؛ فنزل في مكة والمدينة وبغداد وواسط والبصرة والكوفة، ودمشق
وقيسارية وعسقلان، وخراسان ونيسابور ومرو، وهراة ومصر وغيرها…
ويقول البخاري عن
ترحاله: "دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات، وأقمت
بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد".
شيوخه
ولذلك لم يكن
غريبًا أن يزيد عدد شيوخه عن ألف شيخ من الثقات الأعلام، ويعبر البخاري عن ذلك
بقوله: "كتبت عن ألف ثقة من العلماء وزيادة، وليس عندي حديث لا أذكر إسناده". ويحدد
عدد شيوخه فيقول: "كتبت عن ألف وثمانين نفسًا ليس فيهم إلا صاحب حديث".
ولم يكن
البخاري يروي كل ما يأخذه أو يسمعه من الشيوخ، بل كان يتحرى ويدقق فيما يأخذ، ومن
شيوخه المعروفين الذين روى عنهم: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه،
وعلي بن المديني، وقتيبة بن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو حاتم
الرازي.
العودة إلى الوطن
وبعد رحلة طويلة شاقة لقي فيها الشيوخ ووضع مؤلفاته
العظيمة، رجع إلى نيسابور للإقامة بها، لكن غِيْرَة بعض العلماء ضاقت بأن يكون
البخاري محل تقدير وإجلال من الناس؛ فسعوا به إلى والي المدينة، ولصقوا به تهمًا
مختلفة؛ فاضطر البخاري إلى أن يغادر نيسابور إلى مسقط رأسه في بخارى، وهناك استقبله
أهلها استقبال الفاتحين؛ فنُصبت له القباب على مشارف المدينة، ونُثرت عليه الدراهم
والدنانير.
ولم يكد يستقر ببخارى حتى طلب منه أميرها "خالد بن أحمد الدهلي" أن
يأتي إليه ليُسمعه الحديث؛ فقال البخاري لرسول الأمير: "قل له إنني لا أذل العلم
ولا أحمله إلى أبواب السلاطين، فإن كانت له حاجة إلى شيء فليحضرني في مسجدي أو في
داري، فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان، فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم
القيامة أني لا أكتم العلم".
لكن الحاكم المغرور لم يعجبه رد البخاري، وحملته
عزته الآثمة على التحريض على الإمام الجليل، وأغرى به بعض السفهاء ليتكلموا في حقه،
ويثيروا عليه الناس، ثم أمر بنفيه من المدينة؛ فخرج من بخارى إلى "خرتنك"، وهي من
قرى سمرقند، وظل بها حتى تُوفِّيَ فيها، وهي الآن قرية تعرف بقرية "خواجة
صاحب".
مؤلفاته
تهيأت أسباب كثيرة لأن يكثر البخاري من التأليف؛ فقد منحه
الله ذكاءً حادًّا، وذاكرة قوية، وصبرًا على العلم ومثابرة في تحصيله، ومعرفة واسعة
بالحديث النبوي وأحوال رجاله من عدل وتجريح، وخبرة تامة بالأسانيد؛ صحيحها وفاسدها.
أضف إلى ذلك أنه بدأ التأليف مبكرًا؛ فيذكر البخاري أنه بدأ التأليف وهو لا يزال
يافع السن في الثامنة عشرة من عمره، وقد صنَّف البخاري ما يزيد عن عشرين مصنفًا،
منها:
· الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسننه
وأيامه، المعروف بـ الجامع الصحيح.
· الأدب المفرد: وطُبع في الهند والأستانة
والقاهرة طبعات متعددة.
· التاريخ الكبير: وهو كتاب كبير في التراجم، رتب فيه
أسماء رواة الحديث على حروف المعجم، وقد طبع في الهند سنة (1362هـ = 1943م).
·
التاريخ الصغير: وهو تاريخ مختصر للنبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه ومن جاء بعدهم
من الرواة إلى سنة (256هـ = 870م)، وطبع الكتاب لأول مرة بالهند سنة (1325هـ =
1907م).
· خلق أفعال العباد: وطبع بالهند سنة (1306هـ = 1888م).
· رفع
اليدين في الصلاة: وطبع في الهند لأول مرة سنة (1256هـ = 1840م) مع ترجمة له
بالأوردية.
· الكُنى: وطبع بالهند سنة (1360هـ = 1941م).
· وله كتب مخطوطة
لم تُطبع بعد، مثل: التاريخ الأوسط، والتفسير الكبير.
صحيح البخاري
هو أشهر
كتب البخاري، بل هو أشهر كتب الحديث النبوي قاطبة. بذل فيه صاحبه جهدًا خارقًا،
وانتقل في تأليفه وجمعه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عامًا، هي مدة رحلته الشاقة في طلب
الحديث. ويذكر البخاري السبب الذي جعله ينهض إلى هذا العمل، فيقول: كنت عند إسحاق
ابن راهويه، فقال: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله (صلى الله عليه
وسلم)؛ فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع "الجامع الصحيح".
وعدد أحاديث الكتاب
7275 حديثًا، اختارها من بين ستمائة ألف حديث كانت تحت يديه؛ لأنه كان مدقِّقًا في
قبول الرواية، واشترط شروطًا خاصة في رواية راوي الحديث، وهي أن يكون معاصرًا لمن
يروي عنه، وأن يسمع الحديث منه، أي أنه اشترط الرؤية والسماع معًا، هذا إلى جانب
الثقة والعدالة والضبط والإتقان والعلم والورع.
وكان البخاري لا يضع حديثًا في
كتابه إلا اغتسل قبل ذلك وصلى ركعتين، وابتدأ البخاري تأليف كتابه في المسجد الحرام
والمسجد النبوي، ولم يتعجل إخراجه للناس بعد أن فرغ منه، ولكن عاود النظر فيه مرة
بعد أخرى، وتعهده بالمراجعة والتنقيح؛ ولذلك صنفه ثلاث مرات حتى خرج على الصورة
التي عليها الآن.
وقد استحسن شيوخ البخاري وأقرانه من المحدِّثين كتابه، بعد أن
عرضه عليهم، وكان منهم جهابذة الحديث، مثل: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى
بن معين؛ فشهدوا له بصحة ما فيه من الحديث، ثم تلقته الأمة بعدهم بالقبول باعتباره
أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى.
وقد أقبل العلماء على كتاب الجامع الصحيح بالشرح
والتعليق والدراسة، بل امتدت العناية به إلى العلماء من غير المسلمين؛ حيث دُرس
وتُرجم، وكُتبت حوله عشرات الكتب.
ومن أشهر شروح صحيح البخاري:
· "أعلام
السنن" للإمام أبي سليمان الخطابي، المُتوفَّى سنة (388هـ)، ولعله أول شروح
البخاري.
· "الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" لشمس الدين الكرماني،
المتوفَّى سنة (786هـ = 1348م).
· "فتح الباري في شرح صحيح البخاري" للحافظ ابن
حجر، المتوفَّى سنة (852هـ = 1448م).
· "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" لبدر
الدين العيني سنة (855هـ = 1451م).
· "إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري"
للقسطلاني، المتوفَّى (923هـ= 1517م).
وفاة البخاري
شهد العلماء والمعاصرون
للبخاري بالسبق في الحديث، ولقّبوه بأمير المؤمنين في الحديث، وهي أعظم درجة ينالها
عالم في الحديث النبوي، وأثنوا عليه ثناءً عاطرًا..
فيقول عنه ابن خزيمة: "ما
تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري".
وقال قتيبة بن سعيد:
"جالست الفقهاء والعباد والزهاد؛ فما رأيت -منذ عقلت- مثل محمد بن إسماعيل، وهو في
زمانه كعمر في الصحابة".
وقبَّله تلميذه النجيب "مسلم بن الحجاج" -صاحب صحيح
مسلم- بين عينيه، وقال له: "دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذِين، وسيد المحدِّثين،
وطبيب الحديث في علله".
وعلى الرغم من مكانة البخاري وعِظَم قدره في الحديث فإن
ذلك لم يشفع له عند والي بخارى؛ فأساء إليه، ونفاه إلى "خرتنك"؛ فظل بها صابرًا على
البلاء، بعيدًا عن وطنه، حتى لقي الله في (30 رمضان 256هـ = 31 أغسطس 869م)، ليلة
عيد الفطر المبارك.

موسوعة المشاهير - صفحة 2 Signline2010
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:43 am

أحمد بن حنبل


كان أحمد بن حنبل واحدًا من أئمة الهدى الذين ازدانت بهم
القرون الهجرية الأولى، يلوذ بهم الناس حين تدلهمّ بهم الطرق، وتتشعب بهم السبل،
فلا يجدون إلا يدًا حانية، ونورًا هاديًا يأخذهم إلى جادة الطريق، ويلقي بهم إلى بر
النجاة.
ينظر الناس إليهم فيجدون دينهم فيهم، وخلقهم وآدابهم ماثلة بين أيديهم،
وسنة نبيهم حية ناطقة، كأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال حيا بين ظهرانيهم،
وأصحابه المهديين يعيشون بينهم، فيطمئنون إلى سلامة المنهج، وصدق التطبيق.
وكانت
حلقاتهم في ساحات المسجد منازل للوحي ومجامع للأفئدة، وملجأ للعقول، يتحلق حولهم
تلاميذهم ومن يرغب في سماع تفسير آية أو بيان حديث، أو طلب فتوى، ينزلهم الناس من
أنفسهم المحل الأسمى، ويقتدون بهديهم كمن يطلب النجاة لنفسه من خطر داهم،
ويستقبلونهم بالبشر والترحاب أينما حلوا كما يُستقبل القادة والفاتحون.
المولد
والنشأة
في بيت كريم من بيوت بني شيبان في بغداد وُلد أحمد بن حنبل في (ربيع
الأول 164هـ = نوفمبر 780م)، وشاء الله ألا يرى الوالد رضيعه؛ فقد توفي قبل مولده،
فقامت أمّه برعايته وتنشئته، وحرصت على تربيته كأحسن ما تكون التربية، وعلى تعليمه
فروع الثقافة التي كانت سائدة، فحفظ القرآن الكريم، وانكبّ على طلب الحديث في نهم
وحب، يسرع الخطى إلى شيخه قبل أن يسفر الصباح؛ حتى يكون أول من يلقاه من تلاميذه،
حتى إذا شبّ عن الطوق انتقل إلى حلقة "أبي يوسف" تلميذ أبي حنيفة، وأول من اعتلى
منصب قاضي القضاة، وكانت حلقته آية في السمو والرقي، يؤمها طلاب العلم والعلماء
والقضاة على اختلاف طبقاتهم ومنازلهم، وقد لزم أحمد بن حنبل حلقة أبي يوسف أربع
سنوات، كتب ما سمعه فيها ما يملأ ثلاثة صناديق، كما لزم حلقة "هشيم بن بشير السلمي"
شيخ المحدثين في بغداد، ولا يسمع بعالم ينزل بغداد إلا أقبل عليه وتتلمذ له، فسمع
من "نعيم بن حماد"، و"عبد الرحمن بن مهدي"، و"عمير بن عبد الله بن خالد".
رحلاته
في طلب العلم
كانت الرحلة في طلب العلم وسماع الحديث من سمات طالبي العلم في هذه
الفترة، وكان كبار الفقهاء وشيوخ المحدثين موزعين في أنحاء العالم الإسلامي، لا
يختص بهم قطر أو إقليم؛ ولذا كان الطلاب النابهون يقومون بالترحال إليهم، لا يعوقهم
عن ذلك قلّة المال أو بُعد المكان.
بدأ أحمد بن حنبل رحلته الميمونة في طلب
الحديث سنة (186هـ = 802م) وهو في الثانية والعشرين من عمره، واتجه إلى البصرة،
والكوفة والرقّة، واليمن، والحجاز، والتقى بعدد من كبار علماء الأمة وفقهائها
العظام، من أمثال: يحيى بن سعيد القطان، وأبي داود الطيالسي، ووكيع بن الجراح، وأبي
معاوية الضرير، وسفيان بن عيينة، والشافعي الذي لازمه ابن حنبل وأخذ عنه الفقه
والأصول، وكان يقول عنه الإمام الشافعي: "ما رأيت أحدًا أفقه في كتاب الله من هذا
الفتى القرشي".
وكان شغف ابن حنبل بطلب الحديث يجعله يستطيب كل صعب، ويستهين بكل
مشقة، لم تمنعه إمامته وعلوّ قدره من الاستمرار في طلبه العلم، ولا يجد حرجًا في أن
يقعد مقعد التلميذ بعد أن شهد له شيوخه أو أقرانه بالحفظ والإتقان، يراه بعض
معاصريه والمحبرة في يده يسمع ويكتب، فيقول له: "يا أبا عبد الله، أنت قد بلغت هذا
المبلغ وأنت إمام المسلمين "، فيكون جواب الإمام: "مع المحبرة إلى
المقبرة".
جلوسه للتدريس
كان من تصاريف القدر أن يجلس الإمام أحمد للفتيا
والتدريس في بغداد سنة (204هـ – 819م) وهي السنة التي توفي فيها الشافعي فكان خلفًا
عظيمًا لسلف عظيم، وكان له حلقتان: واحدة في بيته يقصدها تلاميذه النابهون، وأخرى
عامة في المسجد، يؤمها المئات من عامة الناس وطلاب العلم، وتُعقد بعد صلاة العصر،
وكان الإمام يهش للذين يكتبون الحديث في مجلسه، ويصف محابرهم بأنها سُرُج الإسلام،
ولا يقول حديثًا إلا من كتاب بين يديه، مبالغة في الدقة، وحرصًا على أمانة النقل،
وهو المشهود له بأن حافظته قوية واعية، حتى صار مضرب الأمثال.
ولزم الإمامَ عدد
من تلاميذه النابهين، نشروا علمه، وحملوا فقهه إلى الآفاق، من أشهرهم: أبو بكر
المروزي، وكان مقربًا إلى الإمام، أثيرًا عنده، لعلمه وفضله، وصدقه وأمانته، حتى
قال عنه الإمام أحمد: "كل ما قاله على لساني فأنا قلته"، ومن تلاميذه: أبو بكر
الأثرم، وإسحاق بن منصور التميمي، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، والبخاري، ومسلم، وأبو
داود، وبقي بن مخلد.
مذهب الإمام أحمد
لم يدون الإمام أحمد مذهبه الفقهي، ولم
يصنف كتابًا في الفقه، أو أملاه على أحد من تلاميذه، بل كان يكره أن يُكتب شيء من
آرائه وفتاواه، حتى جاء أبو بكر الخلال المتوفى سنة (311هـ = 923) فقام بمهمة جمع
الفقه الحنبلي، وكان تلميذًا لأبي بكر المروزي، وجاب الآفاق يجمع مسائل الإمام أحمد
الفقهية وما أفتى به، فتيسرت له منها مجموعة كبيرة لم تتهيأ لغيره، وقام بتصنيفها
في كتابه: "الجامع الكبير" في نحو عشرين مجلدًا، وجلس في جامع المهدي، ببغداد
يدرّسها تلاميذه، ومن هذه الحلقة المباركة انتشر المذهب الحنبلي، وتناقله الناس
مدونًا بعد أن كان روايات مبعثرة.
ثم قام أبو القاسم الخرقي المتوفى سنة (334هـ
= 946م) بتخليص ما جمعه أبو بكر الخلّال في كتاب اشتهر بـ"مختصر الخرقي"، تلقاه
الناس بالقبول، وعكف عليه فقهاء الحنابلة شرحًا وتعليقًا، حتى كان له أكثر من
ثلاثمائة شرح، كان أعظمها وأشهرها "كتاب المغني" لابن قدامة المقدسي المتوفى سنة
(620هـ = 1233م)، ولم يكتف مؤلفه فيه بالشرح وإنما تعداه إلى بيان اختلاف الروايات
وذكر الأدلة الفقهية، مرجحًا بينها، وصاغ ذلك في عبارة سلسلة دقيقة المعنى.
ثم
جاء الإمام ابن تيمية الجد "عبد السلام بن عبد الله" المتوفى سنة (652هـ = 1254م)،
فحرر مسائل المذهب، وألّف كتابه "المحرر" في الفقه، ثم تعددت بعد ذلك كتب المذهب
وانتشرت بين الناس.
ويجدر بالذكر أن المذهب الحنبلي هو أوسع المذاهب الإسلامية
في إطلاق حرية التعاقد، وفي الشروط التي يلتزم بها الطرفان؛ لأن الأصل عند الإمام
أحمد هو جعل معاملات الناس على أصل الإباحة حتى يقوم دليل شرعي على التحريم؛ ومن
ثمّ كان في الفقه الحنبلي متسع لنظام المعاملات، يمتاز بالسهولة واليسر وتحقيق
المصلحة للناس.
محنة الإمام أحمد
كان الإمام أحمد على موعد مع المحنة التي
تحملها في شجاعة، ورفض الخضوع والتنازل في القول بمسألة عمّ البلاء بها، وحمل
الخليفة المأمون الناس على قبولها قسرًا وقهرًا دون دليل أو بيّنة.
وتفاصيل تلك
المحنة أن المأمون أعلن في سنة (218هـ = 833م) دعوته إلى القول بأن القرآن مخلوق
كغيره من المخلوقات، وحمل الفقهاء على قبولها، ولو اقتضى ذلك تعريضهم للتعذيب،
فامتثلوا؛ خوفًا ورهبًا، وامتنع أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح عن القول بما يطلبه
الخليفة، فكُبّلا بالحديد، وبُعث بهما إلى بغداد إلى المأمون الذي كان في طرسوس،
لينظر في أمرهما، غير أنه توفي وهما في طريقهما إليه، فأعيدا مكبّلين إلى
بغداد.
وفي طريق العودة قضى محمد بن نوح نحبه في مدينة الرقة، بعد أن أوصى رفيقه
بقوله: "أنت رجل يُقتدى به، وقد مدّ الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك؛ فاتق الله
واثبت لأمر الله".
وكان الإمام أحمد عند حسن الظن، فلم تلن عزيمته، أو يضعف
إيمانه أو تهتز ثقته، فمكث في المسجد عامين وثلث عام، وهو صامد كالرواسي، وحُمل إلى
الخليفة المعتصم الذي واصل سيرة أخيه على حمل الناس على القول بخلق القرآن،
واتُّخذت معه في حضرة الخليفة وسائل الترغيب والترهيب، ليظفر المجتمعون منه بكلمة
واحدة، تؤيدهم فيما يزعمون، يقولون له: ما تقول في القرآن؟ فيجيب: هو كلام الله،
فيقولون له: أمخلوق هو؟ فيجيب: هو كلام الله، ولا يزيد على ذلك.
ويبالغ الخليفة
في استمالته وترغيبه ليجيبهم إلى مقالتهم، لكنه كان يزداد إصرارًا، فلما أيسوا منه
علّقوه من عقبيه، وراحوا يضربونه بالسياط دون أن يستشعر واحد منهم بالخجل وهو يضرب
إنسانًا لم يقترف جرمًا أو ينتهك عرضًا أو أصاب ذنبًا، فما بالك وهم يضربون إمامًا
فقيهًا ومحدثًا ورعًا، يأتمّ به الناس ويقتدون به، ولم تأخذهم شفقة وهم يتعاقبون
على جلد جسد الإمام الواهن بسياطهم الغليطة، حتى أغمي عليه، ثم أُطلق سراحه، وعاد
إلى بيته، ثم مُنع من الاجتماع بالناس في عهد الخليفة الواثق (227-232هـ =
841-846م)، لا يخرج من بيته إلا للصلاة، حتى إذا ولي المتوكل الخلافة سنة (232هـ =
846م)، فمنع القول بخلق القرآن، ورد للإمام أحمد اعتباره، فعاد إلى الدرس والتحديث
في المسجد.
مؤلفات الإمام أحمد
ترك الإمام أحمد عددًا من المؤلفات يأتي في
مقدمتها "المسند"، وهو أكبر دواوين السُّنّة؛ إذ يحوي أربعين ألف حديث، استخلصها من
750 ألف حديث، وشرع في تأليفه بعدما جاوز السادسة والثلاثين.
أما كتبه الأخرى
فهي كتاب "الزهد"، وكتاب "السُّنّة"، وكتاب "الصلاة وما يلزم فيها"، وكتاب "الورع
والإيمان"، وكتاب "الأشربة"، وكتاب "المسائل"، وكتاب "فضائل الصحابة" وكلها مطبوعة
ومتداولة.
وبعد حياة حافلة بجلائل الأعمال توفي الإمام أحمد في (12 من ربيع
الآخر 241هـ = 30 من أغسطس 855م) عن سبعة وسبعين عامًا، ودُفن في
بغداد.



موسوعة المشاهير - صفحة 2 Signline2010
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:44 am

ابن ماجـة

فتحت
قزوين في خلافة عثمان بن عفان، وأصبح البراء بن عازب الصحابي الجليل أول والٍ عليها
سنة (24هـ= 644م) ومنذ ذلك الحين دخلها الإسلام، واستوطنها الفاتحون العرب، وتسرب
إليها اللسان العربي، وما كاد يطل القرن الثالث الهجري حتى اكتسبت قزوين شهرة كبيرة
في فن الحديث، وبرز فيه عدد كبير من المحدثين، مثل: الحافظ علي بن محمد أبي الحسن
الطنافسي المتوفى سنة (233هـ= 847م)، والحافظ عمرو بن رافع البجلي المتوفى سنة
(237هـ= 851م)، وإسماعيل بن توبة المتوفى سنة (247هـ=861م)، وابن ماجه صاحب السنن
موضع حديثنا.
وبلغ من مكانة قزوين واتساع الحركة العلمية فيها أن خصها بعض
أبنائها بالتأريخ لها، وترجمة أعيانها وعلمائها، ومن أشهر هذه الكتب: التدوين في
أخبار قزوين للحافظ الرافعي المتوفى سنة (622هـ= 1225م).
استقبلت قزوين مولد أبي
عبد الله محمد بن يزيد الربعي، المعروف بابن ماجه سنة (209هـ= 824م) وكانت آنذاك
حاضرة من حواضر العلم تموج بالحركة والنشاط العلمي، وتزخر بحلقات العلماء والفقهاء،
شأنها في ذلك شأن المراكز العلمية الأخرى ذات الإشعاع الحضاري، مثل: بغداد،
والكوفة، والبصرة، ومرو، وأصفهان، وكانت الدولة العباسية تعيش أزهى فتراتها قوة
وحضارة، وكان المأمون رجل المرحلة، ورائد النهضة ومفجر الطاقات.
في هذا الجو
العلمي عاش ابن ماجه حياته الأولى؛ فحفظ القرآن الكريم، وتردد على حلقات المحدثين
التي امتلأت بها مساجد قزوين، حتى حصّل قدرًا كبيرًا من الحديث ثم تطلع إلى الرحلة
في طلب الحديث، وكانت من تقاليد العصر التي التزمها كبار المحدثين لملاقاة الشيوخ،
استنادًا إلى نصوص الحديث التي تحث على طلب العلم، مثل قوله صلى الله عليه وسلم:
"من سلك طريقا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة"، وقد صدّر الإمام
البخاري كتاب العلم في صحيحه بباب الخروج في طلب العلم، وجاء في مقدمة الباب: "ورحل
جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد". وبلغ من أهمية
الرحلة في طلب الحديث أن وضع فيها مؤلفات تضم الأصول والإرشادات التي على طالب
العلم المرتحل أن يتتبعها، ويلتزم بها.
الرحلة في طلب الحديث
ولم يشذ ابن
ماجه عن هذا التقليد العلمي المتبع، فخرج سنة (230هـ = 844م) وهو في الثانية
والعشرين من عمره في طلب الحديث ومشافهة الشيوخ والتلقي عليهم، فرحل إلى خراسان،
والبصرة والكوفة، وبغداد ودمشق، ومكة والمدينة، ومصر، ومن شيوخه إبراهيم بن المنذر
تلميذ البخاري المتوفى سنة (236هـ= 850م)، والحافظ الحلواني أبو محمد حسن بن علي بن
محمد الخلال، والحافظ الزبير بن بطار، وسلمة بن شبيب، والحافظ يعقوب بن حميد،
وإسماعيل بن موسى الفزاري، وحرملة بن يحيي، وزهير بن حرب.
وبعد رحلة شاقة
استغرقت أكثر من خمسة عشر عامًا عاد ابن ماجه إلى قزوين، واستقر بها، منصرفًا إلى
التأليف والتصنيف، ورواية الحديث بعد أن طارت شهرته، وقصده الطلاب من كل مكان، من
أمثال: إبراهيم بن دينار الجرشي، وإسحاق بن محمد القزويني، وسليمان بن يزيد
القزويني، وابن الحسن بن قطان، وأبي بكر حامد الأبهري وغيرهم.
مؤلفاته
كان
ابن ماجه موضع ثقة معاصريه وتقديرهم، معدودًا في كبار الأئمة وفحول المحدثين، فيصفه
صاحب كتاب التدوين في تاريخ قزوين بأنه "إمام من أئمة المسلمين، كبير متقن، مقبول
باتفاق". ويقول عنه الذهبي: "إنه حافظ صدوق واسع العلم". ولم تكن شهادة المؤرخين له
بالسبق والتقدم إلا لسعة علمه ولما ترك من كتب ومصنفات، غير أن معظمها قد امتدت
إليه يد الإهمال والنسيان، فضاع مع ما ضاع من ذخائر تراثنا العظيم، فكان له تفسير
للقرآن وصفه ابن كثير في كتابه البداية بأنه تفسير حافل، وأشار إليه السيوطي في
كتابه "الإتقان في علوم القرآن"، وله أيضًا كتاب في التاريخ ظل موجودًا بعد وفاته
مدة طويلة، فقد شاهده الحافظ ابن طاهر المقدسي المتوفى سنة (507هـ= 1113م)، ورأى
عليه تعليقًا بخط جعفر بن إدريس تلميذ ابن ماجه، وقال عنه ابن كثير بأنه تاريخ
كامل، ووصفه ابن خلكان بأنه تاريخ مليح.
سنن ابن ماجه
غير أن كتابه "السنن"
هو ما بقي من كتبه، وقد طبقت شهرته الآفاق، وبه عرف ابن ماجه، واحتل مكانته
المعروفة بين كبار الحفاظ والمحدثين، وقد عد الكتاب رابع كتب السنن المعروفة، وهي
سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ومتمم للكتب الستة التي تشمل إلى ما سبق
صحيح البخاري ومسلم، وهي المراجع الأصول للسنة النبوية.
والمتقدمون من العلماء
كانوا يعدون هذه الكتب الأصول خمسة ليس من بينها سنن ابن ماجه، غير أن المتأخرين
أدخلوها ضمن الكتب الستة المعتمدة، وأول من جعلها كذلك هو الإمام الحافظ ابن طاهر
المقدسي، الذي وضع كتابًا في شروط الأئمة الستة، وآخر في أطراف الكتب الستة، أي في
جميع الأحاديث التي تشتمل عليها، وبعد ذلك اتفق معه في الرأي جميع الأئمة.
وكان
العلماء قد بحثوا أي المصنفين يكون السادس بين كتب الصحاح: موطأ الإمام مالك أم سنن
ابن ماجه، ويجيب على هذا العلامة المحدث عبد الغني النابلسي المتوفى سنة (1143هـ=
1730م)، فيقول في مقدمة كتابه: "ذخائر المواريث في الدلالة على موضع الحديث": "وقد
اختُلف في السادس، فعند المشارقة هو كتاب السنن لأبي عبد الله محمد بن ماجه
القزويني، وعند المغاربة الموطأ للإمام مالك بن أنس، ولكن عامة المتأخرين اتفقوا
على أن سنن ابن ماجه هو أولى من الموطأ، وهو السادس في الصحاح". وقال السخاوي:
"وقدموه على الموطأ لكثرة زوائده على الخمسة بخلاف الموطأ".
خصائص سنن ابن ماجه
وشروحه
اشتهر الكتاب بدقة تبويبه وكثرتها، فهو يشتمل على مقدمة وسبعة وثلاثين
كتابًا، وألف وخمسمائة باب، تضم أربعة آلاف وثلاثمائة وواحدا وأربعين حديثًا، ومن
هذه الأحاديث 3002 حديث اشترك معه في تخريجها أصحاب الكتب الخمسة، وانفرد هو بتخريج
1329 حديثًا، وهي الزوائد على ما جاء في الكتب الخمسة، من بينها 428 حديثًا صحيح
الإسناد و119 حديثًا حسن الإسناد، وهذا ما أشار إليه ابن حجر بقوله: "إنه انفرد
بأحاديث كثيرة صحيحة".
وقد لقي الكتاب عناية من كبار الحفاظ والمحدثين فأولوه
عناية بالشرح، ومن هذا الشروح:
· شرح سنن ابن ماجه، للحافظ علاء الدين مغلطاي،
المتوفى سنة (762هـ= 1360م)
· ما تمس إليه الحاجة على سنن ابن ماجه، لسراج
الدين عمر بن علي بن الملقن، المتوفى سنة (804هـ- 1401م)، واقتصر فيه على شرح
الأحاديث التي انفرد بروايتها ابن ماجه، ولم تدرج في كتب الصحاح الخمسة.
·
الديباجة في شرح سنن ابن ماجه، للشيخ كمال الدين محمد بن مرسي الدبيري، المتوفى سنة
(808هـ= 1405م).
· مصباح الزجاجة في شرح سنن ابن ماجه، للجلال الدين السيوطي،
المتوفى سنة (911هـ= 1505م)
· شرح سنن ابن ماجه، للمحدث محمد بن عبد الهادي
السندي، المتوفى سنة ( 1138هـ= 1725م)
وقد طبع الكتاب مبكرًا، فكان من أوائل
الكتب التي أخرجتها المطابع العربية، فنُشر في الهند بدلهي سنة (1264هـ= 1847م)،
وعليه حاشيتان، إحداهما: مصباح الزجاجة للسيوطي، والأخرى: إنجاح الحاجة لمولوي عبد
الغني الدهلوي، ثم نشر بالقاهرة سنة (1313هـ= 1895م) وعليه حاشية السندي، وهو شرح
مختصر يُعْنى بضبط غريب الألفاظ وبيان الإعراب بصفة خاصة، ثم نشرت السنن وحققها
تحقيقا علميا العالم الجليل محمد فؤاد عبد الباقي، ورقّم كتبها وأبوابها وأحاديثها
في سنة (1371هـ= 1951م)، وقد صدرت في مجلدين ومزودة بفهارس متعددة تعين الباحث على
الوصول إلى الحديث في سهولة ويسر.
وفاة ابن ماجه
أمضى ابن ماجه بقية عمره في
قزوين خادمًا للحديث معنيًا بروايته، مقبلا على تلاميذه حتى توفي يوم الإثنين، ودفن
يوم الثلاثاء الموافق (22 من رمضان 273هـ= 20 من نوفمبر 886هـ).
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:44 am

ابوحنيفة


نزل
الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود مدينة الكوفة عقب إنشائها على عهد عمر بن الخطاب
سنة 17 هـ ليعلّم الناس ويفقّههم في دينهم، فالتف الناس حوله، وكان بحرا زاخرا من
بحور العلم، وكان متأثرا بطريقة عمر بن الخطاب في الاستنباط والبحث، والأخذ بالرأي
عند افتقاد النص، مع الاحتياط والتحري في قبول الحديث النبوي.
وبرز من تلامذة
ابن مسعود عدد من الفقهاء الأفذاذ، يأتي في مقدمتهم عبيدة بن قيس السلماني، وعلقمة
بن قيس النخعي الذي قال عنه شيخه ابن مسعود: لا أعلم شيئا إلا وعلقمة يعلمه،
بالإضافة إلى شُريح الكندي الذي ولي قضاء الكوفة في عهد عمر، واستمر على القضاء
اثنتين وستين سنة.
وحمل أمانة العلم من بعدهم طبقة لم يدركوا ابن مسعود، ولكن
تفقهوا على يد أصحابه، وكان أبرز هذه الطبقة إبراهيم بن يزيد النخعي، فقيه العراق
دون منازع، فضلا عن تمكنه الراسخ في علوم الحديث، وهو ينتمي إلى أسرة كريمة، اشتهر
كثير من أفرادها بالنبوغ والاشتغال بالفقه.
وعلى يد إبراهيم النخعي تتلمذ حمّاد
بن سليمان، وخلفه في درسه، وكان إماما مجتهدا، كانت له بالكوفة حلقة عظيمة، يؤمها
طلاب العلم، وكان من بينهم أبو حنيفة النعمان الذي فاق أقرانه وانتهى إليه الفقه
وتقلد زعامة مدرسة الرأي من بعد شيخه، والتفّ حوله الراغبون في الفقه، برز منهم
تلامذة بررة، على رأسهم أبو يوسف، ومحمد، وزُفر، وعملوا معه على تكوين المذهب
الحنفي.
المولد والنشأة
استقبلت الكوفة مولودها النعمان بن ثابت بن النعمان
المعروف بأبي حنيفة سنة (80 هـ 699م) وكانت آنذاك حاضرة من حواضر العلم، تموج
بحلقات الفقه والحديث والقراءات واللغة والعلوم، وتمتلئ مساجدها بشيوخ العلم
وأئمته، وفي هذه المدينة قضى أبو حنيفة معظم حياته متعلما وعالما، وتردد في صباه
الباكر بعد أن حفظ القرآن على هذه الحلقات، لكنه كان منصرفا إلى مهنة التجارة مع
أبيه، فلما رآه عامر الشعبي الفقيه الكبير ولمح ما فيه مخايل الذكاء ورجاحة العقل
أوصاه بمجالسة العلماء والنظر في العلم، فاستجاب لرغبته وانصرف بهمته إلى حلقات
الدرس وما أكثرها في الكوفة، فروى الحديث ودرس اللغة والأدب، واتجه إلى دراسة علم
الكلام حتى برع فيه براعة عظيمة مكّنته من مجادلة أصحاب الفرق المختلفة ومحاجّاتهم
في بعض مسائل العقيدة، ثم انصرف إلى الفقه ولزم حماد بن أبي سليمان، وطالت ملازمته
له حتى بلغت ثمانية عشر عاما.
شيوخه
وكان أبو حنيفة يكثر من أداء فريضة الحج
حتى قيل إنه حج 55 مرة، وقد مكنته هذه الرحلات المتصلة إلى بيت الله الحرام أن
يلتقي بكبار الفقهاء والحفّاظ، يدارسهم ويروي عنهم، وممن التقى بهم من كبار
التابعين: عامر الشعبي المتوفى سنة (103 هـ= 721م)، وعكرمة مولى ابن عباس المتوفى
سنة (105 هـ = 723م)، ونافع مولى ابن عمر المتوفى (117هـ= 735م)، وزيد بن علي زين
العابدين المتوفى سنة (122هـ = 740م)، ويصل بعض المؤرخين بشيوخ أبي حنيفة إلى 4
آلاف شيخ، وتذكر بعض الروايات أنه التقى ببعض الصحابة الذين عاشوا إلى نهاية المائة
عام الأولى، وروى عنهم بعض الأحاديث النبوية وهو بذلك ترتفع درجته إلى رتبة
التابعين، على أن الراجح أنه وإن صح أنه التقى بعض الصحابة الذين امتدت بهم الحياة
حتى عصره فإنه لم يكن في سن من يتلقّى العلم، ولا سيما أنه بدأ العلم في سن متأخرة
وأنه انصرف في بداية حياته إلى العمل بالتجارة.
رئاسة حلقة الفقه
وبعد موت
شيخه حماد بن أبي سليمان آلت رياسة حلقة الفقه إلى أبي حنيفة، وهو في الأربعين من
عمره، والتفّ حوله تلاميذه ينهلون من علمه وفقهه، وكانت له طريقة مبتكرة في حل
المسائل والقضايا التي كانت تُطرح في حلقته؛ فلم يكن يعمد هو إلى حلها مباشرة،
وإنما كان يطرحها على تلاميذه، ليدلي كل منهم برأيه، ويعضّد ما يقول بدليل، ثم
يعقّب هو على رأيهم، ويصوّب ما يراه صائبا، حتى تُقتل القضية بحثا، ويجتمع أبو
حنيفة وتلاميذه على رأي واحد يقررونه جميعا.
وكان أبو حنيفة يتعهد تلاميذه
بالرعاية، وينفق على بعضهم من ماله، مثلما فعل مع تلميذه أبي يوسف حين تكفّله
بالعيش لما رأى ضرورات الحياة تصرفه عن طلب العلم، وأمده بماله حتى يفرغ تماما
للدراسة، يقول أبو يوسف المتوفى سنة (182هـ = 797م): "وكان يعولني وعيالي عشرين
سنة، وإذا قلت له: ما رأيت أجود منك، يقول: كيف لو رأيت حمادا –يقصد شيخه- ما رأيت
أجمع للخصال المحمودة منه".
وكان مع اشتغاله يعمل بالتجارة، حيث كان له محل في
الكوفة لبيع الخزّ (الحرير)، يقوم عليه شريك له، فأعانه ذلك على الاستمرار في خدمة
العلم، والتفرغ للفقه.
أصول مذهبه
نشأ مذهب أبي حنيفة في الكوفة مهد مدرسة
الرأي، وتكونت أصول المذهب على يديه، وأجملها هو في قوله: "إني آخذ بكتاب الله إذا
وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا لم أجد فيها
أخذت بقول أصحابه من شئت، وادع قول من شئت، ثم لا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم،
فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم، والشعبي والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب فلي أن
أجتهد كما اجتهدوا".
وهذا القدر من أصول التشريع لا يختلف فيه أبو حنيفة عن غيره
من الأئمة، فهم يتفقون جميعا على وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة لاستنباط الأحكام
منهما، غير أن أبا حنيفة تميّز بمنهج مستقل في الاجتهاد، وطريقة خاصة في استنباط
الأحكام التي لا تقف عند ظاهر النصوص، بل تغوص إلى المعاني التي تشير إليها، وتتعمق
في مقاصدها وغاياتها.
ولا يعني اشتهار أبي حنيفة بالقول بالرأي والإكثار من
القياس أنه يهمل الأخذ بالأحاديث والآثار، أو أنه قليل البضاعة فيها، بل كان يشترط
في قبول الحديث شروطا متشددة؛ مبالغة في التحري والضبط، والتأكد من صحة نسبتها إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا التشدد في قبول الحديث هو ما حمله على التوسع
في تفسير ما صح عنده منها، والإكثار من القياس عليها حتى يواجه النوازل والمشكلات
المتجددة.
ولم يقف اجتهاد أبي حنيفة عند المسائل التي تعرض عليه أو التي تحدث
فقط، بل كان يفترض المسائل التي لم تقع ويقلّبها على جميع وجوهها ثم يستنبط لها
أحكاما، وهو ما يسمى بالفقه التقديري وفرص المسائل، وهذا النوع من الفقه يقال إن
أبا حنيفة هو أول من استحدثه، وقد أكثر منه لإكثاره استعمال القياس، روي أنه وضع
ستين ألف مسألة من هذا النوع.
تلاميذ أبي حنيفة
لم يؤثر عن أبي حنيفة أنه كتب
كتابا في الفقه يجمع آراءه وفتاواه، وهذا لا ينفي أنه كان يملي ذلك على تلاميذه، ثم
يراجعه بعد إتمام كتابته، ليقر منه ما يراه صالحا أو يحذف ما دون ذلك، أو يغيّر ما
يحتاج إلى تغيير، ولكن مذهبه بقي وانتشر ولم يندثر كما اندثرت مذاهب كثيرة لفقهاء
سبقوه أو عاصروه، وذلك بفضل تلاميذه الموهوبين الذين دونوا المذهب وحفظوا كثيرا من
آراء إمامهم بأقواله وكان أشهر هؤلاء:
أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم المتوفى (183هـ
= 799م) وهو يعدّ أول من دوّن الكتب في مذهب أبي حنيفة، ووصل إلينا من كتبه
"الآثار"، وكتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، وساعده منصبه في القضاء على أن
يمكّن لمذهب أبي حنيفة الذيوع والانتشار.
محمد بن الحسن الشيباني المتوفى سنة
(189هـ = 805م) وهو يعد صاحب الفضل الأكبر في تدوين المذهب، على الرغم من أنه لم
يتتلمذ على شيخه أبي حنيفة إلا لفترة قصيرة، واستكمل دراسته على يد أبي يوسف، وأخذ
عن الثوري والأوزاعي، ورحل إلى مالك في المدينة، وتلقى عنه فقه الحديث
والرواية.
تدوين المذهب
وصلت إلينا كتب محمد بن الحسن الشيباني كاملة، وكان
منها ما أطلق عليه العلماء كتب ظاهر الرواية، وهي كتب المبسوط والزيادات، والجامع
الكبير والجماع الصغير، والسير الكبير والسير الصغير، وسميت بكتب ظاهرة الرواية؛
لأنها رويت عن الثقات من تلاميذه، فهي ثابتة عنه إما بالتواتر أو بالشهرة.
وقد
جمع أبو الفضل المروزي المعروف بالحاكم الشهيد المتوفى سنة (344هـ = 955م) كتب ظاهر
الرواية بعد حذف المكرر منها في كتاب أطلق عليه "الكافي"، ثم قام بشرحه شمس الأئمة
السرخسي المتوفى سنة (483هـ = 1090م) في كتابه "المبسوط"، وهو مطبوع في ثلاثين
جزءا، ويعد من أهم كتب الحنفية الناقلة لأقوال أئمة المذهب، بما يضمه من أصول
المسائل وأدلتها وأوجه القياس فيها.
انتشار المذهب
انتشر مذهب أبي حنيفة في
البلاد منذ أن مكّن له أبو يوسف بعد تولّيه منصب قاضي القضاة في الدولة العباسية،
وكان المذهب الرسمي لها، كما كان مذهب السلاجقة والدولة الغرنوية ثم الدولة
العثمانية، وهو الآن شائع في أكثر البقاع الإسلامية، ويتركز وجوده في مصر والشام
والعراق وباكستان والهند والصين.
وفاة أبي حنيفة
مد الله في عمر أبي حنيفة،
ورزقه الله القبول، وهيأ له من التلاميذ النابهين من حملوا مذهبه ومكنوا له، وحسبه
أن يكون من بين تلاميذه أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر، والحسن بن زياد، وأقر له
معاصروه بالسبق والتقدم، قال عنه النضر بن شميل: "كان الناس نياما عن الفقه حتى
أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه وبيّنه"، وبلغ من سمو منزلته في الفقه أن قال الشافعي:
"الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة".
كما كان ورعا شديد الخوف والوجل من الله،
وتمتلئ كتب التاريخ والتراجم بما يشهد له بذلك، ولعل من أبلغ ما قيل عنه ما وصفه به
العالم الزاهد فضيل بن عياض بقوله: "كان أبو حنيفة رجلا فقيها معروفا بالفقه،
مشهورا بالورع، واسع المال، معروفا بالأفضال على كل من يطيف به، صبورا عل تعليم
العلم بالليل والنهار، حسن الليل، كثير الصمت، قليل الكلام حتى ترد مسألة في حلال
أو حرام، فكان يحسن أن يدل على الحق، هاربا من مال السلطان".
وتوفي أبو حنيفة في
بغداد بعد أن ملأ الدنيا علما وشغل الناس في (11 من جمادى الأولى 150 هـ = 14 من
يونيو 767م).
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:45 am

ابن سيرين


عُرف
محمد بن سيرين بالزهد والورع، وكان محدثًا بارعًا وفقيهًا متمكنًا، وقد اجتمع على
حبه أهل زمانه، حيث وجدوا فيه من العلم والحكمة والأدب والزهد والتواضع ما جعله
يتربع في أفئدتهم ونفوسهم وعقولهم ويحظى بتلك المنزلة الرفيعة.

الميلاد
والنشأة
ولد أبو بكر محمد بن سيرين البصري الأنصاري في خلافة عثمان بن عفان رضي
الله عنه سنة (33 هـ = 653م)، فهو من التابعين الذين عُرفوا بالزهد والورع، وكان
إمام عصره في علوم الدين، وقد اشتهر بالعلم والفقه وتعبير الرؤيا.

وكان أبوه
مولى لأنس بن مالك، وهو من سبي "عين التمر"، وقد كاتبه أنس على عشرين ألف درهم،
فأداها وعُتِقَ. وكانت أمه صفية مولاة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه.

شيوخه
وتلاميذه
وقد سمع محمد بن سيرين من عدد من الصحابة منهم: عبد الله بن عمر، وجندب
بن عبد الله البجلي، وأبو هريرة، وعبد الله بن الزبير، وعمران بن حصين، وعدي بن
حاتم، وسليمان بن عامر، وأم عطية الأنصارية.
كما سمع من عدد من التابعين منهم:
عبيدة السلماني، ومسلم بن يسار، وشريح، وقيس بن عباد، وعلقمة، والربيع بن خيثم،
ومعبد بن خيثم، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأخته حفصة
بنت أبي بكر، وغيرهم كثيرون.
وذكر أنه أدرك ثلاثين من أصحاب رسول الله (صلى الله
عليه وسلم). وروى عنه عدد كبير من التابعين، منهم: الشعبي وأيوب، وقتادة وسليمان
التيمي وغيرهم.

زهده وورعه
كانت حياة ابن سيرين تفيض بالروحانية وتشع
بالزهد والورع، فقد كان كثير الصوم والذكر، يصوم يومًا ويفطر يومًا، وكان اليوم
الذي يفطر فيه يتغدى ولا يتعشى، ثم يتسحر ويصبح صائمًا.
وكان دائم الذكر والدعاء
لله ، وكان له سبعة أوراد يقرؤها بالليل، فإذا فاته منها شيء قرأه في النهار، وكان
يحيي الليل في رمضان.
روى هشام بن حسان قال: "ربما سمعت بكاء محمد بن سيرين في
جوف الليل وهو يصلي،
وكان إذا ذُكر الموت مات كل عضو منه على حِدَتِهِ، وتغيّر
لونه واصفر، وكأنه ليس بالذي كان". وقد وصفه الحافظ أبو نعيم في طبقاته بقوله: "كان
ذا ورع وأمانة وحيطة وحسانة، كان بالليل بكّاء، وبالنهار بسّامًا سائحًا، يصوم
يومًا ويفطر يومًا". وقال عنه بكر بن عبد الله المزني: "من سره أن ينظر إلى أورع
أهل زمانه؛ فلينظر إلى محمد بن سيرين، فوالله ما أدركنا من هو أورع منه".
قدوة
حتى في السجن
وكان ابن سيرين على قدر من الثراء، وكان له ثلاثون ولدًا، ولكنه
امتُحن بفقد المال والولد؛ فقد توفي أبناؤه جميعًا فلم يبق منهم غير عبد
الله.
كما فقد أمواله حينما أصيب بخسارة كبيرة في تجارته، وقد تعرض للسجن، فقد
حُبس في دين ركبه لغريمٍ له، فقد كان اشترى زيتًا بأربعين ألف درهم، فوجد في زقٍ من
هذه الصفقة فأرة، فما كان منه إلا أن صب الزيت كله، ولم يبع شيئًا منه، فقد أبت
عليه أمانته وخلقه وورعه أن يطعمه الناس أو يبيعهم إياه؛ حيث ظن أن الفأرة كانت في
المعصرة.
وقد ضرب ابن سيرين أروع الأمثلة في الأمانة والصدق وحسن الخلق حتى وهو
في سجنه، حيث إنه لمّا حبس في دينه، وهو من هو في زهده وورعه وعلمه، وكانت شهرته قد
طبقت الآفاق وعرفه الناس وعلموا فضله ومكانته، فقد تعاطف معه سجانه، وأبت عليه
مروءته أن يبات هذا العالم الجليل في جنبات السجن، وأن يقضي ليله خلف القضبان
كالمجرمين، فقال له: "إذا كان الليل فاذهب إلى أهلك، وإذا أصبحت فتعال"، فما كان من
ذلك العالم القدوة إلا أن أجابه بثقة وإيمان: "لا والله لا أعينك على خيانة
السلطان".
وتجلت أمانته وصدقه في موقف آخر تعرض له وهو في سجنه أيضا؛ فحينما
حضرت الوفاة أنس بن مالك أوصى أن يغسّله محمد بن سيرين، فلما أتوه في ذلك قال: "أنا
محبوس"! قالوا: قد استأذنّا الأمير فأذن لك. فإذا به يجيبهم بتلك الهمة العالية،
والوعي الشديد: "إن الأمير لم يحبسني، وإنما حبسني الذي له الحق"، فلما أذن له صاحب
الحق خرج فغسّله.
في حياته الخاصة
كان ابن سيرين مثالا صادقًا للمسلم الحق
وللخلق الرفيع، وكانت حياته حافلة بالصور الرائعة للأمانة والزهد والبر والتواضع،
يقدم في حياته وسلوكه القدوة والنموذج للداعية الواعي والعابد المخلص والصديق
الناصح والابن البار والعالم المجتهد والتاجر الأمين.
لقد كان بارًا بأمه شديد
اللين والتواضع لها، يخفض لها جناح الذل والرحمة حتى لا يُسمع له صوت بحضرتها ولا
يكلمها إلا عن ضعف وخضوع، حتى قال عنه بعض آل سيرين: "ما رأيت محمد بن سيرين يكلم
أمه إلا وهو يتضرع".
تغلب ابن سيرين على محنته بالصبر والإيمان والتسليم بقضاء
الله ، فحينما ركبه الدين لم يقنط ولم ييئس، وإنما كان صابرًا شاكرًا، ووجد في
الزهد الدواء لكل داء، ووجد في الذكر والدعاء البرء والشفاء، فخفّف من مطعمه حتى
كان أكثر أدمه السمك الصغار، ووصل ليله بنهاره في الصلاة والذكر والدعاء.
ثناء
العلماء والفقهاء عليه
نال ابن سيرين حب وثناء وتقدير الكثير من العلماء ممن
عاصروه وممن جاءوا من بعده، وشهد له كثيرون بالفضل والزهد والورع والعلم
والفقه.
فقال عنه الخطيب البغدادي في تاريخه: "كان ابن سيرين أحد الفقهاء
المذكورين بالورع في وقته". وقال عنه مورق العجلي: "ما رأيت رجلا أفقه في ورعه ولا
أورع في فقهه من محمد بن سيرين". وقال ابن عون: "كان ابن سيرين من أرجى الناس لهذه
الأمة وأشدهم أزرًا على نفسه". وقال عثمان البتي: "لم يكن بهذه البلدة أحد أعلم
بالقضاء من محمد بن سيرين". وقال خلف: "كان محمد بن سيرين قد أُعطي هديًا وسمتًا
وخشوعًا فكان الناس إذا رأوه ذكروا الله". وقال يونس بن عبيد: "أما ابن سيرين فإنه
لم يعرض له أمران في دينه إلا أخذ بأوثقهما". وقال سفيان بن عيينة: لم يكن في كوفي
ولا بصرى ورع مثل ورع محمد بن سيرين".

رواياته من الحديث
روى محمد بن
سيرين عددًا من الأحاديث، فقد سمع عن عدد من الصحابة وروى عنهم، ومما أسند ابن
سيرين من أحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) ما رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل ناسيًا وهو صائم فليتم فإنما أطعمه
الله وسقاه" أخرجه البخاري.
وروى أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى
الله عليه وسلم): "في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله
خيرًا إلا أعطاه" أخرجه البخاري. وروى عنه أيضا قال: قال رسول الله (صلى الله عليه
وسلم): "من هم بحسنة فلم يعملها كُتبت له حسنة، ومن هم بحسنة فعملها كتبت له عشرا
إلى سبعمائة ضعف، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب وإن عملها كتبت" أخرجه مسلم..
وقد بلغ عدد مروياته في الكتب التسعة (874) حديثًا.

آثاره ومؤلفاته
عرف
ابن سيرين بالحكمة والزهد، وكان بليغًا فصيحًا في مواعظه، ومن أقواله التي صارت
تجري مجرى الأمثال لفصاحتها وبلاغتها، ويسرها: "إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرًا
جعل له واعظًا من قلبه يأمره وينهاه".. "ظلمٌ لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم وتكتم
خيره".. "الكلام أوسع من أن يكذب فيه ظريف".. "لا تكرم أخاك بما يشق عليك"..
"العزلة عبادة".

تفسير الأحلام
ويعد ابن سيرين الرائد الأول لعلم تفسير
الأحلام، وهو أول من أفرد له التصانيف، وجعله علمًا له أدواته وأصوله وقواعده
وشروطه.
وقد صنف ابن سيرين كتابين يعدان أساسًا لمن صنّف بعده في هذا الفن وهما:
تعبير الرؤيا، وتفسير الأحلام الكبير. وقد طبعا مرارًا.
منهجه في تفسير
الأحلام
أوضح ابن سيرين في مقدمة كتابه "تعبير الرؤيا" شروط تعبير الرؤيا التي
يجب أن يكون عليها من يتعرض لهذا الفن، فيقول: "إن الرؤيا لما كانت جزءًا من ستة
وأربعين جزءا من النبوة، لزم أن يكون المعبر عالمًا بكتاب الله ، حافظًا لحديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم خبيرًا بلسان العرب واشتقاق الألفاظ، عارفًا بهيئات الناس،
ضابطًا لأصول التعبير، عفيف النفس، طاهر الأخلاق، صادق اللسان؛ ليوفقه الله لما فيه
الصواب ويهديه لمعرفة معارف أولي الألباب".
ويرى ابن سيرين أن الرؤيا قد تُعبّر
باختلاف أحوال الأزمنة والأوقات، فتارة تعبر من كتاب الله ، وتارة تعبر من حديث
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما قد تعبر بالمثل السائر. فأما التأويل من القرآن
فكالبيض يُعبّر عنها بالنساء ، لقوله تعالى: "كأنهن بيض مكنون"، وكالحجارة يعبر
عنها بالقسوة، لقوله تعالى: "ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد
قسوة".
وأما التأول من حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) فكالضلع يعبر عنه
بالمرأة؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "المرأة خُلقت من ضلع أعوج"،
وكالفأرة يعبر عنها بالمرأة الفاسقة لقوله (صلى الله عليه وسلم) "الفأرة فاسقة"،
وكالغراب الذي يعبر عنه بالرجل الفاسق؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) سمّاه
فاسقًا.

نماذج من تفسير الرؤيا عنده
جعل ابن سيرين لكل رمز من الرموز
التي يراها النائم في منامه معنى يدل عليه في سياق الجو الذي يحيط به والملابسات
والحوادث التي يظهر من خلالها؛ فمن رأى أنه دخل الجنة، فإنه يدخلها، وهي بشارة له
بما تقدم من صالح الأعمال، فإن رأى أنه يأكل ثمارها، أو أعطاها غيره فإن ثمار الجنة
كلام طيب، مثل كلام البر والخير بقدر ذلك.
أما رؤيا المطر فإنها دليل غيث ورحمة،
وكذلك الغمام، فإن كان خاصًا في موضع دار أو محلة دون غيرها كان ذلك أوجاعًا أو
أمراضًا، أو خسارة في الدنيا تقع بأهل ذلك الموضع المخصوص بها.
ورؤية الحية
تأويلها عدو كاتم العداوة مبالغ فيها بقدر عظم الحية وهيبتها في المنظر. والنور في
التأويل هداية. والظلمة ضلال. والطريق طريق الحق، والميل عنه ميل إلى الباطل.
والأسد عدو متسلط ذو سلطان وبأس شديد. أما الكلب فعدو غير بالغ في عدواته، وقد
ينقلب صديقًا، ولكنه دنيء النفس قليل المروءة.
وفاته
توفي ابن سيرين بالبصرة
في (9 من شوال 110هـ = 15 من يناير 729م) عن عمر بلغ نحو ثمانين عامًا.
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:46 am

ابن النفيس


في
قرية "قَرْش" بالقرب من دمشق ولد "علاء الدين علي بن أبي الحزم القرشي" سنة (607هـ
= 1210م) وبدأ تعليمه مثل غيره من المتعلمين؛ فحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ
القراءة والكتابة.
وقرأ شيئًا من النحو واللغة والفقه والحديث، قبل أن ينصرف إلى
دراسة الطب التي اتجه إليها سنة (629هـ = 1231م) وهو في الثانية والعشرين من عمره
بعد أزمة صحية ألمّت به. ويقول هو عنها: "قد عرض لنا حميات مختلفة، وكانت سنّنا في
ذلك الزمان قريبة من اثنتين وعشرين سنة. ومن حين عوفينا من تلك المرضة حَمَلنا سوء
ظننا بأولئك الأطباء (الذين عالجوه) على الاشتغال بصناعة الطب لننفع بها
الناس".
وتذكر المصادر التاريخية أنه تعلم قبل ذلك التاريخ على "المهذب
الدّخوار" أحد كبار الأطباء في التاريخ الإسلامي، ودرس عليه الطب، وكان رئيسا
للأطباء في عصره ويعمل في البيمارستان النوري بدمشق، وتوفي سنة (628هـ =
1230م).

وكانت دمشق في تلك الفترة تحت حكم الأيوبيين الذين كان يعنون بالعلم
عامة وبالطب خاصة عناية كبيرة، وجعلوا من دمشق حاضرة للعلوم والفنون، وكانت تضم
فيما تضم مكتبة عظيمة تحوي نفائس الكتب، وبيمارستانا عظيما أنشأه نور الدين محمود،
واجتذب أمهر أطباء العصر، توافدوا عليه من كل مكان. وفي هذا المعهد العتيد درس ابن
النفيس الطب على يد الدخوار، وعمران الإسرائيلي المتوفى سنة (637هـ = 1239م)؛ وكان
طبيبًا فذًا وصفه "ابن أبي أصيبعة" الذي زامل ابن النفيس في التلمذة والتدريب على
يديه بقوله: "وقد عالج أمراضا كثيرة مزمنة كان أصحابها قد سئموا الحياة، ويئس
الأطباء من برئهم، فبرئوا على يديه بأدوية غريبة يصفها أو معالجات بديعة
يعرفها".
في القاهرة
وفي سنة (633هـ = 1236م) نزح ابن النفيس إلى القاهرة،
والتحق بالبيمارستان الناصري، واستطاع بجدّه واجتهاده أن يصير رئيسًا له، وعميدا
للمدرسة الطبية الملتحقة به، ثم انتقل بعد ذلك بسنوات إلى "بيمارستان قلاوون" على
إثر اكتمال إنشائه سنة (680هـ = 1281م).
وعاش في القاهرة في بحبوحة من العيش في
دار أنيقة، وكان له مجلس يتردد عليه العلماء والأعيان وطلاب العلم يطرحون مسائل
الطب والفقه والأدب. ووصفه معاصروه بأنه كان كريم النفس، حسن الخلق، صريح الرأي،
متدينًا على المذهب الشافعي؛ ولذلك أفرد له السبكي ترجمة في كتابه "طبقات الشافعية
الكبرى" باعتباره فقيهًا شافعيًا. وأوقف قبل وفاته كل ما يملكه من مال وعقار على
البيمارستان المنصوري.
ابن النفيس والدورة الدموية
اقترن اسم ابن النفيس
باكتشافه الدورة الدموية الصغرى التي سجلها في كتابه "شرح تشريح القانون"، غير أن
هذه الحقيقة ظلت مختفية قرونًا طويلة، ونسبت وهمًا إلى الطبيب الإنجليزي "هارفي"
المتوفى سنة
(1068هـ = 1657م) الذي بحث في دورة الدم بعد ما يزيد على ثلاثة
قرون ونصف من وفاة ابن النفيس. وظل الناس يتداولون هذا الوهم حتى أبان عن الحقيقة
الدكتور محيي الدين التطاوي في رسالته العلمية.
وكان الطبيب الإيطالي "ألباجو"
قد ترجم في سنة (954هـ= 1547م) أقسامًا من كتاب ابن النفيس "شرح تشريح القانون" إلى
اللاتينية، وهذا الطبيب أقام ما يقرب من ثلاثين عاما في "الرها" وأتقن اللغة
العربية لينقل منها إلى اللاتينية. وكان القسم المتعلق بالدورة الدموية في الرئة
ضمن ما ترجمه من أقسام الكتاب، غير أن هذه الترجمة فُقدت، واتفق أن عالما إسبانيًا
ليس من رجال الطب كان يدعى "سيرفيتوس" كان يدرس في جامعة باريس اطلع على ما ترجمه
"ألباجو" من كتاب ابن النفيس. ونظرًا لاتهام سيرفيتوس في عقيدته، فقد طرد من
الجامعة، وتشرد بين المدن، وانتهى به الحال إلى الإعدام حرقًا هو وأكثر كتبه في سنة
(1065هـ = 1553م) على أن من عدل الأقدار أن بقيت بعض كتبه دون حرق، كان من بينها ما
نقله عن ترجمة ألباجو عن ابن النفيس فيما يخص الدورة الدموية، واعتقد الباحثون أن
فضل اكتشافها يعود إلى هذا العالم الإسباني ومن بعده هارفي حتى سنة (1343 = 1924م)
حين صحح الطبيب المصري هذا الوهم، وأعاد الحق إلى صاحبه.
وقد أثار ما كتبه
الطبيب التطاوي اهتمام الباحثين، وفي مقدمتهم "مايرهوف" المستشرق الألماني الذي كتب
في أحد بحوثه عن ابن النفيس: "إن ما أذهلني هو مشابهة، لا بل مماثلة بعض الجمل
الأساسية في كلمات سيرفيتوس لأقوال ابن النفيس التي تُرجمت ترجمة حرفية". ولما اطلع
"الدوميلي" على المتنين قال: "إن لابن النفيس وصفا للدوران الصغير تطابق كلماته
كلمات سيرفيتوس تمامًا، وهكذا فمن الحق الصريح أن يعزى كشف الدوران الرئيس إلى ابن
النفيس لا إلى سيرفيتوس أو هارفي".
غير أن اكتشاف الدورة الدموية الصغرى هي
واحدة من إسهاماته العديدة فالرجل حسب ما تحدثنا البحوث الجديدة التي كتبت عنه قد
اكتشف الدورتين الصغر والكبرى للدورة الدموية، ووضع نظرية باهرة في الإبصار
والرؤية،وكشف العديد م الحقائق التشريحي، وجمع شتات المعرفة الطبية والصيدلانية في
عصره، وقدم للعلم قواعد للبحث العلمي وتصورات للمنهج العلمي
التجريبي.

مؤلفات ابن النفيس
لابن النفيس مؤلفات كثيرة نشر بعضها وما
يزال بعضها الآخر حبيس رفوف المخطوطات لم ير النور بعد، من هذه المؤلفات:

-
شرح فصول أبقراط، وطبع في بيروت بتحقيق ماهر عبد القادر ويوسف زيدان سنة (1409هـ =
1988م).
- والمهذب في الكحل المجرب، ونشر بتحقيق ظافر الوفائي ومحمد رواس قلعة
جي في الرباط سنة (1407هـ = 1986م).
- الموجز في الطب، ونشر عدة مرات، منها مرة
بتحقيق عبد المنعم محمد عمر في القاهرة سنة (1406هـ = 1985)، وسبقتها نشرة ماكس
مايرهوف ويوسف شاخت ضمن منشورات أكسفورد سنة(1388هـ = 1968م).
- والمختصر في
أصول علم الحديث، ونشر بتحقيق يوسف زيدان بالقاهرة سنة (1412هـ = 1991م).
- شرح
تشريح القانون، ونشر بتحقيق الدكتور سلمان قطابة بالقاهرة سنة (1408هـ= 1988م) وهو
من أهم كتب، وتبرز قيمته في وصفه للدورة الدموية الصغرى، واكتشافه أن عضلات القلب
تتغذى من الأوعية المبثوثة في داخلها لا من الدم الموجود في جوفه. ويظهر في الكتاب
ثقة ابن النفيس في علمه؛ حيث نقض كلام أعظم طبيبين عرفهما العرب في ذلك الوقت،
وهما: جالينوس، وابن سينا.
-غير أن أعظم مؤلفاته تتمثل في موسوعته الكبيرة
المعروفة بـ"الشامل في الصناعة الطبية". وقد نهضت إليها همة الدكتور يوسف زيدان في
مصر ونجح في جمع أجزاء الكتاب المخطوطة. وتطلع المجمع الثقافي في أبو ظبي إلى هذا
العمل، فأخذ على عاتقه نشره محققا، فخرج إلى النور أول أجزاء هذا العمل في سنة
(1422هـ = 2001م)، وينتظر توالي خروج الكتاب في أجزاء متتابعة.
وكان ابن النفيس
قد وضع مسودات موسوعته في ثلاثمائة مجلد، بيّض منها ثمانين، وهي تمثل صياغة علمية
للجهود العلمية للمسلمين في الطب والصيدلة لخمسة قرون من العمل المتواصل. وقد وضعها
ابن النفيس لتكون نبراسًا ودليلاً لمن يشتغل بالعلوم الطبية.
وفاته
كان ابن
النفيس إلى جانب نبوغه في الطب فيلسوفًا وعالمًا بالتاريخ وفقيها ولغويًا له مؤلفات
في اللغة والنحو، حتى كان ابن النحاس العالم اللغوي المعروف لا يرضى بكلام أحد في
القاهرة في النحو غير كلام ابن النفيس، وكان يقضي معظم وقته في عمله أو في التأليف
والتصنيف أو تعليم طلابه.
وفي أيامه الأخيرة بعدما بلغ الثمانين مرض ستة أيام
مرضًا شديدًا، وحاول الأطباء أن يعالجوه بالخمر فدفعها عن فمه وهو يقاسي عذاب المرض
قائلا: "لا ألقى الله تعالى وفي جوفي شيء من الخمر"، ولم يطل به المرض؛ فقد توفي في
سَحَر يوم الجمعة الموافق (21 من ذي القعدة 687هـ = 17 من ديسمبر
1288م).
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:46 am

ابن الهيثم


ابن
الهيثم (354-430هـ / 965 -1039م)
الحسن أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم، وهو من
أعظم علماء الرياضيات والفيزياء ومؤسس علم البصريات وطبيب وفيلسوف اشتهر في القرن
الرابع الهجري / العاشر الميلادي. ولد في البصرة عام 354هـ / 965 م وعاش فيها حياته
الأولى حيث اهتم بتحصيل العلم، والإلمام بما وصلت إليه الفلسفة والعلوم التعليمية
بل والعلوم الطبية أيضا في عصره.
وعندما شب ابن الهيثم اشتغل كموظف في الديوان
الحكومي، إلا أنه لم يعكف على مواصلة البحث والدراسة، فكان يقرأ الفلسفة ويشرح
ويلخص ويختصر فيها من كتب اليونان ما أحاط فكره بتصوره وصنف في ذلك فروعا كثيرة.
كما درس التشريح ولخص من كتب جالينوس في الطب وبلغ في ذلك مكانة عالية ولا سيما في
تشريح العين، ولكنه لم يباشرها عملا ولم يتدرب على فنون المداواة والجراحة. وكان في
جميع ذلك قد خط منهجا ذكر فيه: " وأنا ما دامت لي الحياة باذل جهدي ومستفرغ قوتي في
مثل ذلك متوخيا منه أمورا ثلاثة: أحدها إفادة من يطلب الحق ويؤثره في حياتي وبعد
مماتي، والثاني أني جعلت ذلك ارتياضا لي بهذه الأمور في إثبات ما تصوره وأتقنه فكري
من تلك العلوم، والثالث أني صيرته ذخيرة وعدة لزمان الشيخوخة وأوان الهرم.
عكف
ابن الهيثم على الدراسة والبحث، إلى أن بلغه أن النيل في مصر ينحدر من موضع عال هو
في طرف الإقليم المصري، فقال "لو كنت بمصر لعملت في نيلها عملا يحصل به النفع في كل
حالة من حالاته من زيادة ونقص". فبلغ الحاكم بأمر الله كلام ابن الهيثم هذه فتشوق
إلى رؤيته، فأرسل إليه أموالا وهدايا ورغبه في الحضور إلى مصر، فلبى ابن الهيثم ذلك
وترك وظيفته الحكومية على الفور.
سافر ابن الهيثم إلى مصر، فلما بلغها خرج
الحاكم بأمر الله للقائه وقابله بقرية على باب القاهرة اسمها الخندق فأكرمه الحاكم
وأمر بحسن ضيافته. فأقام ابن الهيثم في الضيافة الملكية بضعة أيام حتى يستريح من
عناء السفر، ثم طالبه الحاكم بإنجاز ما وعد به من أمر النيل.
سافر ابن الهيثم
ومعه جماعة من الصناع المحترفين لأعمال البناء، وأهل فن العمارة ليستعين بهم على
هندسته التي خطرت له. ولما سار إلى الإقليم بطوله ورأى آثار من تقدم من ساكنيه من
الأمم الخا لية وهي على غاية من إحكام الصنعة وجودة الهندسة تحقق له أن الذي كان
يقصده ليس بممكن فإن من تقدمه في العصور الخالية لم يبعد عن عقولهم علم ما علمه،
ولو أمكن لفعلوه فانكسرت همته ووقف خاطره ووصل إلى الموضع المعروف بالجنادل قبل
مدينة أسوان وهو موضع مرتفع ينحدر منه ماء النيل فعاينه وباشره واختبره من جانبيه
فوجد أمره لا يسير على موافقة مراده وتحقق الخطأ والغلبة عما وعد به وعاد خجلا،
واعتذر للحاكم بأمر الله فقبل الحاكم عذره وولاه ديوانا فتولاه رهبة لا رغبة.

تولى ابن الهيثم الوظيفة بالديوان المصري إلى أن تحقق له الغلط في تلك الولاية.
وكان الحاكم متقلب المزاج سفاكا للدماء بأضعف سبب، فأعمل ابن الهيثم فكره في أمر
يتخلص به فلم يجد طريقا إلى ذلك إلا بالتظاهر بالجنون، فتظاهر بذلك وأشاع خبره حتى
بلغ الحاكم، فعين له الحاكم وصيا وحجز على أمواله لمصلحته وجعل بجانبه من يخدمه
وقيدوه وتركوه في موضع من منزله.
وظل ابن الهيثم على هذه الحال التعسة إلى أن
بلغه وفاة الحاكم وتحقق هو من ذلك، فأظهر العقل وعاد إلى ما كان عليه وخرج من داره
واستوطن دارا بالقرب من الجامع الأزهر وأعيد إليه ماله.
وقد عاش ابن الهيثم بقية
حياته في القاهرة واشتغل بالتأليف والنسخ، ولكنه لم يكن في سعة من العيش، فقد كان
يرتزق من نسخ كتابين أو ثلاثة كتب رياضية، منها كتاب الأصول لإقليدس في الهندسة ،
وكتاب المجسطي لبطليموس في الفلك . فكان ينسخها كل عام فيأتيه من أقاصي البلاد من
يشتريها منه بثمن معلوم، لا مساومة فيه ولا معاودة، فيبيعها ويجعلها مئونة حياته
طول سنته.
عرف ابن الهيثم بغزارة إنتاجه العلمي، وبلغت شهرته آفاق العالم
الإسلامي في ذلك الوقت، وكانت شهرته لا كعالم رياضي فحسب بل كمهندس له في الفنون
الهندسية آراء. كما طرق الفلسفة والمنطق والطب والفلك واستحدث فيها آراء جديدة من
الفكر العلمي توجها بعلم البصريات.
ولعل أهم ما يشتهر به ابن الهيثم إنجازاته في
البصريات هو أنه أول من وصف أجزاء العين وعملية الرؤية فيها بشكل دقيق وسليم علميا
وأبطل الرأي الإغريقي السائد آنذاك بأن الرؤية تتم بخروج شعاع من العين وسقوطه على
الأشياء التي تتم رؤيتها، وكان وراء هذا الرأي بطليموس وإقليدس. فبين ابن الهيثم أن
المنشور الضوئي يمر من الأشياء إلى العين خلال القرنية وفتحة القزحية وأجزاء العين
الأخرى ليصل إلى الشبكية. كما درس نفاذ الضوء من الأوساط المختلفة فاكتشف قوانين
انكسار الضوء وانعكاسه، والعلاقة بين زاوية سقوط الضوء وانكساره، وصاحب أول التجارب
العلمية على تحلل الضوء إلى ألوانه المعروفة بألوان الطيف . وناقش من الموضوعات
طبيعة الضوء، و قوس قزح ، والظلال و الخسوف . كما درس المرايا بأنواعها الكروية
والمكافئة والانحراف الكروي. وقدم في دراسته ما عرف في الغرب باسم مسألة الهازن
والتي تقوم على معادلات رياضية من الدرجة الرابعة. وفي مجال الطبيعيات بحث ابن
الهيثم نظريات التجاذب بين الكتل، وتسارع الأجسام الساقطة بفعل الجاذبية . وفي
الميكانيكا أشار ابن الهيثم إلى القانون الأول للحركة القائل بأن الجسم يظل على
حالته ما لم تؤثر عليه قوة خارجية توقفه أو تغير اتجاهه.
ترك ابن الهيثم مؤلفات
عديدة في شتى المجالات. أما أهم مؤلفاته فهي في مجال الرياضيات والفلك والبصريات
والطب والتشريح. من أشهرها كتاب المناظر الذي يتضمن آراء مبتكرة جريئة في علم
الضوء، وهو في سبعة أجزاء. وهو من أهم كتبه على الإطلاق. ورسالة مصادرات أوقليدس ،
ورسالة حل شكوك أوقليدس ، ورسالة مساحة المجسم المكافئ العدد والمجسم ، ورسالة
مقدمة ضلع المسبع ، ورسالة تربيع الدائرة، ورسالة استخراج أضلع المكعب ، ورسالة علل
الحساب الهندي ، ورسالة التحليل والتركيب ، ورسالة حساب الخطأين. وكتاب الشكوك على
بطليموس ، ومقالة المراية المحرقة بالدوائر ، ومقالة المراية المحرقة بالقطوع ،
ومقالة الكرة المحرقة ، ومقالة كيفية الأظلال، ومقالة عمل البنكام. كما ألف في الطب
كتابين أحدهما في تقويم الصناعة الطبية ضمنه ثلاثين كتابا قرأها لجالينوس، ورسالة
في تشريح العين وكيفية الإبصار
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:47 am

ابن الخمار

ابن
الخمار (331-000هـ / 942 -000م)

الحسن بن سوار بن بابا بن بهنام المعروف
بابن الخمار ولقبه أبو الخير وهي الترجمة العربية للكلمة الفارسية بهنام. الطبيب
والفيلسوف والمترجم والحكيم. عاش في القرن الرابع الهجري.
ولد عام 331هـ /942 م
، وأخذ الحكمة عن يحيى بن عدي. أما عام وفاته فهو غير معروف فلم تحدده كتب تاريخ
العلوم أو الموسوعات، ولم تذكر كذلك شيئا عن حياته ولكنها تحدثت عن فضله في علم
الطب. وقد اهتم ابن الخمار بعلم التشريح فألف كتابا بعنوان: كتاب في خلق الإنسان
وتركيب أعضائه وهو في أربع مقالات. واهتم بطب الأطفال فألف كتابا عن الحوامل، وشروط
الحالة الصحية للمرأة الحامل، وكيفية رعايتها، والأمراض التي قد تصاب بها، وكيفية
وقايتها منها بعنوان: كتاب الحوامل .
ولابن الخمار كتب ومقالات خاصة ببعض
الموضوعات أو الأمراض منها كتاب: كتاب في تدبير الشيوخ وذكر ابن الخمار في مقدمة
هذا الكتاب أن حنين بن إسحاق كان قد ألف ذلك بالسرياني، وجمع من كلام جالينوس وروفس
في تدبير الشيوخ ما تدعو الحاجة إلى معرفته مع زيادات ذكر أنه زادها من عنده، وكان
هذا الكتاب على طريق السؤال والجواب ليسهل تناوله وفهمه، وجعله ستة وعشرين بابا،
وتدل مقدمة هذا الكتاب على دقة وأمانة ابن الخمار وإسناده الدائم لمصادره في تأليف
كتبه. وله كتاب آخر عن مرض الديابطا وهو من الأمراض الخاصة بالجهاز الهضمي. وله
مقالة خاصة بعنوان: مقالة في الكاهني (مرض الصرع). ومقالة أخرى بعنوان: مقالة في
الطب تناول فيها بعض الأسس النظرية العامة الخاصة بالطب. وله مقالة في الأسس التي
يجاز عليها طالبو العلم في التخصص وكيفية امتحانهم بعنوان: مقالة في امتحان الأطباء
وقد ألف هذا الكتاب للأمير خوارزم شاه أبي العباس مأمون بن مأمون.
ومن كتب ابن
الخمار في العلوم الأخرى وبخاصة علم الحكمة كتاب: الآثار العلوية ، ومقالات هي:
مقالة في سير الفلاسفة ، ومقالة في الآثار المخيلة في الجو الحادثة عن البخار
المائي وهي الهالة و قوس قزح والشموس والضباب وهو كتاب عن طريق السؤال والجواب نقله
عن السريانية. وله مقالة بعنوان : في الأخلاق . ومقالة: في الهيولى والمقصود
بالهيولى المادة الأولى في الطبيعة والخلق، وهو كتاب في الميتافيزيقا (ما وراء
الطبيعة).
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:47 am

ابن الرومية


ابن الرومية
(حوالي 560-637هـ / 1165 -1240م)


أبو العباس أحمد بن محمد بن الخليل مفرج
النباتي الأموي المعروف بابن الرومية. عالم نبات اشتهر في القرنين السادس والسابع
الهجريين / الثالث عشر الميلادي. ولد وترعرع ونما وتعلم في إشبيلية بالأندلس. فبرز
في علم النبات ومعرفة الأدوية المفردة ومنافعها ومضارها، حتى صار المرجع في هذا
المجال للعلماء في عهده.

ومما تميز به ابن الرومية أنه لم يكتف بما كتبه العلماء
السابقون عرب أو مسلمون أو إغريق عن النباتات بل كان يدرسها بنفسه ويعمل عليها
التجارب، لكي يتسنى له بوضوح ما يريد أن يكتب عن هذه النباتات. فكان يربط ملاحظاته
على أسس علمية جيدة. وقد زار الشام والعراق لكي يلتقي بكبار العلماء آنذاك وعاين
نباتا كثيرا في هذه البلاد مما لم ينبت بالمغرب، وشاهد أشخاصها في منابتها ونظرها
في مواضعها.

بدأ ابن الرومية رحلته إلى الديار المصرية فوصل إلى الإسكندرية عام
613هـ /1216 م. التي كانت معقلا من معاقل العلم والمعرفة آنذاك. وعندما سمع السلطان
الملك العادل أبو بكر بن أيوب رحمه الله عن ابن الرومية ، وبلغه فضله وجودة معرفته
بالنبات والطب وعلم الحديث ، فاستدعاه إلى القاهرة ، وتلقاه وأكرمه وقرر أن يكون له
جامكية و جراية ، وعرض عليه وظيفة مغرية، ليبقى في مصر، فاعتذر ابن الرومية بحجة
أنه يريد أن يذهب إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج ثم يرجع إلى أهله، وبقي مقيما
عنده مدة عامين جمع له فيها الترياق الكبير وركبه، ثم توجه إلى الحجاز. ولما حج عاد
إلى المغرب وأقام بإشبيلية.

اشتهر ابن الرومية أيضا بجانب علم النبات أنه من
العلماء البارزين في العلوم الشرعية. فلقد اشتهر بنقله كثير من الأحاديث النبوية عن
ابن حزم وغيره، فتتلمذ عليه كثير من طلاب العلم في الشريعة والعلوم الطبيعية مثل
ابن البيطار . فكان ابن الرومية يجيب على مئات الأسئلة التي ترد إليه في مدينة
إشبيلية بنفس راضية ورحبة. وفي إجاباته يوضح المشاكل التي تواجه العالم وطالب العلم
عندما يحاول معرفة موضوع في العلوم البحتة أو التطبيقية، وإن أخذ ذلك منه وقتا
وجهدا مضنيين. ولقد استعان به الملوك واستفادوا من عقليته الراجحة والمتنورة. كما
استفاد منه معظم الناس في الأندلس من ملوك وعلماء وطلبة علم وعامة الشعب
آنذاك.

كما عرف ابن الرومية بورعه فقد كان كثير التبرع والتصدق على الفقراء
والمساكين. وكانت رغبته الملحة ليقدم خدمة للفقراء وراء دراسته للطب والصيدلة. وكان
ابن الرومية يميل لدراسة الشريعة والأحاديث النبوية في أول حياته، ولكنه لما رأى
معاملة الأطباء والصيادلة للفقراء والمساكين اندفع لدراسة علمي النبات والطب، حتى
برز فيهما. فثقافته الإسلامية جعلت منه عالما فذا مدركا لما يحتاج إليه الناس وخاصة
العامة.

ترك ابن الرومية عددا قليلا من المؤلفات في النبات والطب منه كتاب
الرحلة النباتية وهو أهم مؤلفاته، ولم يصلنا منه شيء إلا مقتطفات ذكرها ابن البيطار
في كتابه. وكتاب تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس (أو شرح حشائش
ديسقوريدس)، ومقالة في تركيب الأدوية ، وكتاب أدوية جالينوس والتنبيه على أوهام
ترجمتها ، وكتاب التنبيه على أغلاط الغافقي ، وكتاب الرحلة المستدركة .
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:48 am

مسكـويـة

مسكويه
(325-421هـ / 937 -1030م)

أحمد بن محمد بن يعقوب الرازي المعروف بمسكويه،
عالم اشتهر في القرنين الرابع والخامس الهجريين / الحادي عشر الميلادي، وعرف كأحد
أشهر منظري علم الأخلاق والطب النفسي والتربية. ولد بالري عام 325هـ / 937 م. ومنها
جاءت نسبته الرازي، وهو ينحدر من أسرة فارسية، وكان جده مجوسيا، إلا أن أباه كان
مسلما. ولقد عرف لقبا بمسكويه وهو يعني بالفارسية "رائحة المسك" والمسك بالفارسية
له ذات الرسم بالعربية إلا أنه بالشين المعجمة "مشك" أي مشكويه. وهذا اللقب هو أحد
الدلائل على تكريم الرجل وعلو شأنه وثرائه وريحه الطيبة التي كانت تفوح منها رائحة
المسك دائما.
ولد مسكويه في أسرة ثرية، ولكن أباه لم يجتهد في تربيته، فأهمل
تثقيفه ولم يساعده على طلب الحكمة ولا الفلسفة. فنشأ مسكويه على ذلك وظل على هذا
الحال حتى كان له وظيفة النديم التي كان يشغلها مع المهلبي الوزير أثناء وزارته عام
350هـ / 962 م. والتي كانت تفرض عليه نمطا من الحياة، وأسلوبا من السلوك ونوعا من
الصفات والمؤهلات الأدبية التي تأتلف كلها مع خطة اللذات والمتع التي كان يجيد
السير فيها.
استمر عمل مسكويه نديما عند المهلبي ثلاث سنوات حتى انتقل بعدها
للعمل عند ابن العميد عام 353هـ / 965 م. وعمل مسكويه عنده بوظيفتين، أحدهما أساسية
وهي "خازن المكتبة". ولقد كان له مكتبة مشهورة حافلة. ومنها لحقه لقب الخازن الذي
يضاف إلى اسمه في بعض الأحيان. والوظيفة الأخرى الثانوية هي تعليم ابنه أبي الفضل.
ولقد ساعدته وظيفته في خزائن الكتب على تنمية ذخائر فكره وتوسيع مدى ثقافته
وعلمه.
وبفضل نفسه التواقة إلى التقاط الحكمة، وتحصيل السعادة العظمى، وبفضل ما
تيسر له من الخزائن العلمية الحافلة بعشرات الآلاف من الكتب في كل علم وفن، اكتسب
مسكويه من العلوم كثيرا، وهضم فكره كل ما تناوله من معلومات فبرز في علوم عصره وكتب
في الكيمياء والتاريخ والفلسفة والأدب والشعر باللغات العربية والفارسية وترجم إلى
السريانية.
وقد بقي مسكويه في منصب الخازن هذا سبع سنوات قضاها مع ابن العميد،
فلما توفي ابن العميد انتقل مسكويه لمواكبة تلميذه أبي الفتح ابن العميد ست سنوات
أخرى منذ أن تولى الوزارة عام 360هـ / 971 م. حتى وفاته عام 366هـ / 977 م. ولما
مات أبو الفتح، ارتقى إ لى منصب الوزارة الصاحب بن عباد، وكانت بينه وبين مسكويه
مشاحنة سابقة حصلت في مجلس العميد الذي جمعهما معا عام 358هـ / 969 م. ولقد رغب
الصاحب ، بضمه إلى حاشيته إلا أن مسكويه رفض.
ترك مسكويه وزارة الصاحب ابن عباد
واتصل بعضد الدولة البويهي، الذي كان يعرف شخصيته وكفاءاته منذ أن كان في خدمة وزير
أبيه ركن الدولة، ابن العميد. وكانت لابن العميد مكانة عالية ورتبة كريمة في نفس
عضد الدولة، فلم يكن يذكره إلا بصفة "الأستاذ الرئيس" ومن الطبيعي أن يرعى حق
أستاذه وأن يقرب مسكويه، وأن يجعله جليسه وعشيره ونديمه ورسوله إلى نظرائه وخازن
المكتبة.
استمر مسكويه على هذه الحال حتى عام 372هـ / 982 م. التي توفي فيها عضد
الدولة. فاتصل بعدها بابنه صمصام الدولة كاليجار الرزبان وظل في بلاطه قرابة أربع
سنوات. وفي أثناء حكم صمصام الدولة كان مسكويه يجتمع بوزيره ابن سعدان ويحضر مجلسه
الحافل الشهير، الذي كان يباهي به ويفخر على مجالس الأمراء المعاصرين له. فلما قتل
الصمصام عام 376هـ / 986 م. لازم مسكويه شرف الدولة الذي تولى الحكم بعد أخيه. كما
لازم أيضا حكم بهاء الدولة وهو الابن الثالث لعضد الدولة، الذي استلم الحكم بعد
أخيه عام 379هـ / 989 م. واستمر حكمه إلى عام 403هـ / 1012 م..
وبعد وفاة بهاء
الدولة اتصل مسكويه بخوارز مشاه، وحضر مجلسه مع جملة الأطباء. وفي هذا المجلس التقى
مسكويه بابن سينا ، وأبي نصر العراقي وأبي الريحان البيروني ، وأبي سهل المسيحي.
ولقد استمر مسكويه ملازما بلاط خوارزمشاه حتى توفي بأصبهان عن عمر يناهز السادسة
والستين، ودفن في محلة حاجو عام 421هـ / 1030 م.
نشأ مسكويه على حياة اللهو
واللذة والمتعة، فقد رباه أبوه على رواية الشعر الفاحش، وذلك رغبة إلى رؤساء
يقربونه على روايتها وقول مثلها ويجزلون له العطية. كما ابتلي مسكويه بأصدقاء لم
يساعدونه على التقوى، ومال طبعه إلى الاستكثار من المطاعم والملابس والمراكب
المزينة وركوب الخيل الفارهة، وامتلاك العبيد والغلمان.
ومما ساعد مسكويه على
ذلك أنه عاش في أدق فترة من فترات انهيار الخلافة الإسلامية ببغداد، وصعود نجم
الدولة البويهية، وفساد الحياة الاجتماعية، وشيوع الحكم الاستبدادي، وإخضاع الأرواح
والأموال لهوى السلطان وعواطفه وتقلباته، واشتع ال الحروب والعرقية والمذهبية،
وولوع الخلفاء والخاصة، والعامة على هديهم بالغلمان، والإفحاش في القول.
ولكن
الله شاء أن يجد مسكويه طريقه بين كل هذه الأهواء. فتوقف عن متابعة السير في نفس
الاتجاه، ووقف لمحاسبة ذاته، واستطاع أن يجتهد على فطام نفسه. وكان حينذاك قد وصل
إلى مرحلة الرجولة، فوجد صعوبة في ذلك ، فأخذ يكفر عما فرط منه في حياته الأولى
بكتابه في الأخلاق . ولقد جعل مسكويه جل همه بقية حياته أن يكتب في هذا العلم مبينا
طريق السعادة الحقيقية، وأهمية اختيار الصديق، وطرق محاسبة النفس ، وأساليب كبح
الأهواء ، وهي أمور جعلت من مسكويه أحد أعظم الأساتذة الأعلام في الطب
النفسي.
ولقد وضع مسكويه دستورا أخلاقيا جعله عهدا على نفسه، والتزم به، وهو
"آمن في سربه، معافى في جسمه، عنده قوت يومه". كما استطاع مسكويه بفضل نفسه التواقة
إلى التقاط الحكمة، وتحصيل السعادة العظمى ، وبفضل ما تيسر له من الخزائن العلمية
الحافلة بعشرات الآلاف من الكتب في كل علم وفن ، فتحوط عليها كخازن وأحاط بها كقارئ
متسوعب يعي كل ما يتناوله من علم، فبرز في علوم عصره وتقدم فيها دون أستاذ أو
معلم.
ترك مسكويه مؤلفات عديدة باللغتين العربية والفارسية معظمها في الأخلاق من
أهمها: كتاب تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق وهو أشهر مؤلفاته. وكتاب الفوز الأصغر
وهو في الإلهيات، وكتاب ترتيب السعادة ويتوسع فيه في معنى السعادة وسبل الوصول
إليها، وكتاب تجارب الأمم ووضعه ليتخذه الملوك والخلفاء عبرة
وعظة.
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:49 am

ياقوت الحموي

ياقوت
الحموي (574 -626هـ / 1178 -1229م)

ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي شهاب
الدين رحالة جغرافي أديب شاعر لغوي، ولد ببلاد الروم، وهو عربي الأصل من مدينة حماة
، وقد أسر الروم والده في غارة لهم على مدينة حماة، ولم يستطع الحمدانيون فداءه مثل
غيره من العرب فبقي أسيرا بها وتزوج من فتاة رومية فقيرة أنجبت "ياقوتا". وانتقل
إلى بغداد وهو طفل، وكان واليه التاجر عسكر بن أبي نصر البغدادي، وعامله عسكر
معاملة الابن، وقد حفظ القرآن الكريم في مسجد متواضع هو المسجد الزيدي بحارة ابن
دينار على يد مقرئ جيد وتعلم القراءة والكتابة والحساب، وحين أتقن ياقوت القراءة
والكتابة راح يتردد على مكتبة مسجد الزيدي يقرأ بها الكتب وكان إمام الجامع يشجعه
ويعيره الكتب ليقرأها.
وعلمه عسكر شئون التجارة وعمل معه بمتجره، وسافر معه إلى
عدة بلاد وكانت أولى أسفاره إلى جزيرة كيش في جنوب الخليج العربي، وكانت جزيرة
شهيرة في وقتها بالتجارة. وتوالت أسفار ياقوت إلى بلاد فارس والشام والجزيرة
العربية وفلسطين ومصر، وحين اطمأن عسكر لخبرته بالتجارة مكث في بغداد وكان ياقوت
يسافر بمفرده وكان أثناء رحلاته يدون ملاحظاته الخاصة عن الأماكن والبلدان والمساجد
والقصور والآثار القديمة والحديثة والحكايات والأساطير والغرائب والطرائف.
وفي
عام 597هـ -1200م ترك ياقوت تجارة عسكر وفتح دكانا متواضعا بحي الكرخ ينسخ فيه
الكتب لمن يقصده من طلاب العلم، وجعل جدران الدكان رفوفا يضع بها ما لديه من الكتب
التي اشتراها أثناء رحلاته أو الكتب التي نسخها بيده من مكتبة مسجد الزيدي. وكان في
الليل يفرغ للقراءة، وأدرك ياقوت أهمية التمكن من اللغة والأدب والتاريخ والشعر
فنظم لنفسه أوقاتا لدراسة اللغة على يد ابن يعيش النحوي، والأدب على يد الأديب
اللغوي العُكْبُري.
وعندما بلغ ياقوت خمسا وعشرين سنة وتمكن من العلوم المختلفة
وشعر أن خبراته الجغرافية قد نضجت عاود السفر مرة أخرى، وعمل في تجارة الكتب، فزار
فارس ولقي علماءها وأدباءها وسافر إلى الشام وزار موطنه الأصلي حماة. وزار نيسابور
وتزوج هناك ومكث عامين، ولكنه لم يستطع الاستقرار طويلا فعاود السفر وتجارة الكتب
مرة أخرى بين مدائن خراسان، ومر بمدينة هراة وسرخس ومرو، وكانت مدينة جميلة، فقرر
أن يمكث بها فهي مركز ثقافي هام، وكان ياقوت يختبر ما يسمعه من أخبار عن المدينة
فقد سمع مثلا عن أهالي مرو أن هم بخلاء، ولكنه وجدهم ليني الأخلاق، يؤثرون الاقتصاد
والاعتدال ويكرهون الإسراف وفي مرو وضع عددا من الكتب، وبدأ في إنجاز مشروعه الكبير
لتأليف معجم جغرافي يدون به أسماء البلدان وما سمعه ورآه عنها محققا أسماءها ذاكرا
لموقعها الدقيق مراعيا الدقة والتحقيق ذاكرا خطوط الطول والعرض وموضحا لتاريخها
وحكاياتها وأخبارها، وهو: معجم البلدان.
ومع اجتياح المغول لمرو هرب ياقوت
الحموي إلى الموصل وأنجز بها معجم الأدباء، وسافر بعد ذلك إلى حلب وكان في رعاية
واليها الوزير والعالم المؤرخ الطبيب القفطي الذي رحب به وجعل له راتبا من بيت
المال وقد كان ياقوت معجبا بالوالي لعلمه فقد قرأ كتبه في بغداد، وقضى ياقوت في حلب
خمس سنوات أنهى فيها الكتابة الأولى لمعجم البلدان وكان قد بلغ من العمر خمسة
وأربعين عاما.
ويروى أن سبب تأليف ياقوت لهذا المعجم أن سائلا قد سأله عن موضع
سوق حُباشة بالضم ولكنه نطقها بالفتح وأصر على صحة نطقه وتحقق ياقوت من صحة نطق
الاسم فتأكد من صواب نطقه هو للاسم فقرر أن يضع معجما للبلدان.
وعاود ياقوت
السفر مرة أخرى إلى سورية وفلسطين ومصر وكان يودع دائما المعلومات الجديدة التي
يجمعها في معجمه فظل يصحح فيه ويضبطه إلى أن حان أجله عام 626هـ -1229م في حلب، وقد
طلب من صديقه المؤرخ ابن الأثير أن يضع نسخة من كتابه في مكتبة مسجد الزيدي ببغداد
الجامع الذي شهد أولى مراحله التعليمية. وقد طلب القفطي منه أن يختصر المعجم لكنه
رفض لاعتقاده أن الاختصار يشوه الكتب ويفقدها الكثير من قيمتها العلمية.
ومن
أهم مؤلفاته في الجغرافيا: مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع . و المشترك
وضعا من أسماء البلدان والمختلف صقعا من الأقاليم . و معجم البلدان .

ومن
مؤلفاته الأخرى: معجم الأدباء . المقتضب في النسب . أنساب العرب . أخبار المتنبي
.
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:53 am

التميمي


التميمي
(000-380هـ / 000 -990م)
محمد بن أحمد بن سعيد المعروف بالتميمي الطبيب وكنيته
أبو عبد الله . عاش في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي.
لم تحدد
الموسوعات أو كتب تأريخ العلوم تاريخا محددا لميلاده بل ذكرت أنه ولد بالقدس ونشأ
فيها، درس الطب في مجلس الراهب أنبا زخريا بن ثوابه، وزار عدة مدن فعرف دقائق الطب
في تلك البلاد التي سافر إليها من الناحية العملية، ثم استقر في مصر ودخل في خدمة
العزيز بن المعز الفاطمي، وفي القاهرة التقى بكثير من الأطباء وناظرهم في المسائل
المتعلقة بالطب، فقد اطلع على كافة الكتب التي سبقته في علم الطب، وبقي في مصر إلى
أن توفي بها عام 380هـ /990 م.
وللتميمي معرفة جيدة بالنبات، وكان متميزا في
الطب، وله خبرة فاضلة في تركيب المعاجين و الأدوية المفردة ، و الأدوية المركبة ،
واستقصى معرفة أدوية الترياق وتركيبها وألف فيها عدة كتب بين كبير وصغير ومتوسط وقد
فقد الكثير منها، وكان يركبها بنفسه، وقد وصف ترياقا خاصا به ابتكر تركيبه في
كتابه: كتاب في الترياق أسماه: مخلص النفوس، وهو ترياق ضد سموم الزواحف، وقد ألف
هذا الكتاب في القدس، ويذكر في كتابه أن من أهم شروط الدواء المصنوع اختباره عدة
مرات في ظروف مختلفة وحالات متعددة. وقد أكمل ترياقا آخر هو ترياق: "الفاروق" وأدخل
عليه بعض المفردات.
ويعد التميمي أول مَن وضع مبدأ مصفاة(شامبرلين) لتصفية الماء
بالخزف، وذلك بوضع عدة طبقات من الخزف بعضها فوق بعض، وقد أطلق عليها التصفية
بالخزف المخلخل، وذكر تلك الطريقة لتصفية الماء بكتابه: مادة البقاء في إصلاح فساد
الهواء . وقد ألف هذا الكتاب للوزير يعقوب بن كلس وزير المعز في عدة مجلدات، ويعد
من أهم كتبه العلمية، وتحدث فيه عن أسباب العدوى وطرق التحصين المناعي من الوباء،
وأبدع دخانا دافعا للوباء.
ومن أهم كتبه الأخرى كتاب: المرشد إلى جواهر الأغذية
وقوى المفردات من الأدوية . ومقالة: ماهية الرمد أنواعه وأسبابه وعلاجه . ورسالة
أهداها إلى ابنه هي: صنعة الترياق الفاروقي .
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:54 am

الكاشي

(000-839هـ /
000 -1436م)
غياث الدين جمشيد بن مسعود بن محمود بن محمد الكاشي، ويعرف أيضا
بالكاشاني، عالم رياضي وفلكي اشتهر في القرن التاسع الهجري / الخامس عشر
الميلادي.
ولد في مدينة كاشان ببلاد فارس وإليها نسب. ونشأ في بيت علم حيث كان
أبوه من أكبر علماء الرياضيات والفلك، فشب الكاشي على ولعه بالرياضيات.
عرف
الكاشي بكثرة تنقله في المدن لطلب العلم ونهل المعرفة، ولذلك تنوعت معارفه فدرس
العلوم في أماكن شتى من بلاد فارس. وقد اشتهر بحبه لقراءة القرآن الكريم فكان يقرأ
القرآن مرة كل يوم، ثم درس النحو والصرف والفقه على مذاهب الأئمة الأربعة فأجادها
وتمكن منها وأصبح حجة فيها. واستفاد من معرفته بالمنطق فانكب على دراسة تواليف
الرياضيات يلتهمها التهاما مما أدهش علماء الرياضيات لقدرته في الاستيعاب وحسن
التعبير. وعندما سأله البعض هل يمكن عمل آلة يعرف منها تقاويم الكواكب وعروضها أم
لا، فابتكر فيه رسم صفحة واحدة من صحيفة يعرف منها تقاويم الكواكب السبعة وعروضها
وأبعادها عن الأرض ، وعمل الخسوف و الكسوف بأسهل طريق وأقرب زمان، ثم استنبط منها
أنواعا مختلفة يعرف من كل واحد منها ما يعرف من الآخر. ولقد أعطى الكاشي شرحا مفصلا
لكيفية رسم إهليليجي للقمر و عطارد . كما بحث في تعيين النسبة التقريبية للثابت (ط)
، فأثبت قيمة تلك النسبة إلى درجة من التقريب تفوق من سبقه بكثير.
أما عن
إنجازاته في الرياضيات فيعد الكاشي أول من وضع الكسور العشرية مما كان له بالغ
الأثر في دفع تقدم الحساب واختراع الآلات الحاسبة. فقد استخدم للمرة الأولى الصفر
تماما للأغراض نفسها التي نعرفها ونتداولها في عصرنا الحاضر. كما زاد الكاشي على من
سبقه من العلماء المسلمين في نظرية الأعداد، وبرهن قانونا لمجموع الأعداد الطبيعية
المرفوعة إلى القوة الرابعة، وهو القانون الذي لعب دورا أساسيا في تطور علم
الأعداد.
وكان الكاشي يعتمد في بدء بحوثه على الجداول الرياضية التي وضعها
السابقون من المسلمين لإيجاد حدود المعادلة الجبرية، ولكنه عدل عن ذلك واستخدم
القاعدة العامة لنظرية ذا ت الحدين، وهي التي ابتكرها عمر الخيام من قبل، وطورها
لأي أس صحيح. وفي الهندسة حذا الكاشي حذو إقليدس في هذا العلم وتبعه في تعاريفه
ونظرياته، إلا أنه أخذ برأي نصير الدين الطوسي في نقضه لفرضية إقليدس الخامسة. وفي
علم المثلثات درس الكاشي تواليف المتقدمين من علماء الإسلام، وشرح وعلق على
إنتاجهم. وقد حسب جداول لجيب الدرجة الأولى، واستخدم في ذلك معادلة ذات الدرجة
الثالثة في معادلاته المثلثية، وصورة ذلك المعادلة: جا 3 س= 4 جا س 3 - 3 جا
س.
ترك الكاشي عددا من المؤلفات الهامة جلها في الرياضيات والفلك منها: كتاب
مفتاح الحساب الذي حوى للمرة الأولى الكثير من المسائل التي تستعمل الكسور العشرية،
ورسالة في الحساب ، ورسالة في الهندسة ، ورسالة في المساحات ، ورسالة الجيب والوتر
، ورسالة استخراج جيب الدرجة الأولى ، ورسالة في الأعداد الصحيحة ، ورسالة في
الجذور الصم ، ورسالة في التضعيف والتصنيف والجمع والتفريق ، ورسالة في طريقة
استخراج الضلع الأول من المضلعات ، ورسالة في معرفة التداخل والتشارك والتباين ،
ورسالة في طريقة استخراج المجهول ، ورسالة عن الكسور العشرية والاعتيادية .
أما
مؤلفاته في علم الفلك فهي كتاب زيج الخقاني (تصحيح زيج الأيلخاني للطوسي)، وكتاب في
علم الهيئة ، ورسالة نزهة الحدائق وهي مشتملة على كيفية عمل آلة حساب التقاويم،
وكيفية العمل بها، وأسماها طبق المناطق ، وألحق بها عمل الآلة المسماة بلوح
الاتصالات، وهي أيضا مما اخترع عملها.
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:55 am

رستم الخراساني

رستم
الخراساني (000-572هـ / 000 -1176م)
محمد بن علي بن رستم الخراساني الساعاتي
المهندس الميكانيكي والفلكي. عاش في القرن السادس الهجري / الثاني عشر
الميلادي.
لم تذكر الموسوعات أو كتب تاريخ العلوم عام ميلاد لرستم الخراساني،
وكذلك لم تذكر الكثير عن حياته، ولكن من المعروف أنه ثاني مهندس مارس مهنة الهندسة
الميكانيكية في دمشق ، وكان رستم خراساني الأصل دمشقي المهجر والمقر والوفاة فقد
عاش بدمشق واستقر بها وتوفي بها عام 572هـ /1176 م. وكان والده مهذب الدين بن هبة
الله النقاش مهندسا أيضا، وكذلك ابنه رضوان الساعاتي.
ولرستم الخراساني العديد
من الإبداعات في علم الساعات ، فقد أبدع ساعة رائعة كانت موضوعة خارج باب المسجد
الأموي الشرقي بدمشق أيام الملك العادل نور الدين محمود زنكي،وقد وصفها ابن جبير في
رحلته المسماة برحلة ابن جبير أثناء مروره بدمشق. فذكر وصفها وصورها بالرسم وذلك في
قوله: "هذه صورة المثقلات الرصاص والسفافيد التي في أجسامها أطراف مثقوبة، وفي كل
ثقب منها حلقة فيها طرف السفود الآخر الذي له طرفان: طرفه الأسفل في الحلقة والأعلى
مثقوب أيضا، وفيه ثلاث حلقات: واحدة منهن لسلسلة الزرفين والثانية لسلسلة الهلال
والثالثة تشد فيها الشرابتان الإبريسم التي كانت في كل باب، وأطراف السلاسل مركبة
في هذه الحلقة بكلاليب موثقة، والصفافير المذكورة في الأنقاب التي في سقف بيت
المثقلات قد صورناها، والذي فوق الرءوس المذكورة للمثقلات هي العتبة السفلى، وفيها
الأثقاب في قبالة نصف كل باب يدور فيها عقبه. وتكشف الأبواب العتبة العليا،
والأعمدة ورءوسها من الجانبين منزلة في العتبة السفلى والعليا، ثم الأبواب وفوق
الأبواب العتبة العليا وأعقابها تدور فيها، وفوق العتبة العليا السفود البرايخ
(الفتحات)، وقد صورناها على ما توجبه الضرورة فوق الأبواب، وينبغى أن تكون قبالة
رءوس الأبواب أعلى من العتبة العليا بيسير، وقد صورناها أكثر ما أمكننا، وقد بقى
لنا ما نقدر أن نصوره .
وأبدع كذلك نصف الدائرة الساترة لجامات الليل، وكذلك
أبدع زاد البكر المزدوجة التي يدور عليهما حبلا هذه النصف الدائرة. وأبدع رستم
الخراساني آلة طريفة وهي عبارة عن طائرين بجانحين منشورين وجعلهما بارزين، فإذا
سقطت بندقة سجد الطائران لله تعالى،وانفتح منقارهما فتسقط البندقة على المرآة، وي
عود كل طائر منتصبا كما كان بعد طبق منقاره. وأبدع الهلال السائر من ظاهر الساعات
الذي يُعلم به كم الماضي من كل ساعة من ظاهرها. وابتكر رستم الخراساني أقسام كل
ساعة ليعرف الماضي منها والباقي .
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:56 am

النيسابوري ( النيشابوري )

النيسابوري (000-460هـ / 000 -1067م )
عبد الرحمن بن علي بن
أحمد بن أبي صادق النيسابوري، وعرف بأبي القاسم، ولقبه مؤرخو علم الطب بأبقراط
الثاني. طبيب مؤرخ حكيم من علماء القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي.

لم
تحدد الموسوعات أو كتب تاريخ العلوم عام ميلاده، ومن المعروف أنه ولد بنيسابور،
فاسمه نسبة لموضع مولده، والنيسابوري من تلاميذ ابن سينا النابهين الذين درسوا على
يديه كتب الطب الأصول العربية واليونانية، ومن أهم العلماء العرب الذين اعتبرهم
النيسابوري أساتذة له من خلال كتبهم الرازي ، فقد أعجب النيسابوري بمناقشات الرازي
لكتب جالينوس، وقد كتب بخطه كتابا للرازي حول شكوكه على كتب جالينوس، ولم يكتفِ
بنقله بل ناقش تلك الشكوك وحاول أن يجد لها حلا وكان ذلك في كتابه: حل شكوك الرازي
على كتب جالينوس .

واهتم النيسابوري بدراسة كتب أبقراط وجالينوس خاصة، وقد قام
بشرح عدة كتب من كتبهم كانت بمثابة الشروح الأصول لتلك الكتب وذلك لدقتها ومناقشتها
المثمرة لكافة القضايا العلمية المطروحة في تلك الكتب، ومن أهم تلك الشروح : شرح
فصول أبقراط ، و: شرح كتاب تقدمة المعرفة لأبقراط ، و: شرح كتاب منافع الأعضاء
لجالينوس واتضح فيه اهتمامه المبكر بعلم التشريح إذ أنه لم يكتفِ بشرح الكتاب
ونصوصه الأصلية بل أضاف إليه ملاحق خاصة بكل عضو يتبين منها تشريح العضو ومنافعه،
وقد ذكر في مقدمة هذا الكتاب أنه أعاد ترتيب كتاب جالينوس في مقالات وأضاف تلك
الملاحق ليستفيد منها كل مَن يبغي دراسة التشريح.

ومن خلال معرفة النيسابوري
الدقيقة لكتب الطب العربية السابقة عليه اعتبر حنين بن إسحاق من العلماء الأوائل
أصحاب الكتب الأصول واهتم اهتماما خاصا بكتابه: المسائل في الطب ، وقام بشرحه
باستفاضة فاقت حجم الكتاب الأصلي مما جعل فائدته تعم بين طلاب العلم ثم لخص هذا
الشرح في كتاب صغير للمتخصصين وذلك في كتاب بعنوان: شرح المسائل الصغير ، وقد اهتم
النيسابوري بصفة خاصة بتركيب الأدوية المفردة ، وكان ذلك في رسالة له عن الأودية
والأطعمة جمع فيها بين خبرته العملية وثقافته الدينية، فكان بها الكثير من الأحاديث
الشريفة، وللنيسابوري كتاب في التاريخ، وقد عد مؤرخو العلوم النيسابوري من العلماء
المسلمين الذين ساهموا في تطور الطب العربي بجهوده التعلي مية في الشروح ومناقشة
القضايا الطبية الهامة وتسهيل توصيلها إلى طلاب الطب.
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:56 am

الشيـرازي


قطب الدين
الشيرازي (634-710هـ / 1236 -1310م).

قطب الدين محمد بن ضياء الدين مسعود بن
مصلح الفارسي الشيرازي ، قاض، ومفسر، وعالم بالطبيعيات اشتهر في القرن السابع
الهجري / الثالث عشر الميلادي. ولد في مدينة شيراز ببلاد فارس عام 634هـ لأسرة
مشهورة بالطب والتصوف فقد كان أبوه ضياء الدين أستاذا صوفيا وطبيبا مشهورا.

تلقى
قطب الدين في شيراز تعليمه الأساسي، كما تلقى بعض الممارسات الخاصة بالطب والتصوف
تحت إشراف والده. وبالإضافة إلى هذا فقد تعلم قطب الدين في طفولته عددا كبيرا من
الصناعات ماعدا صناعة الشعر. ولقد بدأ قطب الدين تعلمه للطب مبكرا، إذ لم يتجاوز
عمره آنذاك العشر سنوات.

وببلوغه الرابعة عشرة من عمره وفي حضرة وفاة والده أسند
لقطب الدين وظيفة والده كطبيب ممارس في مستشفى مظفر بشيراز. وبقي في هذا المنصب
قرابة عشر سنوات. وأثناء هذه المدة التي قضاها في مستشفى مظفر درس لقطب الدين ثلاثة
أساتذة كلهم كانوا من أعمامه. ثم انتقل إلى أستاذه كمال الدين أبي الخير الكيزروني
ومعه درس كليات ابن سينا . ومع أستاذه شمس الدين محمد بن أحمد الكبشي درس قطب الدين
العلوم الدينية.

سافر قطب الدين إلى بغداد عام 665هـ / 1268 م، حيث اشترك في
الحلقة العلمية لشرف الدين زكي البشكاني، ومن خلال اشتراكه في دروس شرف الدين
استطاع قطب الدين أن يطلع على شروح ابن سينا في الطب وكذلك أعمال الرازي . وقد وجد
قطب الدين من خلال اطلاعه على هذه الأعمال لذة في دراسة فلسفة وطب ابن سينا، ولكن
لم يكن في ذاك الوقت من هو أهلا لأن يشبع رغبة قطب الدين في معرفة المزيد في هذه
العلوم. ولهذا السبب ترك قطب الدين وظيفته في مستشفى المظفر متجها إلى مراغة عام
660هـ.

تتلمذ قطب الدين في مراغة على يد أستاذه نصير الدين الطوسي ولقد كان
اختيار قطب الدين للأستاذ والمكان اختيارا موفقا، فقد كان نصير الدين الطوسي أحد
أساتذة الفلسفة والفلك في وقته، كما أنه كان مديرا لمرصد مراغة الذي كان قد اكتمل
بناؤه وبدئ العمل فيه وقت أن وصل قطب الدين لمراغة. ولم يكن مرصد مراغة هذا مرصدا
فلكيا فقط وإنما كان مكتبة ضخمة تحوي أكث ر من أربعمائة ألف كتاب، بعضها كان مؤلفات
لأشهر علماء اليونان.

مكث قطب الدين في مرصد مراغة عدة سنوات حضر خلالها الحلقات
العلمية التي كان يعقدها نصير الدين الطوسي، حتى أخبره أستاذه نصير الدين أن يتفرغ
لدراسة الرياضيات والفلك. أخذ قطب الدين بنصيحة أستاذه، حتى كان لهما عملا مشتركا
في مجال الفلك عرف باسمها لاحقا كأحد أفضل أعمال القرن الثامن الهجري / الرابع عشر
الميلادي، ألا وهو تصور كامل لحركة الكواكب.

أكمل قطب الدين دراسته لفلسفة ابن
سينا على يد أستاذه نصير الدين، وقرأ أحد أهم كتب ابن سينا المعروف باسم الإشارات
والتنبيهات . كما أكمل أيضا دراسة كتاب القانون لابن سينا، واستطاع بمساعدة أستاذه
ومن خلال تواجده في مكتبة مراغة أن يجد إجابات للمعضلات التي واجهها أثناء قراءته
لهذا الكتاب في شيراز.

ولما كانت رغبته في معرفة المزيد تفوق ما كانت مكتبة
مراغة تمنحه إياه، فقد آثر قطب الدين الرحيل إلى خراسان. وهناك درس مع نجم الدين
القزويني الذي كان فيلسوفا وفلكيا ورياضيا مشهورا في وقته. وبعدها توجه قطب الدين
إلى قزوين ثم أصفهان . وهناك ارتبط قطب الدين بالعمل مع حاكمها، بهاء الدين محمد
الجويني. ثم غادر قطب الدين أصفهان إلى بغداد، وهناك قابل عددا من أساتذة التصوف
كان من بينهم محمد بن السكران البغدادي.

غادر قطب الدين بغداد متجها إلى
الأناضول وقابل بها جلال الدين الرومي، أحد أشهر شعراء التصوف في الإسلام. ولكن قطب
الدين لم يمكث طويلا في الأناضول، إذ غادرها متوجها إلى قنا، وبها تتلمذ على أستاذه
صدر الدين القناوي، فدرس معه الطريقة الصوفية والتفسير وعلوم الحديث. وفي قنا
استطاع قطب الدين أن يقابل عددا كبيرا من العلماء الذين اتخذوا من قنا ملجأ بعد أن
غزا التتار الجزء الشرقي للعالم الإسلامي.

وبوفاة صدر الدين القناوي، غادر قطب
الدين قنا متجها إلى سيواس وملطايا في قطاع الأناضول وكانت وقتها تحت حكم المغول،
حيث تقلد منصب القضاء فيها بتعيين من معين الدين بروانة، الحاكم السلجوقي لقطاع
الأناضول، وكان قطب الدين قد تعرف عليه سابقا أثناء تواجده في قنا. ولما كان معظم
عمل قطب الدين ينجز من قبل مساعديه، فقد تفرغ قطب الدين للتدريس والكتابة.

قام
قطب الدين بعدة زيارات لتبريز، عاصمة الإخنديين في فارس. من خلال زياراته المتكررة
لتبريز، أصبح قطب الدين صديقا قريبا لأحمد تكدر وهو ابن لهولاكو ملك التتار. وكان
لهذه الصداقة أثر كبير في اعتناق أحمد تكدر الإسلام. وبسبب صلة قطب الدين
بالإخنديين فقد قدر له أن يعمل بالسياسة.

وفي عام 681هـ أرسل أحمد تكدر، قطب
الدين برفقة كمال الدين الرافعي وبهاء الدين بهلوان كسفراء عنه إلى المستنصر سيف
الدين قلاوون، سلطان المماليك في مصر، وذلك حتى يشهروا إسلام أحمد له، وكذلك للتوصل
إلى السلام بين المماليك والتتار. وعلى الرغم أن قطب الدين لم يفلح في مهمته
السياسية، إلا أن رحلته إلى مصر كانت موفقة جدا من الناحية العلمية. فأثناء زيارته
إلى مصر، عرج قطب الدين على مكتبات مصر وهناك وجد شروح لقانون ابن سينا، منها شرح
ابن النفيس . ولقد كان عثور قطب الدين على هذه الشروح إشباعا لرغبته الملحة في
التوصل إلى إجابات عن استفساراته في قانون ابن سينا والتي طالما طاف الديار بحثا
عنها.

ترك قطب الدين مصر متجها إلى سوريا وبها مكث طويلا حيث قام بتدريس كتاب
الشفاء لابن سينا. ومن سوريا رجع قطب الدين إلى الأناضول وبه بدأ كتابة شرح على
القانون وأسماه شرح كليات القانون . وفي عام 690هـ / 1291 م استقر قطب الدين في
تبريز والتي كانت وقتها تحت حكم جازان خان خليفة أحمد تكدر، كما كانت مركزا ثقافيا
هاما للعالم الإسلامي. وبها مكث قطب الدين بقية عمره واهبا نفسه للكتابة حتى وافته
المنية عام 710هـ / 1311 م.

اشتهر الشيرازي بإنجازاته المتنوعة ففي الفلك أكمل
الكثير من التجارب الفلكية التي لم يكملها أستاذه نصير الدين الطوسي. فقد طور
أنموذجا فلكيا لعطارد الذي بدأ به الطوسي، وفي الطبيعيات اكتشف مسببات قوس قزح ،
وعلق على كروية الأرض تعليقا علميا، وشرح النقاط الغامضة في مؤلفات أستاذه. كما علق
وشرح كتاب القانون لابن سينا.

ترك قطب الدين الشيرازي عددا كبيرا من المؤلفات
معظمها في الفلك والطبيعيات والطب. من أهمها: كتاب شرح التذكرة النصيرية في الهيئة
، وكتاب التحفة الشاهية في الهيئة ، وكتاب نهاية الإدراك في دراية الأفلاك ، وكتاب
التبصرة في الهيئة ، ورسالة في حركة الدحرجة والنسبة بين المستوي والمنحني ، وكتاب
تحرير الزيج الجديد الرضواني ، وكتاب بعض مشكلات المجسطي . وكتاب درة التاج لغرة
الديباج وهو في الطبيعيات ومن أهم كتبه. وفي الطب كتاب نزهة الحكماء وروضة الأطباء
وهو شرح وتعليق على قانون ابن سينا ، ورسالة في بيان الحاجة إلى الطب وآداب الأطباء
ووصاياهم ، ورسالة البرص.
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

icon1 رد: موسوعة المشاهير

مُساهمة من طرف MIDO الأحد فبراير 07, 2010 9:57 am

الشيـرازي


قطب الدين
الشيرازي (634-710هـ / 1236 -1310م).

قطب الدين محمد بن ضياء الدين مسعود بن
مصلح الفارسي الشيرازي ، قاض، ومفسر، وعالم بالطبيعيات اشتهر في القرن السابع
الهجري / الثالث عشر الميلادي. ولد في مدينة شيراز ببلاد فارس عام 634هـ لأسرة
مشهورة بالطب والتصوف فقد كان أبوه ضياء الدين أستاذا صوفيا وطبيبا مشهورا.

تلقى
قطب الدين في شيراز تعليمه الأساسي، كما تلقى بعض الممارسات الخاصة بالطب والتصوف
تحت إشراف والده. وبالإضافة إلى هذا فقد تعلم قطب الدين في طفولته عددا كبيرا من
الصناعات ماعدا صناعة الشعر. ولقد بدأ قطب الدين تعلمه للطب مبكرا، إذ لم يتجاوز
عمره آنذاك العشر سنوات.

وببلوغه الرابعة عشرة من عمره وفي حضرة وفاة والده أسند
لقطب الدين وظيفة والده كطبيب ممارس في مستشفى مظفر بشيراز. وبقي في هذا المنصب
قرابة عشر سنوات. وأثناء هذه المدة التي قضاها في مستشفى مظفر درس لقطب الدين ثلاثة
أساتذة كلهم كانوا من أعمامه. ثم انتقل إلى أستاذه كمال الدين أبي الخير الكيزروني
ومعه درس كليات ابن سينا . ومع أستاذه شمس الدين محمد بن أحمد الكبشي درس قطب الدين
العلوم الدينية.

سافر قطب الدين إلى بغداد عام 665هـ / 1268 م، حيث اشترك في
الحلقة العلمية لشرف الدين زكي البشكاني، ومن خلال اشتراكه في دروس شرف الدين
استطاع قطب الدين أن يطلع على شروح ابن سينا في الطب وكذلك أعمال الرازي . وقد وجد
قطب الدين من خلال اطلاعه على هذه الأعمال لذة في دراسة فلسفة وطب ابن سينا، ولكن
لم يكن في ذاك الوقت من هو أهلا لأن يشبع رغبة قطب الدين في معرفة المزيد في هذه
العلوم. ولهذا السبب ترك قطب الدين وظيفته في مستشفى المظفر متجها إلى مراغة عام
660هـ.

تتلمذ قطب الدين في مراغة على يد أستاذه نصير الدين الطوسي ولقد كان
اختيار قطب الدين للأستاذ والمكان اختيارا موفقا، فقد كان نصير الدين الطوسي أحد
أساتذة الفلسفة والفلك في وقته، كما أنه كان مديرا لمرصد مراغة الذي كان قد اكتمل
بناؤه وبدئ العمل فيه وقت أن وصل قطب الدين لمراغة. ولم يكن مرصد مراغة هذا مرصدا
فلكيا فقط وإنما كان مكتبة ضخمة تحوي أكث ر من أربعمائة ألف كتاب، بعضها كان مؤلفات
لأشهر علماء اليونان.

مكث قطب الدين في مرصد مراغة عدة سنوات حضر خلالها الحلقات
العلمية التي كان يعقدها نصير الدين الطوسي، حتى أخبره أستاذه نصير الدين أن يتفرغ
لدراسة الرياضيات والفلك. أخذ قطب الدين بنصيحة أستاذه، حتى كان لهما عملا مشتركا
في مجال الفلك عرف باسمها لاحقا كأحد أفضل أعمال القرن الثامن الهجري / الرابع عشر
الميلادي، ألا وهو تصور كامل لحركة الكواكب.

أكمل قطب الدين دراسته لفلسفة ابن
سينا على يد أستاذه نصير الدين، وقرأ أحد أهم كتب ابن سينا المعروف باسم الإشارات
والتنبيهات . كما أكمل أيضا دراسة كتاب القانون لابن سينا، واستطاع بمساعدة أستاذه
ومن خلال تواجده في مكتبة مراغة أن يجد إجابات للمعضلات التي واجهها أثناء قراءته
لهذا الكتاب في شيراز.

ولما كانت رغبته في معرفة المزيد تفوق ما كانت مكتبة
مراغة تمنحه إياه، فقد آثر قطب الدين الرحيل إلى خراسان. وهناك درس مع نجم الدين
القزويني الذي كان فيلسوفا وفلكيا ورياضيا مشهورا في وقته. وبعدها توجه قطب الدين
إلى قزوين ثم أصفهان . وهناك ارتبط قطب الدين بالعمل مع حاكمها، بهاء الدين محمد
الجويني. ثم غادر قطب الدين أصفهان إلى بغداد، وهناك قابل عددا من أساتذة التصوف
كان من بينهم محمد بن السكران البغدادي.

غادر قطب الدين بغداد متجها إلى
الأناضول وقابل بها جلال الدين الرومي، أحد أشهر شعراء التصوف في الإسلام. ولكن قطب
الدين لم يمكث طويلا في الأناضول، إذ غادرها متوجها إلى قنا، وبها تتلمذ على أستاذه
صدر الدين القناوي، فدرس معه الطريقة الصوفية والتفسير وعلوم الحديث. وفي قنا
استطاع قطب الدين أن يقابل عددا كبيرا من العلماء الذين اتخذوا من قنا ملجأ بعد أن
غزا التتار الجزء الشرقي للعالم الإسلامي.

وبوفاة صدر الدين القناوي، غادر قطب
الدين قنا متجها إلى سيواس وملطايا في قطاع الأناضول وكانت وقتها تحت حكم المغول،
حيث تقلد منصب القضاء فيها بتعيين من معين الدين بروانة، الحاكم السلجوقي لقطاع
الأناضول، وكان قطب الدين قد تعرف عليه سابقا أثناء تواجده في قنا. ولما كان معظم
عمل قطب الدين ينجز من قبل مساعديه، فقد تفرغ قطب الدين للتدريس والكتابة.

قام
قطب الدين بعدة زيارات لتبريز، عاصمة الإخنديين في فارس. من خلال زياراته المتكررة
لتبريز، أصبح قطب الدين صديقا قريبا لأحمد تكدر وهو ابن لهولاكو ملك التتار. وكان
لهذه الصداقة أثر كبير في اعتناق أحمد تكدر الإسلام. وبسبب صلة قطب الدين
بالإخنديين فقد قدر له أن يعمل بالسياسة.

وفي عام 681هـ أرسل أحمد تكدر، قطب
الدين برفقة كمال الدين الرافعي وبهاء الدين بهلوان كسفراء عنه إلى المستنصر سيف
الدين قلاوون، سلطان المماليك في مصر، وذلك حتى يشهروا إسلام أحمد له، وكذلك للتوصل
إلى السلام بين المماليك والتتار. وعلى الرغم أن قطب الدين لم يفلح في مهمته
السياسية، إلا أن رحلته إلى مصر كانت موفقة جدا من الناحية العلمية. فأثناء زيارته
إلى مصر، عرج قطب الدين على مكتبات مصر وهناك وجد شروح لقانون ابن سينا، منها شرح
ابن النفيس . ولقد كان عثور قطب الدين على هذه الشروح إشباعا لرغبته الملحة في
التوصل إلى إجابات عن استفساراته في قانون ابن سينا والتي طالما طاف الديار بحثا
عنها.

ترك قطب الدين مصر متجها إلى سوريا وبها مكث طويلا حيث قام بتدريس كتاب
الشفاء لابن سينا. ومن سوريا رجع قطب الدين إلى الأناضول وبه بدأ كتابة شرح على
القانون وأسماه شرح كليات القانون . وفي عام 690هـ / 1291 م استقر قطب الدين في
تبريز والتي كانت وقتها تحت حكم جازان خان خليفة أحمد تكدر، كما كانت مركزا ثقافيا
هاما للعالم الإسلامي. وبها مكث قطب الدين بقية عمره واهبا نفسه للكتابة حتى وافته
المنية عام 710هـ / 1311 م.

اشتهر الشيرازي بإنجازاته المتنوعة ففي الفلك أكمل
الكثير من التجارب الفلكية التي لم يكملها أستاذه نصير الدين الطوسي. فقد طور
أنموذجا فلكيا لعطارد الذي بدأ به الطوسي، وفي الطبيعيات اكتشف مسببات قوس قزح ،
وعلق على كروية الأرض تعليقا علميا، وشرح النقاط الغامضة في مؤلفات أستاذه. كما علق
وشرح كتاب القانون لابن سينا.

ترك قطب الدين الشيرازي عددا كبيرا من المؤلفات
معظمها في الفلك والطبيعيات والطب. من أهمها: كتاب شرح التذكرة النصيرية في الهيئة
، وكتاب التحفة الشاهية في الهيئة ، وكتاب نهاية الإدراك في دراية الأفلاك ، وكتاب
التبصرة في الهيئة ، ورسالة في حركة الدحرجة والنسبة بين المستوي والمنحني ، وكتاب
تحرير الزيج الجديد الرضواني ، وكتاب بعض مشكلات المجسطي . وكتاب درة التاج لغرة
الديباج وهو في الطبيعيات ومن أهم كتبه. وفي الطب كتاب نزهة الحكماء وروضة الأطباء
وهو شرح وتعليق على قانون ابن سينا ، ورسالة في بيان الحاجة إلى الطب وآداب الأطباء
ووصاياهم ، ورسالة البرص.
MIDO
MIDO
نائب المدير العام
نائب المدير العام

ذكر عدد المساهمات : : 1664
العمر : 33
الهواية : موسوعة المشاهير - صفحة 2 Huntin10
مزاجك اليوم : موسوعة المشاهير - صفحة 2 410
نقاط التميز : 12
موسوعة المشاهير - صفحة 2 15751610
شكرا 13
تاريخ التسجيل : 08/08/2008

http://www.progfree.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 2 من اصل 3 الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى