موسوعة المشاهير
4 مشترك
صفحة 3 من اصل 3
صفحة 3 من اصل 3 • 1, 2, 3
رد: موسوعة المشاهير
الاهـوازي
الأهوازي (000-384هـ / 000 -994م)
أبو الحسن علي بن
عباس المجوسي الأهوازي. واحد من أهم الأطباء والجراحين المسلمين الذين عرفتهم
الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي. لقب "بالمحلل لعلم
الطب" وذلك لآرائه الناقدة لما اعتقد خطأه في كتب قدماء الأطباء في اليونان مثل
أبقراط وجالينوس.
ولد في مدينة الأهواز في الجنوب الغربي من إيران، بالقرب من
جنديسابور، لأسرة كانت تعتنق الديانة الزرادشتية ولهذا جاء في لقبه المجوسي، ولكنه
اعتنق الإسلام وأصبح من أئمته، فعرف بالأهوازي نسبة إلى البلدة التي ولد فيها بدلا
من المجوسي .
رحل الأهوازي من مكان مولده الأهواز إلى مدينة بغداد حيث قضى فيها
معظم حياته، فبدأ في دراسة الطب وتعمق في علم الجراحة حتى برع فيه. كما أَلَمَّ
بجميع أنواع الأدوية التي يمكن أن يتناولها المريض، وذلك لصلة علم العقاقير الوثيقة
بجميع فروع الطب.
وبعد أن أنهى الأهوازي دراسته لعلم الطب عمل في البيمارستان
العضدي ، وقد اشتهر الأهوازي بدقته وبراعته في العمليات الجراحية، ولهذا احتل مكانة
علمية مرموقة بين معاصريه. وكان يعكف على دراسة الأمور المستعصية والحالات الصعبة
في عيادته الخاصة، وكان يستغل وقته وجهده في البحث والاطلاع لتطوير علم الجراحة،
فخلف تركة كبيرة من المبتكرات والاستنتاجات الطبية. كما كان له العديد من النصائح
والإرشادات للعاملين في مهنة الطب.
ومن هذه النصائح المأثورة التي يمكن أن تعد
ميثاقا للعمل بمهنة الطب قوله: "ينبغي للطبيب أن يكون طاهرا ذكيا دينا، مراقبا لله
عز وجل ، رقيق اللسان، محمود الطريقة، متباعدا عن كل نجس ودنس وفجور، وأن لا يفشي
للمرضى سرا، ولا يطَّلع عليه قريب أو بعيد، فإن كثيرا من المرضى يعرض لهم أمراض
يكتمونها عن آبائهم وأهليهم ويفشونها للطبيب، ومما ينبغي لطالب هذه الصناعة، أن
يكون ملازما للبيمارستان، ومواطن المرضى، كثير التفقد لأحوالهم والأعراض الظاهرة
فيهم، متذكرا لما كان قد قرأه من تلك الأحوال، ومما يدل عليه من الخير والشر، فإنه
إذا فعل ذلك بلغ من هذه الصناعة مبلغا حسنا، ووثق به الناس ومالوا إليه، ونال
المحبة والكرامة.
ولقد اشتهر الأهوازي بين أطباء عصره بالتواضع والعطف على
الفقراء. كما عرف بزهده، ونزاهته، ونصرته للحق ولو على نفسه، ومحاربته الغرور
والفساد. ولقد توفي الأهوازي في بغداد، مخلفا وراءه موسوعة علمية عرفت باسم كامل
الصناعة الطبية .
الأهوازي (000-384هـ / 000 -994م)
أبو الحسن علي بن
عباس المجوسي الأهوازي. واحد من أهم الأطباء والجراحين المسلمين الذين عرفتهم
الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي. لقب "بالمحلل لعلم
الطب" وذلك لآرائه الناقدة لما اعتقد خطأه في كتب قدماء الأطباء في اليونان مثل
أبقراط وجالينوس.
ولد في مدينة الأهواز في الجنوب الغربي من إيران، بالقرب من
جنديسابور، لأسرة كانت تعتنق الديانة الزرادشتية ولهذا جاء في لقبه المجوسي، ولكنه
اعتنق الإسلام وأصبح من أئمته، فعرف بالأهوازي نسبة إلى البلدة التي ولد فيها بدلا
من المجوسي .
رحل الأهوازي من مكان مولده الأهواز إلى مدينة بغداد حيث قضى فيها
معظم حياته، فبدأ في دراسة الطب وتعمق في علم الجراحة حتى برع فيه. كما أَلَمَّ
بجميع أنواع الأدوية التي يمكن أن يتناولها المريض، وذلك لصلة علم العقاقير الوثيقة
بجميع فروع الطب.
وبعد أن أنهى الأهوازي دراسته لعلم الطب عمل في البيمارستان
العضدي ، وقد اشتهر الأهوازي بدقته وبراعته في العمليات الجراحية، ولهذا احتل مكانة
علمية مرموقة بين معاصريه. وكان يعكف على دراسة الأمور المستعصية والحالات الصعبة
في عيادته الخاصة، وكان يستغل وقته وجهده في البحث والاطلاع لتطوير علم الجراحة،
فخلف تركة كبيرة من المبتكرات والاستنتاجات الطبية. كما كان له العديد من النصائح
والإرشادات للعاملين في مهنة الطب.
ومن هذه النصائح المأثورة التي يمكن أن تعد
ميثاقا للعمل بمهنة الطب قوله: "ينبغي للطبيب أن يكون طاهرا ذكيا دينا، مراقبا لله
عز وجل ، رقيق اللسان، محمود الطريقة، متباعدا عن كل نجس ودنس وفجور، وأن لا يفشي
للمرضى سرا، ولا يطَّلع عليه قريب أو بعيد، فإن كثيرا من المرضى يعرض لهم أمراض
يكتمونها عن آبائهم وأهليهم ويفشونها للطبيب، ومما ينبغي لطالب هذه الصناعة، أن
يكون ملازما للبيمارستان، ومواطن المرضى، كثير التفقد لأحوالهم والأعراض الظاهرة
فيهم، متذكرا لما كان قد قرأه من تلك الأحوال، ومما يدل عليه من الخير والشر، فإنه
إذا فعل ذلك بلغ من هذه الصناعة مبلغا حسنا، ووثق به الناس ومالوا إليه، ونال
المحبة والكرامة.
ولقد اشتهر الأهوازي بين أطباء عصره بالتواضع والعطف على
الفقراء. كما عرف بزهده، ونزاهته، ونصرته للحق ولو على نفسه، ومحاربته الغرور
والفساد. ولقد توفي الأهوازي في بغداد، مخلفا وراءه موسوعة علمية عرفت باسم كامل
الصناعة الطبية .
رد: موسوعة المشاهير
ابن ماسوية
ابن
ماسويه (000-244هـ / 000 -858م )
يحيى بن ماسويه أبو زكريا الجوزي الحراني
البغدادي عالم موسوعي بالطب والنبات والصيدلة، وناقل مترجم، وعالم أرض. عاش في
القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي.
ولد ابن ماسويه في مدينة جندسابور، ولم
تحدد الموسوعات أو كتب تاريخ العلوم عام ميلاد له. انتقل ابن ماسويه مع أبيه الخبير
بالصيدلة إلى مدينة بغداد ودرس هناك الطب والصيدلة على يد أبيه والعلماء الآخرين في
بيمارستان بغداد، وأتقن اللغات السريانية واليونانية والفارسية كأنه واحد من
أبنائها إلى جانب العربية، وصار من أطباء قصر الخلافة وبيمارستان بغداد. وقد خدم من
الخلفاء العباسيين - كطبيب ومترجم - الرشيد والمأمون والمعتصم والمتوكل، وقلده
الرشيد منصب رئيس لمترجمي الكتب القديمة في بيت الحكمة ببغداد، ثم جعله المأمون
رئيسا لبيت الحكمة عام 215هـ /830 م، وفي مدينة بغداد أسس ابن ماسويه أول كلية للطب
في العالم الإسلامي، وقد عاش ابن ماسويه عمره كله متنقلا بين مدينتي بغداد
وسامراء.
وكان ابن ماسويه مهتما بعلم التشريح ومارسه على الحيوانات، ومن أهمها
القرود التي كان يربيها في حديقة قصره ببغداد باعتبارها من الحيوانات القريبة
التكوين من الإنسان. ومن كتبه في هذا العلم كتاب: تركيب خلق الإنسان وأجزائه وعدد
أعضائه ، وكان يقام في قصره مجلس علم يحضره شيوخ الطب وعلماؤه يتشاورون ويتجادلون
في المسائل الطبية مما أشاع جوا علميا في بغداد. ويعد ابن ماسويه أول مَن تعرف على
مرض السَّبل القرني وهو من أمراض العيون، وقد أدرك طبيعته الالتهابية، ووصف صورته
السريرية، وهو أقدم وصف لطبيعة هذا المرض. كما يعد ابن ماسويه أول مَن وضع كتابا عن
مرض الجذام بعنوان : في الجذام .
ولابن ماسويه كتب عديدة في الطب من أهمها:
معرفة الكحالين وهو أقدم كتاب طبي عربي كتب بأسلوب السؤال والجواب، وقد اختصر فيه
كل أمراض العيون إلى زمانه لكي يساعد الطلاب في كلية الطب التي أنشأها عند تقدمهم
للامتحان لنيل لقب طبيب عيون. وكتاب: دغل العين وهو بدوره أقدم كتاب تعليمي في
العربية في طب العيون. وفي الطب النفسي ألف كتابا عن الماليخوليا وأسبابها ، وفي
الطب النظري وفروعه ألف كتاب: مختصر في معرفة أجناس الطب . وله كتاب: في تركيب
الأدوية المسهلة و يتناول الأدوية المسهلة وأنواعها وإصلاحها، وخواص كل دواء منها
ومنفعته. وكتاب: ذكر خواص مختارة على ترتيب العلل وكتاب: جواهر الطبيب المفردة
بصفاتها ومعادنها . وكتاب: ماء الشعير ، وكتاب: خواص الأغذية والبقول والفواكه
واللحوم والألبان . وله في علوم الأرض، وبخاصة علم الجواهر كتاب: الجواهر وصفاتها
وصفات الغواصين عليها والتجار بها ، وقد عدد في هذا الكتاب الجواهر وأنواعها،
وبخاصة الماس و الياقوت.
ابـن رستة
ابن رُسْتَة (القرن 3 هـ / 10 م)
أحمد بن عمر وكنيته "أبو علي" والمعروف بابن رستة ، فلكي وعالم أرض عاش في
القرن الثالث الهجري / العاشر الهجري، لم تذكر الموسوعات أو كتب تاريخ العلوم تاريخ
ميلاد دقيق أو تاريخ وفاة له، والحق أن المعلومات عن حياة العالم ابن رستة تكاد أن
تكون مجهولة، ولكنه من المعروف عنه أنه عاش في أصفهان ، وأنه حج إلى مكة المكرمة
عام 290هـ / 902 م.
وقد اطلع ابن رستة على كتب التراث العربي في الفلك وعلوم
الأرض، وتأثر في مؤلفاته الجغرافية والفلكية بابن خرداذبه، وأبي معشر الفلكي، و يعد
من أهم أساتذة العالم القزويني ، ويعتبر ابن رستة من أوائل علماء الفلك الذين
اهتموا بأبعاد القمر والنجوم السيارة عن الأرض. ومن بين الكواكب التي اهتم بدراستها
ابن رستة كوكب زحل ، وكوكب الزهرة مقدرا أبعاد كوكب الزهرة عن مركز الأرض في الحضيض
والبعد الأوسط و الأوج واقترب كثيرا من التقدير الحديث في استخراج البعد في الأوج
أكثر من البعد في الحضيض، وكان ذلك في كتابه: كتاب في القول في الأجرام والأبعاد
.
وقد اهتم ابن رستة بالجغرافيا الطبيعية، وكان ذلك في موسوعته الجغرافية
الفلكية: الأعلاق النفيسة التي تحدث فيها عن البلدان التي رحل إليها فاهتم اهتماما
خاصا بدراسة المناخ وسماته والمعالم الجغرافية الهامة مثل الأنهار ، وظاهرة المد
والجزر ، واهتم كذلك بدراسة الجغرافيا الفلكية التي تعتمد على دراسة الأبعاد، ودرس
كذلك صورة الأرض وكرويتها وهيئتها ومركزها وحجمها، ووصف أقاليمها فقد كان ينتمي إلى
المدرسة الإقليمية في علم الجغرافيا العربية، فكان بذلك من أوائل العلماء العرب
الذين أثروا في أوربا بإنجازاتهم في الربط بين الجغرافيا وحسابات الفلك.
ويعد
مصنفه الأعلاق النفيسة من المصنفات الأولى في علم الجغرافيا التي اهتم بها
المستشرقون الغربيون، إذ أن ابن رستة كان دقيقا في ملاحظاته دائم الاختبار لها
معتمدا على المشاهدة والحساب الدقيق، ويرجح أنه قد ألف هذا المصنف عام 310 هـ /923
م ، وكان ابن رستة حذرا في كتابته وبخاصة في آرائه الفلكية وذلك لخوفه الشديد وحرصه
على ألا يعتمد على التنجيم في دراسته العلمية فقد كان يرفضه
.
ابن
ماسويه (000-244هـ / 000 -858م )
يحيى بن ماسويه أبو زكريا الجوزي الحراني
البغدادي عالم موسوعي بالطب والنبات والصيدلة، وناقل مترجم، وعالم أرض. عاش في
القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي.
ولد ابن ماسويه في مدينة جندسابور، ولم
تحدد الموسوعات أو كتب تاريخ العلوم عام ميلاد له. انتقل ابن ماسويه مع أبيه الخبير
بالصيدلة إلى مدينة بغداد ودرس هناك الطب والصيدلة على يد أبيه والعلماء الآخرين في
بيمارستان بغداد، وأتقن اللغات السريانية واليونانية والفارسية كأنه واحد من
أبنائها إلى جانب العربية، وصار من أطباء قصر الخلافة وبيمارستان بغداد. وقد خدم من
الخلفاء العباسيين - كطبيب ومترجم - الرشيد والمأمون والمعتصم والمتوكل، وقلده
الرشيد منصب رئيس لمترجمي الكتب القديمة في بيت الحكمة ببغداد، ثم جعله المأمون
رئيسا لبيت الحكمة عام 215هـ /830 م، وفي مدينة بغداد أسس ابن ماسويه أول كلية للطب
في العالم الإسلامي، وقد عاش ابن ماسويه عمره كله متنقلا بين مدينتي بغداد
وسامراء.
وكان ابن ماسويه مهتما بعلم التشريح ومارسه على الحيوانات، ومن أهمها
القرود التي كان يربيها في حديقة قصره ببغداد باعتبارها من الحيوانات القريبة
التكوين من الإنسان. ومن كتبه في هذا العلم كتاب: تركيب خلق الإنسان وأجزائه وعدد
أعضائه ، وكان يقام في قصره مجلس علم يحضره شيوخ الطب وعلماؤه يتشاورون ويتجادلون
في المسائل الطبية مما أشاع جوا علميا في بغداد. ويعد ابن ماسويه أول مَن تعرف على
مرض السَّبل القرني وهو من أمراض العيون، وقد أدرك طبيعته الالتهابية، ووصف صورته
السريرية، وهو أقدم وصف لطبيعة هذا المرض. كما يعد ابن ماسويه أول مَن وضع كتابا عن
مرض الجذام بعنوان : في الجذام .
ولابن ماسويه كتب عديدة في الطب من أهمها:
معرفة الكحالين وهو أقدم كتاب طبي عربي كتب بأسلوب السؤال والجواب، وقد اختصر فيه
كل أمراض العيون إلى زمانه لكي يساعد الطلاب في كلية الطب التي أنشأها عند تقدمهم
للامتحان لنيل لقب طبيب عيون. وكتاب: دغل العين وهو بدوره أقدم كتاب تعليمي في
العربية في طب العيون. وفي الطب النفسي ألف كتابا عن الماليخوليا وأسبابها ، وفي
الطب النظري وفروعه ألف كتاب: مختصر في معرفة أجناس الطب . وله كتاب: في تركيب
الأدوية المسهلة و يتناول الأدوية المسهلة وأنواعها وإصلاحها، وخواص كل دواء منها
ومنفعته. وكتاب: ذكر خواص مختارة على ترتيب العلل وكتاب: جواهر الطبيب المفردة
بصفاتها ومعادنها . وكتاب: ماء الشعير ، وكتاب: خواص الأغذية والبقول والفواكه
واللحوم والألبان . وله في علوم الأرض، وبخاصة علم الجواهر كتاب: الجواهر وصفاتها
وصفات الغواصين عليها والتجار بها ، وقد عدد في هذا الكتاب الجواهر وأنواعها،
وبخاصة الماس و الياقوت.
ابـن رستة
ابن رُسْتَة (القرن 3 هـ / 10 م)
أحمد بن عمر وكنيته "أبو علي" والمعروف بابن رستة ، فلكي وعالم أرض عاش في
القرن الثالث الهجري / العاشر الهجري، لم تذكر الموسوعات أو كتب تاريخ العلوم تاريخ
ميلاد دقيق أو تاريخ وفاة له، والحق أن المعلومات عن حياة العالم ابن رستة تكاد أن
تكون مجهولة، ولكنه من المعروف عنه أنه عاش في أصفهان ، وأنه حج إلى مكة المكرمة
عام 290هـ / 902 م.
وقد اطلع ابن رستة على كتب التراث العربي في الفلك وعلوم
الأرض، وتأثر في مؤلفاته الجغرافية والفلكية بابن خرداذبه، وأبي معشر الفلكي، و يعد
من أهم أساتذة العالم القزويني ، ويعتبر ابن رستة من أوائل علماء الفلك الذين
اهتموا بأبعاد القمر والنجوم السيارة عن الأرض. ومن بين الكواكب التي اهتم بدراستها
ابن رستة كوكب زحل ، وكوكب الزهرة مقدرا أبعاد كوكب الزهرة عن مركز الأرض في الحضيض
والبعد الأوسط و الأوج واقترب كثيرا من التقدير الحديث في استخراج البعد في الأوج
أكثر من البعد في الحضيض، وكان ذلك في كتابه: كتاب في القول في الأجرام والأبعاد
.
وقد اهتم ابن رستة بالجغرافيا الطبيعية، وكان ذلك في موسوعته الجغرافية
الفلكية: الأعلاق النفيسة التي تحدث فيها عن البلدان التي رحل إليها فاهتم اهتماما
خاصا بدراسة المناخ وسماته والمعالم الجغرافية الهامة مثل الأنهار ، وظاهرة المد
والجزر ، واهتم كذلك بدراسة الجغرافيا الفلكية التي تعتمد على دراسة الأبعاد، ودرس
كذلك صورة الأرض وكرويتها وهيئتها ومركزها وحجمها، ووصف أقاليمها فقد كان ينتمي إلى
المدرسة الإقليمية في علم الجغرافيا العربية، فكان بذلك من أوائل العلماء العرب
الذين أثروا في أوربا بإنجازاتهم في الربط بين الجغرافيا وحسابات الفلك.
ويعد
مصنفه الأعلاق النفيسة من المصنفات الأولى في علم الجغرافيا التي اهتم بها
المستشرقون الغربيون، إذ أن ابن رستة كان دقيقا في ملاحظاته دائم الاختبار لها
معتمدا على المشاهدة والحساب الدقيق، ويرجح أنه قد ألف هذا المصنف عام 310 هـ /923
م ، وكان ابن رستة حذرا في كتابته وبخاصة في آرائه الفلكية وذلك لخوفه الشديد وحرصه
على ألا يعتمد على التنجيم في دراسته العلمية فقد كان يرفضه
.
رد: موسوعة المشاهير
التبريـزي
التبريزي ( 677-746هـ /1278 -1345 م)
علي بن عبد الله بن أبي بكر الأردبيلي التبريزي ولقبه تاج الدين وكنيته أبو
الحسن. عالم الرياضيات والمنطق. عاش من أواخر القرن السابع الهجري إلى
منتصف الثامن الهجري / أواخر القرن الثالث عشر الميلادي إلى منتصف القرن
الرابع عشر الميلادي.
ولد التبريزي في تبريز عام 677هـ / 1278 م، وعاش فيها فترة من الزمن، ثم
تنقل في رحلات عبر الأقطار الإسلامية طلبا للعلم فزار بغداد ومكة والمدينة
والقاهرة وتوفي بها عام 746هـ /1345 م، ودرس التبريزي علم الحساب والهندسة
والفقه والمنطق والطب وعلم الكلام، وقابل العديد من علماء عصره ودرس عليهم
وقرأ الكتب الأصول في هذه العلوم، فأخذ علم البيان عن النظام الطوسي، وأخذ
الفقه والنحو عن الذنبي، والحكمة والمنطق عن برهان عبيد وشرح الحاجبية عن
مؤلفه السيد ركن الدين، وأجازه فخر الدين الرازي في العلم، وقابل البيضاوي
في سن الثلاثين، ومن بين الكتب التي قرأها واهتم بها في الطب :الحاوي في
الطب ، وساعدته هذه الثقافة الواسعة في كافة العلوم وأصنافها على تأليف
رسالة هامة في أجزاء العلوم وتصنيفها ذاكرا لموضوع كل علم ومبدئه والمسائل
الخاصة به والمسائل المشتركة التي تعالج في أكثر من علم وكيفية تناولها
واختلاف قضاياها تبعا للعلم الذي تناقش فيه، وسمى تلك الرسالة : رسالة في
تحقيق أجزاء العلوم.
وقد اختار التبريزي التخصص، وبخاصة في الرياضيات، فاهتم اهتماما خاصا بعلم
الحساب والهندسة ودرسهما على يد العديد من شيوخ العلم، وبخاصة العالم حسن
الشيرازي، وقد ألف الشيرازي كتابا خاصا في قواعد علم المساحة بعنوان:
القواعد في علم المساحة ، وهو من الكتب الهامة في هذا العلم، ووضعه مؤرخو
العلوم في منزلة الكتب الأصول لعلم المساحة، إذ أنه تناول تعريف علم
المساحة - جمع فيه كافة التعريفات المحتملة لهذا العلم وناقشها - وأسسه
وقواعده، وكان بمثابة مجموعة من القوانين الرياضية المختصرة التي لا تحتاج
إلى برهنة، وصنف فيه الأشكال الهندسية وأنواعها وكذلك الأشكال الفراغية إلا
أنه يعد من الكتب المختصرة في هذا العلم بالرغم من أهميته.
وله في علم الحساب رسالة واحدة تنتمي إلى الحساب العملي بعنوان : رسالة في
علم الحساب ، وله بعض المؤلفات الدينية في الحديث والفقه.
جابر بن حيان (120-198هـ / 737 -813م)
أبو موسى جابر بن حيان عبد الله الكوفي الصوفي الطوسي،
مؤسس علم الكيمياء الحديثة. ولد في الربع الأول من القرن الثاني للهجرة /
الثامن الميلادي، في بلدة طوس بالقرب من مشهد الحالية. حيث تنحدر أصوله من
عائلة عربية معروفـة تنتمي إلى قبيلة أزد في جنوب شبه الجزيرة العربية.
وكان أبوه قد هاجر إلى الكوفـة وأقام فيها عقدا من الزمن، وكان محبا
للسياسة كما كان أحد المؤيدين للأسرة العباسية ، التي لقى بسببها مصرعه على
يد عملاء الخليفة عندما كان في مهمة سياسية في بلاد فارس، تاركا وراءه
جابرا الصغير وحيدا .
أُرسل جابر من قبل أخواله إلى الجزيرة العربية حيث درس فيها العقيدة ،
والفقه ، والتصوف ثم التحق مؤخرا بحلقة الإمام جعفر بن محمد الصادق والذي
كان يعد آنذاك أحد أعمدة الأدب والعلم وبصفة خاصة الكيمياء.
برع جابر في علم الكيمياء على يد أستاذه جعفر، وبفضل رصيد والده عند الأسرة
العباسية، وجد جابر طريقه مفتوحا في بغداد في بلاط الخليفة العباسي
الخامس، هارون الرشيد. وهناك أصبح جابر صديقا حميما لوزراء الخليفة
المقربين من البرامكة، وكان في المناسبات يقدم على أنه طبيب الأسرة
الحاكمة. وظل الوضع هكذا حتى طرد الخليفة البرامكة من قصره بسبب تصاعد
مستمر في الاختلاف في الآراء، ومعهم فقد جابر منصبه في القصر، فرجع جابر
مرة أخرى إلى الكوفـة بلدة والده ، وظل فيها هناك حتى وافتـه المنية.
عاش جابر في الكوفـة حياة غير مستقرة حيث كان عليه أن يرتحل في الليل من
مكان إلى آخر، وذلك حتى ينجو من أعين المتطفلين عليه والذين كان يزعجونه
باستمرار في معمله بحثا عن الذهب . ويرجع مثل هذا التطفل، إلى أن جابرا كان
قد عاش في فترة زمنية شاع فيها الاعتقاد بين الناس، بل الكيميائيين أنفسهم
بما فيهم جابر، أنه يمكن تحويل المعادن الرخيصة مثل الحديد و النحاس و
الرصاص والزئبق إلى ذهب أو فضة ، وذلك من خلال مادة مجهولة الخواص تعرف
باسم الإكسير أو حجر الفلاسفة. ولما كان جابر أحد النابهين في الكيمياء
وأحد تلامذة الإمام جعفر الصادق في ذاك الوقت، فقد كان عدد غير قليل من
الناس العاديين يتوقعون أن يكون معمل جابر مليئا بالذهب.
لكن في الحقيقة ، وإنه بعد مائتين عام تقريبا وفي أحد شوارع الكوفـة يعرف
باسم بوابة دمشق ، وكان يعاد بناؤه، وأثناء ترميم مبانيه القديمة، تم
اكتشاف معمل جابر بن حيان. وفي هذا المعمل وجد قطعة كبيرة من الذهب، مما
جعل الحلم الذي يراود الكثير من الناس، بأنه يمكن تحويل المعادن الرخيصة
إلى ذهب، أن يظل حيا.
أما شهرة جابر الحقيقية فتعود إلى تمكنه من اكتشاف أن الزئبق والكبريت
عنصران مستقلان عن العناصر الأربعة التي قامت عليها فكرة السيمياء
اليونانية القديمة . كما تميز باعتماده على التجربة العلمية، ووصفه خطوات
عمل التجارب وكميات المواد والشروط الأخرى. فوصف التبخير والتقطير والتسامي
و التكليس والتبلور. كما ابتكر عددا من الأدوات والتجهيزات المتعلقة بهذه
العمليات وأجرى عليها تحسينات أيضا، وامتدت إنجازاته إلى تحضير الفلزات
وتطوير صناعة الفولاذ، وإلى الصباغة والدباغة وصنع المشمعات واستخدام أكسيد
المنغنيز لتقويم الزجاج ، ومعالجة السطوح الفلزية لمنع الصدأ، وتركيب
الدهانات وكشف الغش في الذهب باستخدام الماء الملكي، وتحضير الأحماض بتقطير
أملاحها. ومن المواد التي حضرها جابر كبريتيد الزئبق ، وأكسيد الزرنيخ ،
وكبريتيد الحديد الكبريتيك ، وملح البارود. كما كان أول من اكتشف الصودا
الكاوية، واخترع من الآلات البواتق والإنبيق والمغاطس المائية والرملية.
ومن الجانب الكمي أشار جابر إلى أن التفاعلات الكيميائية تجري بناء على نسب
معينة من المواد المتفاعلة والتي توصل بموجبها الباحثون فيما بعد إلى
قانون النسب الثابتة في التفاعلات الكيميائية. كما توصل إلى نتائج هامة في
مجال الكيمياء من أهمها زيادة ثقل الأجسام بعد إحمائها. وقد استطاع أن يضع
تقسيما جديدا للمواد المعروفة في عصره فقسمها للفلزات كالحديد والنحاس،
واللافلزات وهي المواد القابلة للطرق، والمواد الروحية كالنشادر والكافور.
ترك جابر أكثر من مائة من المؤلفات منها اثنتان وعشرون في موضوع الكيمياء،
منها كتاب السبعين وهو أشهر كتبه ويشتمل على سبعين مقالا يضم خلاصة ما وصلت
إليه الكيمياء عند المسلمين في عصره، وكتاب الكيمياء ، وكتاب الموازين ،
وكتاب الزئبق ، وكتاب الخواص ، وكتاب الحدود ، وكتاب كشف الأسرار ، وكتاب
خواص أكسير الذهب ، وكتاب السموم ، وكتاب الحديد ، وكتاب الشمس الأكبر ،
وكتاب القمر الأكبر ، وكتاب الأرض ، وكتاب إخراج ما في القوة إلى الفعل
رد: موسوعة المشاهير
عمر الخيام
عمر الخيام (436-517هـ / 1044 -1123م)
أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام النيسابوري.
رياضي، وفلكي، وهندسي وشاعر وموسيقي، اشتهر في القرن الخامس الهجري /
الحادي عشر الميلادي. ولد في نيسابور( نيشابور) في ولاية خراسان - مشهد
الايرانية حاليا . وكان في صغره يشتغل في حرفة صنع الخيام ولهذا لقب
بالخيام، ثم انتقل كثيرا في طلب العلم إلى أن استقر في بغداد عام 466 هـ /
1047 م.
عرف الخيام بصفاء ذهنه فكان يحفظ الكتب لا يفرقها عن أصولها البتة. وكان قد
تأمل كتابا بأصفهان سبع مرات فحفظه وعاد إلى نيسابور فأملاه فقوبل بنسخة
الأصل فلم يوجد بينهما كثير تفاوت. ولقد أتاحت له حافظته القوية أن يلم
باللغة والفقه والتواريخ.?
فكان أن دخل يوما على الوزير عبد الرازق، وكان عنده إمام القراء أبو الحسن
الغزال، وكانا يتكلمان في اختلاف القراء في آية، فقال الوزير: على الخبير
سقطنا، فسأل عنها الخيام، فذكر اختلاف القراء، وعلل كل واحد منها، وذكر
الشواذ وعللها، وفضل وجها واحدا. فقال الغزال: كثر الله في العلماء مثلك،
فإني ما ظننت أن أحدا يحفظ ذلك من القراء فضلا عن واحد من الحكماء.
وقد كان الخيام مقربا عند ملكشاه وينزله منزلة الأصحاب. كما كان الخاقان
شمس الملوك بنجارا يعظمه غاية التعظيم، ويجلسه معه على سريره.
وتعود شهرة الخيام إلى نبوغه بأعمال الرياضيات والفلك. ففي أعمال الجبر،
اشتغل الخيام بالمعادلات ذات الدرجة الثانية محتذيا حذو أستاذه الخوارزمي
وعالج المعادلات التكعيبية معالجة منهجية منظمة ، واستطاع الحصول على أحد
جذورها بطرق هندسية باستخدام القطوع المخروطية، على اعتبار أن الإحداثي
الأفقي لنقطة تقاطع دائرة بقطاع مخروطي. كما كان أول من حاول تصنيف
المعادلات حسب درجاتها وحسب الحدود فيها وجعلها محصورة في ثلاثة عشر نوعا،
واستخرج الجذور لكل درجة من هذه الدرجات، فوصل إلى درجة من النضج الرياضي
لم يسبقه إليها أحد.
ولقد استخدم نصير الدين الطوسي حلول الخيام هذه في الحصول على جذور
المعادلات التكعيبية.
وقد كان اهتمام الخيام عظيما بالمقدار الجبري وهو يشتغل في علم الجبر،
فاستطاع فك المقدار الجبري ذي الحدين مرفوعا إلى أس 2، 3، 4، 5، 6، 7،...، ن
، أي عدد صحيح موجب، فكان مبتكرا لنظرية ذات الحدين، بعد أ ن كان علماء
الرياضيات في القرون الوسطى قد وقفوا عند المقدار الجبري ذي الحدين مرفوعا
إلى قوة أس اثنين فقط.
ولم يتوقف بحث الخيام عند تطوير علم الجبر فقط باعتباره علما مستقلا، بل
اهتم بإدخال الجبر على علم حساب المثلثات . وتمكن من وضع حلول للكثير من
المسائل الصعبة في علم حساب المثلثات باستعماله المعادلات الجبرية ذات
الدرجة الثالثة والرابعة.
كما امتدت إسهامات الخيام إلى الهندسة، فعكف على دراسة هندسة إقليدس
المشروحة والمعلق عليها من قبل علماء الرياضيات المسلمين، فأولاها عناية
شديدة، وابتكر برهانا جديدا بخلاف ذلك الذي قدمه ابن الهيثم في برهانه على
المصادرة الخامسة من مصادرات إقليدس. وكان الخيام شغوفا بأعمال الهندسة حتى
إنه إذا سئل فيها عن مسألة طول في شرحها.
يروى أنه دخل على الخيام ذات يوم الإمام الغزالي، فسأله عن تعيين جزء من
أجزاء الفلك للنقطة دون غيرها مع كونه متناسب الأجزاء، فطول الخيام وابتدأ
من أن الحركة من مقولة كذا وضن بالخوض في محل النزاع ، حتى إذا أذن الظهر،
فقال الغزالي: جاء الحق وزهق الباطل وقام.
ولم تقتصر أعمال الخيام على الرياضيات فقط، بل تعدتها إلى أعمال أخرى أدبية
وشعرية واشتهرت منها رباعياته التي قرنت باسمه. وقد وقف متأخرو الصوفية
على شيء من ظواهر شعره فنقلوها إلى طريقتهم وتحاضروا بها في مجالسهم
وخلواتهم. فقدح أهل زمانه فيه وأظهروا ما أسره من مكنونه، فخشي على دمه
وأمسك من لسانه وقلمه، وعكف على الدرس والبحث .
وفي آخر أيامه كان يتأمل الإلهيات من الشفاء لـ ابن سينا , فلما وصل إلى
فصل الواحد والكثير وضع علامة بين الورقتين وقام وصلى وأوصى ولم يأكل ولم
يشرب، فلما صلى العشاء سجد وكان يقول في سجوده: "اللهم إنك تعلم أني عرفتك
على مبلغ إمكاني فاغفر لي فإن معرفتي إياك وسيلتي إليك ومات عن عمر يناهز
الواحد والثمانين عاما.
ترك عمر الخيام عددا كبيرا من المؤلفات في شتى فروع المعرفة التي كانت
معروفة في عصره ومن أهم هذه المؤلفات نذكر: رسالة في شرح ما أشكل من مصادره
كتاب إقليدس . ورسالة في النسب ، ورسالة في حل المسائل التكعيبية ، ورسالة
في البحث عن فرض ية المتوازيات الإقليدسي ، ورسالة ميزان الحكمة ، ورسالة
في الاحتيال لمعرفة مقدار الذهب والفضة في جسم مركب ، وكتاب مشكلات الحساب ،
ورسالة في التقويم ( التقويم الجلالي) ، ورسالة في البراهين على مسائل
الجبر والمقابلة ، والرباعيات ، ومقدمة في المساحة ، ورسالة في المصادرة
الخامسة من مصادرات إقليدس ، ورسالة الكون والتكليف ، ورسالة في جواب
الثلاث المسائل ضرورية التعداد في علم الجبر ، ورسالة الميزان الجبري ،
وكتاب المقنع في الحساب الهندسي ، ورسالة في المعادلات ذات الدرجة الثالثة
والرابعة ، وكتاب الموسيقى الكبير .
الخيــــاط
هو أبو علي يحيى بن غالب الخياط، اشتهر بالفلك،
توفي سنة 220 هجرية.
هو أبو علي يحيى بن غالب الخياط، عالم فلكي معروف. ذكره ابن النديم في
الفهرست، وذكر من آثاره: (كتاب المواليد) نقل إلى اللاتينية، (كتال
المدخل)، (كتاب المسائل)، (كتاب المعاني)، (كتاب الدول)، (كتاب سر
الأعمال). وكانت وفاته حوالي السنة 220 هـ .
ابــــو سهل الكـــــوفــــــي
هو أبو سهل ويجن بن وشم الكوهي، اشتهر بالفلك
والرياضيات، توفي سنة 390 هجرية.
هو أبو سهل وَيْجَن بن وشم الكوهي، من العلماء الذين اشتغلوا في
ااالرياضيات والفلك ومراكز الأثقال، في عهد الدولة البويهية. أصله من
طبرستان، قدم بغداد وبرز في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، (وكان
حسن المعرفة بالهندسة وعلم الهيئة، متقدماً فيهما إلى الغاية المتناهية)
على قول ابن العبري. واشتهر بصنع الآلات الرصدية، وإجراء الأرصاد الدقيقة.
وقد عهد إليه شرف الدولة الرصد في المرصد الذي بناه في بستان داره ببغداد.
فرصد فيه الكوهي الكواكب السبعة تنقلها وأبراجها. كما بحث في مراكز
الأثقال، فتوسع فيها واستعمل البراهين الهندسية لحل بعض مسائلها. وللكوهي
رسائل ومؤلفات في ااالرياضيات والفلك نذكر بعضها: (كتاب مراكز الأكر)،
(كتاب صفة الإسطرلاب)، (كتاب الأصول في تحريكات كتاب إقليدس)، (البركار
التام والعمل به). وكانت وفاة الكوهي حوالي السنة 390 هـ.
البـــــوزجــــانـــــــــي
هو أبو الوفاء محمد بن يحيى بن إسماعيل بن العباس
البوزجاني، اشتهر بالرياضيات، ولد سنة 328 هجرية وتوفي سنة 377 هجرية.
هو أبو الوفاء محمد بن يحيى بن إسماعيل بن العباس البوزجاني، من أعظم
رياضيي العرب، ومن الذين لهم فضل كبير في تقدم العلوم الرياضية. ولد في
بوزجان، وهي بلدة صغيرة بين هراة ونيسابور، في مستهل رمضان سنة 328 هـ. قرأ
على عمه المعروف بأبي عمرو المغازلي، وعلى خاله المعروف بأبي عبد الله
محمد بن عنبسة، ما كان من العدديّات والحسابيات. ولما بلغ العشرين من العمر
انتقل إلى بغداد حيث فاضت قريحته ولمع اسمه وظهر للناس إنتاجه في كتبه
ورسائله وشروحه لمؤلفات إقليدس وديوفنطس والخوارزمي .
وفي بغداد قدم أبو الوفاء سنة 370 هـ أبا حيان التوحيدي إلى الوزير ابن
سعدان. فباشر في داره مجالسه الشهيرة التي دوّن أحداثها في كتاب (الامتاع
والؤانسة) وقدمه إلى أبي الوفاء.
وفي بغداد قضى البوزجاني حياته في التأليف والرصد والتدريس. وقد انتخب
ليكون أحد أعضاء المرصد الذي أ،شأه شرف الدولة، في سراية، سنة 377 هـ.
وكانت وفاته في 3 رجب 388 هـ على الأرجح.
يعتبر أبو الوفاء أحد الأئمة المعدودين في الفلك والرياضيات، وله فيها
مؤلفات قيمة، وكان من أشهر الذين برعوا في الهندسة، أما في الجبر فقد زاد
على بحوث الخوارزمي زيادات تعتبر أساساً لعلاقة الجبر بالهندسة، وهو أول من
وضع النسبة المثلثية (ظلّ) وهو أول من استعملها في حلول المسائل الرياضية،
وأدخل البوزجاني القاطع والقاطع تمام، ووضع الجداول الرياضية للماس، وأوجد
طريقة جديدة لحساب جدول الجيب، وكانت جداوله دقيقة، حتى أن جيب زاوية 30
درجة كان صحيحاً إلى ثمانية أرقام عشرية، ووضع البوزجاني بعض المعادلات
التي تتعلق بجيب زاويتين، وكشف بعض العلاقات بين الجيب والمماس والقاطع
ونظائرها.
وظهرت عبقرية البوزجاني في نواح أخرى كان لها الأثر الكبير في فن الرسم.
فوضع كتاباً عنوانه (كتاب في عمل المسطرة والبركار والكونيا) ويقصد
بالكونيا المثلث القائم الزاوية. وفي هذا الكتاب طرق خاصة مبتكرة لكيفية
الرسم واستعمال الآلات ذلك .
ولأبي الوفاء، غير ما ذكر، مؤلفات قيمة، ورسائل نفيسة، منها: كتاب ما يحتاج
إليه العمال والكتاب من صناعة الحساب وقد اشتهر باسم كتاب منازل الحساب،
كتاب فيما يحتاج إيه الصناع من أعمال الهندسة، كتاب إقامة البراهين على
الدائر من الفلك من قوس النهار، كتاب تفسير كتاب الخوارزمي في الجبر
والمقابلة، كتاب المدخل إلى الأرتماطيقي، كتاب معرفة الدائر من الفلك، كتاب
الكامل، كتاب استخراج الأوتار، كتاب المجسطي .
وخلاصة القول أن البوزجاني أبرع علماء العرب الذين كان لبحوثهم ومؤلفاتهم
الأثر الكبير في تقدم العلوم، ولا سيما الفلك و والمثلثات، وأصول الرسم.
كما كان من الذين مهّدوا السبيل لإيجاد الهندسة التحليلية، بوضعه حلولاً
هندسية لبعض المعادلات، والأعمال الجبرية العالية.
رد: موسوعة المشاهير
البــــلخي
هو أبو معشر جعفر بن محمد بن عمر البلخي، اشتهر بالفلك والهندسة
والرياضيات، توفي سنة 272 هجرية.
هو أبو معشر جعفر بن محمد بن عمر البلخي، من كبار علماء النجوم في الإسلام،
ومن أوسعهم شهرة في أوروبا منذ القرون الوسطى، وهو يعرف باسم (ألبوماسر).
ولد في بَلْخ، شرقي خراسان، وقدم بغداد طلباً للعلم، فكان منزله في الجانب
الغربي منها بباب خراسان، على ما جاء في (الفهرست). وكان أولاً من أصحاب
الحديث، ثم دخل في علم الحساب و الهندسة وعدل إلى علم أحكام النجوم. سكن
واسط وفيها مات في 28 رمضان سنة 272 هـ .
ترك أبو معشر مصنّفات جمّة في النجوم وذكر منها ابن النديم بضعة وثلاثين
كتاباً، ومن الآثار التي وصلتنا منه: كتاب المدخل الكبير الذي ترجم وطبع
عدة مرات، كتاب أحكام تحاويل سني المواليد الذي ترجم أيضاً وطبع عدة مرات،
كتاب مواليد الرجال والنساء، كتاب الألوف في بيوت العبادات، كتاب الزيج
الكبير، كتاب الزيج الصغير، كتاب المواليد الكبير، كتاب المواليد الصغير،
كتاب الجمهرة، كتاب الاختيارات، كتاب الأنوار، كتاب الأمطار والرياح وتغير
الأهوية، كتاب السهمين وأعمار الملوك والدول، كتاب اقتران النحسين في برج
السرطان، كتاب المزاجات، كتاب تفسير المنامات من النجوم، كتاب الأقاليم .
الخــــوارزمي
ترك الخوارزمي عدداً من المؤلفات أهمها: الزيج
الأول، الزيج الثاني المعروف بالسند هند، كتاب الرخامة، كتاب العمل
بالإسطرلاب، كتاب الجبر والمقابلة الذي ألَّفه لما يلزم الناس من الحاجة
إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم، وفي جميع ما
يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين وكرى الأنهار والهندسة، وغير ذلك من
وجوهه وفنونه. ويعالج كتاب الجبر والمقابلة المعاملات التي تجري بين الناس
كالبيع والشراء، وصرافة الدراهم، والتأجير، كما يبحث في أعمال مسح الأرض
فيعين وحدة القياس، ويقوم بأعمال تطبيقية تتناول مساحة بعض السطوح، ومساحة
الدائرة، ومساحة قطعة الدائرة، وقد عين لذلك قيمة النسبة التقريبية ط فكانت
7/1 3 أو 7/22، وتوصل أيضاً إلى حساب بعض الأجسام، كالهرم الثلاثي، والهرم
الرباعي والمخروط.
ومما يمتاز به الخوارزمي أنه أول من فصل بين علمي الحساب والجبر، كما أنه
أول من عالج الجبر بأسلوب منطقي علمي.
لا يعتبر الخوارزمي أحد أبرز العلماء العرب فحسب، وإنما أحد مشاهير العلم
في العالم، إذ تعدد جوانب نبوغه. ففضلاً عن أنه واضع أسس الجبر الحديث، ترك
آثاراً مهمة في علم الفلك وغدا (زيجه) مرجعاً لأرباب هذا العلم. كما اطلع
الناس على الأرقام الهندسية، ومهر علم الحساب بطابع علمي لم يتوافر للهنود
الذين أخذ عنهم هذه الأرقام. وأن نهضة أوروبا في العلوم الرياضية انطلقت
ممّا أخذه عنه رياضيوها، ولولاه لكانت تأخرت هذه النهضة وتأخرت المدنية
زمناً ليس باليسير.
البيــــرونــي
هو محمد بن أحمد، ولد في خوارزم سنة 362 هجرية وفيها توفي سنة 440 هجرية،
اشتهر بالفلك والرياضيات والهندسة والطب.
هو محمد بن أحمد المكنى بأبي الريحان البيروني، ولد في خوارزم عام 362 هـ.
ويروى أنه ارتحل عن خوارزم إلى كوركنج، على أثر حادث مهم لم تعرف ماهيته،
ثم انتقل إلى جرجان. والتحق هناك بشمس المعالي قابوس، من سلالة بني زياد.
ومن جرجان عاد إلى كوركنج حيث تقرب من بني مأمون، ملوك خوارزم، ونال لديهم
حظوة كبيرة. ولكن وقوع خوازم بيد الغازي سبكتكين اضطر البيروني إلى
الارتحال باتجاه بلاد الهند، حيث مكث أربعين سنة، على ما يروى. وقد جاب
البيروني بلاد الهند، باحثاً منقباً، مما أتاح له أن يترك مؤلفات قيمة لها
شأنها في حقول العلم. وقد عاد من الهند إلى غزنة ومنها إلى خوارزم حيث توفي
في حدود عام 440 هـ.
ترك البيروني ما يقارب المائة مؤلف شملت حقول التاريخ والرياضيات والفلك
وسوى ذلك، وأهم آثاره: كتاب الآثار الباقية عن القرون الخالية، كتاب تاريخ
الهند، كتاب مقاليد علم الهيئة وما يحدث في بسيطة الكرة، كتاب القانون
المسعودي في الهيئة والنجوم، كتاب استخراج الأوتار في الدائرة، كتاب
استيعاب الوجوه الممكنة في صفة الإسطرلاب، كتاب العمل بالإسطرلاب، كتاب
التطبيق إلى حركة الشمس، كتاب كيفية رسوم الهند في تعلم الحساب، كتاب في
تحقيق منازل القمر، كتاب جلاء الأذهان في زيج البتاني، كتاب الصيدلية في
الطب، كتاب رؤية الأهلة، كتاب جدول التقويم، كتاب مفتاح علم الهيئة، كتاب
تهذيب فصول الفرغاني، مقالة في تصحيح الطول والعرض لمساكن المعمورة من
الأرض، كتاب إيضاح الأدلة على كيفية سمت القبلة، كتاب تصور أمر الفجر
والشفق في جهة الشرق والغرب من الأفق، كتاب التفهيم لأوائل صناعة التنجيم،
كتاب المسائل الهندسية.
ساهم البيروني في تقسيم الزاوية ثلاثة أقسام متساوية، وكان متعمقاً في
معرفة قانون تناسب الجيوب. وقد اشتغل بالجداول الرياضية للجيب والظل
بالاستناد إلى الجداول التي كان قد وضعها أبو الوفاء البوزجاني. واكتشف
طريقة لتعيين الوزن النوعي. فضلاً عن ذلك قام البيروني بدراسات نظرية
وتطبيقية على ضغط السوائل، وعلى توازن هذه السوائل. كما شرح كيفية صعود
مياه الفوارات والينابيع من تحت إلى فوق، وكيفية ارتفاع السوائل في الأوعية
المتصلة إلى مستوى واحد، على الرغم من اختلاف أشكال هذه الأوعية وأحجامها.
وقد نبّه إلى أن الأرض تدور حول محورها، ووضع نظرية لاستخراج محيط الأرض.
رد: موسوعة المشاهير
القــــــزوينــــــــــي
هو أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني، ولد سنة 650 هجرية وتوفي سنة
682 هجرية، اشتهر بالفلك .
هو أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني، ينتهي نسبه إلى أنس بن مالك
عالم المدينة. ولد بقزوين في حدود سنة 605 للهجرة، وتوفي سنة 682 هـ، اشتغل
بالقضاء مدة، ولكن عمله لم يلهه عن التأليف في الحقول العلمية. ففقد شغف
بالفلك، والطبيعة، وعلوم الحياة، ولكن أعظم أعماله شأناً هي نظرياته في علم
الرصد الجوي.
أشهر مؤلفات القزويني كتابه المعروف (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات).
فيه يصف القزويني السماء وما تحوي من كواكب وأجرام وبروج، مع التوقف عند
حركتها الظاهرية، وما ينجم عن ذلك كله من اختلاف فصول السنة. كما تكلم عن
الأرض وجبالها وأوديتها وأنهارها، وتحدث عن كرة الهواء، وعن الرياح
ودورتها، وكرة الماء وبحارها وأحيائها، ثم تحدث عن اليابسة وما فيها من
جماد ونبات وحيوان. وقد رتب ذلك ترتيباً أبجدياً دقيقاً.
وللقزويني كتاب (آثار البلاد وأخبار العباد). ضمّنه ثلاث مقدمات عن الحاجة
إلى إنشاء المدن والقرى، وخواص البلاد، وتأثير البيئة على السكان والنبات
والحيوان، كما عرض لأقاليم الأرض المعروفة آنذاك، وخصائص كل منها. كما يضم
هذا الكتاب أخبار الأمم وتراجم العلماء والأدباء والسلاطين، وأوصاف
الزوابع، والتنين الطائر أو نافورة الماء وغير ذلك .
دعا القزويني إلى التأمل في آيات الله في خلقه، وبديع صنعه، تماشياً مع ما
أمر به القرآن الكريم من النظر والتأمل في السماء والأرض. وإنما المراد في
النظر الدراسة والتفكير في المعقولات والنظر في المحسوسات، والبحث في
حكمتها.
ابـــــــــن ســـينا
هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن
سينا، اشتهر بالطب والفلسفة، ولد في قرية (أفشنة) الفارسية سنة 370 هجرية
وتوفي في همذان شنة 427 هجرية.
هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، الملقب بالشيخ
الرئيس، فيلسوف، طبيب وعالم، ومن عظام رجال الفكر في الإسلام ومن أشهر
فلاسفة الشرق وأطبائه. ولد في قرية (أفشنة) الفارسية في صفر من سنة 370 هـ
(سنة 980 م) من أم من أهل القرية وأب جاء من بلخ (أفغانستان حاليا). ثم
انتقل به أهله إلى بخارى (أوزبكستان حاليا) ليدير أبوه بعض الأعمال المالية
للسطان موح بن منصور الساماني. وفي بخارى ختم القرآن وهو ابن عشر سنين،
وتعمق في العلوم المتنوعة من فقه وأدب وفلسفة وطب، وبقي في تلك المدينة حتى
بلوغه العشرين. ويذكر أنه عندما كان في الثامنة عشر من عمره عالج السلطان
نوح بن منصور من مرض حار فيه الأطباء، ففتح له السلطان مكتبته الغنية
مكافأة له. ثم انتقل إلى خوارزم حيث مكث نحواً من عشر سنوات (392 - 402
هـ)، ومنها إلى جرجان فإلى الري. وبعد ذلك رحل إلى همذان وبقي فيها تسع
سنوات، ومن ثم دخل في خدمة علاء الدولة بأصفهان. وهكذا أمضى حياته متنقلاً
حتى وفاته في همذان، في شهر شعبان سنة 427 هـ (سنة 1037 م). قيل أنه أصيب
بداء "القولنج" في آخر حياته. وحينما أحس بدنو أجله،
اغتسل وتاب وتصدق وأعتق عبيده.
ترك ابن سينا مؤلفات متعدّدة شملت مختلف حقول المعرفة في عصره، وأهمها:
1-العلوم الآلية، وتشتمل على كتب المنطق، وما يلحق بها من كتب اللغة
والشعر.
2-العلوم النظرية، وتشتمل على كتب العلم الكلّي، والعلم الإلهي، والعلم
الرياضي، والعلم الطبيعي.
3-العلوم العملية، وتشتمل على كتب الأخلاق، وتدبير المنزل، وتدبير المدينة،
والتشريع.
ولهذه العلوم الأصلية فروع وتوابع، فالطب مثلاً من توابع العلم الطبيعي،
والموسيقى وعلم الهيئة من فروع العلم الرياضي.
كتب الرياضيات: من آثار ابن سينا الرياضية رسالة الزاوية، ومختصر إقليدس،
ومختصر الارتماطيقي، ومختصر علم الهيئة، ومختصر المجسطي، ورسالة في بيان
علّة قيام الأرض في وسط السماء. طبعت في مجموع (جامع البدائع)، في القاهرة
سنة 1917 م.
كتب الطبيعيات وتوابعها: جمعت طبيعيات ابن سينا في الشفاء والنجاة
والإشارات، وما نجده في خزائن الكتب من الرسائل ليس سوى تكملة لما جاء في
هذه الكتب. ومن هذه الرسائل: رسالة في إبطال أحكام النجوم، ورسالة في
الأجرام العلوية، وأسباب البرق والرعد، ورسالة في الفضاء، ورسالة في النبات
والحيوان.
كتب الطب: أشهر كتب ابن سينا الطبية كتاب القانون الذي ترجم وطبع عدّة مرات
والذي ظل يُدرس في جامعات أوروبا حتى أواخر القرن التاسع عشر. ومن كتبه
الطبية أيضاً كتاب الأدوية القلبية، وكتاب دفع المضار الكلية عن الأبدان
الإنسانية، وكتاب القولنج، ورسالة في سياسة البدن وفضائل الشراب، ورسالة في
تشريح الأعضاء، ورسالة في الفصد، ورسالة في الأغذية والأدوية. ولابن سينا
أراجيز طبية كثيرة منها: أرجوزة في التشريح، وأرجوزة المجربات في الطب،
والألفية الطبية المشهورة التي ترجمت وطبعت .
والف ابن سينا في الموسيقى أيضاً: مقالة جوامع علم الموسيقى، مقالة
الموسيقى، مقالة في الموسيقى
رد: موسوعة المشاهير
بلقيس ملكة سبأ
نسبهـا:
تنسب الملكة بلقيس إلى الهدهاد بن شرحبيل من بني يعفر ، و هناك اختلاف كبير
بين المراجع التاريخية في تحديد اسم ونسب هذه الملكة الحِمْيَرية
اليمانية، كما أنه لا يوجد تأريخ لسنة ولادتها ووفاتها.
حُكمهـا:
كانت بلقيس سليلة حسبٍ و نسب، فأبوها كان ملكاً، و قد ورثت الملك بولاية
منه؛ لأنه على ما يبدو لم يرزق بأبناء بنين. لكن أشراف وعلية قومها
استنكروا توليها العرش وقابلوا هذا الأمر بالازدراء و الاستياء، فكيف تتولى
زمام الأمور في مملكة مترامية الأطراف مثل مملكتهم امرأة ، أليس منهم رجلٌ
رشيد؟ و كان لهذا التشتت بين قوم بلقيس أصداء خارج حدود مملكتها، فقد أثار
الطمع في قلوب الطامحين الاستيلاء على مملكة سبأ، ومنهم الملك "عمرو بن
أبرهة" الملقب بذي الأذعار. فحشر ذو الأذعار جنده و توجه ناحية مملكة سبأ
للاستيلاء عليها و على ملكتها بلقيس، إلا أن بلقيس علمت بما في نفس ذي
الأذعار فخشيت على نفسها، واستخفت في ثياب أعرابي ولاذت بالفرار. و عادت
بلقيس بعد أن عم الفساد أرجاء مملكتها فقررت التخلص من ذي الأذعار، فدخلت
عليه ذات يوم في قصره و ظلت تسقيه الخمر وهو ظانٌ أنها تسامره وعندما بلغ
الخمر منه مبلغه، استلت سكيناً و ذبحته بها . إلا أن رواياتٍ أخرى تشير إلى
أن بلقيس أرسلت إلى ذي الأذعار وطلبت منه أن يتزوجها بغية الانتقام منه،
وعندما دخلت عليه فعلت فعلتها التي في الرواية الأولى . وهذه الحادثة هي
دليلٌ جليّ وواضح على رباطة جأشها وقوة نفسها، وفطنة عقلها وحسن تدبيرها
للأمور، وخلصت بذلك أهل سبأ من شر ذي الأذعار وفساده.
وازدهر زمن حكم بلقيس مملكة سبأ أيمّا ازدهار، واستقرت البلاد أيمّا
استقرار، وتمتع أهل اليمن بالرخاء و الحضارة والعمران والمدنية. كما حاربت
بلقيس الأعداء ووطدت أركان ملكها بالعدل وساست قومها بالحكمة. ومما أذاع
صيتها و حببها إلى الناس قيامها بترميم سد مأرب الذي كان قد نال منه الزمن
وأهرم بنيانه وأضعف أوصاله . وبلقيس هي أول ملكة اتخذت من سبأ مقراً
لحكمها.
قصة بلقيس في القرآن
ورد ذكر الملكة بلقيس في القرآن الكريم، فهي صاحبة الصرح المُمَرد من
قوارير وذات القصة المشهورة مع النبي سليمان بن داود - عليه السلام - في
سورة النمل.
وقد كان قوم بلقيس يعبدون الأجرام السماوية والشمس على وجه الخصوص، و كانوا
يتقربون إليها بالقرابين، و يسجدون لها من دون الله، و هذا ما لفت انتباه
الهدهد الذي كان قد بعثه سليمان - عليه السلام- ليبحث عن موردٍ للماء. و
بعد الوعيد الذي كان قد توعده سليمان إياه لتأخره عليه بأن يعذبه إن لم يأت
بعذرٍ مقبول عاد الهدهد و عذره معه “أحطت بما لم تحط به و جئتك من سبأ
بنبأ يقين” ، فقد وجد الهدهد أن أهل سبأ على الرغم مما آتاهم الله من النعم
إلا أنهم” يسجدون للشمس من دون الله “ .
فما كان من سليمان –عليه السلام- المعروف بكمال عقله وسعة حكمته إلا أن
يتحرّى صدق كلام الهدهد، فقال: " سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين" ، وأرسل
إلى بلقيس ملكة سبأ بكتابٍ يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله ورسوله والإنابة
والإذعان، وأن يأتوه مسلمين خاضعين لحكمه وسلطانه، ونصه "إنه من سليمان
وإنه بسم الله الرحمن الرحيم* ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين" .
كانت بلقيس حينها جالسة على سرير مملكتها المزخرف بأنواع من الجواهر
واللآلئ والذهب مما يسلب الألباب ويذهب بالمنطق والأسباب . ولما عُرف عن
بلقيس من رجاحة وركازة العقل فإنها جمعت وزراءها وعلية قومها، و شاورتهم في
أمر هذا الكتاب. في ذلك الوقت كانت مملكة سبأ تشهد من القوة ما يجعل
الممالك الأخرى تخشاها، و تحسب لها ألف حساب. فكان رأي وزرائها “ نحن أولوا
قوةٍ و أولوا بأس شديدٍ “ في إشارةٍ منهم إلى اللجوء للحرب والقوة. إلا أن
بلقيس صاحبة العلم والحكمة والبصيرة النافذة ارتأت رأياً مخالفاً لرأيهم،
فهي تعلم بخبرتها وتجاربها في الحياة أن “ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها
وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون” . وبصرت بما لم يبصروا ورأت أن ترسل
إلى سليمان بهديةٍ مع علية قومها وقلائهم، عله يلين أو يغير رأيه، منتظرةٌ
بما يرجع المرسلون. ولكن سليمان –عليه السلام- رد عليهم برد قوي منكر
صنيعهم ومتوعد إياهم بالوعيد الشديد قائلاً: “أتمدونن بمال فما آتاني الله
خير مما آتكم، بل أنتم بهديتكم تفرحون” .
عندها أيقنت بلقيس بقوة سليمان وعظمة سلطانه، وأنه لا ريب نبي من عند الله
–عز وجل-، فجمعت حرسها وجنودها واتجهت إلى الشام حيث سليمان –عليه السلام-.
وكان عرش بلقيس وهي في طريقها إلى سليمان –عليه السلام- مستقراً عنده، فقد
أمر جنوده بأن يجلبوا له عرشها، فأتاه به رجلٌ عنده علم الكتاب قبل أن يرتد
إليه طرفه. ومن ثم غّير لها معالم عرشها، ليعلم أهي بالذكاء و الفطنة بما
يليق بمقامها و ملكها .
ومشت بلقيس على الصرح الممرد من قوارير والذي كان ممتداً على عرشها، إلا
أنها حسبته لجةً فكشفت عن ساقيها وكانت مخطئة بذلك عندها عرفت أنها وقومها
كانوا ظالمين لأنفسهم بعبادتهم لغير الله –تعالى- وأسلمت مع سليمان لله رب
العالمين.
وتقول المراجع التاريخية أن سليمان –عليه السلام- تزوج من بلقيس، وأنه كان
يزورها في سبأ بين الحين والآخر. وأقامت معه سبع سنين وأشهراً، و توفيت
فدفنها في تدمر .وتعلل المراجع سبب وفاة بلقيس أنها بسبب وفاة ابنها
رَحْـبَم بن سليمان .
وقد ظهر تابوت بلقيس في عصر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك و عليه
كتابات تشير إلى أنها ماتت لإحدى وعشرين سنة خلت من حكم سليمان. وفتح
التابوت فإذا هي غضّة لم يتغير جسمها، فرفع الأمر إلى الخليفة فأمر بترك
التابوت مكانه وبنى عليه الصخر .
قراءةٌ في شخصية الملكة بلقيس
ذكر بلقيس في القرآن الكريم
إن بلقيس لم تكن امرأة عادية، أو ملكة حكمت في زمن من الأزمان و مر ذكرها
مرور الكرام شأن كثير من الملوك و الأمراء. و دليل ذلك ورود ذكرها في
القرآن. فقد خلد القرآن الكريم بلقيس، و تعرض لها دون أن يمسّها بسوء ، و
يكفيها شرفاً أن ورد ذكرها في كتابٍ منزلٍ من لدن حكيم عليم، وهو كتاب لا
يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، ولم و لن يعتريه أي تحريف أو تبديل
على مر الزمان، لأن رب العزة –جل و علا- تكفل بحفظه وصونه “إنا نحن نزلنا
الذكر وإنّا له لحافظون" . فذِكر بلقيس في آخر الكتب السماوية و أعظمها و
أخلدها هو تقدير للمرأة في كل زمان و مكان، هذه المرأة التي استضعفتها
الشعوب والأجناس البشرية وحرمتها من حقوقها، وأنصفها الإسلام و كرمها أعظم
تكريم. و هذا في مجمله وتفصيله يصب في منبع واحد، ألا وهو أن الملكة بلقيس
كان لها شأنٌ عظيم جعل قصتها مع النبي سليمان –عليه السلام- تذكر في القرآن
الكريم .
رجاحة عقل بلقيس، و بليغ حكمتها، و حسن مشاورتها
إن الملكة بلقيس ما كان لها هذا الشأن العظيم لولا اتصافها برجاحة العقل و
سعة الحكمة و غزارة الفهم. فحسن التفكير و حزم التدبير أسعفاها في كثيرٍ من
المواقف الصعيبة والمحن الشديدة التي تعرضت لها هي ومملكتها؛ و منها قصتها
مع الملك ذي الأذعار الذي كان يضمر الشر لها و لمملكتها، ولكن دهاءها
وحنكتها خلصاها من براثن ذي الأذعار و خلص قومها من فساده و طغيانه و
جبروته.
كما أنها عرفت بحسن المشاورة إلى جانب البراعة في المناورة، فهي لم تكن
كبقية الملوك متسلطة في أحكامها، متزمتة لآرائها، لا تقبل النقاش أو
المجادلة، بل كانت كما أجرى الله على لسانها “ قالت أيها الملأ أفتوني في
أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون} ، و ذلك على الرغم من أنه كان
بمقدورها أن تكتفي برأيها و هي الملكة العظيمة صاحبة الملك المهيب . فهي
ببصيرتها النيّرة كانت ترى أبعد من مصلحة الفرد، فهّمها كان فيما يحقق
مصلحة الجماعة.
ذكاء بلقيس وفطنتها
كانت بلقيس فطينة رزينة، و كانت فطنتها نابعة من أساس كونها امرأة، فالمرأة
خلقها الله –عز وجل- وجعلها تتمتع بحاسة تمكنها من التبصر في نتائج الأمور
وعواقبها. والشاهد على ذلك أنه كان لبلقيس –كعادة الملوك- عدد كبير من
الجواري اللاتي يقمن على خدمتها، فإذا بلغن استدعتهن فرادى، فتحدث كل واحدة
عن الرجال فإن رأت أن لونها قد تغير فطنت إلى أن جاريتها راغبة في الزواج،
فتُزوجها بلقيس رجلاً من أشراف قومها وتكرم مثواها. أما إذا لم تضطرب
جاريتها ولم تتغير تعابير وجهها، فطنت بلقيس إلى أنها عازفة عن الرجال،
وراغبة في البقاء عندها ولم تكن بلقيس لتقصر معها. ومن أمارات فطنتها أيضا
أنه لما ألقي عليها كتاب سليمان علمت من ألفاظه أنه ليس ملكاً كسائر
الملوك، وأنه لا بد وأن يكون رسول كريم وله شأنٌ عظيم؛ لذلك خالفت وزراءها
الرأي عندما أشاروا عليها باللجوء إلى القوة، وارتأت بأن ترسل إلى سليمان
بهدية، و كان المراد من وراء هذه الهدية ليس فقط لتغري وتلهي سليمان – عليه
السلام - بها، وإنما لتعرف أتغير الهدية رأيه و تخدعه؟ و لتتفقد أحواله و
تعرف عن سلطانه و ملكه و جنوده. ومن علامة ذكائها أيضا أن سليمان – عليه
السلام - عندما قال لها متسائلاً “ أهكذا عرشك؟ قالت: كأنه هو" ، ولم تؤكد
أنه هو لعلمها أنها خلفت عرشها وراءها في سبأ ولم تعلم أن لأحد هذه القدرة
العجيبة على جلبه من مملكتها إلى الشام. كما أنها لم تنفِ أن يكون هو؛ لأنه
يشبه عرشها لولا التغيير والتنكير الذي كان فيه .
إسلام الملكة بلقيس مع سليمان
كثيرةٌ هي القصص المذكورة في القرآن عن أقوامٍ لم يؤمنوا برسل الله و ظلوا
على كفرهم على الرغم مما جاءهم من العلم . إلا أن بلقيس وقومها آمنوا برسول
الله سليمان –عليه السلام- ولم يتمادوا في الكفر بعدما علموا أن رسالته هي
الحق وأن ما كانوا يعبدون من دون الله كان باطلاً. واعترفت بلقيس بأنها
كانت ظالمة لنفسها بعبادتها لغير الله “ قالت ربي إني ظلمت نفسي وأسلمت مع
سليمان لله رب العالمين “ .
ارجووووووو من الاعضاء الكرررررررام اضافة العلماء والاشخاص الموثريين
بحياة البشررررررية
نسبهـا:
تنسب الملكة بلقيس إلى الهدهاد بن شرحبيل من بني يعفر ، و هناك اختلاف كبير
بين المراجع التاريخية في تحديد اسم ونسب هذه الملكة الحِمْيَرية
اليمانية، كما أنه لا يوجد تأريخ لسنة ولادتها ووفاتها.
حُكمهـا:
كانت بلقيس سليلة حسبٍ و نسب، فأبوها كان ملكاً، و قد ورثت الملك بولاية
منه؛ لأنه على ما يبدو لم يرزق بأبناء بنين. لكن أشراف وعلية قومها
استنكروا توليها العرش وقابلوا هذا الأمر بالازدراء و الاستياء، فكيف تتولى
زمام الأمور في مملكة مترامية الأطراف مثل مملكتهم امرأة ، أليس منهم رجلٌ
رشيد؟ و كان لهذا التشتت بين قوم بلقيس أصداء خارج حدود مملكتها، فقد أثار
الطمع في قلوب الطامحين الاستيلاء على مملكة سبأ، ومنهم الملك "عمرو بن
أبرهة" الملقب بذي الأذعار. فحشر ذو الأذعار جنده و توجه ناحية مملكة سبأ
للاستيلاء عليها و على ملكتها بلقيس، إلا أن بلقيس علمت بما في نفس ذي
الأذعار فخشيت على نفسها، واستخفت في ثياب أعرابي ولاذت بالفرار. و عادت
بلقيس بعد أن عم الفساد أرجاء مملكتها فقررت التخلص من ذي الأذعار، فدخلت
عليه ذات يوم في قصره و ظلت تسقيه الخمر وهو ظانٌ أنها تسامره وعندما بلغ
الخمر منه مبلغه، استلت سكيناً و ذبحته بها . إلا أن رواياتٍ أخرى تشير إلى
أن بلقيس أرسلت إلى ذي الأذعار وطلبت منه أن يتزوجها بغية الانتقام منه،
وعندما دخلت عليه فعلت فعلتها التي في الرواية الأولى . وهذه الحادثة هي
دليلٌ جليّ وواضح على رباطة جأشها وقوة نفسها، وفطنة عقلها وحسن تدبيرها
للأمور، وخلصت بذلك أهل سبأ من شر ذي الأذعار وفساده.
وازدهر زمن حكم بلقيس مملكة سبأ أيمّا ازدهار، واستقرت البلاد أيمّا
استقرار، وتمتع أهل اليمن بالرخاء و الحضارة والعمران والمدنية. كما حاربت
بلقيس الأعداء ووطدت أركان ملكها بالعدل وساست قومها بالحكمة. ومما أذاع
صيتها و حببها إلى الناس قيامها بترميم سد مأرب الذي كان قد نال منه الزمن
وأهرم بنيانه وأضعف أوصاله . وبلقيس هي أول ملكة اتخذت من سبأ مقراً
لحكمها.
قصة بلقيس في القرآن
ورد ذكر الملكة بلقيس في القرآن الكريم، فهي صاحبة الصرح المُمَرد من
قوارير وذات القصة المشهورة مع النبي سليمان بن داود - عليه السلام - في
سورة النمل.
وقد كان قوم بلقيس يعبدون الأجرام السماوية والشمس على وجه الخصوص، و كانوا
يتقربون إليها بالقرابين، و يسجدون لها من دون الله، و هذا ما لفت انتباه
الهدهد الذي كان قد بعثه سليمان - عليه السلام- ليبحث عن موردٍ للماء. و
بعد الوعيد الذي كان قد توعده سليمان إياه لتأخره عليه بأن يعذبه إن لم يأت
بعذرٍ مقبول عاد الهدهد و عذره معه “أحطت بما لم تحط به و جئتك من سبأ
بنبأ يقين” ، فقد وجد الهدهد أن أهل سبأ على الرغم مما آتاهم الله من النعم
إلا أنهم” يسجدون للشمس من دون الله “ .
فما كان من سليمان –عليه السلام- المعروف بكمال عقله وسعة حكمته إلا أن
يتحرّى صدق كلام الهدهد، فقال: " سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين" ، وأرسل
إلى بلقيس ملكة سبأ بكتابٍ يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله ورسوله والإنابة
والإذعان، وأن يأتوه مسلمين خاضعين لحكمه وسلطانه، ونصه "إنه من سليمان
وإنه بسم الله الرحمن الرحيم* ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين" .
كانت بلقيس حينها جالسة على سرير مملكتها المزخرف بأنواع من الجواهر
واللآلئ والذهب مما يسلب الألباب ويذهب بالمنطق والأسباب . ولما عُرف عن
بلقيس من رجاحة وركازة العقل فإنها جمعت وزراءها وعلية قومها، و شاورتهم في
أمر هذا الكتاب. في ذلك الوقت كانت مملكة سبأ تشهد من القوة ما يجعل
الممالك الأخرى تخشاها، و تحسب لها ألف حساب. فكان رأي وزرائها “ نحن أولوا
قوةٍ و أولوا بأس شديدٍ “ في إشارةٍ منهم إلى اللجوء للحرب والقوة. إلا أن
بلقيس صاحبة العلم والحكمة والبصيرة النافذة ارتأت رأياً مخالفاً لرأيهم،
فهي تعلم بخبرتها وتجاربها في الحياة أن “ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها
وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون” . وبصرت بما لم يبصروا ورأت أن ترسل
إلى سليمان بهديةٍ مع علية قومها وقلائهم، عله يلين أو يغير رأيه، منتظرةٌ
بما يرجع المرسلون. ولكن سليمان –عليه السلام- رد عليهم برد قوي منكر
صنيعهم ومتوعد إياهم بالوعيد الشديد قائلاً: “أتمدونن بمال فما آتاني الله
خير مما آتكم، بل أنتم بهديتكم تفرحون” .
عندها أيقنت بلقيس بقوة سليمان وعظمة سلطانه، وأنه لا ريب نبي من عند الله
–عز وجل-، فجمعت حرسها وجنودها واتجهت إلى الشام حيث سليمان –عليه السلام-.
وكان عرش بلقيس وهي في طريقها إلى سليمان –عليه السلام- مستقراً عنده، فقد
أمر جنوده بأن يجلبوا له عرشها، فأتاه به رجلٌ عنده علم الكتاب قبل أن يرتد
إليه طرفه. ومن ثم غّير لها معالم عرشها، ليعلم أهي بالذكاء و الفطنة بما
يليق بمقامها و ملكها .
ومشت بلقيس على الصرح الممرد من قوارير والذي كان ممتداً على عرشها، إلا
أنها حسبته لجةً فكشفت عن ساقيها وكانت مخطئة بذلك عندها عرفت أنها وقومها
كانوا ظالمين لأنفسهم بعبادتهم لغير الله –تعالى- وأسلمت مع سليمان لله رب
العالمين.
وتقول المراجع التاريخية أن سليمان –عليه السلام- تزوج من بلقيس، وأنه كان
يزورها في سبأ بين الحين والآخر. وأقامت معه سبع سنين وأشهراً، و توفيت
فدفنها في تدمر .وتعلل المراجع سبب وفاة بلقيس أنها بسبب وفاة ابنها
رَحْـبَم بن سليمان .
وقد ظهر تابوت بلقيس في عصر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك و عليه
كتابات تشير إلى أنها ماتت لإحدى وعشرين سنة خلت من حكم سليمان. وفتح
التابوت فإذا هي غضّة لم يتغير جسمها، فرفع الأمر إلى الخليفة فأمر بترك
التابوت مكانه وبنى عليه الصخر .
قراءةٌ في شخصية الملكة بلقيس
ذكر بلقيس في القرآن الكريم
إن بلقيس لم تكن امرأة عادية، أو ملكة حكمت في زمن من الأزمان و مر ذكرها
مرور الكرام شأن كثير من الملوك و الأمراء. و دليل ذلك ورود ذكرها في
القرآن. فقد خلد القرآن الكريم بلقيس، و تعرض لها دون أن يمسّها بسوء ، و
يكفيها شرفاً أن ورد ذكرها في كتابٍ منزلٍ من لدن حكيم عليم، وهو كتاب لا
يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، ولم و لن يعتريه أي تحريف أو تبديل
على مر الزمان، لأن رب العزة –جل و علا- تكفل بحفظه وصونه “إنا نحن نزلنا
الذكر وإنّا له لحافظون" . فذِكر بلقيس في آخر الكتب السماوية و أعظمها و
أخلدها هو تقدير للمرأة في كل زمان و مكان، هذه المرأة التي استضعفتها
الشعوب والأجناس البشرية وحرمتها من حقوقها، وأنصفها الإسلام و كرمها أعظم
تكريم. و هذا في مجمله وتفصيله يصب في منبع واحد، ألا وهو أن الملكة بلقيس
كان لها شأنٌ عظيم جعل قصتها مع النبي سليمان –عليه السلام- تذكر في القرآن
الكريم .
رجاحة عقل بلقيس، و بليغ حكمتها، و حسن مشاورتها
إن الملكة بلقيس ما كان لها هذا الشأن العظيم لولا اتصافها برجاحة العقل و
سعة الحكمة و غزارة الفهم. فحسن التفكير و حزم التدبير أسعفاها في كثيرٍ من
المواقف الصعيبة والمحن الشديدة التي تعرضت لها هي ومملكتها؛ و منها قصتها
مع الملك ذي الأذعار الذي كان يضمر الشر لها و لمملكتها، ولكن دهاءها
وحنكتها خلصاها من براثن ذي الأذعار و خلص قومها من فساده و طغيانه و
جبروته.
كما أنها عرفت بحسن المشاورة إلى جانب البراعة في المناورة، فهي لم تكن
كبقية الملوك متسلطة في أحكامها، متزمتة لآرائها، لا تقبل النقاش أو
المجادلة، بل كانت كما أجرى الله على لسانها “ قالت أيها الملأ أفتوني في
أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون} ، و ذلك على الرغم من أنه كان
بمقدورها أن تكتفي برأيها و هي الملكة العظيمة صاحبة الملك المهيب . فهي
ببصيرتها النيّرة كانت ترى أبعد من مصلحة الفرد، فهّمها كان فيما يحقق
مصلحة الجماعة.
ذكاء بلقيس وفطنتها
كانت بلقيس فطينة رزينة، و كانت فطنتها نابعة من أساس كونها امرأة، فالمرأة
خلقها الله –عز وجل- وجعلها تتمتع بحاسة تمكنها من التبصر في نتائج الأمور
وعواقبها. والشاهد على ذلك أنه كان لبلقيس –كعادة الملوك- عدد كبير من
الجواري اللاتي يقمن على خدمتها، فإذا بلغن استدعتهن فرادى، فتحدث كل واحدة
عن الرجال فإن رأت أن لونها قد تغير فطنت إلى أن جاريتها راغبة في الزواج،
فتُزوجها بلقيس رجلاً من أشراف قومها وتكرم مثواها. أما إذا لم تضطرب
جاريتها ولم تتغير تعابير وجهها، فطنت بلقيس إلى أنها عازفة عن الرجال،
وراغبة في البقاء عندها ولم تكن بلقيس لتقصر معها. ومن أمارات فطنتها أيضا
أنه لما ألقي عليها كتاب سليمان علمت من ألفاظه أنه ليس ملكاً كسائر
الملوك، وأنه لا بد وأن يكون رسول كريم وله شأنٌ عظيم؛ لذلك خالفت وزراءها
الرأي عندما أشاروا عليها باللجوء إلى القوة، وارتأت بأن ترسل إلى سليمان
بهدية، و كان المراد من وراء هذه الهدية ليس فقط لتغري وتلهي سليمان – عليه
السلام - بها، وإنما لتعرف أتغير الهدية رأيه و تخدعه؟ و لتتفقد أحواله و
تعرف عن سلطانه و ملكه و جنوده. ومن علامة ذكائها أيضا أن سليمان – عليه
السلام - عندما قال لها متسائلاً “ أهكذا عرشك؟ قالت: كأنه هو" ، ولم تؤكد
أنه هو لعلمها أنها خلفت عرشها وراءها في سبأ ولم تعلم أن لأحد هذه القدرة
العجيبة على جلبه من مملكتها إلى الشام. كما أنها لم تنفِ أن يكون هو؛ لأنه
يشبه عرشها لولا التغيير والتنكير الذي كان فيه .
إسلام الملكة بلقيس مع سليمان
كثيرةٌ هي القصص المذكورة في القرآن عن أقوامٍ لم يؤمنوا برسل الله و ظلوا
على كفرهم على الرغم مما جاءهم من العلم . إلا أن بلقيس وقومها آمنوا برسول
الله سليمان –عليه السلام- ولم يتمادوا في الكفر بعدما علموا أن رسالته هي
الحق وأن ما كانوا يعبدون من دون الله كان باطلاً. واعترفت بلقيس بأنها
كانت ظالمة لنفسها بعبادتها لغير الله “ قالت ربي إني ظلمت نفسي وأسلمت مع
سليمان لله رب العالمين “ .
ارجووووووو من الاعضاء الكرررررررام اضافة العلماء والاشخاص الموثريين
بحياة البشررررررية
اكبر موسوعة صور لكل المشاهير فى طفولتهم
اكبر موسوعة صور لكل
المشاهير فى طفولتهم
المشاهير فى طفولتهم
جمال
عبد الناصر
انور السادات
الملك
فاروق
رد: موسوعة المشاهير
السلام عليكم ورحمة الله
هذه موسوعه مصغره لاشهر الشخصيات العالميه من العلماء والمشاهير
اوجزها في هذه الموسوعه
نيــــــــوتـــــــــــن )
وُلد نيوتن في "وولسثروب" في مقاطعة "لينكنشاير
مات أبوه ولازال نيوتن في بطن امه وقبل ولادته بـ 3 أشهر،
وتركته والدته لتعيش مع زوجها الجديد بعد عامين من ولادة نيوتن وتركت الطفل
نيوتن ليترعرع في كنف جدّته.
درس الثانوية في مدرسة "جراثام" وفي العام 1661 إلتحق بكلّية "ترينيتي" في
"كيمبريدج".
كانت المدرسة آنفة الذكر تتبع منهج [[ارسطو]] الفلسفي إلا ان نيوتن كان
يفضل تدارس الفلاسفة المعاصرين آنذاك من أمثال [[ديكارت]]، [[غاليليو]]،
[[كويرنيكوس]]، و كيبلر
في العام 1665 بدأ نيوتن بتطوير معادلات رياضية لتصبح فيما بعد بعلم
"الحسبان".
مباشرة وبعد حصول نيوتن على الشهادة الجامعية في العام 1665،
أغلقت الجامعة أبوابها كإجراء وقائي ضد وباء ال[[طاعون]] الذي اجتاح
[[اوروبا]] ولزم نيوتن البيت لمدة عامين تفرّغ خلالها للحسبان،
ال[[عدسات]]، و[[قوانين الجاذبية
في العام 1667، أصبح نيوتن عضو في هيئة التدريس في كلية "ترينيتي" وقام
بنشر الورقة العلمية والمتعلقة بـ "التّحليل بالمتسلسلة الا نهائيّة
قام كل من نيوتن و [[ليبنيز]] على حدة بتطوير نظرية المعادلات التفاضلية
واستعمل الرجلان رموز مختلفة في وصف المعادلات التفاضلية ولكن تبقى الطريقة
التي إتّبعها ليبنيز أفضل من الحلول المقدّمة من نيوتن ومع هذا،
يبقى إسم نيوتن مقرون بأحد رموز العلم في وقته.
قضى نيوتن الخمس وعشرين السنة الأخيرة من حياته في خصومة مع ليبنيز والذي
وصفه نيوتن بالمحتال!
البصريات
درُس نيوتن البصريات من العام 1670 - 1672، في هذه الفترة، تحقّق من إنكسار
الضوء وبرهن على أن الضوء الأبيض ممكن ان ينقسم الى عدة ألوان عند مروره
خلال المنشور ومن الممكن بالتالي تجميع حزمة الألوان تلك من خلال عدسة
منشور آخر ليتكون الضوء الأبيض من جديد
باستنتاجه هذا، تمكن نيوتن من إختراع التلسكوب العاكس ليتغلب على مشكلة
الألوان التي تظهر في التلسكوبات المعتمدة على الضوء المنكسر.
عاد نيوتن لعمله البحثي في الجاذبية وتأثيرها على مدار الكواكب مستنداً على
القواعد التي أرساها كيبلر في قوانين الحركة،
وبعد التشاور مع "هوك" و "فلامستيد"، نشر نيوتن إستنتاجاته في العام 1684
والتي تناولت قوانين الحركة.
نشر نيوتن الورقة "برينسيبيا" في العام 1687 بتشجيع ودعم مالي من "إيدموند
هالي".
في هذه الورقة، سطّر نيوتن القوانين الكونية الثلاثة والمتعلقة بالحركة ولم
يستطع أحد ان يعدل على هذه القوانين لـ 300 سنة أخرى!
بعد إصدار نيوتن لنظرية "برينسيبيا"، أصبح الرجل مشهوراً على المستوى
العالمي واستدار من حولة المعجبون وكان من ضمن هذه الدائرة الرياضي
السويسري "نيكولاس فاتيو دي دويلير" والذي كوّن مع نيوتن علاقة متينة
إستمرت حتى العام 1693 وأدّت نهاية هذه العلاقة الى إصابة نيوتن بالإنهيار
العصبي.
تمكن نيوتن من ان يصبح عضواً في البرلمان في الأعوام 1689 - 1690 وكذلك في
العام 1671 ولكن لم تذكر سجلات الجلسات أي شيئ يذكر عن نيوتن بإستثناء ان
قاعة الجلسة كانت باردة وانه طلب ان يُغلق الشبّاك ليعمّ الدفء!
في العام 1703 أصبح نيوتن رئيساً للأكاديمية الملكية وتمكن من خلق عداوة مع
الفلكي "جون فلامستيد" بمحاولته سرقة كاتالوج الملاحظات الفلكية التابع لـ
فلامستيد
منحته الملكة "آن" لقب فارس في العام
1705.
لم يتزوج نيوتن قط ولم يكن له أطفال مسجّلون وقد مات في مدينة [[لندن]]
ودفن في مقبرة "ويست مينيستر آبي
جوتنــــــــــبرج
ـــــــــــــــــــــــــ
يوهان جوتنبرج مخترع الطابعة 1400-1468
أيهما يستحق أن يجىء أسبق في ترتيب :
تسى آى لون أو هذا المخترع الألماني جوتنبرج؟ إن جوتنبرج قد اخترع الطباعة
..
أو على الأصح قد أخترع الحروف التي توضع الى جوار بعضهم البعض، ثم يوضع
فوقها الورق ثم يضغط عليه فتكون الصحيفه المطبوعة.
إن يكون عظيما لو لم يكن هناك ورق.
فالورق يجئ قبل الطباعة. ومخترع الورق أسبق في سلم العظمة من مخترع الطباعة
الإخوان رايت
ـــــــــــــــــــــ
هذان الأخوان حياتهما متشابكة ومترابطة، ولذلك سوف يكون الحديث عنهما معاً
كأنهما شخص واحد.
فدخولهم عالم الخلود جاء في خطوة واحدة، وكلاهما تعلم في المدارس
الإبتدائية والثانوية، وإن لم يحصلا بعد على أية مؤهلات عالية. وكلاهما
موهوب في الفنون وكلاهما مشغول بالطيران أو بطيران الإنسان، وفي سنة 1892
افتتحا دكاناً لبيع الدرجات وقطع الغيارها.
وقد ساهم هذا الدكان في تمويل مشروعهما الذي يحلمان به. وقد قرأ الاثنان
مؤلفات أناس آخرين انشغلوا بالطيران مثل: أوفو ليلنتال وأو كتاف وصمويل
لانجلي
جـــــــاليليـــــــو
ــــــــــــــــــــــــــ
جاليليو مكتشف علم الفلك 1564-1642
جاليليو جاليلى هو العالم الإيطالي والمسؤل الأول عن تطوير المناهج العلميه
أكثر من أي انسان آخر .
ولد في مدينة بيزا سنة 1564 . ودرس في جامعاتها ثم توقف عن إكمال دراسته
لأسباب مالية.
ورغم ذلك فقد حصل على وظيفة مدرس في الجامعة في 1589 وبعدها بسنوات التحق
بالتدريس في كلية بادوا وظل هناك حتى سنة 1610 وفي تلك الفترة أنتج أعظم
أعماله العلمية
((((((((( ماركـــــــــوني )))))))))))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماركوني مخترع الراديو 1874-1937
اسمه جويلمو ماركوني مخترع الراديو .
ولد في مدينة بولونيا بإطاليا سنة 1874. من أسرة غنية وقد تعلم في بيته.
وعندما بلغ العشرين من عمره قرأ تجارب هنيريش هرتس التي قام بها قبل ذلك
بسنوات .
وتجارب هرتس قد أثبتت وجود موجات غير مرئية كهربية مغناطيسية. هذه الموجات
تتحرك في الهواء بسرعة الضوء
رودولف ديزل
رودولف ديزل مهندس ومخترع ألماني
ولد في باريس عام 1850، ومات غرقاَ وهو يعبر بحر المانش في عام 1913 هل
تعلم أن المحرك المزود به كثير من السيارات والغواصات وبعض قاطرات السكك
الحديدية، كان وليداً لتأمل قداحة صادفها في المدرسة الصناعية بأوبسبرجى
شجرة الــــــــــدر
ـــــــــــــــــــــــــ
لقي السلطان "الصالح أيوب" ربَّه في ليلة النصف من شعبان
(سنة 647هـ) والقوات الصليبية تزحف جنوبًا على شاطئ النيل الشرقي لفرع
دمياط؛ للإجهاز على القوات المصرية الرابضة في المنصورة، وكانت إذاعة خبر
موت السلطان في هذا الوقت الحرج كفيلة بأن تضعف معنويات الجند، وتؤثر في
سير المعركة.
ويذكر التاريخ أن شجرة الدر وقفت موقفًا رائعًا، تعالت فيه على أحزانها،
وقدمت المصالح العليا للبلاد، وأدركت خطورة الموقف العصيب، فأخفت خبر موته،
وأمرت بحمل جثته سرًا في سفينة إلى قلعة الروضة بالقاهرة، وأمرت الأطباء
أن يدخلوا كل يوم إلى حجرة السلطان كعادتهم، وكانت تُدخل الأدوية والطعام
غرفته كما لو كان حيًا، واستمرت الأوراق الرسمية تخرج كل يوم وعليها علامة
السلطان.
وتولت شجرة الدر ترتيب أمور الدولة، وإدارة شئون الجيش في ميدان القتال،
وعهدت للأمير "فخر الدين" بقيادة الجيش، وفي الوقت نفسه
أرسلت إلى توران شاه ابن الصالح أيوب تحثه على القدوم ومغادرة حصن كيفا إلى
مصر، ليتولى السلطنة بعد أبيه. وفي الفترة ما بين موت السلطان الصالح
أيوب، ومجيء ابنه توران شاه في (23 من ذي القعدة 648هـ = 27 من فبراير
1250م)، وهي فترة تزيد عن ثلاثة أشهر، نجحت شجرة الدر في مهارة فائقة أن
تمسك بزمام الأمور، وتقود دفة البلاد وسط الأمواج المتلاطمة التي كادت تعصف
بها، ونجح الجيش المصري في رد العدوان الصليبي، وإلحاق خسائر فادحة
بالصليبيين، وحفظت السلطنة حتى تسلمها توران شاه الذي قاد البلاد إلى
النصر.
التخلص من توران شاه
بعد النصر تنكر السلطان الجديد لشجرة الدر، وبدلاً من أن يحفظ لها جميلها
بعث يتهددها ويطالبها بمال أبيه، فكانت تجيبه بأنها أنفقته في شئون الحرب،
وتدبير أمور الدولة، فلما اشتد عليها ورابها خوف منه ذهبت إلى القدس خوفًا
من غدر السلطان وانتقامه.
ولم يكتف توران شاه بذلك، بل امتد حنقه وضيقه ليشمل أمراء المماليك، أصحاب
الفضل الأول في تحقيق النصر العظيم، وإلحاق الهزيمة بالحملة الصليبية
السابعة، وبدأ يفكر في التخلص منهم، غير أنهم كانوا أسبق منه في الحركة
وأسرع منه في الإعداد، فتخلصوا منه بالقتل.
ولاية شجرة الدر
وجد المماليك أنفسهم في وضع جديد، فهم اليوم أصحاب الكلمة الأولى في
البلاد، ومقاليد الأمور في أيديهم، ولم يعودوا أداة في يد من يستخدمهم
لتحقيق مصلحة أو نيل هدف، وعليهم أن يختاروا سلطانًا للبلاد، وبدلاً من أن
يختاروا واحدًا منهم لتولي شئون البلاد اختاروا شجرة الدر لتولي هذا المنصب
الرفيع. ويتعجب المرء من اختيارهم هذا، وهم الأبطال الصناديد، والقادة
الذين مشى النصر في ركابهم.
ولم تكن شجرة الدر أول امرأة تحكم في العالم الإسلامي، فقد سبق أن تولت
"رضية الدين" سلطنة دلهي، واستمر حكمها أربع سنوات
(634-638هـ/1236-1240م).
"وشجرة الدر" من أصل تركي وقيل أرمينية، وكانت جارية
اشتراها السلطان الصالح أيوب، وحظيت عنده بمكانة عالية حتى أعتقها وتزوجها
وأنجبت منه ولدًا اسمه خليل، توفي في صفر، وفي (2 من صفر 648هـ = مايو
1250م).
أخذت البيعة للسلطانة الجديدة، ونقش اسمها على السكة (النقود) بالعبارة
الآتية "المستعصية الصالحية ملكة المسلمين والدة خليل أمير
المؤمنين".
تصفية الوجود الصليبي
وما إن جلست شجرة الدر على عرش الحكم حتى قبضت على زمام الأمور، وأحكمت
إدارة شئون البلاد، وكان أول عمل اهتمت به هو تصفية الوجود الصليبي في
البلاد، وإدارة مفاوضات معه، انتهت بالاتفاق مع الملك لويس التاسع الذي كان
أسيرًا بالمنصورة على تسليم دمياط، وإخلاء سبيله وسبيل من معه من كبار
الأسرى مقابل فدية كبيرة قدرها ثمانمائة ألف دينار، يدفع نصفها قبل رحيله،
والباقي بعد وصوله إلى عكا، مع تعهد منه بعدم العودة إلى سواحل الإسلام مرة
أخرى.
غير أن الظروف لم تكن مواتية لأن تستمر شجرة الدر في الحكم طويلاً، على
الرغم مما أبدته من مهارة وحزم في إدارة شئون الدولة، وتقربها إلى العامة،
وإغداقها الأموال والإقطاعات على كبار الأمراء، فلقيت معارضة شديدة داخل
البلاد وخارجها، وخرج المصريون في مظاهرات غاضبة تستنكر جلوس امرأة على عرش
البلاد، وعارض العلماء ولاية المرأة الحكم، وقاد المعارضة "العز
بن عبد السلام"؛ لمخالفة جلوسها على العرش للشرع. وفي الوقت نفسه
ثارت ثائرة الأيوبيين في الشام لمقتل توران شاه، واغتصاب المماليك للحكم
بجلوس شجرة الدر على سُدَّة الحكم، ورفضت الخلافة العباسية في بغداد أن تقر
صنيع المماليك، فكتب الخليفة إليهم: "إن كانت الرجال قد عدمت
عندكم فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلاً".
تنازل عن العرش
ولم تجد شجرة الدر إزاء هذه المعارضة الشديدة بدًا من التنازل عن العرش
للأمير عز الدين أيبك أتابك العسكر، الذي تزوجته، وتلقب باسم الملك المعز،
وكانت المدة التي قضتها على عرش البلاد ثمانين يومًا.
وإذا كانت شجرة الدر قد تنازلت عن الحكم والسلطان رسميًا، وانزوت في بيت
زوجها، فإنها مارسته بمشاركة زوجها مسئولية الحكم، وخضع لسيطرتها، فأرغمته
على هجر زوجته الأولى أم ولده عليّ، وحرّمت عليه زيارتها هي وابنها، وبلغ
من سيطرتها على أمور السلطان أن قال المؤرخ الكبير "ابن تغري
بردي": "إنها كانت مستولية على أيبك في جميع أحواله، ليس
له معها كلام".
وفاة شجرة الدر
غير أنه انقلب عليها بعدما أحكم قبضته على الحكم في البلاد، وتخلص من
منافسيه في الداخل ومناوئيه من الأيوبيين في الخارج، وتمرس بإدارة شئون
البلاد، وبدأ في اتخاذ خطوات للزواج من ابنة "بدر الدين
لؤلؤ" صاحب الموصل، فغضبت شجرة الدر لذلك؛ وأسرعت في تدبير
مؤامرتها للتخلص من أيبك؛ فأرسلت إليه تسترضيه وتتلطف معه، وتطلب عفوه،
فانخدع أيبك لحيلتها، واستجاب لدعوتها، وذهب إلى القلعة، حيث لقي حتفه هناك
في (23 من ربيع الأول 655هـ= 1257م).
أشاعت شجرة الدر أن المعز أيبك قد مات فجأة بالليل، ولكن مماليك أيبك لم
يصدقوها؛ فقبضوا عليها، وحملوها إلى امرأة عز الدين أيبك التي أمرت جواريها
بقتلها بعد أيام قليلة، وألقوا بها من فوق سور القلعة، ودُفنت بعد عدة
أيام.. وهكذا انتهت حياتها على هذا النحو بعد أن كانت ملء الأسماع
والأبصار، وقد أثنى عليها المؤرخون المعاصرون لدولة المماليك، فيقول
"ابن تغري بردي" عنها: "وكانت خيّرة دَيِّنة،
رئيسة عظيمة في النفوس، ولها مآثر وأوقاف على وجوه البر، معروفة
بها…".
يتبع
هذه موسوعه مصغره لاشهر الشخصيات العالميه من العلماء والمشاهير
اوجزها في هذه الموسوعه
نيــــــــوتـــــــــــن )
وُلد نيوتن في "وولسثروب" في مقاطعة "لينكنشاير
مات أبوه ولازال نيوتن في بطن امه وقبل ولادته بـ 3 أشهر،
وتركته والدته لتعيش مع زوجها الجديد بعد عامين من ولادة نيوتن وتركت الطفل
نيوتن ليترعرع في كنف جدّته.
درس الثانوية في مدرسة "جراثام" وفي العام 1661 إلتحق بكلّية "ترينيتي" في
"كيمبريدج".
كانت المدرسة آنفة الذكر تتبع منهج [[ارسطو]] الفلسفي إلا ان نيوتن كان
يفضل تدارس الفلاسفة المعاصرين آنذاك من أمثال [[ديكارت]]، [[غاليليو]]،
[[كويرنيكوس]]، و كيبلر
في العام 1665 بدأ نيوتن بتطوير معادلات رياضية لتصبح فيما بعد بعلم
"الحسبان".
مباشرة وبعد حصول نيوتن على الشهادة الجامعية في العام 1665،
أغلقت الجامعة أبوابها كإجراء وقائي ضد وباء ال[[طاعون]] الذي اجتاح
[[اوروبا]] ولزم نيوتن البيت لمدة عامين تفرّغ خلالها للحسبان،
ال[[عدسات]]، و[[قوانين الجاذبية
في العام 1667، أصبح نيوتن عضو في هيئة التدريس في كلية "ترينيتي" وقام
بنشر الورقة العلمية والمتعلقة بـ "التّحليل بالمتسلسلة الا نهائيّة
قام كل من نيوتن و [[ليبنيز]] على حدة بتطوير نظرية المعادلات التفاضلية
واستعمل الرجلان رموز مختلفة في وصف المعادلات التفاضلية ولكن تبقى الطريقة
التي إتّبعها ليبنيز أفضل من الحلول المقدّمة من نيوتن ومع هذا،
يبقى إسم نيوتن مقرون بأحد رموز العلم في وقته.
قضى نيوتن الخمس وعشرين السنة الأخيرة من حياته في خصومة مع ليبنيز والذي
وصفه نيوتن بالمحتال!
البصريات
درُس نيوتن البصريات من العام 1670 - 1672، في هذه الفترة، تحقّق من إنكسار
الضوء وبرهن على أن الضوء الأبيض ممكن ان ينقسم الى عدة ألوان عند مروره
خلال المنشور ومن الممكن بالتالي تجميع حزمة الألوان تلك من خلال عدسة
منشور آخر ليتكون الضوء الأبيض من جديد
باستنتاجه هذا، تمكن نيوتن من إختراع التلسكوب العاكس ليتغلب على مشكلة
الألوان التي تظهر في التلسكوبات المعتمدة على الضوء المنكسر.
عاد نيوتن لعمله البحثي في الجاذبية وتأثيرها على مدار الكواكب مستنداً على
القواعد التي أرساها كيبلر في قوانين الحركة،
وبعد التشاور مع "هوك" و "فلامستيد"، نشر نيوتن إستنتاجاته في العام 1684
والتي تناولت قوانين الحركة.
نشر نيوتن الورقة "برينسيبيا" في العام 1687 بتشجيع ودعم مالي من "إيدموند
هالي".
في هذه الورقة، سطّر نيوتن القوانين الكونية الثلاثة والمتعلقة بالحركة ولم
يستطع أحد ان يعدل على هذه القوانين لـ 300 سنة أخرى!
بعد إصدار نيوتن لنظرية "برينسيبيا"، أصبح الرجل مشهوراً على المستوى
العالمي واستدار من حولة المعجبون وكان من ضمن هذه الدائرة الرياضي
السويسري "نيكولاس فاتيو دي دويلير" والذي كوّن مع نيوتن علاقة متينة
إستمرت حتى العام 1693 وأدّت نهاية هذه العلاقة الى إصابة نيوتن بالإنهيار
العصبي.
تمكن نيوتن من ان يصبح عضواً في البرلمان في الأعوام 1689 - 1690 وكذلك في
العام 1671 ولكن لم تذكر سجلات الجلسات أي شيئ يذكر عن نيوتن بإستثناء ان
قاعة الجلسة كانت باردة وانه طلب ان يُغلق الشبّاك ليعمّ الدفء!
في العام 1703 أصبح نيوتن رئيساً للأكاديمية الملكية وتمكن من خلق عداوة مع
الفلكي "جون فلامستيد" بمحاولته سرقة كاتالوج الملاحظات الفلكية التابع لـ
فلامستيد
منحته الملكة "آن" لقب فارس في العام
1705.
لم يتزوج نيوتن قط ولم يكن له أطفال مسجّلون وقد مات في مدينة [[لندن]]
ودفن في مقبرة "ويست مينيستر آبي
جوتنــــــــــبرج
ـــــــــــــــــــــــــ
يوهان جوتنبرج مخترع الطابعة 1400-1468
أيهما يستحق أن يجىء أسبق في ترتيب :
تسى آى لون أو هذا المخترع الألماني جوتنبرج؟ إن جوتنبرج قد اخترع الطباعة
..
أو على الأصح قد أخترع الحروف التي توضع الى جوار بعضهم البعض، ثم يوضع
فوقها الورق ثم يضغط عليه فتكون الصحيفه المطبوعة.
إن يكون عظيما لو لم يكن هناك ورق.
فالورق يجئ قبل الطباعة. ومخترع الورق أسبق في سلم العظمة من مخترع الطباعة
الإخوان رايت
ـــــــــــــــــــــ
هذان الأخوان حياتهما متشابكة ومترابطة، ولذلك سوف يكون الحديث عنهما معاً
كأنهما شخص واحد.
فدخولهم عالم الخلود جاء في خطوة واحدة، وكلاهما تعلم في المدارس
الإبتدائية والثانوية، وإن لم يحصلا بعد على أية مؤهلات عالية. وكلاهما
موهوب في الفنون وكلاهما مشغول بالطيران أو بطيران الإنسان، وفي سنة 1892
افتتحا دكاناً لبيع الدرجات وقطع الغيارها.
وقد ساهم هذا الدكان في تمويل مشروعهما الذي يحلمان به. وقد قرأ الاثنان
مؤلفات أناس آخرين انشغلوا بالطيران مثل: أوفو ليلنتال وأو كتاف وصمويل
لانجلي
جـــــــاليليـــــــو
ــــــــــــــــــــــــــ
جاليليو مكتشف علم الفلك 1564-1642
جاليليو جاليلى هو العالم الإيطالي والمسؤل الأول عن تطوير المناهج العلميه
أكثر من أي انسان آخر .
ولد في مدينة بيزا سنة 1564 . ودرس في جامعاتها ثم توقف عن إكمال دراسته
لأسباب مالية.
ورغم ذلك فقد حصل على وظيفة مدرس في الجامعة في 1589 وبعدها بسنوات التحق
بالتدريس في كلية بادوا وظل هناك حتى سنة 1610 وفي تلك الفترة أنتج أعظم
أعماله العلمية
((((((((( ماركـــــــــوني )))))))))))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماركوني مخترع الراديو 1874-1937
اسمه جويلمو ماركوني مخترع الراديو .
ولد في مدينة بولونيا بإطاليا سنة 1874. من أسرة غنية وقد تعلم في بيته.
وعندما بلغ العشرين من عمره قرأ تجارب هنيريش هرتس التي قام بها قبل ذلك
بسنوات .
وتجارب هرتس قد أثبتت وجود موجات غير مرئية كهربية مغناطيسية. هذه الموجات
تتحرك في الهواء بسرعة الضوء
رودولف ديزل
رودولف ديزل مهندس ومخترع ألماني
ولد في باريس عام 1850، ومات غرقاَ وهو يعبر بحر المانش في عام 1913 هل
تعلم أن المحرك المزود به كثير من السيارات والغواصات وبعض قاطرات السكك
الحديدية، كان وليداً لتأمل قداحة صادفها في المدرسة الصناعية بأوبسبرجى
شجرة الــــــــــدر
ـــــــــــــــــــــــــ
لقي السلطان "الصالح أيوب" ربَّه في ليلة النصف من شعبان
(سنة 647هـ) والقوات الصليبية تزحف جنوبًا على شاطئ النيل الشرقي لفرع
دمياط؛ للإجهاز على القوات المصرية الرابضة في المنصورة، وكانت إذاعة خبر
موت السلطان في هذا الوقت الحرج كفيلة بأن تضعف معنويات الجند، وتؤثر في
سير المعركة.
ويذكر التاريخ أن شجرة الدر وقفت موقفًا رائعًا، تعالت فيه على أحزانها،
وقدمت المصالح العليا للبلاد، وأدركت خطورة الموقف العصيب، فأخفت خبر موته،
وأمرت بحمل جثته سرًا في سفينة إلى قلعة الروضة بالقاهرة، وأمرت الأطباء
أن يدخلوا كل يوم إلى حجرة السلطان كعادتهم، وكانت تُدخل الأدوية والطعام
غرفته كما لو كان حيًا، واستمرت الأوراق الرسمية تخرج كل يوم وعليها علامة
السلطان.
وتولت شجرة الدر ترتيب أمور الدولة، وإدارة شئون الجيش في ميدان القتال،
وعهدت للأمير "فخر الدين" بقيادة الجيش، وفي الوقت نفسه
أرسلت إلى توران شاه ابن الصالح أيوب تحثه على القدوم ومغادرة حصن كيفا إلى
مصر، ليتولى السلطنة بعد أبيه. وفي الفترة ما بين موت السلطان الصالح
أيوب، ومجيء ابنه توران شاه في (23 من ذي القعدة 648هـ = 27 من فبراير
1250م)، وهي فترة تزيد عن ثلاثة أشهر، نجحت شجرة الدر في مهارة فائقة أن
تمسك بزمام الأمور، وتقود دفة البلاد وسط الأمواج المتلاطمة التي كادت تعصف
بها، ونجح الجيش المصري في رد العدوان الصليبي، وإلحاق خسائر فادحة
بالصليبيين، وحفظت السلطنة حتى تسلمها توران شاه الذي قاد البلاد إلى
النصر.
التخلص من توران شاه
بعد النصر تنكر السلطان الجديد لشجرة الدر، وبدلاً من أن يحفظ لها جميلها
بعث يتهددها ويطالبها بمال أبيه، فكانت تجيبه بأنها أنفقته في شئون الحرب،
وتدبير أمور الدولة، فلما اشتد عليها ورابها خوف منه ذهبت إلى القدس خوفًا
من غدر السلطان وانتقامه.
ولم يكتف توران شاه بذلك، بل امتد حنقه وضيقه ليشمل أمراء المماليك، أصحاب
الفضل الأول في تحقيق النصر العظيم، وإلحاق الهزيمة بالحملة الصليبية
السابعة، وبدأ يفكر في التخلص منهم، غير أنهم كانوا أسبق منه في الحركة
وأسرع منه في الإعداد، فتخلصوا منه بالقتل.
ولاية شجرة الدر
وجد المماليك أنفسهم في وضع جديد، فهم اليوم أصحاب الكلمة الأولى في
البلاد، ومقاليد الأمور في أيديهم، ولم يعودوا أداة في يد من يستخدمهم
لتحقيق مصلحة أو نيل هدف، وعليهم أن يختاروا سلطانًا للبلاد، وبدلاً من أن
يختاروا واحدًا منهم لتولي شئون البلاد اختاروا شجرة الدر لتولي هذا المنصب
الرفيع. ويتعجب المرء من اختيارهم هذا، وهم الأبطال الصناديد، والقادة
الذين مشى النصر في ركابهم.
ولم تكن شجرة الدر أول امرأة تحكم في العالم الإسلامي، فقد سبق أن تولت
"رضية الدين" سلطنة دلهي، واستمر حكمها أربع سنوات
(634-638هـ/1236-1240م).
"وشجرة الدر" من أصل تركي وقيل أرمينية، وكانت جارية
اشتراها السلطان الصالح أيوب، وحظيت عنده بمكانة عالية حتى أعتقها وتزوجها
وأنجبت منه ولدًا اسمه خليل، توفي في صفر، وفي (2 من صفر 648هـ = مايو
1250م).
أخذت البيعة للسلطانة الجديدة، ونقش اسمها على السكة (النقود) بالعبارة
الآتية "المستعصية الصالحية ملكة المسلمين والدة خليل أمير
المؤمنين".
تصفية الوجود الصليبي
وما إن جلست شجرة الدر على عرش الحكم حتى قبضت على زمام الأمور، وأحكمت
إدارة شئون البلاد، وكان أول عمل اهتمت به هو تصفية الوجود الصليبي في
البلاد، وإدارة مفاوضات معه، انتهت بالاتفاق مع الملك لويس التاسع الذي كان
أسيرًا بالمنصورة على تسليم دمياط، وإخلاء سبيله وسبيل من معه من كبار
الأسرى مقابل فدية كبيرة قدرها ثمانمائة ألف دينار، يدفع نصفها قبل رحيله،
والباقي بعد وصوله إلى عكا، مع تعهد منه بعدم العودة إلى سواحل الإسلام مرة
أخرى.
غير أن الظروف لم تكن مواتية لأن تستمر شجرة الدر في الحكم طويلاً، على
الرغم مما أبدته من مهارة وحزم في إدارة شئون الدولة، وتقربها إلى العامة،
وإغداقها الأموال والإقطاعات على كبار الأمراء، فلقيت معارضة شديدة داخل
البلاد وخارجها، وخرج المصريون في مظاهرات غاضبة تستنكر جلوس امرأة على عرش
البلاد، وعارض العلماء ولاية المرأة الحكم، وقاد المعارضة "العز
بن عبد السلام"؛ لمخالفة جلوسها على العرش للشرع. وفي الوقت نفسه
ثارت ثائرة الأيوبيين في الشام لمقتل توران شاه، واغتصاب المماليك للحكم
بجلوس شجرة الدر على سُدَّة الحكم، ورفضت الخلافة العباسية في بغداد أن تقر
صنيع المماليك، فكتب الخليفة إليهم: "إن كانت الرجال قد عدمت
عندكم فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلاً".
تنازل عن العرش
ولم تجد شجرة الدر إزاء هذه المعارضة الشديدة بدًا من التنازل عن العرش
للأمير عز الدين أيبك أتابك العسكر، الذي تزوجته، وتلقب باسم الملك المعز،
وكانت المدة التي قضتها على عرش البلاد ثمانين يومًا.
وإذا كانت شجرة الدر قد تنازلت عن الحكم والسلطان رسميًا، وانزوت في بيت
زوجها، فإنها مارسته بمشاركة زوجها مسئولية الحكم، وخضع لسيطرتها، فأرغمته
على هجر زوجته الأولى أم ولده عليّ، وحرّمت عليه زيارتها هي وابنها، وبلغ
من سيطرتها على أمور السلطان أن قال المؤرخ الكبير "ابن تغري
بردي": "إنها كانت مستولية على أيبك في جميع أحواله، ليس
له معها كلام".
وفاة شجرة الدر
غير أنه انقلب عليها بعدما أحكم قبضته على الحكم في البلاد، وتخلص من
منافسيه في الداخل ومناوئيه من الأيوبيين في الخارج، وتمرس بإدارة شئون
البلاد، وبدأ في اتخاذ خطوات للزواج من ابنة "بدر الدين
لؤلؤ" صاحب الموصل، فغضبت شجرة الدر لذلك؛ وأسرعت في تدبير
مؤامرتها للتخلص من أيبك؛ فأرسلت إليه تسترضيه وتتلطف معه، وتطلب عفوه،
فانخدع أيبك لحيلتها، واستجاب لدعوتها، وذهب إلى القلعة، حيث لقي حتفه هناك
في (23 من ربيع الأول 655هـ= 1257م).
أشاعت شجرة الدر أن المعز أيبك قد مات فجأة بالليل، ولكن مماليك أيبك لم
يصدقوها؛ فقبضوا عليها، وحملوها إلى امرأة عز الدين أيبك التي أمرت جواريها
بقتلها بعد أيام قليلة، وألقوا بها من فوق سور القلعة، ودُفنت بعد عدة
أيام.. وهكذا انتهت حياتها على هذا النحو بعد أن كانت ملء الأسماع
والأبصار، وقد أثنى عليها المؤرخون المعاصرون لدولة المماليك، فيقول
"ابن تغري بردي" عنها: "وكانت خيّرة دَيِّنة،
رئيسة عظيمة في النفوس، ولها مآثر وأوقاف على وجوه البر، معروفة
بها…".
يتبع
رد: موسوعة المشاهير
يوسف العظمة
ــــــــــــــــــــ
اجتمع المؤتمر السوري في (16 من جمادى الآخرة 1338هـ= 8 من مارس 1920م)،
واتخذ عدة قرارات تاريخية تنص على إعلان استقلال سوريا بحدودها الطبيعية
استقلالا تاما بما فيها فلسطين، ورفض ادعاء الصهيونية في إنشاء وطن قومي
لليهود في فلسطين، وإنشاء حكومة مسئولة أمام المؤتمر الذي هو مجلس نيابي،
وكان يضم ممثلين انتخبهم الشعب في سوريا ولبنان وفلسطين، وتنصيب الأمير
فيصل ملكًا على البلاد. واستقبلت الجماهير المحتشدة في ساحة الشهداء هذه
القرارات بكل حماس بالغ وفرحة طاغية باعتبارها محققة لآمالهم ونضالهم من
أجل التحرر والاستقلال.
وتشكلت الحكومة برئاسة رضا باشا الركابي، وضمت سبعة من الوزراء من بينهم
فارس الخوري وساطع الحصري، ولم يعد فيصل في هذا العهد الجديد المسئول الأول
عن السياسة، بل أصبح ذلك منوطًا بوزارة مسئولة أمام المؤتمر السوري،
وتشكلت لجنة لوضع الدستور برئاسة هاشم الأتاسي، فوضعت مشروع دستور من 148
مادة على غرار الدساتير العربية، وبدأت الأمور تجري في اتجاه يدعو إلى
التفاؤل ويزيد من الثقة.
مؤتمر سان ريمو
غير أن هذه الخطوة الإصلاحية في تاريخ البلاد لم تجد قبولا واستحسانًا من
الحلفاء، ورفضت الحكومتان: البريطانية والفرنسية قرارات المؤتمر في دمشق،
واعتبرت فيصل أميرًا هاشميًا لا يزال يدير البلاد بصفته قائدًا للجيوش
الحليفة لا ملكًا على دولة. ودعته إلى السفر إلى أوروبا لعرض قضية بلاده؛
لأن تقرير مصير الأجزاء العربية لا يزال بيد مؤتمر السلم.
وجاءت قرارات مؤتمر السلم المنعقد في "سان ريمو"
الإيطالية في (6 من شعبان 1338هـ= 25 من إبريل 1920م) مخيبة لآمال العرب؛
فقد قرر الحلفاء استقلال سوريا تحت الانتداب الفرنسي، واستقلال العراق تحت
الانتداب البريطاني، ووضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وكان ذلك سعيًا
لتحقيق وعد بلفور لليهود فيها. ولم يكن قرار الانتداب في سان ريمو إلا
تطبيقًا لاتفاقية سايكس ـ بيكو المشهورة، وإصرارا قويا من فرنسا على احتلال
سوريا.
وكان قرار المؤتمر ضربة شديدة لآمال الشعب في استقلال سوريا ووحدتها، فقامت
المظاهرات والاحتجاجات، واشتعلت النفوس بالثورة، وأجمع الناس على رفض ما
جاء بالمؤتمر من قرارات، وكثرت الاجتماعات بين زعماء الأمة والملك فيصل،
وأبلغوه تصميم الشعب على مقاومة كل اعتداء على حدود البلاد واستقلالها.
رفض فيصل قرارات المؤتمر
وتحت تأثير الضغط الوطني وازدياد السخط الشعبي، رفض فيصل بدوره قرارات
مؤتمر سان ريمو، وبعث إلى بريطانيا وفرنسا برفضه هذا؛ لأن هذه القرارات
جاءت مخالفة لأماني الشعب في الوحدة السورية والاستقلال، ولفصلها فلسطين عن
سوريا، ورفض الذهاب إلى أوروبا لعرض قضية بلاده أمام مؤتمر السلم ما لم
تتحقق شروطه في الاعتراف باستقلال سوريا بما فيها فلسطين، ودارت مراسلات
كثيرة بينه وبين الدولتين بخصوص هذا الشأن، لمحاولة الخروج من المأزق الصعب
الذي وضعته فيه قرارات مؤتمر سان ريمو، غير أن محاولاته تكسرت أمام إصرار
الدولتين على تطبيق ما جاء في المؤتمر.
وفي أثناء ذلك تشكلت حكومة جديدة برئاسة هاشم الأتاسي في (14 من شعبان
1338هـ= 3 من مايو 1920م) ودخلها وزيران جديدان من أشد الناس مطالبة
بالمقاومة ضد الاحتلال، هما: يوسف العظمة، وعبد الرحمن الشهبندر، وقدمت
الوزارة الجديدة بيانها الذي تضمن تأييد الاستقلال التام، والمطالبة بوحدة
سوريا بحدودها الطبيعة، ورفض كل تدخل يمس السيادة القومية. واتخذت الوزارة
إجراءات دفاعية لحماية البلاد، ووسعت نطاق التجنيد بين أبناء الشعب
استعدادًا للدفاع عن الوطن.
الإنذار الفرنسي
كان من نتيجة إصرار القوى الوطنية السورية على رفض قرارات مؤتمر سان ريمو
أن اتخذت فرنسا قرارًا بإعداد حملة عسكرية وإرسالها إلى بيروت؛ استعدادًا
لبسط حكمها على سوريا الداخلية مهما كلفها الأمر، وساعدها على الإقدام أنها
ضمنت عدم معارضة الحكومة البريطانية على أعمالها في سوريا، وكانت أخبار
الحشود العسكرية على حدود المنطقة الشرقية في زحلة وقرب حلب تتوالى، ثم لم
يلبث أن وجه الجنرال "غورو" قائد الحملة الفرنسية
الإنذار الشهير إلى الحكومة العربية بدمشق في (27 من شوال 1338هـ= 14 من
يوليو 1920م) يطلب فيه: قبول الانتداب الفرنسي، وتسريح الجيش السوري،
والموافقة على احتلال القوات الفرنسية لمحطات سكك الحديد في رياق وحمص وحلب
وحماه.
وطلب الجنرال قبول هذه الشروط جملة أو رفضها جملة، وحدد مهلة لإنذاره تنتهي
بعد أربعة أيام، فإذا قبل فيصل بهذه الشروط فعليه أن ينتهي من تنفيذها
كلها قبل (15 من ذي القعدة 1338هـ= 31 من يوليو 1920م) عند منتصف الليل،
وإذا لم يقبل فإن العاقبة لن تقع على فرنسا، وتتحمل حكومة دمشق مسئولية ما
سيقع عليها.
ولما سمع الناس بخبر هذا الإنذار، اشتعلت حماستهم وتفجرت غضبًا، وأقبلوا
على التطوع، فامتلأت بهم الثكنات العسكرية، واشتد إقبال الناس على شراء
الأسلحة والذخائر، وأسرعت الأحياء في تنظيم قوات محلية للحفاظ على الأمن.
قبول فيصل بالإنذار
اجتمع الملك فيصل بمجلس الوزراء في (29 من شوال 1338 هـ= 16 من يوليو
1920م) لبحث الإنذار، ووضع الخطة الواجب اتباعها قبل انقضاء مهلته، وكان
رأي يوسف العظمة وزير الدفاع أنه يوجد لدى الجيش من العتاد والذخيرة ما
يمكنه من مقاومة الفرنسيين لكنها لم تكن كافية للصمود طويلا أمام الجيش
الفرنسي البالغ العدد والعتاد، واتجه رأي الأغلبية عدا العظمة إلى قبول
الإنذار الفرنسي، وبقي أمام فيصل أخذ موافقة أعضاء المؤتمر السوري على قبول
الإنذار؛ فاجتمع بهم في قصره، لكن الاجتماع لم يصل إلى قرار، فاجتمع الملك
فيصل مع مجلس وزرائه ثانية وأعلنوا جميعًا قبولهم الإنذار، وبدأت الحكومة
في تسريح الجيش دون خطة أو نظام، فخرج الجنود من ثكناتهم بعد أن تلقوا
الأوامر بتسريحهم ومعهم أسلحتهم، واختلطوا بالجماهير المحتشدة الغاضبة من
قبول الحكومة بالإنذار، فاشتدت المظاهرات وعلت صياحات الجماهير، وعجزت
الشرطة عن الإمساك بزمام الأمور.
معركة ميسلون
وفي ظل هذه الأجواء المضطربة وصلت الأخبار إلى دمشق بتقدم الجيش الفرنسي،
بقيادة غورو في (5 من ذي القعدة 1338هـ= 21 من يوليو 1920م) نحو دمشق بعد
انسحاب الجيش العربي، محتجًا بأن البرقية التي أرسلها فيصل بقبوله الإنذار
لم تصل بسبب انقطاع أسلاك البرق من قبل العصابات السورية، وإزاء هذه
الأحداث وافق الملك فيصل على وقف تسريح الجيش، وأعيدت القوات المنسحبة إلى
مراكز جديدة مقابل الجيش الفرنسي، وأرسل إلى غورو يطلب منه أن يوقف جيشه
حتى يرسل له مندوبًا للتفاهم معه حقنًا للدماء، لكن هذه المحاولة فشلت في
إقناع الجنرال المغرور الذي قدم شروطًا جديدة تمتهن الكرامة العربية والشرف
الوطني حتى يبقى الجيش الفرنسي في مكانه دون تقدم، وكان من بين هذه الشروط
تسليم الجنود المسرّحين أسلحتهم إلى المستودعات، وينزع السلاح من الأهالي.
رفضت الوزارة شروط غورو الجديدة، وتقدم يوسف العظمة لقيادة الجيش السوري
دفاعًا عن الوطن، في الوقت الذي زحف فيه الجيش الفرنسي نحو خان ميسلون بحجة
توفر الماء في المنطقة، وارتباطها بالسكك الحديدية بطريق صالح للعجلات،
وأصبح على قرب 25 كم من دمشق.
وفي هذه الأثناء كانت المظاهرات لا تزال تملأ دمشق تنادي بإعلان الجهاد ضد
الفرنسيين، وأصدر فيصل منشورا يحض الناس على الدفاع بعد أن فشلت كل
المحاولات لإقناع الفرنسي عن التوقف بجيشه.
خرج يوسف العظمة بحوالي 4000 جندي يتبعهم مثلهم أو أقل قليلا من المتطوعين
إلى ميسلون، ولم تضم قواته دبابات أو طائرات أو تجهيزات ثقيلة، واشتبك مع
القوات الفرنسية في صباح يوم (8 من ذي القعدة 1338هـ=24 من يوليو 1920م) في
معركة غير متكافئة، دامت ساعات، اشتركت فيها الطائرات الفرنسية والدبابات
والمدافع الثقيلة.
وتمكن الفرنسيون من تحقيق النصر؛ نظرًا لكثرة عددهم وقوة تسليحهم، وفشلت
الخطة التي وضعها العظمة، فلم تنفجر الألغام التي وضعها لتعطيل زحف القوات
الفرنسية، وتأخرت عملية مباغتة الفرنسيين، ونفدت ذخائر الأسلحة.
وعلى الرغم من ذلك فقد استبسل المجاهدون في الدفاع واستشهد العظمة في معركة
الكرامة التي كانت نتيجتها متوقعة خاضها دفاعًا عن شرفه العسكري وشرف
بلاده، فانتهت حياته وحياة الدولة التي تولى الدفاع عنها.
ولم يبق أمام الجيش الفرنسي ما يحول دون احتلال دمشق في اليوم نفسه، لكنه
القائد المعجب بنصره آثر أن يدخل دمشق في اليوم الثاني محيطًا نفسه بأكاليل
النصر وسط جنوده وحشوده
عمر المخـــــــــــــتار
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يطيب للمؤرخين كتابة تاريخ المعارك وما بُذل فيها من دماء، دونما خوض في
أحوال القلوب التي بَذلت أرواحها وسالت دماؤها، ولهم في ذلك عذر؛ لأن
التاريخ يبحث في الوقائع والأحداث، وقلما يجد من دليل أو رواية صادقة عن
أحوال المشاركين فيها؛ ويرجع ذلك إلى أن الوقائع هي التي أشهرت أسماءهم؛
لذا فلم يهتم أحد بأحوالهم قبلها، ولكن القرآن علمنا أن أعمال القلوب هي
الأصل في أعمال الجوارح، وهذا هو معنى الإيمان، ومن هنا ستكون مسيرتنا مع
هذا البطل محاولة لإظهار جهاده القلبي، في مواجهة الإغراء الدنيوي، أو
الانقياد وراء ضلالة شيخه الصوفي، وأثر ذلك على جهاده القتالي، حتى حاز
بفضل من الله الشهادة في سبيله.
هو... عمر بن المختار بن فرحات من عائلة غيث، وفرحات قبيلة من بريدان أحد
بطون قبيلة المنفة، وأمه هي عائشة بنت محارب، وقد ولد –حسب روايته- بعد
وفاة السيد محمد بن علي السنوسي الذي توفي عام 1859م/1276هـ، وعلى ذلك تكون
ولادته في حدود عام 1861م وعام 1862م، وقد كان والده –رغم قلة المعلومات
عنه- مشهورا بشجاعته في القتال وإقدامه، بالإضافة إلى مكانته بين قومه، وقد
عهد الوالد بولده إلى السيد حسن الغرياني شيخ زاوية جنزور (التابعة
للطريقة السنوسية) لتربيته وتحفيظه القرآن، وعند وفاة الوالد عام 1878 في
رحلة الحج أوصى من حوله بأن يرعى هذا الشيخ أولاده من بعده، فقام الشيخ بما
عهد إليه خير قيام، فقام بإرسال عمر وهو ابن 16 عاما إلى معهد زاوية
الجغبوب مع أولاده؛ ليتعلم في هذا المعهد السنوسي كافة العلوم الشرعية،
فتلقى القرآن وعلومه على يد الشيخ الزروالي المغربي، ودرس على سائر مشايخ
المعهد مجموعة من العلوم الشرعية وغيرها، وقد كان نهج التعليم في المعهد أن
يقوم الدارس بأداء بعض المهن اليدوية مثل: النجارة والحدادة، وقد تميز عمر
المختار في هذه الحرف وفي ركوب الخيل على سائر إخوانه بالمعهد، وتميز
أيضًا بشخصيته القيادية واتزان كلامه وجاذبيته، مع تواضع وبساطته، وقد
ساعدت صفاته على توسيع دائرة اتصالاته واكتساب حب وتقدير كل من تعامل معه
من خلال المهام الكثيرة التي قام بها، وقد انقطع عمر المختار عن مواصلة
تعليمه حوالي سنة 1886، وذلك بسبب إحساسه بأن وطنه وقومه في حاجة إلى عمله
وجهاده.
صفاته ومكانته
صقلت الأيام صفات عمر المختار السالفة الذكر من تواضع وبساطة مع شخصية
قيادية متزنة، وسوف تدفع به خصاله لتقدم الصفوف في طريقته السنوسية، وكان
من إعجاب السيد المهدي السنوسي –شيخ السنوسية في هذا الوقت- أن قال:
"لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم".
وليتضح للقارئ الواقع العملي لصفات الرجل سنورد قصتين عنه:
الأولى (وهي رواية شاهد عيان): وتتلخص في أنه في عام 1311هـ/1894م تقرر سفر
السيد عمر المختار مع آخرين إلى السودان في مهمة كلفه بها شيخه، وقد كان
عمر هو رأس الوفد، وقد وجدوا قافلة تجارية تتأهب للخروج من الكفرة إلى
السودان، فقرر الوفد مرافقة القافلة لعلم التجار بطرق الصحراء وخبرتهم بها،
وعند وصولهم مع القافلة لمكان في الطريق توقفت وأشار أحد التجار على أفراد
القافلة أن المنفذ الوحيد في هذه المنطقة الوعرة عادة يقف على مشارفه أسد
مفترس، وقد استقر عرف القوافل على أن يشترك أهل القافلة في ثمن بعير هزيل
يتركونه للأسد حال خروجه، فرفض عمر المختار الاقتراح بشدة، وقال:
"إن الإتاوات التي كان يفرضها القوي منا على الضعيف بدون حق
أُبطلت، فكيف يصح أن نعيدها لحيوان؟! إنها علامة ذل وهوان، والله لندفعنه
بسلاحنا"، وأصر على رأيه، وتقدمت القافلة، وخرج الأسد على مطلع
الطريق، فتقدم عمر المختار بفرسه وسلاحه إليه فأصابه في غير مقتل، واستمر
في تقدمه إليه –رغم خطورة التعرض لأسد مصاب- فقتله في طلقته الثانية، وأصر
عمر المختار على أن يسلخ جلده ويعلقه على مدخل هذا الطريق ليشاهده المارة
من القوافل. وقد منع عمر المختار في أحد المجالس أن تروى هذه القصة قائلاً:
"وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى".
والثانية: (وهي رواية شاهد عيان أيضًا) يذكر محمود الجهمي –صاحب عمر
المختار في جهاده- أنه ما كان ينام ليلة حتى الصباح، ما كان ينام إلا
ساعتين أو ثلاثا ثم يقوم فيتوضأ ويبدأ في تلاوة القرآن حتى الصباح، وكان لا
يزيد عن سبع يختم فيهم القرآن.
وقد استخدمه شيخه كثيرًا في مهام المصالحة بين القبائل وفض النزاعات، ولم
يحدث أن فشل في مهمة كلف بها، مما ساعده على توطيد مركزه وسمعته بين
القبائل، وفي نفس الوقت جعله مدركًا بشؤون القبائل وأحوالها وأحداثها.
وقد ذكرنا من قبل أنه انقطع عن الدراسة في عام 1886م؛ إذ إن البلاد
المجاورة كلها قد وقعت تحت الاحتلال الأجنبي، مصر والسودان تحت الاحتلال
الإنجليزي، وتونس والجزائر تحت الاحتلال الفرنسي، مما يعني أن ليبيا هي
البقعة الوحيدة التي بقت من الدولة العثمانية التي لم تخضع بعد لأجنبي، وقد
بدأت إرهاصات الزحف الإيطالي في هذه الفترة، وقد تم تكليفه بالقيام بأعمال
شيخ زاوية القصور السنوسية عام 1895م، وهي تابعة لقبيلة العبيد بمنطقة
الجبل الأخضر ( موطن المقاومة الليبية، ومعقل السيد عمر المختار في مواجهة
الإيطاليين بعد ذلك)، وقد اشترك عمر المختار مع قوة مكلفة من شيخ السنوسية
في مقاومة الاستعمار الفرنسي في وسط إفريقيا، وقد ساعدت هذه الأحداث عام
1899م على صعود نجم عمر المختار على المسرح السياسي والعسكري، وكذلك داخل
منظومة الطريقة السنوسية، وساعد على ذلك أن الشيخ محمد المهدي شيخ السنوسية
نقل مقره عن الكفرة إلى قرو بالمنطقة الوسطى من إفريقيا عام 1899م.
في هذه الأوقات كانت القوى الاستعمارية تقسم العالم فيما بينها فنرى
إفريقيا التي كان 95% منها مستقلة عام 1885، يصبح 8% منها فقط خارج المناطق
الاستعمارية في عام 1910، وفي هذا الزحف الاستعماري تعرض أتباع السنوسية
ومراكزهم (الزوايا البيضاء) لهجوم القوات الغازية، وذلك لحملهم لواء الجهاد
ونشر الإسلام في آن واحد في مواجهة الغزو التنصيري الاستعماري على
إفريقيا، وقد تولى مشيخة الطريقة عام 1902 الشيخ أحمد الشريف السنوسي بعد
وفاة محمد المهدي، وقد قام الشيخ الجديد باستدعاء السيد عمر المختار لتولي
زاوية القصور مرة ثانية عام 1906م بعد تفاقم النزاعات بمنطقة الجبل الأخضر،
وزيادة الضغوط الاستعمارية الإيطالية.
وفي 19 من أكتوبر 1911م وصل خبر بدأ الغزو الإيطالي لليبيا إلى مشايخ
السنوسية، وقد كان عمر المختار في جالو بطريق عودته من الكفرة (بعد اجتماع
مع شيخه السيد أحمد الشريف الذي استقر ثانية بالكفرة)، ويعلن شيخ الطريقة
في نداء عام الجهاد من أجل صدّ العدوان ودفع الغاصب، وتنظيم الصفوف؛
وبالفعل تحققت الانتصارات على العدو الإيطالي، وأراد الطليان أن ينتقموا من
الليبيين العزل، وتولدت فكرة شيطانية؛ ألا وهي عقد صلح مع إيطالية والرضا
باحتلالهم لجزء من الأرض، وذلك بحجة قوة العدو، وكذلك قدرته على تطوير
الأوضاع الزراعية والصناعية في ليبيا، ولكن استمرت المقاومة، وحتى وصلت هذه
الفكرة إلى رأس أحد مشايخ الطريقة السنوسية، فعقد اتفاقاً تمهيدياً معهم،
وحدث خلاف بين أبناء العم السنوسيين، وخطورة هذا الخلاف أن الدولة
العثمانية قد تركت الأمر كله وانسحبت من ليبيا، وأصبح الأمر بيد أبناء
ليبيا، ومن هنا كانت خطورة الخلاف، وقد اختار شيخ الطريقة حسم الخلاف بأن
ينسحب ويترك مشيخة الطريقة للسيد إدريس السنوسي، وهو الذي بدأ مفاوضات
الصلح مع إيطاليا، وقد تسلم السيد إدريس المشيخة عام 1917م.
المـحـنـة
كانت محنة السيد عمر المختار هو انتقال المشيخة في الطريقة السنوسية إلى
السيد إدريس السنوسي، والسيد إدريس يرى أن تسليم جزء من الوطن للمحتل جائز،
بل يرى أن يتسلم هو وزعماء الطريقة مرتبات شهرية من إيطاليا، بالإضافة إلى
منازل معدة لهم، وأراضٍ زراعية معفاة من أي ضرائب، خلاصة الأمر هو قبول
رشوة مقابل التنازل عن جزء من الوطن، فماذا يكون موقف المريد عمر المختار
وزملائه؟ اجتمع زعماء القبائل ومشايخ الطريقة، وقدموا وثيقة في غاية
الخطورة إلى السيد إدريس، يقومون فيها بمبايعته قائداً وشيخاً وأميرًا لهم،
ولكن في هذه الوثيقة يحددون هدف المبايعة، ألا وهو قيادتهم في الجهاد ضد
الغزاة، ولم يجد إدريس السنوسي مفراً من القبول الشكلي للبيعة، وتجتمع جموع
المجاهدين في عام 1922م، فماذا يفعل السيد إدريس وهو قد وقّع بالفعل على
وثيقة صلح مع إيطاليا، فما كان منه أن رحل إلى مصر في اليوم التالي لقبوله
البيعة؛ مدعياً المرض وحاجته للعلاج! فتوجه إليه السيد عمر المختار وبعض
صحبه، فلم يجدوا في شيخهم علة جسدية، وأرادوا منه أضعف الإيمان أن يمدهم
بالمال والسلاح فلم يجدوا منه جواباً، فأعلنوا موقفهم الإيماني والجهادي
الصريح، إن ضل الشيخ فهذا ليس لنا بحجة أمام الله، وأن الجهاد فرض علينا،
وأننا سنمضي في جهادنا للأعداء، غير متعرضين لمن خذلنا، ومن ثم تقدم عمر
المختار الصفوف ليقود حركة الجهاد من عام 1922، ويتكرر الموقف مرة ثانية؛
إذ يأتي أحد أبناء السنوسية، وهو رضا هلال السنوسي ليكرر هذه الفتنة بين
المجاهدين (بعد عام واحد من فتنة إدريس السنوسي) إذ يعلن اتفاقه مع إيطاليا
على أن يلقى السنوسيون السلاح، بل يبالغ في إعلان هذا الاتفاق ويضع بيده
الصليب على قبر جده مؤسس الطريقة السنوسية.
ويعلن عمر المختار وصحبه أنهم لن يضعوا سلاحهم، ولكنهم لن يتعرضوا لمن أراد
ذلك، وينتهي أمر هذا الهلال إلى أن تقبض عليه إيطاليا بعد فشله في وقف
الجهاد ونفيه إلى إيطاليا، وتتكرر المأساة على يد الحسن بن رضا السنوسي
وذلك أثناء مفاوضات عمر المختار مع إيطاليا، إذ يذهب الحسن بشروط المجاهدين
إلى الطليان، ويعود بشروط ما هي إلا استسلام المجاهدين للطليان مقابل بعض
المال للحسن، وبعض المال لقادة المجاهدين، فيقول له عمر المختار:
"لقد غروك يا بني بمتاع الدنيا الفاني، وقد انتهى الحسن نهاية
أبيه".
أما محنة الإغراء فهي كانت عروضا عديدة بأموال وبيوت مريحة وأراضٍ زراعية
معفاة من الضرائب للسيد عمر المختار، وكان رده على هذه العروض كلها:
"لم أكن يوماً لقمة سائغة يسهل بلعها على من يريد، ولن يغير أحد
من عقيدتي ورأيي واتجاهي، والله سيخيب من يحاول ذلك".
عمر المختار قائد المجاهدين
إن هذا الجانب من شخصية السيد عمر المختار قد تناولته الأقلام وترجمته شاشة
السينما في عرضها لجهاد الرجل، ولكن سنبرز هنا تنظيمه للمجاهدين.
بدأ السيد عمر المختار في الاتصال بالقبائل، وقام بحصر عدد القادرين على
الجهاد، وبدأ يجمع هذه الأعداد معه في عملياته العسكرية، وذلك بشكل متتابع،
وجعل لهم معسكرات يجتمعون فيها ويتدربون، وقد عرف النظام والمعسكرات باسم
الأدوار، وقد اختلف المؤرخون في عددها بين ثلاثة أو أربعة أو أكثر، وذلك
النظام أعطى فرصة للمقاتلين في متابعة أمور حياتهم، كما نظم أمور الفصل في
الخصومات - وهو الخبير في هذا الأمر - والأمور المالية والإمداد والتموين
للمجاهدين، وكذلك عملية الاتصال بالجهات الخارجية سواء في تونس أو مصر؛
لإمداده بالسلاح والمال اللازمين لمواصلة الجهاد، وجعل من الجبل الأخضر
معقله، ولكن ضرباته كانت تطارد الإيطاليين في كل أرض ليبيا، وعاش المجاهدون
حياتهم مع السيد عمر بين كر وفر، بين نصر وهزيمة، ولكنهم لم يعرفوا معه
معنى الضعف أو الاستسلام لهزيمة أو حصار من أعدائهم، وظل كذلك حتى في أحرج
اللحظات، سواء في أثناء الفتنة الداخلية التي حرص عليها مشايخ السنوسية
الطامعون في الدنيا، وكادت تشتعل الحرب الأهلية، فما كان منه أن أخرج مصحفه
وأقسم ألا يتوقف عن قتال الإيطاليين حتى لو قاتلهم وحده، فلا يلبث
المختلفون معه أن يتوحدوا مع صف المجاهدين. وكذلك أثناء الحصار، ثم
المحاكمة قبل إعدامه، عندما سئل: لماذا قاتلت الدولة الإيطالية؟ فيجيب:
دفاعاً عن ديني ووطني.
ويقوم الإيطاليون بجمع القبائل لمشاهدة إعدامه، ويسقط جسد الرجل، وترتفع
روحه إلى السماء، وترتفع مبادئه، وما يلبث أعداء الله إلا قليلاً حتى يسلط
الله عليهم من يسقط رايتهم، ويزيل عدوانهم عن أرض ليبيا جميعاً.
"فأما ال**د فيذهب جفاء، وأما من ينفع الناس فيمكث في الأرض
ــــــــــــــــــــ
اجتمع المؤتمر السوري في (16 من جمادى الآخرة 1338هـ= 8 من مارس 1920م)،
واتخذ عدة قرارات تاريخية تنص على إعلان استقلال سوريا بحدودها الطبيعية
استقلالا تاما بما فيها فلسطين، ورفض ادعاء الصهيونية في إنشاء وطن قومي
لليهود في فلسطين، وإنشاء حكومة مسئولة أمام المؤتمر الذي هو مجلس نيابي،
وكان يضم ممثلين انتخبهم الشعب في سوريا ولبنان وفلسطين، وتنصيب الأمير
فيصل ملكًا على البلاد. واستقبلت الجماهير المحتشدة في ساحة الشهداء هذه
القرارات بكل حماس بالغ وفرحة طاغية باعتبارها محققة لآمالهم ونضالهم من
أجل التحرر والاستقلال.
وتشكلت الحكومة برئاسة رضا باشا الركابي، وضمت سبعة من الوزراء من بينهم
فارس الخوري وساطع الحصري، ولم يعد فيصل في هذا العهد الجديد المسئول الأول
عن السياسة، بل أصبح ذلك منوطًا بوزارة مسئولة أمام المؤتمر السوري،
وتشكلت لجنة لوضع الدستور برئاسة هاشم الأتاسي، فوضعت مشروع دستور من 148
مادة على غرار الدساتير العربية، وبدأت الأمور تجري في اتجاه يدعو إلى
التفاؤل ويزيد من الثقة.
مؤتمر سان ريمو
غير أن هذه الخطوة الإصلاحية في تاريخ البلاد لم تجد قبولا واستحسانًا من
الحلفاء، ورفضت الحكومتان: البريطانية والفرنسية قرارات المؤتمر في دمشق،
واعتبرت فيصل أميرًا هاشميًا لا يزال يدير البلاد بصفته قائدًا للجيوش
الحليفة لا ملكًا على دولة. ودعته إلى السفر إلى أوروبا لعرض قضية بلاده؛
لأن تقرير مصير الأجزاء العربية لا يزال بيد مؤتمر السلم.
وجاءت قرارات مؤتمر السلم المنعقد في "سان ريمو"
الإيطالية في (6 من شعبان 1338هـ= 25 من إبريل 1920م) مخيبة لآمال العرب؛
فقد قرر الحلفاء استقلال سوريا تحت الانتداب الفرنسي، واستقلال العراق تحت
الانتداب البريطاني، ووضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وكان ذلك سعيًا
لتحقيق وعد بلفور لليهود فيها. ولم يكن قرار الانتداب في سان ريمو إلا
تطبيقًا لاتفاقية سايكس ـ بيكو المشهورة، وإصرارا قويا من فرنسا على احتلال
سوريا.
وكان قرار المؤتمر ضربة شديدة لآمال الشعب في استقلال سوريا ووحدتها، فقامت
المظاهرات والاحتجاجات، واشتعلت النفوس بالثورة، وأجمع الناس على رفض ما
جاء بالمؤتمر من قرارات، وكثرت الاجتماعات بين زعماء الأمة والملك فيصل،
وأبلغوه تصميم الشعب على مقاومة كل اعتداء على حدود البلاد واستقلالها.
رفض فيصل قرارات المؤتمر
وتحت تأثير الضغط الوطني وازدياد السخط الشعبي، رفض فيصل بدوره قرارات
مؤتمر سان ريمو، وبعث إلى بريطانيا وفرنسا برفضه هذا؛ لأن هذه القرارات
جاءت مخالفة لأماني الشعب في الوحدة السورية والاستقلال، ولفصلها فلسطين عن
سوريا، ورفض الذهاب إلى أوروبا لعرض قضية بلاده أمام مؤتمر السلم ما لم
تتحقق شروطه في الاعتراف باستقلال سوريا بما فيها فلسطين، ودارت مراسلات
كثيرة بينه وبين الدولتين بخصوص هذا الشأن، لمحاولة الخروج من المأزق الصعب
الذي وضعته فيه قرارات مؤتمر سان ريمو، غير أن محاولاته تكسرت أمام إصرار
الدولتين على تطبيق ما جاء في المؤتمر.
وفي أثناء ذلك تشكلت حكومة جديدة برئاسة هاشم الأتاسي في (14 من شعبان
1338هـ= 3 من مايو 1920م) ودخلها وزيران جديدان من أشد الناس مطالبة
بالمقاومة ضد الاحتلال، هما: يوسف العظمة، وعبد الرحمن الشهبندر، وقدمت
الوزارة الجديدة بيانها الذي تضمن تأييد الاستقلال التام، والمطالبة بوحدة
سوريا بحدودها الطبيعة، ورفض كل تدخل يمس السيادة القومية. واتخذت الوزارة
إجراءات دفاعية لحماية البلاد، ووسعت نطاق التجنيد بين أبناء الشعب
استعدادًا للدفاع عن الوطن.
الإنذار الفرنسي
كان من نتيجة إصرار القوى الوطنية السورية على رفض قرارات مؤتمر سان ريمو
أن اتخذت فرنسا قرارًا بإعداد حملة عسكرية وإرسالها إلى بيروت؛ استعدادًا
لبسط حكمها على سوريا الداخلية مهما كلفها الأمر، وساعدها على الإقدام أنها
ضمنت عدم معارضة الحكومة البريطانية على أعمالها في سوريا، وكانت أخبار
الحشود العسكرية على حدود المنطقة الشرقية في زحلة وقرب حلب تتوالى، ثم لم
يلبث أن وجه الجنرال "غورو" قائد الحملة الفرنسية
الإنذار الشهير إلى الحكومة العربية بدمشق في (27 من شوال 1338هـ= 14 من
يوليو 1920م) يطلب فيه: قبول الانتداب الفرنسي، وتسريح الجيش السوري،
والموافقة على احتلال القوات الفرنسية لمحطات سكك الحديد في رياق وحمص وحلب
وحماه.
وطلب الجنرال قبول هذه الشروط جملة أو رفضها جملة، وحدد مهلة لإنذاره تنتهي
بعد أربعة أيام، فإذا قبل فيصل بهذه الشروط فعليه أن ينتهي من تنفيذها
كلها قبل (15 من ذي القعدة 1338هـ= 31 من يوليو 1920م) عند منتصف الليل،
وإذا لم يقبل فإن العاقبة لن تقع على فرنسا، وتتحمل حكومة دمشق مسئولية ما
سيقع عليها.
ولما سمع الناس بخبر هذا الإنذار، اشتعلت حماستهم وتفجرت غضبًا، وأقبلوا
على التطوع، فامتلأت بهم الثكنات العسكرية، واشتد إقبال الناس على شراء
الأسلحة والذخائر، وأسرعت الأحياء في تنظيم قوات محلية للحفاظ على الأمن.
قبول فيصل بالإنذار
اجتمع الملك فيصل بمجلس الوزراء في (29 من شوال 1338 هـ= 16 من يوليو
1920م) لبحث الإنذار، ووضع الخطة الواجب اتباعها قبل انقضاء مهلته، وكان
رأي يوسف العظمة وزير الدفاع أنه يوجد لدى الجيش من العتاد والذخيرة ما
يمكنه من مقاومة الفرنسيين لكنها لم تكن كافية للصمود طويلا أمام الجيش
الفرنسي البالغ العدد والعتاد، واتجه رأي الأغلبية عدا العظمة إلى قبول
الإنذار الفرنسي، وبقي أمام فيصل أخذ موافقة أعضاء المؤتمر السوري على قبول
الإنذار؛ فاجتمع بهم في قصره، لكن الاجتماع لم يصل إلى قرار، فاجتمع الملك
فيصل مع مجلس وزرائه ثانية وأعلنوا جميعًا قبولهم الإنذار، وبدأت الحكومة
في تسريح الجيش دون خطة أو نظام، فخرج الجنود من ثكناتهم بعد أن تلقوا
الأوامر بتسريحهم ومعهم أسلحتهم، واختلطوا بالجماهير المحتشدة الغاضبة من
قبول الحكومة بالإنذار، فاشتدت المظاهرات وعلت صياحات الجماهير، وعجزت
الشرطة عن الإمساك بزمام الأمور.
معركة ميسلون
وفي ظل هذه الأجواء المضطربة وصلت الأخبار إلى دمشق بتقدم الجيش الفرنسي،
بقيادة غورو في (5 من ذي القعدة 1338هـ= 21 من يوليو 1920م) نحو دمشق بعد
انسحاب الجيش العربي، محتجًا بأن البرقية التي أرسلها فيصل بقبوله الإنذار
لم تصل بسبب انقطاع أسلاك البرق من قبل العصابات السورية، وإزاء هذه
الأحداث وافق الملك فيصل على وقف تسريح الجيش، وأعيدت القوات المنسحبة إلى
مراكز جديدة مقابل الجيش الفرنسي، وأرسل إلى غورو يطلب منه أن يوقف جيشه
حتى يرسل له مندوبًا للتفاهم معه حقنًا للدماء، لكن هذه المحاولة فشلت في
إقناع الجنرال المغرور الذي قدم شروطًا جديدة تمتهن الكرامة العربية والشرف
الوطني حتى يبقى الجيش الفرنسي في مكانه دون تقدم، وكان من بين هذه الشروط
تسليم الجنود المسرّحين أسلحتهم إلى المستودعات، وينزع السلاح من الأهالي.
رفضت الوزارة شروط غورو الجديدة، وتقدم يوسف العظمة لقيادة الجيش السوري
دفاعًا عن الوطن، في الوقت الذي زحف فيه الجيش الفرنسي نحو خان ميسلون بحجة
توفر الماء في المنطقة، وارتباطها بالسكك الحديدية بطريق صالح للعجلات،
وأصبح على قرب 25 كم من دمشق.
وفي هذه الأثناء كانت المظاهرات لا تزال تملأ دمشق تنادي بإعلان الجهاد ضد
الفرنسيين، وأصدر فيصل منشورا يحض الناس على الدفاع بعد أن فشلت كل
المحاولات لإقناع الفرنسي عن التوقف بجيشه.
خرج يوسف العظمة بحوالي 4000 جندي يتبعهم مثلهم أو أقل قليلا من المتطوعين
إلى ميسلون، ولم تضم قواته دبابات أو طائرات أو تجهيزات ثقيلة، واشتبك مع
القوات الفرنسية في صباح يوم (8 من ذي القعدة 1338هـ=24 من يوليو 1920م) في
معركة غير متكافئة، دامت ساعات، اشتركت فيها الطائرات الفرنسية والدبابات
والمدافع الثقيلة.
وتمكن الفرنسيون من تحقيق النصر؛ نظرًا لكثرة عددهم وقوة تسليحهم، وفشلت
الخطة التي وضعها العظمة، فلم تنفجر الألغام التي وضعها لتعطيل زحف القوات
الفرنسية، وتأخرت عملية مباغتة الفرنسيين، ونفدت ذخائر الأسلحة.
وعلى الرغم من ذلك فقد استبسل المجاهدون في الدفاع واستشهد العظمة في معركة
الكرامة التي كانت نتيجتها متوقعة خاضها دفاعًا عن شرفه العسكري وشرف
بلاده، فانتهت حياته وحياة الدولة التي تولى الدفاع عنها.
ولم يبق أمام الجيش الفرنسي ما يحول دون احتلال دمشق في اليوم نفسه، لكنه
القائد المعجب بنصره آثر أن يدخل دمشق في اليوم الثاني محيطًا نفسه بأكاليل
النصر وسط جنوده وحشوده
عمر المخـــــــــــــتار
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يطيب للمؤرخين كتابة تاريخ المعارك وما بُذل فيها من دماء، دونما خوض في
أحوال القلوب التي بَذلت أرواحها وسالت دماؤها، ولهم في ذلك عذر؛ لأن
التاريخ يبحث في الوقائع والأحداث، وقلما يجد من دليل أو رواية صادقة عن
أحوال المشاركين فيها؛ ويرجع ذلك إلى أن الوقائع هي التي أشهرت أسماءهم؛
لذا فلم يهتم أحد بأحوالهم قبلها، ولكن القرآن علمنا أن أعمال القلوب هي
الأصل في أعمال الجوارح، وهذا هو معنى الإيمان، ومن هنا ستكون مسيرتنا مع
هذا البطل محاولة لإظهار جهاده القلبي، في مواجهة الإغراء الدنيوي، أو
الانقياد وراء ضلالة شيخه الصوفي، وأثر ذلك على جهاده القتالي، حتى حاز
بفضل من الله الشهادة في سبيله.
هو... عمر بن المختار بن فرحات من عائلة غيث، وفرحات قبيلة من بريدان أحد
بطون قبيلة المنفة، وأمه هي عائشة بنت محارب، وقد ولد –حسب روايته- بعد
وفاة السيد محمد بن علي السنوسي الذي توفي عام 1859م/1276هـ، وعلى ذلك تكون
ولادته في حدود عام 1861م وعام 1862م، وقد كان والده –رغم قلة المعلومات
عنه- مشهورا بشجاعته في القتال وإقدامه، بالإضافة إلى مكانته بين قومه، وقد
عهد الوالد بولده إلى السيد حسن الغرياني شيخ زاوية جنزور (التابعة
للطريقة السنوسية) لتربيته وتحفيظه القرآن، وعند وفاة الوالد عام 1878 في
رحلة الحج أوصى من حوله بأن يرعى هذا الشيخ أولاده من بعده، فقام الشيخ بما
عهد إليه خير قيام، فقام بإرسال عمر وهو ابن 16 عاما إلى معهد زاوية
الجغبوب مع أولاده؛ ليتعلم في هذا المعهد السنوسي كافة العلوم الشرعية،
فتلقى القرآن وعلومه على يد الشيخ الزروالي المغربي، ودرس على سائر مشايخ
المعهد مجموعة من العلوم الشرعية وغيرها، وقد كان نهج التعليم في المعهد أن
يقوم الدارس بأداء بعض المهن اليدوية مثل: النجارة والحدادة، وقد تميز عمر
المختار في هذه الحرف وفي ركوب الخيل على سائر إخوانه بالمعهد، وتميز
أيضًا بشخصيته القيادية واتزان كلامه وجاذبيته، مع تواضع وبساطته، وقد
ساعدت صفاته على توسيع دائرة اتصالاته واكتساب حب وتقدير كل من تعامل معه
من خلال المهام الكثيرة التي قام بها، وقد انقطع عمر المختار عن مواصلة
تعليمه حوالي سنة 1886، وذلك بسبب إحساسه بأن وطنه وقومه في حاجة إلى عمله
وجهاده.
صفاته ومكانته
صقلت الأيام صفات عمر المختار السالفة الذكر من تواضع وبساطة مع شخصية
قيادية متزنة، وسوف تدفع به خصاله لتقدم الصفوف في طريقته السنوسية، وكان
من إعجاب السيد المهدي السنوسي –شيخ السنوسية في هذا الوقت- أن قال:
"لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم".
وليتضح للقارئ الواقع العملي لصفات الرجل سنورد قصتين عنه:
الأولى (وهي رواية شاهد عيان): وتتلخص في أنه في عام 1311هـ/1894م تقرر سفر
السيد عمر المختار مع آخرين إلى السودان في مهمة كلفه بها شيخه، وقد كان
عمر هو رأس الوفد، وقد وجدوا قافلة تجارية تتأهب للخروج من الكفرة إلى
السودان، فقرر الوفد مرافقة القافلة لعلم التجار بطرق الصحراء وخبرتهم بها،
وعند وصولهم مع القافلة لمكان في الطريق توقفت وأشار أحد التجار على أفراد
القافلة أن المنفذ الوحيد في هذه المنطقة الوعرة عادة يقف على مشارفه أسد
مفترس، وقد استقر عرف القوافل على أن يشترك أهل القافلة في ثمن بعير هزيل
يتركونه للأسد حال خروجه، فرفض عمر المختار الاقتراح بشدة، وقال:
"إن الإتاوات التي كان يفرضها القوي منا على الضعيف بدون حق
أُبطلت، فكيف يصح أن نعيدها لحيوان؟! إنها علامة ذل وهوان، والله لندفعنه
بسلاحنا"، وأصر على رأيه، وتقدمت القافلة، وخرج الأسد على مطلع
الطريق، فتقدم عمر المختار بفرسه وسلاحه إليه فأصابه في غير مقتل، واستمر
في تقدمه إليه –رغم خطورة التعرض لأسد مصاب- فقتله في طلقته الثانية، وأصر
عمر المختار على أن يسلخ جلده ويعلقه على مدخل هذا الطريق ليشاهده المارة
من القوافل. وقد منع عمر المختار في أحد المجالس أن تروى هذه القصة قائلاً:
"وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى".
والثانية: (وهي رواية شاهد عيان أيضًا) يذكر محمود الجهمي –صاحب عمر
المختار في جهاده- أنه ما كان ينام ليلة حتى الصباح، ما كان ينام إلا
ساعتين أو ثلاثا ثم يقوم فيتوضأ ويبدأ في تلاوة القرآن حتى الصباح، وكان لا
يزيد عن سبع يختم فيهم القرآن.
وقد استخدمه شيخه كثيرًا في مهام المصالحة بين القبائل وفض النزاعات، ولم
يحدث أن فشل في مهمة كلف بها، مما ساعده على توطيد مركزه وسمعته بين
القبائل، وفي نفس الوقت جعله مدركًا بشؤون القبائل وأحوالها وأحداثها.
وقد ذكرنا من قبل أنه انقطع عن الدراسة في عام 1886م؛ إذ إن البلاد
المجاورة كلها قد وقعت تحت الاحتلال الأجنبي، مصر والسودان تحت الاحتلال
الإنجليزي، وتونس والجزائر تحت الاحتلال الفرنسي، مما يعني أن ليبيا هي
البقعة الوحيدة التي بقت من الدولة العثمانية التي لم تخضع بعد لأجنبي، وقد
بدأت إرهاصات الزحف الإيطالي في هذه الفترة، وقد تم تكليفه بالقيام بأعمال
شيخ زاوية القصور السنوسية عام 1895م، وهي تابعة لقبيلة العبيد بمنطقة
الجبل الأخضر ( موطن المقاومة الليبية، ومعقل السيد عمر المختار في مواجهة
الإيطاليين بعد ذلك)، وقد اشترك عمر المختار مع قوة مكلفة من شيخ السنوسية
في مقاومة الاستعمار الفرنسي في وسط إفريقيا، وقد ساعدت هذه الأحداث عام
1899م على صعود نجم عمر المختار على المسرح السياسي والعسكري، وكذلك داخل
منظومة الطريقة السنوسية، وساعد على ذلك أن الشيخ محمد المهدي شيخ السنوسية
نقل مقره عن الكفرة إلى قرو بالمنطقة الوسطى من إفريقيا عام 1899م.
في هذه الأوقات كانت القوى الاستعمارية تقسم العالم فيما بينها فنرى
إفريقيا التي كان 95% منها مستقلة عام 1885، يصبح 8% منها فقط خارج المناطق
الاستعمارية في عام 1910، وفي هذا الزحف الاستعماري تعرض أتباع السنوسية
ومراكزهم (الزوايا البيضاء) لهجوم القوات الغازية، وذلك لحملهم لواء الجهاد
ونشر الإسلام في آن واحد في مواجهة الغزو التنصيري الاستعماري على
إفريقيا، وقد تولى مشيخة الطريقة عام 1902 الشيخ أحمد الشريف السنوسي بعد
وفاة محمد المهدي، وقد قام الشيخ الجديد باستدعاء السيد عمر المختار لتولي
زاوية القصور مرة ثانية عام 1906م بعد تفاقم النزاعات بمنطقة الجبل الأخضر،
وزيادة الضغوط الاستعمارية الإيطالية.
وفي 19 من أكتوبر 1911م وصل خبر بدأ الغزو الإيطالي لليبيا إلى مشايخ
السنوسية، وقد كان عمر المختار في جالو بطريق عودته من الكفرة (بعد اجتماع
مع شيخه السيد أحمد الشريف الذي استقر ثانية بالكفرة)، ويعلن شيخ الطريقة
في نداء عام الجهاد من أجل صدّ العدوان ودفع الغاصب، وتنظيم الصفوف؛
وبالفعل تحققت الانتصارات على العدو الإيطالي، وأراد الطليان أن ينتقموا من
الليبيين العزل، وتولدت فكرة شيطانية؛ ألا وهي عقد صلح مع إيطالية والرضا
باحتلالهم لجزء من الأرض، وذلك بحجة قوة العدو، وكذلك قدرته على تطوير
الأوضاع الزراعية والصناعية في ليبيا، ولكن استمرت المقاومة، وحتى وصلت هذه
الفكرة إلى رأس أحد مشايخ الطريقة السنوسية، فعقد اتفاقاً تمهيدياً معهم،
وحدث خلاف بين أبناء العم السنوسيين، وخطورة هذا الخلاف أن الدولة
العثمانية قد تركت الأمر كله وانسحبت من ليبيا، وأصبح الأمر بيد أبناء
ليبيا، ومن هنا كانت خطورة الخلاف، وقد اختار شيخ الطريقة حسم الخلاف بأن
ينسحب ويترك مشيخة الطريقة للسيد إدريس السنوسي، وهو الذي بدأ مفاوضات
الصلح مع إيطاليا، وقد تسلم السيد إدريس المشيخة عام 1917م.
المـحـنـة
كانت محنة السيد عمر المختار هو انتقال المشيخة في الطريقة السنوسية إلى
السيد إدريس السنوسي، والسيد إدريس يرى أن تسليم جزء من الوطن للمحتل جائز،
بل يرى أن يتسلم هو وزعماء الطريقة مرتبات شهرية من إيطاليا، بالإضافة إلى
منازل معدة لهم، وأراضٍ زراعية معفاة من أي ضرائب، خلاصة الأمر هو قبول
رشوة مقابل التنازل عن جزء من الوطن، فماذا يكون موقف المريد عمر المختار
وزملائه؟ اجتمع زعماء القبائل ومشايخ الطريقة، وقدموا وثيقة في غاية
الخطورة إلى السيد إدريس، يقومون فيها بمبايعته قائداً وشيخاً وأميرًا لهم،
ولكن في هذه الوثيقة يحددون هدف المبايعة، ألا وهو قيادتهم في الجهاد ضد
الغزاة، ولم يجد إدريس السنوسي مفراً من القبول الشكلي للبيعة، وتجتمع جموع
المجاهدين في عام 1922م، فماذا يفعل السيد إدريس وهو قد وقّع بالفعل على
وثيقة صلح مع إيطاليا، فما كان منه أن رحل إلى مصر في اليوم التالي لقبوله
البيعة؛ مدعياً المرض وحاجته للعلاج! فتوجه إليه السيد عمر المختار وبعض
صحبه، فلم يجدوا في شيخهم علة جسدية، وأرادوا منه أضعف الإيمان أن يمدهم
بالمال والسلاح فلم يجدوا منه جواباً، فأعلنوا موقفهم الإيماني والجهادي
الصريح، إن ضل الشيخ فهذا ليس لنا بحجة أمام الله، وأن الجهاد فرض علينا،
وأننا سنمضي في جهادنا للأعداء، غير متعرضين لمن خذلنا، ومن ثم تقدم عمر
المختار الصفوف ليقود حركة الجهاد من عام 1922، ويتكرر الموقف مرة ثانية؛
إذ يأتي أحد أبناء السنوسية، وهو رضا هلال السنوسي ليكرر هذه الفتنة بين
المجاهدين (بعد عام واحد من فتنة إدريس السنوسي) إذ يعلن اتفاقه مع إيطاليا
على أن يلقى السنوسيون السلاح، بل يبالغ في إعلان هذا الاتفاق ويضع بيده
الصليب على قبر جده مؤسس الطريقة السنوسية.
ويعلن عمر المختار وصحبه أنهم لن يضعوا سلاحهم، ولكنهم لن يتعرضوا لمن أراد
ذلك، وينتهي أمر هذا الهلال إلى أن تقبض عليه إيطاليا بعد فشله في وقف
الجهاد ونفيه إلى إيطاليا، وتتكرر المأساة على يد الحسن بن رضا السنوسي
وذلك أثناء مفاوضات عمر المختار مع إيطاليا، إذ يذهب الحسن بشروط المجاهدين
إلى الطليان، ويعود بشروط ما هي إلا استسلام المجاهدين للطليان مقابل بعض
المال للحسن، وبعض المال لقادة المجاهدين، فيقول له عمر المختار:
"لقد غروك يا بني بمتاع الدنيا الفاني، وقد انتهى الحسن نهاية
أبيه".
أما محنة الإغراء فهي كانت عروضا عديدة بأموال وبيوت مريحة وأراضٍ زراعية
معفاة من الضرائب للسيد عمر المختار، وكان رده على هذه العروض كلها:
"لم أكن يوماً لقمة سائغة يسهل بلعها على من يريد، ولن يغير أحد
من عقيدتي ورأيي واتجاهي، والله سيخيب من يحاول ذلك".
عمر المختار قائد المجاهدين
إن هذا الجانب من شخصية السيد عمر المختار قد تناولته الأقلام وترجمته شاشة
السينما في عرضها لجهاد الرجل، ولكن سنبرز هنا تنظيمه للمجاهدين.
بدأ السيد عمر المختار في الاتصال بالقبائل، وقام بحصر عدد القادرين على
الجهاد، وبدأ يجمع هذه الأعداد معه في عملياته العسكرية، وذلك بشكل متتابع،
وجعل لهم معسكرات يجتمعون فيها ويتدربون، وقد عرف النظام والمعسكرات باسم
الأدوار، وقد اختلف المؤرخون في عددها بين ثلاثة أو أربعة أو أكثر، وذلك
النظام أعطى فرصة للمقاتلين في متابعة أمور حياتهم، كما نظم أمور الفصل في
الخصومات - وهو الخبير في هذا الأمر - والأمور المالية والإمداد والتموين
للمجاهدين، وكذلك عملية الاتصال بالجهات الخارجية سواء في تونس أو مصر؛
لإمداده بالسلاح والمال اللازمين لمواصلة الجهاد، وجعل من الجبل الأخضر
معقله، ولكن ضرباته كانت تطارد الإيطاليين في كل أرض ليبيا، وعاش المجاهدون
حياتهم مع السيد عمر بين كر وفر، بين نصر وهزيمة، ولكنهم لم يعرفوا معه
معنى الضعف أو الاستسلام لهزيمة أو حصار من أعدائهم، وظل كذلك حتى في أحرج
اللحظات، سواء في أثناء الفتنة الداخلية التي حرص عليها مشايخ السنوسية
الطامعون في الدنيا، وكادت تشتعل الحرب الأهلية، فما كان منه أن أخرج مصحفه
وأقسم ألا يتوقف عن قتال الإيطاليين حتى لو قاتلهم وحده، فلا يلبث
المختلفون معه أن يتوحدوا مع صف المجاهدين. وكذلك أثناء الحصار، ثم
المحاكمة قبل إعدامه، عندما سئل: لماذا قاتلت الدولة الإيطالية؟ فيجيب:
دفاعاً عن ديني ووطني.
ويقوم الإيطاليون بجمع القبائل لمشاهدة إعدامه، ويسقط جسد الرجل، وترتفع
روحه إلى السماء، وترتفع مبادئه، وما يلبث أعداء الله إلا قليلاً حتى يسلط
الله عليهم من يسقط رايتهم، ويزيل عدوانهم عن أرض ليبيا جميعاً.
"فأما ال**د فيذهب جفاء، وأما من ينفع الناس فيمكث في الأرض
رد: موسوعة المشاهير
سيف الدين قطز
ـــــــــــــــــــــــ
كان سيف الدين قطز عبدًا لرجل يسمى "ابن العديم" بدمشق
ثم بِيع من يدٍ إلى يد حتى انتهى إلى "عز الدين أيبك" من
أمراء مماليك البيت الأيوبي بمصر. وتدرج في المناصب حتى صار قائدًا لجند
أيبك، ثم قائدًا للجيوش عندما تولى "عز الدين أيبك"
السلطنة مع شجرة الدر.
ثم صار وصيًا على ابنه "المنصور" بعد مقتله ومقتل زوجته
شجرة الدر من بعده. وقد استشار كبار رجال الدولة والعلماء في أمور البلاد
في حضور "المنصور"، وقد انصرف
"المنصور" عن المجلس دون أن ينطق بكلمة، فأشاروا على
"قطز" بعزله وتولي أمر البلاد؛ فاستجاب لهم وعزل
"المنصور"، وقام باعتقال مجموعة من أمراء المماليك
الموالين لعز الدين أيبك وابنه، ووضع على قيادة الجيوش ركن "الدين
بيبرس".
ويروي شمس الدين الجزري في تاريخه عن "سيف الدين قطز":
".. لما كان في رِقِّ ابن العديم بدمشق، ضربه سيده وسبَّه بأبيه
وجده، فبكى ولم يأكل شيئًا سائر يومه، فأمر سيده الفرّاش أن يترضاه ويطعمه،
فروى الفرّاش أنه جاءه بالطعام وقال له: كل هذا البكاء من لطمة؟ فقال قطز:
إنما بكائي من سَبِّه لأبي وجدي وهما خير منه؛ فقلت: من أبوك؟ واحد
كافر؟!.. فقال: والله ما أنا إلا مسلم ابن مسلم، أنا محمود بن ممدود ابن
أخت خوارزم شاه من أولاد الملوك، فسكت وترضيته" كما يروي أنه أخبر
في صغره أحد أقرانه أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقد بشَّره
بأنه سيملك مصر ويكسر التتار، ومثل هذه الروايات- وإن كان الشك يحوطها-
تعني أن الرجل كان يعتبر نفسه صاحب مهمة، وأن له دورًا في صناعة التاريخ،
وتغيير الواقع الأسيف الذي يحيط به من كل جانب.
مُلك مصر
لقد وصل "سيف الدين قطز" للسلطة في مصر والأخبار تتوالى
عن اقتحام التتار للشام، واستباحتهم للمدينة تلو الأخرى في طريقهم إلى مصر،
وما لبثت رسلهم أن وقفت أمام "قطز" وهو في أيامه الأولى
على عرشه تقرأ الرسالة التالية: "من ملك الملوك شرقًا وغربًا،
القائد الأعظم، باسمك اللهم باسط الأرض ورافع السماء، نُعلم أمير مصر
"قطز"، الذي هو من جنس المماليك الذين هربوا من سيوفنا
إلى هذه الأرض، بعد أن ابتاعوا إلى التجار بأبخس الأثمان أما بعد..
"فإنا نعبد الله في أرضه، خلقنا من سخطه، يسلطنا على من يشاء من
خلقه، فسلموا إلينا الأمر؛ تسلموا، قبل أن ينكشف الغطاء؛ فتندموا، وقد
سمعتم. أننا أخربنا البلاد، وقتلنا العباد، فكيف لكم الهرب،؟! ولنا خلفكم
الطلب، فما لكم من سيوفنا خلاص، وأنتم معنا في الأقفاص، خيولنا سوابق،
وسيوفنا صواعق، فقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فمن طلب حربنا ندم، ومن
تأخر عنا سلم. .. فلا تهلكوا أنفكسم بأيديكم، فقد حذر من أنذر، وقد ثبت
عندكم أننا كفرة، وثبت عندنا أنكم فجرة، والله يلقي الكفرة على
الفجرة.."
وحذره في آخر الرسالة من أن يلقى مصير الخلافة العباسية المنكوبة في بغداد،
فما كان من قطز إلا أن حبس الرسل حينًا، وأرسل يستشير الأمراء والعلماء.
وفي ذات الوقت انتشر الهلع بين الناس، وشرع المغاربة في الرحيل تجاه الغرب،
وآخرون رحلوا إلى الحجاز واليمن- فأشار الجميع بضرورة الخروج لملاقاة
التتار، وإلا خربت البلاد بسبب الهلع والخوف قبل أن يخربها التتار بدخولها.
وهنا وقف العلماء وعلى رأسهم الشيخ "العز بن عبد السلام"
رحمه الله- أمام الأمراء وقادة الجند، وهم في سبيلهم لجمع الأموال للإعداد
للحرب، فقرروا ألا يؤخذ من الناس شيئًا إلا إذا كان بيت المال فراغًا،
وأخرج الأمراء والتجار وأغنياء الناس من أموالهم وذهبهم وتساوى الجميع،
فنزل قطز على حكم العلماء ممّا أحدث جفوة مع بعض الأمراء.
وتوجه قطز إلى رسل هولاكو فوسّطهم (أي قتلهم بأن ضربهم بالسيف ففصل أجسادهم
من وسطها) وعلَّقهم على أبواب القاهرة؛ رغم أن الرسل لا يُقتلون، ولكنه
أراد أن يشعر الناس بقوة وهيبة دولته. وجاء الخبر بوقوع أمير دمشق في قبضة
هولاكو، وأن جموع التتار استباحت مدن الشام تعيث فيها فسادًا وتهتك
الحرمات، وتنهب الثروات، فكان لا بد من سرعة التحرك لوقف الزحف المرتقب على
مصر.
نادى "قطز" في البلاد للخروج لحرب التتار، فاستجاب له
جند من مصر ومن الشام، واجتمع تحت يديه قرابة الأربعين ألفًا من الجند،
فتقدم بهم إلى منطقة البقاع إلى أرض الشام. فوصل الخبر لأحد قادة التتار
بالشام ويسمى "كتبغا نوين"، واستشار من حوله فاختلفوا
فمنهم من رأى أن يتمهل حتى يصل إليه مدد من "هولاكو"،
ومنهم من رأى أن يسرع بلقائه قبل أن يجتمع حول "قطز"
الجند الفارون من الحرب السابقة؛ فتزيد خطورة الموقف. فاستجاب للرأي الأخير
وذلك "ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً".
فتقدم "كتبغا نوين" من جيش قطز، فتلاقيا عند
"عين جالوت" من أرض فلسطين، وقد كان ذلك في 25 رمضان
658هـ - 6 سبتمبر 1260م.
عين جالوت
واشتعل القتال بين الطرفين، والمسلمون الأقل عددًا يحاولون أن يوقفوا هجمات
التتار الشرسة، وضغط التتار على ميسرة جيش المسلمين فانكسرت، فما كان من
"قطز" وقائد جيوشه "بيبرس" إلا أن
التفا من الخلف مع فريق من المقاتلين ليمنعوا التفاف جيش المغول حول
المسلمين، ونجحوا في نهاية اليوم في وقف هجمة المغول من هذا الجانب؛ ولكن
بعد خسارة كبيرة. وبدأ اليوم الثاني: واستمر القتال فيه سجالاً بين
الطرفين. وفي مطلع اليوم الثالث: خطب "قطز" في جيشه
يرغبهم في الجنة. ويُحسن لهم الموت في سبيل الله، وما أن اشتعل القتال حتى
انطلق جيش التتار في حملة شديدة كادوا أن يكسروا فيها جيش المسلمين، فما أن
رأى قطز ذلك حتى نزل عن فرسه وضرب عنقه، وخلع عنه خوذته في وسط ميدان
المعركة صائحًا "واإسلاماه" وثبت معه طائفة من الفرسان
الأشداء، فما لبث أن عاد الفارون من الميدان إلى المعركة من جديد، ونزل أحد
الفرسان عن فرسه ليركبه قطز، فرفض صائحًا: ما كنت أمنع نفعك عن المسلمين
الآن (يقصد أن في هذا الموقف لكل فرد دور يجب أن يؤديه، وأن استمرار الفارس
في ركوبه لفرسه أنفع من ركوبه هو وخروجه من هذا الموقف) فإذا بجند الإسلام
ينقضون على جيش التتار، فتنكسر هجمة التتار وتتخلخل صفوفهم، فيشرع
"كتبغا نوين" في قيادة جنوده بنفسه وينزل إلى ساحة
المعركة، ولكن سيوف المسلمين تقتلع شره وتقضي عليه، فينهزم جيش التتار لأول
مرة في المعركة، ولأول مرة منذ خروجهم لغزو أمة الإسلام. ويقود
"بيبرس" مجموعة من الفرسان الأشداء ويتبعهم حتى يقضي على
بقيتهم، وانطلق "قطز" بجيشه إلى
"بيسان" من الشام حيث كان اللقاء الثاني مع التتار، وقد
كانت سيوف المسلمين ذاقت دماء التتار في الوقعة الأولى وعرفت طريقها إلى
رقابهم، فكان في هذا اللقاء مثل ما كان في اللقاء الأول، وانهزم جيش
التتار، وتبعهم أيضًا "بيبرس" حتى دمشق، ففروا أمامه
وتركوا ما كان في أيديهم من الأسرى المسلمين.
وزال خطرهم عن مصر والشام إلى حين (حيث تكررت محاولتهم مرة ثانية ولكن في
عهد حكم بيبرس، وقد قضى عليهم تمامًا في هذه المرة) واستقر حكم
"قطز" في كل من مصر والشام، وخضع أمراء البيت الأيوبي
لسلطان قطز، ونظم شئون الشام، وقد كان وعد قائده "بيبرس"
بحكم حلب؛ ولكنه أخلف وعده وأعطاها لآخر. وبدأ رحلة العودة، وأرسل البشير
إلى القاهرة بانتصاره
إذ تآمر عليه أمراء المماليك وعلى رأسهم قائد جنده ووضع على قيادة الجيش
"ركن الدين بيبرس"!! فما أن خلى "قطز"
لبعض شأنه حتى التفوا حوله فقتلوه!! وكان ذلك بالقرب من الصالحية في 16 من
ذي القعدة عام 658هـ/ 1260م، وبالرغم أن فترة حكمه لم تتعدَ العام، إلا
أنها ستبقى حاضرة في ذاكرة المسلمين عزة.. وكرامة.. ونصرًا..
هولاكـو
ــــــــــــــــ
بعد سلسلة من الصراعات على تولي السلطة بين أمراء البيت الحاكم، تولى
"منكوقا آن بن تولوي بن جنكيز خان" عرش المغول في (ذي الحجة 648هـ = إبريل
1250م)، وعمل على إقرار الأمن وإعادة الاستقرار وإقامة الإصلاحات والنظم
الإدارية، واختيار القادة الأكْفَاء لإدارة شئون ولاياتهم.
وبعد أن نجح في أن يقرّ الأحوال الداخلية وتخلص من مناوئيه اتجه نحو الفتح
والغزو وتوسيع رقعة بلاده؛ فجهز حملتين كبيرتين لهذا الغرض، فأرسل أخاه
الأوسط "قوبيلاي" على رأس حملة لفتح أقاليم الصين الجنوبية، ونصّب أخاه
الأصغر على رأس حملة لغزو إيران والقضاء على الطائفة الإسماعيلية وإخضاع
الخلافة العباسية.
حملة هولاكو على إيران
لم يكن هولاكو قد جاوز السادسة والثلاثين من عمره حين عهد إليه أخوه
"منكوقا آن" بهذه المهمة فخرج على رأس جيش هائل قُدّر بنحو 120 ألف جندي من
خيرة جنود المغول، بالإضافة إلى كبار القادة والفرسان، وحرص الخان الأكبر
أن يوصي أخاه قبل التحرك بأن يلتزم بالعادات والتقاليد ويطبّق قوانين جده
جنكيز خان، وأن يكون هدفه هو إدخال البلاد من ضفاف نهر "جيحون" حتى مصر في
دولة المغول، وأن يعامل من يخضع لسلطانه معاملة طيبة، ويذيق الذل من يبدي
المقاومة حتى ولو كان الخليفة العباسي نفسه، فعليه أن يزيحه ويقضي عليه إذا
ما اعترض طريقه.
وحقق هولاكو هدفه الأول بالاستيلاء على قلاع طائفة الإسماعيلية سنة (654هـ =
1256م) بعد معارك عديدة واستماتة بذلها أفراد الطائفة في الدفاع عن حصونهم
وقلاعهم، لكنها لم تُجدِ نفعا إزاء قوة الجيش المغولي، وكان لقضاء المغول
على هذه الطائفة المنحرفة وقع حسن وأثر طيب في نفوس العالم الإسلامي، وعمّه
الفرح على الرغم مما كان يعانيه من وحشية المغول وسفكهم للدماء؛ وذلك لأن
الإسماعيلية كانت تبث الهلع والفزع في النفوس، وتشيع المفاسد والمنكرات
والأفكار المنحرفة.
هولاكو في بغداد
مضى هولاكو في تحقيق هدفه الآخر بالاستيلاء على بغداد والقضاء على الخلافة
العباسية؛ فأرسل إلى الخليفة المستعصم بالله يتهدده ويتوعده، ويطلب منه
الدخول في طاعته وتسليم العاصمة، ونصحه بأن يسرع في الاستجابة لمطالبه؛ حتى
يحفظ لنفسه كرامتها ولدولته أمنها واستقرارها، لكن الخليفة رفض هذا الوعيد
وقرر أن يقاوم، على الرغم من ضعف قواته وما كان عليه قادته من خلاف وعداء،
فضرب هولاكو حصاره على المدينة المنكوبة التي لم تكن تملك شيئا يدفع عنها
قدَرَها المحتوم، فدخل المغول بغداد سنة (656هـ = 1258م) وارتكب هولاكو
وجنوده من الفظائع ما تقشعر لهوله الأبدان.
اهتز العالم الإسلامي لسقوط الخلافة العباسية التي أظلّت العالم الإسلامي
أكثر من خمسة قرون، وبلغ الحزن الذي ملأ قلوب المسلمين مداه حتى إنهم ظنوا
أن العالم على وشك الانتهاء، وأن الساعة آتية عما قريب لهول المصيبة التي
حلّت بهم، وإحساسهم بأنهم أصبحوا بدون خليفة، وهو أمر لم يعتادوه منذ وفاة
النبي (صلى الله عليه وسلم).
هولاكو يجتاح الشام
شرع هولاكو بعد سقوط بغداد في الاستعداد للاستيلاء على بلاد الشام ومصر،
وفق الخطة المرسومة التي وضعها له أخوه "منكوقا آن" فخرج من أذربيجان في
رمضان (657هـ = 1259م) متجها إلى الشام، ونجح بالتعاون مع حلفائه المسيحيين
في الاستيلاء على "ميافارقين" بديار حلب، وهي أول مدينة تبتدئ بها الحملة
المغولية، ولم تسقط إلا بعد عامين من الحصار، نفدت خلالها المؤن، وهلك معظم
سكان المدينة، وبعد سقوط "ميافارقين" واصل هولاكو زحفه نحو "ماردين" فسقطت
بعد ثمانية أشهر، وفي أثناء حصار "ميافارقين" كانت قوات من جيش هولاكو
تغزو المناطق المحاورة فاستولت على "نصيبين" و"حران" و"الرها" و"البيرة".
بعد ذلك تقدم هولاكو على رأس قواته لمحاصرة حلب، ونصب المغول عشرين منجنيقا
حول المدنية وصاروا يمطرونها بوابل من القذائف حتى استسلمت في (التاسع من
صفر 658هـ= الحادي والثلاثون من يناير 1260م) وبعد حلب سقطت قلعة "حارم"
و"حمص" و"المعرة"، وأصبح طريق الحملة مفتوحا إلى دمشق.
ولما وصلت الأنباء باقتراب المغول من دمشق فرَّ الملك "الناصر يوسف
الأيوبي" مع قواته، تاركا مدينته لمصيرها المحتوم، ولم يكن أمام أهالي دمشق
بعدما عرفوا ما حل بحلب بعد مقاومتها لهولاكو سوى تسليم مدينتهم، حتى لا
تلقى مصير حلب، فسارع عدد من أعيانها إلى زعيم المغول يقدمون الهدايا
ويطلبون منه الأمان، في مقابل تسليم مدينتهم فقبل هولاكو ذلك، ودخل المغول
المدينة في (السابع عشر من صفر 658هـ= 2 من فبراير 1260م).
رحيل هولاكو المفاجئ إلى إيران
أدى تحقيق الانتصارات المتتالية للمغول إلى الاعتقاد بأنه لن تستطيع قوة في
الأرض أن تتصدى لهم، وأن هؤلاء بلاء من الله سلطه على المسلمين الذين
ركنوا إلى الراحة وأهملوا قرآنهم وسُنّة نبيهم وخارت عزائمهم.. وفي وسط هذه
الحيرة جاءت الأنباء إلى هولاكو بوفاة أخيه "منكوقا آن خان" في (شعبان
657هـ= أغسطس 1259م) وكان عليه أن يكون قريبا من عملية اختيار خان جديد
للمغول، ويساند ترشيح أخيه الأوسط "قوبيلاي" لهذا المنصب، فاضطر إلى العودة
إلى إيران وكان في نيته أن يكتفي بما حققه، ولكنه عدل عن ذلك بسبب إلحاح
القوات المسيحية التي كانت معه على الاستمرار في الغزو واستعادة بيت المقدس
من المسلمين، فأبقى قوة من عساكره تحت إمرة أمهر قواده كيتوبوما (كتبغا)
لإتمام عملية الغزو.
انتهاء أسطورة المغول في عين جالوت
وقبل أن يغادر هولاكو الشام (سنة 658هـ = 1260م) أرسل إلى قطز رسالة كلها
وعيد وتهديد، يدعوه فيها إلى الاستسلام وإلقاء السلاح، وأنه لا جدوى من
المقاومة أمام قوة كُتب النصر لها دائما، غير أن السلطان قطز لم يهتز
لكلمات هولاكو، أو يتملكه الخوف والفزع كما تملك غيره من قادة الشام فآثروا
الهوان على العزة والكرامة، والحياة تحت سلطان وثني على الموت والاستشهاد
دفاعا عن الدين والوطن.
وكان قطز على قدر الحدث العظيم والخطب الجلل، فقتل رُسل هولاكو، وخرج
للقتال ولم ينتظر قدوم المغول، والتقى الفريقان في (15 من رمضان 658هـ = 24
من أغسطس 1260م) في موقعه "عين جالوت" بفلسطين، وحمل المسلمون على المغول
الذين كانوا تحت قيادة كتبغا حملة صادقة، وقاتلوهم باستبسال وشجاعة من
الفجر حتى منتصف النهار، فكتب الله لهم النصر، وهُزِم المغول هزيمة منكرة
لأول مرة في تاريخهم، بعد أن كانت القلوب قد يئست من النصر عليهم.
وكان لهذا النصر أثره العظيم في تاريخ المنطقة العربية والعالم الإسلامي،
بل في تاريخ العالم بأسره؛ حيث احتفظت مصر بما لها من حضارة ومدنية، وطردت
المغول من دمشق، وأصبحت بلاد الشام حتى نهر الفرات تحت حكم المماليك،
وخلّصت أوربا من شر عظيم لم يكن لأحد من ملوكها قدرة على دفعه ومقاومته.
هولاكو بعد الهزيمة
حاول هولاكو أن يثأر لهزيمة جيشه في عين جالوت، ويعيد للمغول هيبتهم في
النفوس؛ فأرسل جيشا إلى حلب فأغار عليها ونهبها، ولكنه تعرّض للهزيمة
بالقرب من حمص في المحرم (659هـ = ديسمبر 1260م) فارتد إلى ما وراء نهر
الفرات.
ولم تساعد الأحوال السياسية المغولية في أن يعيد هولاكو غزواته على الشام
ويستكمل ما بدأه، فبعد موت "منكوقا آن" تنازع أمراء البيت الحاكم السلطة
وانقسمت الإمبراطورية المغولية إلى ثلاث خانات مستقلة، استقل هولاكو بواحدة
منها هي خانية فارس، ثم دخل هولاكو في صراع مع "بركة خان" القبيلة
الذهبية، مغول القبجاق (جنوب روسيا) واشتعلت الحرب بينهما.
وكان هولاكو يعد نفسه نصيرًا وحاميًا للمسيحية بتأثير زوجته "طقز خاتون" في
الوقت الذي أسلم فيه بركة خان ومال إلى نصرة المسلمين، وأدى هذا الصراع
إلى تعطل النشاط الحربي لهولاكو في الشام، ثم ما لبث أن أدى نشوب الحروب
الداخلية بين أمراء المغول إلى توقف عمليات الغزو والتوسع تماما.
هولاكو يشجع العلماء
وعلى الرغم مما اشتهر به هولاكو من قوة وغلظة وإسراف في القتل وسفك الدماء،
فإنه لم يغفل تشجيع رجال الأدب والعلم، فحظي "الجويني" المؤرخ الفارسي
المعروف بتقدير هولاكو، ونجح في إقناع هولاكو بألا يحرق مكتبة الإسماعيلية،
وكان من نتيجة ارتحاله إلى منغوليا ووقوفه على الأحوال هناك أن ألّف كتاب
"تاريخ جنكيز خان وأخلافه". ويؤثر عنه أنه كلف العالم الرياضي "نصير الدين
الطوسي" ببناء مرصد في مدينة "مراغة" زوده بأدق الأجهزة المعروفة في زمانه،
ويقال بأن المكتبة التي أنشأها الطوسي وألحقها بالمرصد كانت تحوي ما يزيد
على 400 ألف مجلد.
وفاة هولاكو
وفي (19 من ربيع الأول 663هـ 9 من يناير 1265م) توفي هولاكو بالقرب من
مراغة وهو في الثامنة والأربعين من عمره، تاركا لأبنائه وأحفاده مملكة
فسيحة عرفت بإيلخانية فارس، ولم تلبث زوجته "طقز خاتون" أن لحقت به، وحزن
لوفاتهما المسيحيون بالشرق، وعدّوهما من القديسين.
هــــــارون الرشيــــــــــــد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يحظَ خليفة بعد الخلفاء الراشدين بالشهرة الواسعة وذيوع الذكر، مثلما
حظي الخليفة العباسي هارون الرشيد، غير أن تلك الشهرة امتزج في نسجها
الحقيقة مع الخيال، واختلطت الوقائع مع الأساطير، حتى كادت تختفي صورة
الرشيد، وتضيع قسماتها وملامحها، وتظهر صورة أخرى له أقرب إلى اللهو واللعب
والعبث والمجون، وأصبح من الواجب نفض الروايات الموضوعة، والأخبار
المدسوسة حتى نستبين شخصية الرشيد كما هي في الواقع، لا كما تصورها الأوهام
والأساطير.
ما قبل الخلافة
نشأ الرشيد في بيت ملك، وأُعد ليتولى المناصب القيادية في الخلافة، وعهد به
أبوه الخليفة "المهدي بن جعفر المنصور" إلى من يقوم على أمره تهذيبًا
وتعليمًا وتثقيفًا، وحسبك أن يكون من بين أساتذة الأمير الصغير "الكسائي"،
والمفضل الضبي، وهما مَن هما علمًا ولغة وأدبًا، حتى إذا اشتد عوده واستقام
أمره، ألقى به أبوه في ميادين الجهاد، وجعل حوله القادة الأكفاء، يتأسى
بهم، ويتعلم من تجاربهم وخبراتهم، فخرج في عام (165 هـ= 781م) على رأس حملة
عسكرية ضد الروم، وعاد محملاً بأكاليل النصر، فكوفئ على ذلك بأن اختاره
أبوه وليًا ثانيًا للعهد بعد أخيه موسى الهادي.
وكانت الفترة التي سبقت خلافته يحوطه في أثنائها عدد من الشخصيات السياسية
والعسكرية، من أمثال "يحيى بن خالد البرمكي"، و"الربيع بن يونس"، و"يزيد بن
مزيد الشيباني" و"الحسن بن قحطبة الطائي"، و"يزيد بن أسيد السلمي"، وهذه
الكوكبة من الأعلام كانت أركان دولته حين آلت إليه الخلافة، ونهضوا معه
بدولته حتى بلغت ما بلغت من التألق والازدهار.
تولّيه الخلافة
تمت البيعة للرشيد بالخلافة في (14 من شهر ربيع الأول 170هـ= 14 من سبتمبر
786م)، بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وبدأ عصر زاهر كان واسطة العقد في تاريخ
الدولة العباسية التي دامت أكثر من خمسة قرون، ارتقت فيه العلوم، وسمت
الفنون والآداب، وعمَّ الرخاء ربوع الدولة.
وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف تمتد من وسط
أسيا حتى المحيط الأطلنطي، مختلفة البيئات، متعددة العادات والتقاليد،
معرضة لظهور الفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحازمة يفرض سلطانها
الأمن والسلام، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلاً لهذه المهمة
الصعبة في وقت كانت فيه وسائل الاتصال شاقة، ومتابعة الأمور مجهدة، وساعده
على إنجاز مهمته أنه أحاط نفسه بكبار القادة والرجال
من ذوي القدرة والكفاءة، ويزداد إعجابك بالرشيد حين تعلم أنه أمسك بزمام
هذه الدولة العظيمة وهو في نحو الخامسة والعشرين من عمره، فأخذ بيدها إلى
ما أبهر الناس من مجدها وقوتها وازدهار حضارتها.
استقرار الدولة
ولم تكن الفترة التي قضاها الرشيد في خلافة الدولة العباسية هادئة ناعمة،
وإنما كانت مليئة بجلائل الأعمال في داخل الدولة وخارجها، ولم يكن الرشيد
بالمنصرف إلى اللهو واللعب المنشغل عن دولته العظيمة إلى المتع والملذات،
وإنما كان "يحج سنة ويغزو كذلك سنة".
واستهل الرشيد عهده بأن قلد "يحيى بن خالد البرمكي" الوزارة، وكان من أكفأ
الرجال وأمهرهم، وفوّض إليه أمور دولته، فنهض بأعباء الدولة، وضاعف من
ماليتها، وبلغت أموال الخراج الذروة، وكان أعلى ما عرفته الدولة الإسلامية
من خراج، وقدره بعض المؤرخين بنحو 400 مليون درهم، وكان يدخل خزينة الدولة
بعد أن تقضي جميع الأقاليم الإسلامية حاجتها.
وكانت هذه الأموال تحصل بطريقة شرعية، لا ظلم فيها ولا اعتداء على الحقوق،
بعد أن وضع القاضي "أبو يوسف" نظامًا شاملاً للخراج باعتباره واحدًا من أهم
موارد الدولة، يتفق مع مبادئ الشرع الحنيف، وذلك في كتابه الخراج.
وكان الرشيد حين تولى الخلافة يرغب في تخفيف بعض الأعباء المالية عن
الرعية، وإقامة العدل، ورد المظالم، فوضع له "أبو يوسف" هذا الكتاب استجابة
لرغبته، وكان لهذا الفائض المالي أثره في انتعاش الحياة الاقتصادية،
وزيادة العمران، وازدهار العلوم، والفنون، وتمتع الناس بالرخاء والرفاهية.
وأُنفقت هذه الأموال في النهوض بالدولة، وتنافس كبار رجال الدولة في إقامة
المشروعات كحفر الترع والأنهار، وبناء الحياض، وتشييد المساجد، وإقامة
القصور، وتعبيد الطرق، وكان لبغداد نصيب وافر من العناية والاهتمام من قبل
الخليفة الرشيد وكبار رجال دولته، حتى بلغت في عهده قمة مجدها وتألقها؛
فاتسع عمرانها، وزاد عدد سكانها حتى بلغ نحو مليون نسمة، وبُنيت فيها
القصور الفخمة، والأبنية الرائعة التي امتدت على جانبي دجلة، وأصبحت بغداد
من اتساعها كأنها مدن متلاصقة، وصارت أكبر مركز للتجارة في الشرق، حيث كانت
تأتيها البضائع من كل مكان.
وغدت بغداد قبلة طلاب العلم من جميع البلاد، يرحلون إليها حيث كبار الفقهاء
والمحدثين والقراء واللغويين، وكانت المساجد الجامعة تحتضن دروسهم
وحلقاتهم العلمية التي كان كثير منها أشبه بالمدارس العليا، من حيث غزارة
العلم، ودقة التخصص، وحرية الرأس والمناقشة، وثراء الجدل والحوار. كما جذبت
المدينة الأطباء والمهندسين وسائر الصناع.
وكان الرشيد وكبار رجال دولته يقفون وراء هذه النهضة، يصلون أهل العلم
والدين بالصلات الواسعة، ويبذلون لهم الأموال تشجيعًا لهم، وكان الرشيد
نفسه يميل إلى أهل الأدب والفقه والعلم، ويتواضع لهم حتى إنه كان يصب الماء
في مجالسه على أيديهم بعد الأكل.
وأنشأ الرشيد "بيت الحكمة" وزودها بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من
مختلف بقاع الأرض كالهند وفارس والأناضول واليونان، وعهد إلى "يوحنا بن
ماسوية" بالإشراف عليها، وكانت تضم غرفًا عديدة تمتد بينها أروقة طويلة،
وخُصصت بعضها للكتب، وبعضها للمحاضرات، وبعضها الآخر للناسخين والمترجمين
والمجلدين.
هارون الرشيد مجاهدًا
كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه وجهاده مع الروم، فلما
ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريبًا، حتى إنه
اتخذ قلنسوة مكتوبًا عليها: غاز وحاج.
وقام الرشيد بتنظيم الثغور المطلة على بلاد الروم على نحو لم يعرف من قبل،
وعمرها بالجند وزاد في تحصيناتها، وعزل الجزيرة وقنسرين عن الثغور، وجعلها
منطقة واحدة، وجعل عاصمتها أنطاكية، وأطلق عليها العواصم، لتكون الخط
الثاني للثغور الملاصقة للروم، ولأهميتها كان لا يولي عليها إلا كبار
القادة أو أقرب الأقربين إليه، مثل "عبد الملك بن صالح" ابن عم أبي جعفر
المنصور أو ابنه "المعتصم".
وعمّر الرشيد بعض مدن الثغور، وأحاط كثيرًا منها بالقلاع والحصون والأسوار
والأبواب الحديدية، مثل: قلطية، وسميساط، ومرعش، وكان الروم قد هدموها
وأحرقوها فأعاد الرشيد بناءها، وأقام بها حامية كبيرة، وأنشأ الرشيد مدينة
جديدة عرفت باسم "الهارونية" على الثغور.
وأعاد الرشيد إلى الأسطول الإسلامي نشاطه وحيويته، ليواصل ويدعم جهاده مع
الروم ويسيطر على الملاحة في البحر المتوسط، وأقام دارًا لصناعة السفن،
وفكّر في ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وعاد المسلمون إلى غزو سواحل
بحر الشام ومصر، ففتحوا بعض الجزر واتخذوها قاعدة لهم، مثلما كان الحال من
قبل، فأعادوا فتح "رودس" سنة (175هـ= 791م)، وأغاروا على أقريطش "كريت"
وقبرص سنة (190هـ= 806م).
واضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة،
فعقدت "إيريني" ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له
في سنة (181هـ= 797م)، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي
خلف إيريني في سنة (186هـ = 802م)، وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم
إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام
الأخ، فحملت إليك من أموالها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي
فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك".
فلما قرأ هارون هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر
رسالة الإمبراطور: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت
كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".
وخرج هارون بنفسه في (187 هـ= 803م)، حتى وصل "هرقلة" وهي مدينة بالقرب من
القسطنطينية، واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى
الخليفة كما كانت تفعل "إيريني" من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة
الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله في عام (188هـ= 804م) وهزمه هزيمة منكرة،
وقتل من جيشه أربعين ألفا، وجُرح نقفور نفسه، وقبل الموادعة، وفي العام
التالي (189هـ=805م) حدث الفداء بين المسلمين والروم، ولم يبق مسلم في
الأسر، فابتهج الناس لذلك.
غير أن أهم غزوات الرشيد ضد الروم كانت في سنة ( 190 هـ= 806م)، حين قاد
جيشًا ضخماً عدته 135 ألف جندي ضد نقفور الذي هاجم حدود الدولة العباسية،
فاستولى المسلمون على حصون كثيرة، كانت قد فقدت من أيام الدولة الأموية،
مثل "طوانة" بثغر "المصيصة"، وحاصر "هرقلة" وضربها بالمنجنيق، حتى استسلمت،
وعاد نقفور إلى طلب الهدنة، وخاطبه بأمير المؤمنين، ودفع الجزية عن نفسه
وقادته وسائر أهل بلده، واتفق على ألا يعمر هرقلة مرة أخرى.
بلاط الرشيد محط أنظار العالم
ذاع صيت الرشيد وطبق الآفاق ذكره، وأرسلت بلاد الهند والصين وأوروبا رسلها
إلى بلاطه تخطب وده، وتطلب صداقته، وكانت سفارة "شارلمان" ملك الفرنجة من
أشهر تلك السفارات، وجاءت لتوثيق العلاقات بين الدولتين، وذلك في سنة (
183هـ= 779م)؛ فأحسن الرشيد استقبال الوفد، وأرسل معهم عند عودتهم هدايا
قيمة، كانت تتألف من حيوانات نادرة، منها فيل عظيم، اعتبر في أوروبا من
الغرائب، وأقمشة فاخرة وعطور، وشمعدانات، وساعة كبيرة من البرونز المطلي
بالذهب مصنوعة في بغداد، وحينما تدق ساعة الظهيرة، يخرج منها اثنا عشر
فارسًا من اثنتي عشرة نافذة تغلق من خلفهم، وقد تملك العجب شارلمان وحاشيته
من رؤية هذه الساعة العجيبة، وظنوها من أمور السحر.
الرشيد وأعمال الحج
نظم العباسيون طرق الوصول إلى الحجاز، فبنوا المنازل والقصور على طول
الطريق إلى مكة، طلبًا لراحة الحجاج، وعُني الرشيد ببناء السرادقات وفرشها
بالأثاث وزودها بأنواع الطعام والشراب، وبارته زوجته "**يدة" في إقامة
الأعمال التي تيسر على الحجيج حياتهم ومعيشتهم، فعملت على إيصال الماء إلى
مكة من عين تبعد عن مكة بنحو ثلاثين ميلاً، وحددت معالم الطريق بالأميال،
ليعرف الحجاج المسافات التي قطعوها، وحفرت على طولها
الآبار والعيون.
وفاة الرشيد
كان الرشيد على غير ما تصوره بعض كتب الأدب، دينا محافظًا على التكاليف
الشرعية، وصفه مؤرخوه أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق
الدنيا، ويتصدق من ماله الخاص، ولا يتخلف عن الحج إلا إذا كان مشغولاً
بالغزو والجهاد، وكان إذا حج صحبه الفقهاء والمحدثون.
وظل عهده مزاوجة بين جهاد وحج، حتى إذا جاء عام (192 هـ= 808م) فخرج إلى
"خرسان" لإخماد بعض الفتن والثورات التي اشتعلت ضد الدولة، فلما بلغ مدينة
"طوس" اشتدت به العلة، وتُوفي في (3 من جمادى الآخر 193هـ= 4 من إبريل
809م) بعد أن قضى في الخلافة أكثر من ثلاث وعشرين سنة، عدت العصر الذهبي
للدولة العباسية
----------------------------------
يتبع
ـــــــــــــــــــــــ
كان سيف الدين قطز عبدًا لرجل يسمى "ابن العديم" بدمشق
ثم بِيع من يدٍ إلى يد حتى انتهى إلى "عز الدين أيبك" من
أمراء مماليك البيت الأيوبي بمصر. وتدرج في المناصب حتى صار قائدًا لجند
أيبك، ثم قائدًا للجيوش عندما تولى "عز الدين أيبك"
السلطنة مع شجرة الدر.
ثم صار وصيًا على ابنه "المنصور" بعد مقتله ومقتل زوجته
شجرة الدر من بعده. وقد استشار كبار رجال الدولة والعلماء في أمور البلاد
في حضور "المنصور"، وقد انصرف
"المنصور" عن المجلس دون أن ينطق بكلمة، فأشاروا على
"قطز" بعزله وتولي أمر البلاد؛ فاستجاب لهم وعزل
"المنصور"، وقام باعتقال مجموعة من أمراء المماليك
الموالين لعز الدين أيبك وابنه، ووضع على قيادة الجيوش ركن "الدين
بيبرس".
ويروي شمس الدين الجزري في تاريخه عن "سيف الدين قطز":
".. لما كان في رِقِّ ابن العديم بدمشق، ضربه سيده وسبَّه بأبيه
وجده، فبكى ولم يأكل شيئًا سائر يومه، فأمر سيده الفرّاش أن يترضاه ويطعمه،
فروى الفرّاش أنه جاءه بالطعام وقال له: كل هذا البكاء من لطمة؟ فقال قطز:
إنما بكائي من سَبِّه لأبي وجدي وهما خير منه؛ فقلت: من أبوك؟ واحد
كافر؟!.. فقال: والله ما أنا إلا مسلم ابن مسلم، أنا محمود بن ممدود ابن
أخت خوارزم شاه من أولاد الملوك، فسكت وترضيته" كما يروي أنه أخبر
في صغره أحد أقرانه أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقد بشَّره
بأنه سيملك مصر ويكسر التتار، ومثل هذه الروايات- وإن كان الشك يحوطها-
تعني أن الرجل كان يعتبر نفسه صاحب مهمة، وأن له دورًا في صناعة التاريخ،
وتغيير الواقع الأسيف الذي يحيط به من كل جانب.
مُلك مصر
لقد وصل "سيف الدين قطز" للسلطة في مصر والأخبار تتوالى
عن اقتحام التتار للشام، واستباحتهم للمدينة تلو الأخرى في طريقهم إلى مصر،
وما لبثت رسلهم أن وقفت أمام "قطز" وهو في أيامه الأولى
على عرشه تقرأ الرسالة التالية: "من ملك الملوك شرقًا وغربًا،
القائد الأعظم، باسمك اللهم باسط الأرض ورافع السماء، نُعلم أمير مصر
"قطز"، الذي هو من جنس المماليك الذين هربوا من سيوفنا
إلى هذه الأرض، بعد أن ابتاعوا إلى التجار بأبخس الأثمان أما بعد..
"فإنا نعبد الله في أرضه، خلقنا من سخطه، يسلطنا على من يشاء من
خلقه، فسلموا إلينا الأمر؛ تسلموا، قبل أن ينكشف الغطاء؛ فتندموا، وقد
سمعتم. أننا أخربنا البلاد، وقتلنا العباد، فكيف لكم الهرب،؟! ولنا خلفكم
الطلب، فما لكم من سيوفنا خلاص، وأنتم معنا في الأقفاص، خيولنا سوابق،
وسيوفنا صواعق، فقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فمن طلب حربنا ندم، ومن
تأخر عنا سلم. .. فلا تهلكوا أنفكسم بأيديكم، فقد حذر من أنذر، وقد ثبت
عندكم أننا كفرة، وثبت عندنا أنكم فجرة، والله يلقي الكفرة على
الفجرة.."
وحذره في آخر الرسالة من أن يلقى مصير الخلافة العباسية المنكوبة في بغداد،
فما كان من قطز إلا أن حبس الرسل حينًا، وأرسل يستشير الأمراء والعلماء.
وفي ذات الوقت انتشر الهلع بين الناس، وشرع المغاربة في الرحيل تجاه الغرب،
وآخرون رحلوا إلى الحجاز واليمن- فأشار الجميع بضرورة الخروج لملاقاة
التتار، وإلا خربت البلاد بسبب الهلع والخوف قبل أن يخربها التتار بدخولها.
وهنا وقف العلماء وعلى رأسهم الشيخ "العز بن عبد السلام"
رحمه الله- أمام الأمراء وقادة الجند، وهم في سبيلهم لجمع الأموال للإعداد
للحرب، فقرروا ألا يؤخذ من الناس شيئًا إلا إذا كان بيت المال فراغًا،
وأخرج الأمراء والتجار وأغنياء الناس من أموالهم وذهبهم وتساوى الجميع،
فنزل قطز على حكم العلماء ممّا أحدث جفوة مع بعض الأمراء.
وتوجه قطز إلى رسل هولاكو فوسّطهم (أي قتلهم بأن ضربهم بالسيف ففصل أجسادهم
من وسطها) وعلَّقهم على أبواب القاهرة؛ رغم أن الرسل لا يُقتلون، ولكنه
أراد أن يشعر الناس بقوة وهيبة دولته. وجاء الخبر بوقوع أمير دمشق في قبضة
هولاكو، وأن جموع التتار استباحت مدن الشام تعيث فيها فسادًا وتهتك
الحرمات، وتنهب الثروات، فكان لا بد من سرعة التحرك لوقف الزحف المرتقب على
مصر.
نادى "قطز" في البلاد للخروج لحرب التتار، فاستجاب له
جند من مصر ومن الشام، واجتمع تحت يديه قرابة الأربعين ألفًا من الجند،
فتقدم بهم إلى منطقة البقاع إلى أرض الشام. فوصل الخبر لأحد قادة التتار
بالشام ويسمى "كتبغا نوين"، واستشار من حوله فاختلفوا
فمنهم من رأى أن يتمهل حتى يصل إليه مدد من "هولاكو"،
ومنهم من رأى أن يسرع بلقائه قبل أن يجتمع حول "قطز"
الجند الفارون من الحرب السابقة؛ فتزيد خطورة الموقف. فاستجاب للرأي الأخير
وذلك "ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً".
فتقدم "كتبغا نوين" من جيش قطز، فتلاقيا عند
"عين جالوت" من أرض فلسطين، وقد كان ذلك في 25 رمضان
658هـ - 6 سبتمبر 1260م.
عين جالوت
واشتعل القتال بين الطرفين، والمسلمون الأقل عددًا يحاولون أن يوقفوا هجمات
التتار الشرسة، وضغط التتار على ميسرة جيش المسلمين فانكسرت، فما كان من
"قطز" وقائد جيوشه "بيبرس" إلا أن
التفا من الخلف مع فريق من المقاتلين ليمنعوا التفاف جيش المغول حول
المسلمين، ونجحوا في نهاية اليوم في وقف هجمة المغول من هذا الجانب؛ ولكن
بعد خسارة كبيرة. وبدأ اليوم الثاني: واستمر القتال فيه سجالاً بين
الطرفين. وفي مطلع اليوم الثالث: خطب "قطز" في جيشه
يرغبهم في الجنة. ويُحسن لهم الموت في سبيل الله، وما أن اشتعل القتال حتى
انطلق جيش التتار في حملة شديدة كادوا أن يكسروا فيها جيش المسلمين، فما أن
رأى قطز ذلك حتى نزل عن فرسه وضرب عنقه، وخلع عنه خوذته في وسط ميدان
المعركة صائحًا "واإسلاماه" وثبت معه طائفة من الفرسان
الأشداء، فما لبث أن عاد الفارون من الميدان إلى المعركة من جديد، ونزل أحد
الفرسان عن فرسه ليركبه قطز، فرفض صائحًا: ما كنت أمنع نفعك عن المسلمين
الآن (يقصد أن في هذا الموقف لكل فرد دور يجب أن يؤديه، وأن استمرار الفارس
في ركوبه لفرسه أنفع من ركوبه هو وخروجه من هذا الموقف) فإذا بجند الإسلام
ينقضون على جيش التتار، فتنكسر هجمة التتار وتتخلخل صفوفهم، فيشرع
"كتبغا نوين" في قيادة جنوده بنفسه وينزل إلى ساحة
المعركة، ولكن سيوف المسلمين تقتلع شره وتقضي عليه، فينهزم جيش التتار لأول
مرة في المعركة، ولأول مرة منذ خروجهم لغزو أمة الإسلام. ويقود
"بيبرس" مجموعة من الفرسان الأشداء ويتبعهم حتى يقضي على
بقيتهم، وانطلق "قطز" بجيشه إلى
"بيسان" من الشام حيث كان اللقاء الثاني مع التتار، وقد
كانت سيوف المسلمين ذاقت دماء التتار في الوقعة الأولى وعرفت طريقها إلى
رقابهم، فكان في هذا اللقاء مثل ما كان في اللقاء الأول، وانهزم جيش
التتار، وتبعهم أيضًا "بيبرس" حتى دمشق، ففروا أمامه
وتركوا ما كان في أيديهم من الأسرى المسلمين.
وزال خطرهم عن مصر والشام إلى حين (حيث تكررت محاولتهم مرة ثانية ولكن في
عهد حكم بيبرس، وقد قضى عليهم تمامًا في هذه المرة) واستقر حكم
"قطز" في كل من مصر والشام، وخضع أمراء البيت الأيوبي
لسلطان قطز، ونظم شئون الشام، وقد كان وعد قائده "بيبرس"
بحكم حلب؛ ولكنه أخلف وعده وأعطاها لآخر. وبدأ رحلة العودة، وأرسل البشير
إلى القاهرة بانتصاره
إذ تآمر عليه أمراء المماليك وعلى رأسهم قائد جنده ووضع على قيادة الجيش
"ركن الدين بيبرس"!! فما أن خلى "قطز"
لبعض شأنه حتى التفوا حوله فقتلوه!! وكان ذلك بالقرب من الصالحية في 16 من
ذي القعدة عام 658هـ/ 1260م، وبالرغم أن فترة حكمه لم تتعدَ العام، إلا
أنها ستبقى حاضرة في ذاكرة المسلمين عزة.. وكرامة.. ونصرًا..
هولاكـو
ــــــــــــــــ
بعد سلسلة من الصراعات على تولي السلطة بين أمراء البيت الحاكم، تولى
"منكوقا آن بن تولوي بن جنكيز خان" عرش المغول في (ذي الحجة 648هـ = إبريل
1250م)، وعمل على إقرار الأمن وإعادة الاستقرار وإقامة الإصلاحات والنظم
الإدارية، واختيار القادة الأكْفَاء لإدارة شئون ولاياتهم.
وبعد أن نجح في أن يقرّ الأحوال الداخلية وتخلص من مناوئيه اتجه نحو الفتح
والغزو وتوسيع رقعة بلاده؛ فجهز حملتين كبيرتين لهذا الغرض، فأرسل أخاه
الأوسط "قوبيلاي" على رأس حملة لفتح أقاليم الصين الجنوبية، ونصّب أخاه
الأصغر على رأس حملة لغزو إيران والقضاء على الطائفة الإسماعيلية وإخضاع
الخلافة العباسية.
حملة هولاكو على إيران
لم يكن هولاكو قد جاوز السادسة والثلاثين من عمره حين عهد إليه أخوه
"منكوقا آن" بهذه المهمة فخرج على رأس جيش هائل قُدّر بنحو 120 ألف جندي من
خيرة جنود المغول، بالإضافة إلى كبار القادة والفرسان، وحرص الخان الأكبر
أن يوصي أخاه قبل التحرك بأن يلتزم بالعادات والتقاليد ويطبّق قوانين جده
جنكيز خان، وأن يكون هدفه هو إدخال البلاد من ضفاف نهر "جيحون" حتى مصر في
دولة المغول، وأن يعامل من يخضع لسلطانه معاملة طيبة، ويذيق الذل من يبدي
المقاومة حتى ولو كان الخليفة العباسي نفسه، فعليه أن يزيحه ويقضي عليه إذا
ما اعترض طريقه.
وحقق هولاكو هدفه الأول بالاستيلاء على قلاع طائفة الإسماعيلية سنة (654هـ =
1256م) بعد معارك عديدة واستماتة بذلها أفراد الطائفة في الدفاع عن حصونهم
وقلاعهم، لكنها لم تُجدِ نفعا إزاء قوة الجيش المغولي، وكان لقضاء المغول
على هذه الطائفة المنحرفة وقع حسن وأثر طيب في نفوس العالم الإسلامي، وعمّه
الفرح على الرغم مما كان يعانيه من وحشية المغول وسفكهم للدماء؛ وذلك لأن
الإسماعيلية كانت تبث الهلع والفزع في النفوس، وتشيع المفاسد والمنكرات
والأفكار المنحرفة.
هولاكو في بغداد
مضى هولاكو في تحقيق هدفه الآخر بالاستيلاء على بغداد والقضاء على الخلافة
العباسية؛ فأرسل إلى الخليفة المستعصم بالله يتهدده ويتوعده، ويطلب منه
الدخول في طاعته وتسليم العاصمة، ونصحه بأن يسرع في الاستجابة لمطالبه؛ حتى
يحفظ لنفسه كرامتها ولدولته أمنها واستقرارها، لكن الخليفة رفض هذا الوعيد
وقرر أن يقاوم، على الرغم من ضعف قواته وما كان عليه قادته من خلاف وعداء،
فضرب هولاكو حصاره على المدينة المنكوبة التي لم تكن تملك شيئا يدفع عنها
قدَرَها المحتوم، فدخل المغول بغداد سنة (656هـ = 1258م) وارتكب هولاكو
وجنوده من الفظائع ما تقشعر لهوله الأبدان.
اهتز العالم الإسلامي لسقوط الخلافة العباسية التي أظلّت العالم الإسلامي
أكثر من خمسة قرون، وبلغ الحزن الذي ملأ قلوب المسلمين مداه حتى إنهم ظنوا
أن العالم على وشك الانتهاء، وأن الساعة آتية عما قريب لهول المصيبة التي
حلّت بهم، وإحساسهم بأنهم أصبحوا بدون خليفة، وهو أمر لم يعتادوه منذ وفاة
النبي (صلى الله عليه وسلم).
هولاكو يجتاح الشام
شرع هولاكو بعد سقوط بغداد في الاستعداد للاستيلاء على بلاد الشام ومصر،
وفق الخطة المرسومة التي وضعها له أخوه "منكوقا آن" فخرج من أذربيجان في
رمضان (657هـ = 1259م) متجها إلى الشام، ونجح بالتعاون مع حلفائه المسيحيين
في الاستيلاء على "ميافارقين" بديار حلب، وهي أول مدينة تبتدئ بها الحملة
المغولية، ولم تسقط إلا بعد عامين من الحصار، نفدت خلالها المؤن، وهلك معظم
سكان المدينة، وبعد سقوط "ميافارقين" واصل هولاكو زحفه نحو "ماردين" فسقطت
بعد ثمانية أشهر، وفي أثناء حصار "ميافارقين" كانت قوات من جيش هولاكو
تغزو المناطق المحاورة فاستولت على "نصيبين" و"حران" و"الرها" و"البيرة".
بعد ذلك تقدم هولاكو على رأس قواته لمحاصرة حلب، ونصب المغول عشرين منجنيقا
حول المدنية وصاروا يمطرونها بوابل من القذائف حتى استسلمت في (التاسع من
صفر 658هـ= الحادي والثلاثون من يناير 1260م) وبعد حلب سقطت قلعة "حارم"
و"حمص" و"المعرة"، وأصبح طريق الحملة مفتوحا إلى دمشق.
ولما وصلت الأنباء باقتراب المغول من دمشق فرَّ الملك "الناصر يوسف
الأيوبي" مع قواته، تاركا مدينته لمصيرها المحتوم، ولم يكن أمام أهالي دمشق
بعدما عرفوا ما حل بحلب بعد مقاومتها لهولاكو سوى تسليم مدينتهم، حتى لا
تلقى مصير حلب، فسارع عدد من أعيانها إلى زعيم المغول يقدمون الهدايا
ويطلبون منه الأمان، في مقابل تسليم مدينتهم فقبل هولاكو ذلك، ودخل المغول
المدينة في (السابع عشر من صفر 658هـ= 2 من فبراير 1260م).
رحيل هولاكو المفاجئ إلى إيران
أدى تحقيق الانتصارات المتتالية للمغول إلى الاعتقاد بأنه لن تستطيع قوة في
الأرض أن تتصدى لهم، وأن هؤلاء بلاء من الله سلطه على المسلمين الذين
ركنوا إلى الراحة وأهملوا قرآنهم وسُنّة نبيهم وخارت عزائمهم.. وفي وسط هذه
الحيرة جاءت الأنباء إلى هولاكو بوفاة أخيه "منكوقا آن خان" في (شعبان
657هـ= أغسطس 1259م) وكان عليه أن يكون قريبا من عملية اختيار خان جديد
للمغول، ويساند ترشيح أخيه الأوسط "قوبيلاي" لهذا المنصب، فاضطر إلى العودة
إلى إيران وكان في نيته أن يكتفي بما حققه، ولكنه عدل عن ذلك بسبب إلحاح
القوات المسيحية التي كانت معه على الاستمرار في الغزو واستعادة بيت المقدس
من المسلمين، فأبقى قوة من عساكره تحت إمرة أمهر قواده كيتوبوما (كتبغا)
لإتمام عملية الغزو.
انتهاء أسطورة المغول في عين جالوت
وقبل أن يغادر هولاكو الشام (سنة 658هـ = 1260م) أرسل إلى قطز رسالة كلها
وعيد وتهديد، يدعوه فيها إلى الاستسلام وإلقاء السلاح، وأنه لا جدوى من
المقاومة أمام قوة كُتب النصر لها دائما، غير أن السلطان قطز لم يهتز
لكلمات هولاكو، أو يتملكه الخوف والفزع كما تملك غيره من قادة الشام فآثروا
الهوان على العزة والكرامة، والحياة تحت سلطان وثني على الموت والاستشهاد
دفاعا عن الدين والوطن.
وكان قطز على قدر الحدث العظيم والخطب الجلل، فقتل رُسل هولاكو، وخرج
للقتال ولم ينتظر قدوم المغول، والتقى الفريقان في (15 من رمضان 658هـ = 24
من أغسطس 1260م) في موقعه "عين جالوت" بفلسطين، وحمل المسلمون على المغول
الذين كانوا تحت قيادة كتبغا حملة صادقة، وقاتلوهم باستبسال وشجاعة من
الفجر حتى منتصف النهار، فكتب الله لهم النصر، وهُزِم المغول هزيمة منكرة
لأول مرة في تاريخهم، بعد أن كانت القلوب قد يئست من النصر عليهم.
وكان لهذا النصر أثره العظيم في تاريخ المنطقة العربية والعالم الإسلامي،
بل في تاريخ العالم بأسره؛ حيث احتفظت مصر بما لها من حضارة ومدنية، وطردت
المغول من دمشق، وأصبحت بلاد الشام حتى نهر الفرات تحت حكم المماليك،
وخلّصت أوربا من شر عظيم لم يكن لأحد من ملوكها قدرة على دفعه ومقاومته.
هولاكو بعد الهزيمة
حاول هولاكو أن يثأر لهزيمة جيشه في عين جالوت، ويعيد للمغول هيبتهم في
النفوس؛ فأرسل جيشا إلى حلب فأغار عليها ونهبها، ولكنه تعرّض للهزيمة
بالقرب من حمص في المحرم (659هـ = ديسمبر 1260م) فارتد إلى ما وراء نهر
الفرات.
ولم تساعد الأحوال السياسية المغولية في أن يعيد هولاكو غزواته على الشام
ويستكمل ما بدأه، فبعد موت "منكوقا آن" تنازع أمراء البيت الحاكم السلطة
وانقسمت الإمبراطورية المغولية إلى ثلاث خانات مستقلة، استقل هولاكو بواحدة
منها هي خانية فارس، ثم دخل هولاكو في صراع مع "بركة خان" القبيلة
الذهبية، مغول القبجاق (جنوب روسيا) واشتعلت الحرب بينهما.
وكان هولاكو يعد نفسه نصيرًا وحاميًا للمسيحية بتأثير زوجته "طقز خاتون" في
الوقت الذي أسلم فيه بركة خان ومال إلى نصرة المسلمين، وأدى هذا الصراع
إلى تعطل النشاط الحربي لهولاكو في الشام، ثم ما لبث أن أدى نشوب الحروب
الداخلية بين أمراء المغول إلى توقف عمليات الغزو والتوسع تماما.
هولاكو يشجع العلماء
وعلى الرغم مما اشتهر به هولاكو من قوة وغلظة وإسراف في القتل وسفك الدماء،
فإنه لم يغفل تشجيع رجال الأدب والعلم، فحظي "الجويني" المؤرخ الفارسي
المعروف بتقدير هولاكو، ونجح في إقناع هولاكو بألا يحرق مكتبة الإسماعيلية،
وكان من نتيجة ارتحاله إلى منغوليا ووقوفه على الأحوال هناك أن ألّف كتاب
"تاريخ جنكيز خان وأخلافه". ويؤثر عنه أنه كلف العالم الرياضي "نصير الدين
الطوسي" ببناء مرصد في مدينة "مراغة" زوده بأدق الأجهزة المعروفة في زمانه،
ويقال بأن المكتبة التي أنشأها الطوسي وألحقها بالمرصد كانت تحوي ما يزيد
على 400 ألف مجلد.
وفاة هولاكو
وفي (19 من ربيع الأول 663هـ 9 من يناير 1265م) توفي هولاكو بالقرب من
مراغة وهو في الثامنة والأربعين من عمره، تاركا لأبنائه وأحفاده مملكة
فسيحة عرفت بإيلخانية فارس، ولم تلبث زوجته "طقز خاتون" أن لحقت به، وحزن
لوفاتهما المسيحيون بالشرق، وعدّوهما من القديسين.
هــــــارون الرشيــــــــــــد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يحظَ خليفة بعد الخلفاء الراشدين بالشهرة الواسعة وذيوع الذكر، مثلما
حظي الخليفة العباسي هارون الرشيد، غير أن تلك الشهرة امتزج في نسجها
الحقيقة مع الخيال، واختلطت الوقائع مع الأساطير، حتى كادت تختفي صورة
الرشيد، وتضيع قسماتها وملامحها، وتظهر صورة أخرى له أقرب إلى اللهو واللعب
والعبث والمجون، وأصبح من الواجب نفض الروايات الموضوعة، والأخبار
المدسوسة حتى نستبين شخصية الرشيد كما هي في الواقع، لا كما تصورها الأوهام
والأساطير.
ما قبل الخلافة
نشأ الرشيد في بيت ملك، وأُعد ليتولى المناصب القيادية في الخلافة، وعهد به
أبوه الخليفة "المهدي بن جعفر المنصور" إلى من يقوم على أمره تهذيبًا
وتعليمًا وتثقيفًا، وحسبك أن يكون من بين أساتذة الأمير الصغير "الكسائي"،
والمفضل الضبي، وهما مَن هما علمًا ولغة وأدبًا، حتى إذا اشتد عوده واستقام
أمره، ألقى به أبوه في ميادين الجهاد، وجعل حوله القادة الأكفاء، يتأسى
بهم، ويتعلم من تجاربهم وخبراتهم، فخرج في عام (165 هـ= 781م) على رأس حملة
عسكرية ضد الروم، وعاد محملاً بأكاليل النصر، فكوفئ على ذلك بأن اختاره
أبوه وليًا ثانيًا للعهد بعد أخيه موسى الهادي.
وكانت الفترة التي سبقت خلافته يحوطه في أثنائها عدد من الشخصيات السياسية
والعسكرية، من أمثال "يحيى بن خالد البرمكي"، و"الربيع بن يونس"، و"يزيد بن
مزيد الشيباني" و"الحسن بن قحطبة الطائي"، و"يزيد بن أسيد السلمي"، وهذه
الكوكبة من الأعلام كانت أركان دولته حين آلت إليه الخلافة، ونهضوا معه
بدولته حتى بلغت ما بلغت من التألق والازدهار.
تولّيه الخلافة
تمت البيعة للرشيد بالخلافة في (14 من شهر ربيع الأول 170هـ= 14 من سبتمبر
786م)، بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وبدأ عصر زاهر كان واسطة العقد في تاريخ
الدولة العباسية التي دامت أكثر من خمسة قرون، ارتقت فيه العلوم، وسمت
الفنون والآداب، وعمَّ الرخاء ربوع الدولة.
وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف تمتد من وسط
أسيا حتى المحيط الأطلنطي، مختلفة البيئات، متعددة العادات والتقاليد،
معرضة لظهور الفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحازمة يفرض سلطانها
الأمن والسلام، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلاً لهذه المهمة
الصعبة في وقت كانت فيه وسائل الاتصال شاقة، ومتابعة الأمور مجهدة، وساعده
على إنجاز مهمته أنه أحاط نفسه بكبار القادة والرجال
من ذوي القدرة والكفاءة، ويزداد إعجابك بالرشيد حين تعلم أنه أمسك بزمام
هذه الدولة العظيمة وهو في نحو الخامسة والعشرين من عمره، فأخذ بيدها إلى
ما أبهر الناس من مجدها وقوتها وازدهار حضارتها.
استقرار الدولة
ولم تكن الفترة التي قضاها الرشيد في خلافة الدولة العباسية هادئة ناعمة،
وإنما كانت مليئة بجلائل الأعمال في داخل الدولة وخارجها، ولم يكن الرشيد
بالمنصرف إلى اللهو واللعب المنشغل عن دولته العظيمة إلى المتع والملذات،
وإنما كان "يحج سنة ويغزو كذلك سنة".
واستهل الرشيد عهده بأن قلد "يحيى بن خالد البرمكي" الوزارة، وكان من أكفأ
الرجال وأمهرهم، وفوّض إليه أمور دولته، فنهض بأعباء الدولة، وضاعف من
ماليتها، وبلغت أموال الخراج الذروة، وكان أعلى ما عرفته الدولة الإسلامية
من خراج، وقدره بعض المؤرخين بنحو 400 مليون درهم، وكان يدخل خزينة الدولة
بعد أن تقضي جميع الأقاليم الإسلامية حاجتها.
وكانت هذه الأموال تحصل بطريقة شرعية، لا ظلم فيها ولا اعتداء على الحقوق،
بعد أن وضع القاضي "أبو يوسف" نظامًا شاملاً للخراج باعتباره واحدًا من أهم
موارد الدولة، يتفق مع مبادئ الشرع الحنيف، وذلك في كتابه الخراج.
وكان الرشيد حين تولى الخلافة يرغب في تخفيف بعض الأعباء المالية عن
الرعية، وإقامة العدل، ورد المظالم، فوضع له "أبو يوسف" هذا الكتاب استجابة
لرغبته، وكان لهذا الفائض المالي أثره في انتعاش الحياة الاقتصادية،
وزيادة العمران، وازدهار العلوم، والفنون، وتمتع الناس بالرخاء والرفاهية.
وأُنفقت هذه الأموال في النهوض بالدولة، وتنافس كبار رجال الدولة في إقامة
المشروعات كحفر الترع والأنهار، وبناء الحياض، وتشييد المساجد، وإقامة
القصور، وتعبيد الطرق، وكان لبغداد نصيب وافر من العناية والاهتمام من قبل
الخليفة الرشيد وكبار رجال دولته، حتى بلغت في عهده قمة مجدها وتألقها؛
فاتسع عمرانها، وزاد عدد سكانها حتى بلغ نحو مليون نسمة، وبُنيت فيها
القصور الفخمة، والأبنية الرائعة التي امتدت على جانبي دجلة، وأصبحت بغداد
من اتساعها كأنها مدن متلاصقة، وصارت أكبر مركز للتجارة في الشرق، حيث كانت
تأتيها البضائع من كل مكان.
وغدت بغداد قبلة طلاب العلم من جميع البلاد، يرحلون إليها حيث كبار الفقهاء
والمحدثين والقراء واللغويين، وكانت المساجد الجامعة تحتضن دروسهم
وحلقاتهم العلمية التي كان كثير منها أشبه بالمدارس العليا، من حيث غزارة
العلم، ودقة التخصص، وحرية الرأس والمناقشة، وثراء الجدل والحوار. كما جذبت
المدينة الأطباء والمهندسين وسائر الصناع.
وكان الرشيد وكبار رجال دولته يقفون وراء هذه النهضة، يصلون أهل العلم
والدين بالصلات الواسعة، ويبذلون لهم الأموال تشجيعًا لهم، وكان الرشيد
نفسه يميل إلى أهل الأدب والفقه والعلم، ويتواضع لهم حتى إنه كان يصب الماء
في مجالسه على أيديهم بعد الأكل.
وأنشأ الرشيد "بيت الحكمة" وزودها بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من
مختلف بقاع الأرض كالهند وفارس والأناضول واليونان، وعهد إلى "يوحنا بن
ماسوية" بالإشراف عليها، وكانت تضم غرفًا عديدة تمتد بينها أروقة طويلة،
وخُصصت بعضها للكتب، وبعضها للمحاضرات، وبعضها الآخر للناسخين والمترجمين
والمجلدين.
هارون الرشيد مجاهدًا
كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه وجهاده مع الروم، فلما
ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريبًا، حتى إنه
اتخذ قلنسوة مكتوبًا عليها: غاز وحاج.
وقام الرشيد بتنظيم الثغور المطلة على بلاد الروم على نحو لم يعرف من قبل،
وعمرها بالجند وزاد في تحصيناتها، وعزل الجزيرة وقنسرين عن الثغور، وجعلها
منطقة واحدة، وجعل عاصمتها أنطاكية، وأطلق عليها العواصم، لتكون الخط
الثاني للثغور الملاصقة للروم، ولأهميتها كان لا يولي عليها إلا كبار
القادة أو أقرب الأقربين إليه، مثل "عبد الملك بن صالح" ابن عم أبي جعفر
المنصور أو ابنه "المعتصم".
وعمّر الرشيد بعض مدن الثغور، وأحاط كثيرًا منها بالقلاع والحصون والأسوار
والأبواب الحديدية، مثل: قلطية، وسميساط، ومرعش، وكان الروم قد هدموها
وأحرقوها فأعاد الرشيد بناءها، وأقام بها حامية كبيرة، وأنشأ الرشيد مدينة
جديدة عرفت باسم "الهارونية" على الثغور.
وأعاد الرشيد إلى الأسطول الإسلامي نشاطه وحيويته، ليواصل ويدعم جهاده مع
الروم ويسيطر على الملاحة في البحر المتوسط، وأقام دارًا لصناعة السفن،
وفكّر في ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وعاد المسلمون إلى غزو سواحل
بحر الشام ومصر، ففتحوا بعض الجزر واتخذوها قاعدة لهم، مثلما كان الحال من
قبل، فأعادوا فتح "رودس" سنة (175هـ= 791م)، وأغاروا على أقريطش "كريت"
وقبرص سنة (190هـ= 806م).
واضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة،
فعقدت "إيريني" ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له
في سنة (181هـ= 797م)، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي
خلف إيريني في سنة (186هـ = 802م)، وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم
إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام
الأخ، فحملت إليك من أموالها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي
فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك".
فلما قرأ هارون هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر
رسالة الإمبراطور: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت
كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".
وخرج هارون بنفسه في (187 هـ= 803م)، حتى وصل "هرقلة" وهي مدينة بالقرب من
القسطنطينية، واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى
الخليفة كما كانت تفعل "إيريني" من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة
الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله في عام (188هـ= 804م) وهزمه هزيمة منكرة،
وقتل من جيشه أربعين ألفا، وجُرح نقفور نفسه، وقبل الموادعة، وفي العام
التالي (189هـ=805م) حدث الفداء بين المسلمين والروم، ولم يبق مسلم في
الأسر، فابتهج الناس لذلك.
غير أن أهم غزوات الرشيد ضد الروم كانت في سنة ( 190 هـ= 806م)، حين قاد
جيشًا ضخماً عدته 135 ألف جندي ضد نقفور الذي هاجم حدود الدولة العباسية،
فاستولى المسلمون على حصون كثيرة، كانت قد فقدت من أيام الدولة الأموية،
مثل "طوانة" بثغر "المصيصة"، وحاصر "هرقلة" وضربها بالمنجنيق، حتى استسلمت،
وعاد نقفور إلى طلب الهدنة، وخاطبه بأمير المؤمنين، ودفع الجزية عن نفسه
وقادته وسائر أهل بلده، واتفق على ألا يعمر هرقلة مرة أخرى.
بلاط الرشيد محط أنظار العالم
ذاع صيت الرشيد وطبق الآفاق ذكره، وأرسلت بلاد الهند والصين وأوروبا رسلها
إلى بلاطه تخطب وده، وتطلب صداقته، وكانت سفارة "شارلمان" ملك الفرنجة من
أشهر تلك السفارات، وجاءت لتوثيق العلاقات بين الدولتين، وذلك في سنة (
183هـ= 779م)؛ فأحسن الرشيد استقبال الوفد، وأرسل معهم عند عودتهم هدايا
قيمة، كانت تتألف من حيوانات نادرة، منها فيل عظيم، اعتبر في أوروبا من
الغرائب، وأقمشة فاخرة وعطور، وشمعدانات، وساعة كبيرة من البرونز المطلي
بالذهب مصنوعة في بغداد، وحينما تدق ساعة الظهيرة، يخرج منها اثنا عشر
فارسًا من اثنتي عشرة نافذة تغلق من خلفهم، وقد تملك العجب شارلمان وحاشيته
من رؤية هذه الساعة العجيبة، وظنوها من أمور السحر.
الرشيد وأعمال الحج
نظم العباسيون طرق الوصول إلى الحجاز، فبنوا المنازل والقصور على طول
الطريق إلى مكة، طلبًا لراحة الحجاج، وعُني الرشيد ببناء السرادقات وفرشها
بالأثاث وزودها بأنواع الطعام والشراب، وبارته زوجته "**يدة" في إقامة
الأعمال التي تيسر على الحجيج حياتهم ومعيشتهم، فعملت على إيصال الماء إلى
مكة من عين تبعد عن مكة بنحو ثلاثين ميلاً، وحددت معالم الطريق بالأميال،
ليعرف الحجاج المسافات التي قطعوها، وحفرت على طولها
الآبار والعيون.
وفاة الرشيد
كان الرشيد على غير ما تصوره بعض كتب الأدب، دينا محافظًا على التكاليف
الشرعية، وصفه مؤرخوه أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق
الدنيا، ويتصدق من ماله الخاص، ولا يتخلف عن الحج إلا إذا كان مشغولاً
بالغزو والجهاد، وكان إذا حج صحبه الفقهاء والمحدثون.
وظل عهده مزاوجة بين جهاد وحج، حتى إذا جاء عام (192 هـ= 808م) فخرج إلى
"خرسان" لإخماد بعض الفتن والثورات التي اشتعلت ضد الدولة، فلما بلغ مدينة
"طوس" اشتدت به العلة، وتُوفي في (3 من جمادى الآخر 193هـ= 4 من إبريل
809م) بعد أن قضى في الخلافة أكثر من ثلاث وعشرين سنة، عدت العصر الذهبي
للدولة العباسية
----------------------------------
يتبع
رد: موسوعة المشاهير
هولاكو بعد الهزيمة
حاول هولاكو أن يثأر لهزيمة جيشه في عين جالوت، ويعيد للمغول هيبتهم في
النفوس؛ فأرسل جيشا إلى حلب فأغار عليها ونهبها، ولكنه تعرّض للهزيمة
بالقرب من حمص في المحرم (659هـ = ديسمبر 1260م) فارتد إلى ما وراء نهر
الفرات.
ولم تساعد الأحوال السياسية المغولية في أن يعيد هولاكو غزواته على الشام
ويستكمل ما بدأه، فبعد موت "منكوقا آن" تنازع أمراء البيت الحاكم السلطة
وانقسمت الإمبراطورية المغولية إلى ثلاث خانات مستقلة، استقل هولاكو بواحدة
منها هي خانية فارس، ثم دخل هولاكو في صراع مع "بركة خان" القبيلة
الذهبية، مغول القبجاق (جنوب روسيا) واشتعلت الحرب بينهما.
وكان هولاكو يعد نفسه نصيرًا وحاميًا للمسيحية بتأثير زوجته "طقز خاتون" في
الوقت الذي أسلم فيه بركة خان ومال إلى نصرة المسلمين، وأدى هذا الصراع
إلى تعطل النشاط الحربي لهولاكو في الشام، ثم ما لبث أن أدى نشوب الحروب
الداخلية بين أمراء المغول إلى توقف عمليات الغزو والتوسع تماما.
اخى شريف جزاء الله خير من امر وضع اغلى مقطوعات من التاريخ
مشكور اخى لاقناء هذا الكم من المعرفة
انه لنشاط يعترف به مديرا وعازفا
تحيتى لهذه المعلومات النقية فى اختيارها
وصاحب اختيارها
حاول هولاكو أن يثأر لهزيمة جيشه في عين جالوت، ويعيد للمغول هيبتهم في
النفوس؛ فأرسل جيشا إلى حلب فأغار عليها ونهبها، ولكنه تعرّض للهزيمة
بالقرب من حمص في المحرم (659هـ = ديسمبر 1260م) فارتد إلى ما وراء نهر
الفرات.
ولم تساعد الأحوال السياسية المغولية في أن يعيد هولاكو غزواته على الشام
ويستكمل ما بدأه، فبعد موت "منكوقا آن" تنازع أمراء البيت الحاكم السلطة
وانقسمت الإمبراطورية المغولية إلى ثلاث خانات مستقلة، استقل هولاكو بواحدة
منها هي خانية فارس، ثم دخل هولاكو في صراع مع "بركة خان" القبيلة
الذهبية، مغول القبجاق (جنوب روسيا) واشتعلت الحرب بينهما.
وكان هولاكو يعد نفسه نصيرًا وحاميًا للمسيحية بتأثير زوجته "طقز خاتون" في
الوقت الذي أسلم فيه بركة خان ومال إلى نصرة المسلمين، وأدى هذا الصراع
إلى تعطل النشاط الحربي لهولاكو في الشام، ثم ما لبث أن أدى نشوب الحروب
الداخلية بين أمراء المغول إلى توقف عمليات الغزو والتوسع تماما.
اخى شريف جزاء الله خير من امر وضع اغلى مقطوعات من التاريخ
مشكور اخى لاقناء هذا الكم من المعرفة
انه لنشاط يعترف به مديرا وعازفا
تحيتى لهذه المعلومات النقية فى اختيارها
وصاحب اختيارها
صفحة 3 من اصل 3 • 1, 2, 3
مواضيع مماثلة
» [موسوعة رمضان أكبر موسوعة رمضانية على النت]
» موسوعة طب الاعشاب
» موسوعة كتب د/ مصطفى محمود
» موسوعة الايس كريم
» (¯`·._.·(موسوعة العلامه احمد ديدات )·._.·°¯)
» موسوعة طب الاعشاب
» موسوعة كتب د/ مصطفى محمود
» موسوعة الايس كريم
» (¯`·._.·(موسوعة العلامه احمد ديدات )·._.·°¯)
صفحة 3 من اصل 3
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى